موقع النيلين:
2024-07-02@00:59:08 GMT

يستأهلون العقوبة المغلظة

تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT

اطلعت على مشروع قانون المرور في دولة الكويت، وقد اشتمل على عقوبات مغلظة، منها إيقاع غرامة (75) دينارًا أي أكثر من تسعمائة ريال سعودي على من يترك الأطفال والحيوانات الأليفة تطل برأسها من السيارة، والغرامة من 100 إلى 200 دينار لمن يضع طفلا دون العاشرة في المقاعد الأمامية. أما عقوبة قطع الإشارة الحمراء فهي الحبس ثلاثة أشهر والغرامة بين 200 وخمسمائة دينار.

أتذكر أن نظم المرور وإجراءاته في الدول الخليجية كانت بسيطة. ولي موقف حصل معي قبل أكثر من أربعين عاما عندما التحقت بالعمل في دولة عربية، وكان من مقتضيات العمل أن أنتقل بالسيارة، وتوجَّب على سائق من المواطنين نقلي بالسيارة الحكومية، فانتحى الرجل بي جانبًا وقال: ليش ما تشتري سيارة؟ قلت له: لم أتسلم الراتب، قال: أنا أشتريها لك، وأنت تعطيني المبلغ لما يتيسر أمرك، قلت له: ولكني لا أملك رخصة قيادة، قال: ما عليك يا شيخ ما حد يسألك من رخصة سير ولا ملكية ولا قيادة… كنت ألح عليه لكي يتركني، وهو يريد أن يتخلص مني ومن مشاويري. قلت له: ما بعرف سياقة، وظننت أن هذا العذر سيجعله يتراجع، فإذا به يرد بحماسة: أنا أعلمك السياقة… ما عليك. أتاني الرجل بالسيارة، ودخلت الشارع وسقت سنتين؛ لا رخصة ولا استمارة ولا يحزنون.

كان ذلك من طيش الشباب، ولو عرض لي الأمر في هذا العمر، لتصرفت بطريقة أفضل بلا شك، وليغفر لنا الله سوء أعمالنا.

لكن هذا الطيش وعدم وجود النظم والعقوبات الرادعة، نتجت عنه الكثير من حوادث السير المأساوية.

يحكي لي جراح سوداني عمل في دولة خليجية، قابلته عندما أتاني في مجلس الصحافة والمطبوعات يفسح كتابًا عن ضحايا حوادث السير، قال: كنت أعمل في طوارئ أحد المستشفيات، فجاءني زميل موظف بالمستشفى، وذكر لي: يموت بحوادث السير من زملائنا بالمستشفي كل سنة أربعة أشخاص، والعام قد أوشك على الانتهاء ولم يمت سوى ثلاثة حتى الآن. وخرج الرجل، وبعد حوالي نصف ساعة استدعوني للطوارئ بسبب وصول حالة عاجلة لشخص توفي في حادث سير. ولما ذهبت وكشفت الغطاء عن وجهه تفاجأت أنه الرجل الذي حدثني قبل دقائق عن الموت بحوادث الطرق.

تغليظ العقوبة وتطبيق الإجراءات الصارمة على المتساهلين هو السبيل الأمثل للحد من الحوادث المميتة وللحفاظ على سلامة الناس وحياتهم.

وأختم بهذه القصة من التراث: في (شذرات الذهب) لابن العماد الحنبلي في سنة (667) أمر السلطان (الظاهر بيبرس) بإراقة الخمور وتبطيل المفسدات والخواطئ بالديار المصرية، وكتب بذلك إلى جميع بلاده، وأمسك كاتباً يقال له: ابن الكازروني وهو سكران، فصلبه، وفي عنقه جرة الخمر! فقال الحكيم ابن دانيال:
لقد كانَ حَدُّ السكر من قبل صَلْبه
خفيفَ الأذى إذا كانَ في شَرْعنا جلدا
فلمّا بَدا المصلوبُ قُلتُ لصاحبي
ألا تُبْ فإنَّ الحدَّ قد جاوز الحدّا…
عثمان أبوزيد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

لا تحارب من أجل لا شىء

حكى لى الصديق المبدع الكبير أحمد الخميسى، أن والده الكاتب الكبير عبدالرحمن الخميسى، أوصاه قبل وفاته بأن يكتب على شاهد قبره «عشت أدافع عن قيثارتى، ولم أعزف ألحاني». ولما توفى أوائل شهر أبريل سنة 1987 أوفى المبدع الابن بوصية المبدع الأب.

بدت العبارة الوصية المدونة على شاهد قبر الخميسى فى طنطا مُعلمة وقيمة. وربما كان المبدع الكبير يقصد أن المعارك فى السياسة والحياة استنزفته، فلم يتمكن من تقديم كل ما يموج داخله من إبداع وسحر وجمال، لأنه استهلك وقتا طويلا فى الدفاع عن قيثارته. وذلك رغم أن الرجل كان ماكينة إنتاج فنى وإبداعى وكتابى لا مثيل لها، فكتب الشعر الرومانسى، وألف القصص والمسرحيات، وقام بإعادة كتابة «ألف ليلة وليلة» بشكل عصرى، وقام بترجمة آداب ومعارف شتى، ثم كتب أفلاما عديدة ومثّل فى بعضها مثل فيلم «الأرض»، واكتشف مبدعين كثرا ربما أشهرهم سعاد حسنى التى قدمها للسينما فى فيلمه «حسن ونعيمة». لف الرجل ودار ونثر سحره وألقه يمينا ويسارا، وعلّمَ وشجع أجيالا من الكُتاب والمبدعين وكانت له صولات وصولات عديدة. لكن لمعانه الطاغِى أثار حُساده فسعوا إلى خطف قيثارته، وقمعه وإسكاته، بدعوى خطره على السلطة، ليخرج بجلده من وطنه خائفا يترقب، وهو يشعر أنه لم يعزف بعد ألحانه التى كان يتمناها.

لم يجد الرجل وهو ينظر إلى رحلته العابرة على الأرض إلا أن يوصى المبدعين الجدد بأن يتجنبوا استدراجهم لمعارك عبثية لا منتصر فيها ولا منهزم، وأن يستغلوا كل لحظة ليعزفوا ألحانهم الشجية، فالعمر– مهما طال – قصير جدا، وهو أثمن من أن نُبدده فى ما لاطائل منه.

وهذا الدرس وعاه النبهاء من المبدعين والنجوم، وهم للأسف الشديد قليلون، فلم ينزلقوا فى معارك سطحية استهدفت قيثارة كل منهم، وتجنبوا إلى أكبر قدر خوض حروب تستهدف تعطيل مشروعاتهم وكبت طاقاتهم الجمالية.

لكن الأغلب والأعم من المثقفين انزلقوا فى عراك قوى مع بعضهم البعض لا علاقة له بالجمال ذاته. فالمتابع للوسط الثقافى المصرى على وجه الخصوص يُدرك إلى أى مدى استُنزف سرب المُبدعين المصريين خلال السنوات التالية لـ2011 فى استقطابات سياسية غريبة، لا طائل حقيقيا من ورائها، وأدت جميعها إلى كمون نسبى للتفرد والعراقة الإبداعية التى تميزت بها مصر عربيا ودوليا لعدة عقود. خاض كثير من المبدعين غمار معارك غير حقيقية، ساندوا شخوصا، أيدوا وربما عادوا تيارات، تلاعنوا ووظفوا قدراتهم الكتابية فى التصفيق والاتهام، واستهلكو بعيدا عن ساحة الجمال الحقيقية.

وما نراه وما نشهده وما نجفل من اتساعه يضعنا أمام مسئولية إنسانية لازمة هى أن ننظر للأجيال الشابة الصاعدة ونهتف فيها أن تقبض على قيثارتها وتنأى بها عن أى صراع سياسى أو طبقى أو حتى فكرى. فالجمال يمتع الجميع، والسحر يُبهر الكل، والابداع يُسعد كل صناع الحضارة.

ومصر كانت وستبقى منارة حضارة حقيقية، وحصن جمال منيعا، يُضىء من حوله ليُكرر كل عقد أفذاذا قادرين على استعادة الألق المستحق.

والله أعلم

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • بدء استخدام "الرادار المتنقل" لاقتناص مخالفي قانون السير في جهة الشمال
  • رادار المرور يلتقط 1121 سيارة تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة
  • لا تحارب من أجل لا شىء
  • مراكش تحظى بممرات تحت أرضية.. هل تنتهي أزمة السير بالمدينة الحمراء؟
  • اكثر من 3 آلاف ضحية.. العراق يسجل ارتفاعا بحوادث السير خلال 2023
  • تعرف على خطوات استخراج رخصة القيادة المهنية
  • عاجل.. الجبلاية تنجح في ايجاد حل لازمة رخصة الزمالك مع الكاف
  • شروط وخطوات استخراج رخصة قيادة دولية
  • سرقة سيارة فاخرة بطريقة هوليودية والأمن يلقي القبض على الفاعل(فيديو)
  • ناسا تؤجل السير في الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية حتى نهاية يوليو