آمال سبطي تحديات ديون المؤسسات العمومية في تونس: الحلول الممكنة والإجراءات المطلوبة” ديون المؤسسات العمومية التونسية تشكل تحدياً كبيراً للحكومة الحالية، حيث تم تركها دون رقابة وبلا تخطيط واضح من قبل الحكومات السابقة. وبعد عام ونصف من تولي حكومة نجلاء بودن المسؤولية، لم يتم العثور على حلول فعالة لهذه المشكلة الهائلة.

وفي الوقت الذي تواجه فيه تونس أزمة اقتصادية ومالية حادة، تفاقمت مشكلة ديون المؤسسات العمومية، والتي تضم العديد من الشركات والمؤسسات الحيوية للاقتصاد التونسي. ومن بين هذه المؤسسات، الCNSS  والCNRPS  والCNAM  والSTEG والصوناد والTUNISAIR  وفسفاط قفصة والGroupe chimique وإتصالات تونس وديوان الحبوب وديوان الطيران والCTN وشركة نقل TRANSTU  والشيمينو والSTIR  تكرير البترول وعجيل وشركة تونس للطرقات السيارة ووكالة التبغ معمل الدخان وبنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة BFPME وديوان البريد وصندوق القروض ومساعدة الجماعات المحلية والشركة التونسية للبنك STB والبنك الوطني الفلاحي BNA وبنك الإسكان BH والبنك التونسي للتضامن BTS. ووفقًا للأرقام، فإن هذه المؤسسات تعاني من خسائر كبيرة جدًا وديون ضخمة، وتشكل عبئًا كبيرًا على الخزينة العامة. فمثلاً، فإن ديون CNSS تبلغ 3346 مليار دينار، وديون CNRPS تصل إلى 3562 مليار دينار، وديون STEG تبلغ 12900 مليار دينار، وديون الخطوط التونسية تصل إلى 2100 مليار دينار. ومع ذلك، فإن الحكومة الحالية تسير في ركاب برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمه صندوق النقد الدولي، والذي يتضمن تقشفًا حادًا وتخفيضات في الإنفاق العام ورفع الضرائب، دون أن تتخذ إجراءات ملموسة لمواجهة هذه المشكلة الخطيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخيار الوحيد الذي يبدو متاحًا للحكومة هو بيع هذه المؤسسات العمومية للأفراد أو الشركات الخاصة، وهو ما يثير مخاوف حول استقلالية الدولة وسيادة تونس، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور الخدمات العامة وتفاقم الفجوة الاجتماعية. ومن أجل معالجة هذه المشكلة، تحتاج الحكومة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وفعالة لتحسين إدارة هذه المؤسسات وتقليص الديون، وذلك باتخاذ الإجراءات التالية: 1 ـ إصلاح الهياكل الإدارية لهذه المؤسسات العمومية، وتحسين أدائها وفعاليتها.  2 ـ تحسين إدارة الديون وإعادة جدولة الديون القائمة بطريقة مستدامة. 3 ـ تعزيز الرقابة على هذه المؤسسات وتحسين الشفافية في إدارتها، وذلك من خلال إعداد تقارير دورية حول أدائها المالي والإداري.  4 ـ تعزيز الإيرادات المالية لهذه المؤسسات، من خلال زيادة الإنتاجية والكفاءة والجودة، وتطوير خدماتها وتوسيع نطاق عملها. 5 ـ تشجيع الاستثمار في هذه المؤسسات العمومية وتعزيز دور القطاع الخاص في دعمها وتطويرها.  6 ـ تطبيق سياسات اجتماعية تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وتخفيف الضغط على هذه المؤسسات العمومية، وذلك من خلال توفير فرص العمل وتحسين الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية. باختصار، فإن معالجة مشكلة ديون المؤسسات العمومية في تونس تتطلب جهودًا كبيرة وإصلاحات جذرية في الإدارة والاقتصاد، وتطبيق سياسات اجتماعية تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة للمواطنين وتحسين أداء هذه المؤسسات، مع الحفاظ على استقلالية الدولة وسيادتها.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: ملیار دینار

إقرأ أيضاً:

قانون المحاماة.. بين آمال الإصلاح وتحديات التطبيق

 

 

شمسة يوسف

 

مع صدور قانون المحاماة بالمرسوم السلطاني رقم 41/2024، وجدنا أنفسنا أمام نص تشريعي يسعى إلى إعادة صياغة واقع المحاماة؛ ليجعل منها مهنة أكثر انضباطًا وأقوى ارتباطًا برسالة العدل.

ومع ذلك، ورغم أن نية التطوير حاضرة، إلّا أننا كمحامين واجهنا تحديات حقيقية فرضها واقع التطبيق، وأثارت فينا تساؤلات مشروعة حول مستقبل المهنة ومكانة المحامي العماني.

لقد جاء القانون الجديد ليؤكد أن المحاماة ليست مجرد وظيفة عادية؛ بل هي رسالة تتطلب اجتهادًا وعلمًا ومهارة. واشتراط فترات تدريبية منظمة، وتحديد معايير أدق للانضمام إلى جداول المحامين، هي خطوات تهدف إلى رفع سقف الكفاءة وتحقيق العدالة.

ومن أبرز إيجابيات هذا القانون رفع معايير القيد من خلال فترات تدريب منظمة بإشراف محامين مُعتمدين، وتسريع وتيرة التدرج المهني دون الإخلال بجودة الأداء، وتعزيز العمل المؤسسي عبر فتح باب تأسيس شركات محاماة، مع حماية المحامي أثناء تأدية مهامه القانونية.

ورغم هذه الإيجابيات، إلّا أن التحديات العملية التي ظهرت على أرض الواقع لا يُمكن تجاهلها. فقد غابت آليات الدعم المادي والمعنوي للمحامين المُتدربين؛ مما جعل سنوات التدريب عبئًا على الخريجين الجُدد. كما نص القانون الجديد على اشتراط اجتياز اختبار نهائي، مع شطب قيد المحامي المُتدرِّب في حال عدم النجاح؛ مما يجعل مستقبلهم المهني معلقًا بنتيجة اختبار واحد، دون النظر إلى جودة التدريب الذي تلقوه. وهنا تبرز أهمية مراقبة جودة التدريب لضمان ألَّا يتحول إلى مجرد متطلب شكلي؛ بل تجربة فعلية تؤهل المحامي للمهنة.

وتُضاف إلى هذه التحديات مسألة فصل نشاط "مكاتب المحاماة" عن نشاط "مكاتب الاستشارات القانونية"، وما ترتب عليه من فتح المجال لتوظيف غير عُمانيين في قطاع الاستشارات القانونية، وهو ما قد يؤثر سلبًا على فرص المحامين العُمانيين الذين يُمثِّلون الأساس الحقيقي للمهنة.

ولا يمكن إغفال الأعباء المالية الجديدة؛ إذ يُشكِّل إخضاع مكاتب المحاماة للضرائب تحديًا إضافيًا أمام المكاتب الصغيرة. ونحن ندرك أهمية المساهمة الوطنية، إلّا أن فرض الضرائب دون توفير دعم مناسب قد يؤدي إلى تثبيط المحامين الشباب عن الاستمرار في المهنة. لذلك، فإنَّ الحاجة مُلحَّة لوضع توازنات مدروسة تراعي ظروف المهنة، وتدعم نمو مكاتب المحاماة بدلًا من إثقالها بالمزيد من الأعباء.

إنَّ المحاماة ليست مجرد نصوص وقوانين؛ بل مزيج من ضمير حي، ومعرفة عميقة، وشجاعة لا تلين. ويبقى على عاتق كل محامٍ اليوم أن يقرأ التغيير بروح مسؤولة، وأن يُسهم في بناء مهنة تليق بثقة المجتمع بها.

وختامًا.. أؤمن بأن قانون المحاماة الجديد هو فرصة حقيقية لكل محامٍ ومحامية لإعادة رسم مسارهم المهني برؤية أوسع، ورسالة أعمق نحو نصرة الحق وإعلاء قيم العدالة.

مقالات مشابهة

  • “الشؤون الإسلامية” تهدي أكثر من 6 آلاف نسخة من المصحف الشريف لزوار معرض تونس الدولي للكتاب
  • مطر الطاير: هذه هي أسباب الازدحام في دبي.. وهذه هي الحلول
  • لماذا تسدد قطر والسعودية ديون سوريا للبنك الدولي؟
  • «صحافة الأبطال».. «واقعية» فرنسية و«آمال» إنجليزية!
  • “منصوري” العالمية تبرم شراكة مع “آمال” للانطلاق في عالم العقارات
  • استعراض تحديات المؤسسات الوقفية ومقاييس الامتثال في لقاء مؤسسي
  • قانون المحاماة.. بين آمال الإصلاح وتحديات التطبيق
  • لماذا انهارت العملة في مناطق الشرعية؟.. متخصص في الإقتصاد يشرح وضع الريال اليمني والحلول الممكنة لتجاوز الأزمة
  • المنيع يوضح حكم إخراج المرأة زكاتها في سداد ديون زوجها.. فيديو
  • غموض حول غياب حارس مرمى عن نهائي كرة اليد التونسية وسط شائعات “مخدرات”