حول انتشار الحركات الأصولية في آسيا والشرق الأوسط والمغارب، تكثر القراءات التفسيرية وتتكامل أو تتنافى. ويسهم في هذه القراءات اختصاصيون، وحتى مؤلفون قليلو العلم والدراية في تاريخ الإسلام وثقافته؛ فعند عدد مهم منهم، وبينهم سياسيون، في بدء تلك الحركات كان التخلف الذي خلق دوامه المتواتر بؤر الفقر المتنامي وبالتالي ركام الحزازات والتذمرات.

"إن البؤس واعظ سيئ"، كما قال ميتران عن المأساة الجزائرية، وهو الماهد الميسر لعودة العامل الديني القوية... إن هذا العامل، في حالة الإسلام، لما يزل يصلح لشرائح المعوزين والمتروكين مصفاةً وصوتا للجهر بضيقهم والتعبير عن حاجياتهم ومطالبهم.

وبعد تعيين مكمن الداء، سيتمثل الدواء في تزويد الحكم القائم بما يحتاجه من دعم اقتصادي ومالي لمغالبة المد الأصولي وتحجيمه. وهذا الاختيار، رغم بعض الصعوبات الظرفية، هو الذي ما زالت السلطات الفرنسية تراهن عليه في سياستها العربية، كما هو دأبها مع الجزائر وكذلك في لبنان حتى أثناء حرب إسرائيل عليه ومقاومة حزب الله لها.

تجاوزا للمنظور الاقتصادوي الضيق، هناك صنف آخر من التفسير يقدم ظاهرة الحركات الأصولية على أنها وليدة تلاشي العقيدة الشيوعية والأيديولوجيا المادية، كما دلل عليها بقوة سقوط جدار برلين وتصدع الاتحاد السوفييتي في أواخر القرن الماضي. غير أن مقاربة هنتنغتون، على علاتها، تمثل من وجهة نظرية بعض الفائدة من حيث إنها تبرز البعد الثقافي في الحركات الأصولية مشخصا على وجه التحديد في المطالبة الهويتية ومقاومة الأنموذج الحضاري الغربي الضاغط، وهما العنصران اللذان يأخذهما الباحث بعين الجد في بحثه ويسعى إلى تشريحهما والإحاطة بهما علما حتى يتسنى له عرض أنجع السبل لاحتوائهما وتحييدهما.

وهذا التوجه نفسه هو ما نجده مضمرا عند باحثين أوروبيين، وفرنسيين بالتخصيص، يمكن أن نذكر منهم الخبير جيل كيبل الذي يفصح عن تصوره قائلا: "إن فرضيتي العملية هي أن خطاب تلك الحركات وممارستها تحملان معنى ودلالة ليسا نتاج اختلال للعقل أو تسخير لقوى مظلمة، بل الشهادة التي لا تعوض على أزمة عميقة لـم تعـد مقولاتنا الفكرية التقليدية تسمح بحل شفرتها". ("ثأر الله"، باريس، 1991، ص26).

إن هناك أبحاثا أخرى، بعضها سابق على أبحاث كيبل، أقرت بالرصد نفسه، نذكر منها ما أنجزه بيرك وبورغا ولابا وإيتيان وباحثون أنجلو ـ ساكسونيون. إن قصدنا في هذا المقام ليس التعرض لهذه الأعمال بالدرس والتحليل، بل اتخاذها فقط كنقط مرجعية في كل حوار عقلاني نافع ومتقدم حول الحركات التي نحن بصددها. وبالفعل، تكاد تجمع تلك الأعمال على المكون الضدى أو المعارض في هذه الحركات، ليس في شأن هيمنة أنماط الوجود والفكر الغربية فحسب، وإنما أيضا بإزاء الدول الوطنية (القائمة على الليبرالية أو رأسمالية الدولة)، التي يشهد على إخفاقاتها المتكررة عسرُ الحياة اليومية وضيقها (كما تظهره أبحاث واستبارات ميدانية)، وكذلك تقارير منظمات دولية، وتلتقي كلها وتتكامل، مستندةً إلى إحصائيات وأرقام استدلالية، في ترجمة الوقائع إلى لوحات جد مقلقة تمت إلى إشكاليات النمو والمديونية والدخل الفردي والشغل، إضافة إلى قضايا التعليم والصحة والخدمات والتفاوتات الاقتصادية والثقافية، الخ.

إن التحدي القائم اليوم أكثر من ذي قبل أمام الفرقاء السياسيين والاجتماعيين في العالم الاسلامي ليكمن أساسا في التنافس البناء على ترقية ثقافة الحكمة والتحضر وتمنيعها، وبالتالي على فك كل ارتباط بالخطابات التنابذية الدميمة وبالأفعال العدمية العنيفة.في هذا السياق نفسه يرى بيرك، بعد انتقاده لغلو بعض الأصوليين في قضايا الديمقراطية والعلمانية والمرأة، أنه "رغم التطرفات المذهبية، يلزم الاعتراف بقوة هؤلاء المساجلين، التي تأتيهم من فضحهم لشرور وتجاوزات داخلية ظاهرة الوقوع، ومن انحيازهم إلى المستضعفين ووقوفهم بالأخص من دفاعهم عن الهوية المهددة. إن النداء إلى التأصيل والأصالة يربح حقا ضد تتفيه الحياة المتزايد، ضد تنميط العالم الأحادي، وضد بعض الانحرافات المحزنة في المجتمعات الغنية".

على وجه أعم، يشعر الباحثون الاجتماعيون والسياسيون والقانونيون أنهم مدعوون إلى الاهتمام بمسائل تمت إلى طبيعة الظاهرة الأصولية في الإسلام المعاصر وإلى اللائيكية (أو العلمانية) واختلاف المرجعيات والشرعيات في السياسة، إلخ. ومن ثم نمت أدبيات تتفاوت جودةً وقيمة، وتمزج في الغالب التحليل بالاختيار الذاتي والبحث بالتموقف الإيديولوجي وفي مسائل ساخنة مثل تلك، نادرون هم الباحثون الذين قدروا على الالتزام بالشعار السبينوزي: "أن لا نسخر ولا نبكي، بل أن نفهم".

إن اللائكية ـ وهو مفهوم فرنسي الاستعمال أساسا منذ ثورة 1789 ـ عصية على التصدير أو الاستراد، وتبقى عبارة عن ترجٍّ طوباوي إذا لم تكن مسجلة في الإرادة الجماعية والضرورة التاريخية. ومن هنا واجه بعض الباحثين سؤالا عما إذا كانت الهيئات الاسلامية الأصولية الحق في الوجود كأحزاب سياسية تطمح إلى الحكم، كباقي الأحزاب المنظمة المشروعة. والذين يردون بالإيجاب على هذا السؤال يبدون نظريا منسجمين مع النهج الديمقراطي وقاعدة ممارسة السلطة القائمة على التداول وحكم الصناديق، ويمثلون على ذلك بحالات الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا الغربية، أو الأحزاب المتحالفة مع الكنيسة الكاتوليكية في أوروبا الشرقية أو مع ثيولوجيا التحرر كما ظهرت في هايتي وبعض بلدان أمريكا اللاتينية. أما الذين يردون بالنفي فهم ميالون إلى الاحتجاج بالمبدأ العلماني القاضي بفصل الدولة عن الدين ووضع هذا الأخير في زوايا العبادات والحياة الخاصة.

على الصعيد العربي ـ الإسلامي، يحق القول إن التيار الأصولي عموما قد حوّل لصالحه، إلى حد لافت ملحوظ، تنامي مشاعر الظلم والإهانة عند العرب منذ إنشاء دولة إسرائيل في 1948 وخلال مراحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي المضنية المديدة؛ ودولة إسرائيل (الضاربة بعرض الحائط لتسعين قرار أممي منذ قيامها) وحاميتها أمريكا على كل الصعد (بما فيها إلى غاية اليوم استعمال الفيتو خمسين مرة في مجلس الأمن) كانت لهما اليد الطولى وثمرات الانتصارات العسكرية المتلاحقة، حتى إذا شنت إسرائيل حربها الوحشية على لبنان (12 يوليو ـ 13 أغسطس 2006) أخذ صرحها يصاب بشقوق وتصدعات على يد المقاومة اللبنانية البطولية مشخصة في حزب الله، فتنفست الشعوب العربية والإسلامية الصعداء واستعادت قدرا معتبرا من العزة والأمل.

إن سلاما منصفا وعادلا في المنطقة الشرق ـ أوسطية لا يبدو أن موعده قريب. وعملية السلام، التي وضعت مبادئها اتفاقيات أوسلو (13 ـ 09 ـ 1993)  وأكدتها خارطة الطريق من بعد، بظهر أنها اليوم في حالة تلاش متقدم، هذا علاوة عن أنها لم تحظ منذ البدء بتزكية حماس وبعض وجوه النخبة الفلسطينية، وذلك، في نظرهم، لما اعتورها من عيوب تدبيرية وتفاوضية تبعدها عن أن تكون سلاما حقيقيا ونهائيا.

وكيف لنا أن نقول بغير هذا والحكم في إسرائيل، إلى أي حزب أو ائتلاف آل، يتمادى في سن سياسة عدوانية ممنهجة كاسحة ضد الفلسطينيين وأمكنة الذاكرة الإسلامية وضد السلام: تهويد مدينة القدس بقصد تنصيبها عاصمة إسرائيل الأبدية، توسيع المستعمرات في الضفة الغربية، اغتصاب أراض شاسعة في شرق المدينة المقدسة، بناء نفق تحت الحرم الإبراهيمي، أوراش وحفريات في محيط المسجد الأقصى، الخ؛ وكلها أفعال وتدابير تنزع إلى تثبيت الصراع في ميدان ديني بالغ الحساسية، من طبيعته أن يعني ويعبئ مجموع العالم الإسلامي وحتى أطيافا مسيحية، وتنضاف إلى هذا كله حالة التراجيديا العراقية التي ما زالت فصولها الدموية تستعر وتتناسل.


إن سلاما منصفا وعادلا في المنطقة الشرق ـ أوسطية لا يبدو أن موعده قريب. وعملية السلام، التي وضعت مبادئها اتفاقيات أوسلو (13 ـ 09 ـ 1993) وأكدتها خارطة الطريق من بعد، بظهر أنها اليوم في حالة تلاش متقدم، هذا علاوة عن أنها لم تحظ منذ البدء بتزكية حماس وبعض وجوه النخبة الفلسطينية، وذلك، في نظرهم، لما اعتورها من عيوب تدبيرية وتفاوضية تبعدها عن أن تكون سلاما حقيقيا ونهائياحيال الأزمات السلبية المستفحلة وواقع الأوضاع الفاسدة المتفاقمة لا يسع الثقافة الديمقراطية إلا أن ترقيَ قيم التنمية والحرية والعدالة وترعاها قوة العقل والمبادئ الاجتماعية المؤسسة ضد الخطابات المحرقة والممارسات العنيفة من حيثما صدرت. وإذا كانت الديمقرطة الفعلية للمجتمع كفاحا إلزاميا مستداما فلأنها اختيار حضاري، من شأنه أن يجتـث جذور الاستبدادية والتعصبية من الحياة السوسيو ـ سياسية، وأن تنظم هذه الحياة حول معاملات مدنية ومشاريع إنمائية ملموسة التحقيق والنتائج، أي حول مؤسسات فاعلة، منتجة وقوية. وذلك أن هذه المؤسسات وحدها تقدر على أن تطبع وتكرس تبني الديمقراطية من طرف كل الفرقاء السياسيين، بمن فيهم أصحاب التيار الأصولي، وكذلك أن تحصنهم ضد أي ميول استبدادية وأي انحراف كلياني، كإقامة نظام الحزب الواحد أو التحالف مع العسكر ضد المواطنين والمجتمع المدني.

لكن وكما تدل عليه التراجيديا الجزائرية بمئات الآلاف من ضحاياها، يبدو أننا للأسف ما زلنا متخلفين عن التملك الفعلي لتلكم الثقافة الديمقراطية. وهذا التخلف يترك المجال مفتوحا أمام صعود خطابات الكراهية والشيطنة وحوار الأسلحة ومنطق الترهيب والرعب، كما أنه، فوق تضخم القمع والارهاب، يحكم على الجسم المجتمعي قاطبة بالتشظي والاحتقان.

بعيدا عن مجالات التشنج والتوجس السانحة ينشر الكراهيات القاتلة والكتابات القدحية الفجة، يكون دور المثقف الحق، كما يسجل دوبري  هو "أن يكشف عن الوضع الاجتماعي الموجود"، إذ "أن المجتمعات لا تعرف إلا سيرورات، تحكمها في آخر الأمر قوانين ليست التعبير عن إرادة الشعب بل عن علاقة ثابتة بين سلسلات كثيرة من الظواهر". وداخل المجتمعات العربية والإسلامية الحديثة تمثل الأصولية إجمالا واحدة من هذه السيرورات المهمة التي لا بد من أخذها في الحسبان من أجل غاية عليا تروم استراتيجيا وتدريجيا إلغاء كثرة التفاوتات والكسور والأعطاب السوسيو ـ اقتصادية والثقافية، التي تستنزف وجودنا وتغرقه في انفجارات الممارسات اللاعقلانية والاعتباطية العنيفة أو بعبارات أخرى، أن نعيد للمجتمع نوابضه اللاحمة الحيوية، ونجعله حاضرا بالفعل في هويته وصيرورته التاريخيتين: ففي هذا تكمن مهمة كل معرفة إيجابية محرّرة. وخدمة لهذه المهمة الصعبة ـ والتي ما أوكدها! ـ كل التنظيمات الحزبية والتيارات الفكرية مطالبة بأن تستثمر قواها وتعطي أفضل ما لديها.

ولئن جاز لديمقراطية القرب والتفضيل الاجتماعي أن تدعي لنفسها امتيازا ما، فبشرط أكيد يتبلور أكثر فأكثر في إقامة رؤيتها السياسية الثقافية على ثوابت استراتيجية متكاملة ثلاثة، نذكرها تحديدا لكونها غير محققة بعد ولا فاعلة في واقع الحال بما يضمن ترسخها وتطورها.

ـ التجذر في الإرث العربي ـ الإسلامي الذي يلزمها الاضطلاع به كوريث للقيم الإسلامية من مساواة وتضامن وعدالة، وكذلك لثقافة الإسلام الثرية العميقة، سواء الروحية منها والدنيوية.

ـ  التملك الوظيفي الفاعل للحداثة، ليس كسلعة تعويضية ersatz أو سوق للمنتوجات الاستهلاكية، بل كمعين لقيم مضافة، نافعة ومنتجة، وكحقل بحث وإبداع في سبيل ترقية الإنسان والوجود الاجتماعي. وبالتالي فالتحديث الحق لا ينبني ضدا على الشخصية الهويتية الأصيلة، بل يتقصد خدمة صحتها ونموها المطّرد.

ـ الانخراط الحيوي في روح الديمقراطية كنسق إجماعي، تلغي أركانه المؤسسة كل شكل من أشكال الاعتباط والحكم الفردي، وتعطي لمجتمع المواطنين حق تشغيل قاعدة التناوب والمساهمة في إدارة الحياة السياسية وانتخاب ممثليهم وحكامهم ومراقبتهم وكذلك محاسبتهم وإسقاطهم حتى ولو كانوا من الجناح الأصولي. إن السياسة كميدان خصوصي هو بامتياز ميدان البرنامج والفرضية والتجريب، وكممارسة جد إنسانية ليست البتة بمنأى عن الفشل والخطإ ومواطن الضعف والزلل. وبالتالي وحدها المؤسسة الديمقراطية قادرة على مدها بطاقات العمل النقدي والتصحيح والتطور، وعلى تزويدها بالدم الجديد والفاعلين الجدد، وتمتيعها إذن بأسباب المصداقية الإجرائية والتقدير.

إن الديمقراطية المنبنية على هذه الثوابت الثلاثة لها كل الصفات اللازمة كما تجد نفسها مع أخلاق الإسلام وثقافته في عنصرها أو قل فضائها الطبيعي. وإذا ما قيل إن هذا الإسلام هو بالذات مرجعية حركات وشخصيات سلفية أو أصولية منفتحة من صنف راشد الغنوشي ويوسف القرضاوي ومحمد الغزالي وفهمي هويدي وآخرين، فعلى الرحب والسعة. ومن ثم تفتح أمام كل مكونات المجتمع السياسي والمدني أبواب التنافس ليس للسطو على قيم الإسلام الانسانية واحتكارها، بل لتكريمها وترجمتها في الممارسة والواقع. وفعلا، هناك شيوخ ومفكرون أصوليون يقفون من خلال كتاباتهم وتصريحاتهم مع التحديث العقلاني للمجتمع، أي المضبوط والمتمكن، علاوة على الديمقراطية التشاورية في الحياة السياسية. وحول هتين المسألتين المركزيتين فباسم أي منطق يمكننا الإصرار على إقصائهم والإعراض عنهم؟

في جميع الأحوال وسعيا إلى رفع الضغوطات الهيمنية، إن أعز ما يطلب ويقوم كدعامة مرجعية لا مناص منها هو:

أ ـ أن تسقط الحواجز الذهنية والنفسية حتى تصلح وتعمل قنوات التواصل بين الأسر والاتجاهات السياسية والثقافية داخل المجتمع الواحد؛

ب ـ أن نجمع على أن التدين الخالص هبة ربانية وهداية من الله، كما يؤكد عليه في غير ما موضع إسلام التسامح واليسر واللاإكراه، وأيضا على أن معالجة الشؤون الدنيوية أو الزمانية المحايثة المتقبلة موكولة أساسا إلى البشر، أفرادا وجماعات أحرارا ومسؤولين، كما تشير إليه آيات كثيرة حول استخلاف الإنسان في الأرض وتخييره وحضه على إعمال النظر والعقل، هذا علاوة على أحاديث نبوية كثيرة، أشهرها "أنتم أدرى بأمور دنياكم".

وعلى ضوء هذين المبدأين وتفريعاتهما العملية، يمكن للفرقاء السياسيين والاجتماعيين أن يرتقوا إلى ثقافة الحكمة والتحضر وبالتالي أن يفكوا كل ارتباط بالخطابات الغلّية الدميمة وبالأفعال الإعدامية العنيفة.

إجمالا، عند كثير من الباحثين من تخصصات وأقطار شتى، تظهر الحركات الأصولية إذن كتعبير مسموع ودال عن ضخامة النكسات والإهانات والمرارات، من صنف ما ذكرنا وتذكي أواره سياسات القوة والهيمنة الغربية، تتقدمها سياسة الادارة الأمريكية الحالية بمحافظيها الجدد الغلاة وصقورها الحربويين العتاة.

الديمقراطية، كتعاقد ومؤسسة، قد اكتسبت مقومات واقع وظيفي، ملزم ومعاش. والديمقراطية بدورها لا يمكنها أن تؤدي عملها الإدماجي السلمي كاملا إلا باستنادها إلى قطب الرحى في كل تطور، ألا وهو النمو الاقتصادي المتواتر ذو الثمرات الحسنة النشر والتوزيع.إن التحدي القائم اليوم أكثر من ذي قبل أمام الفرقاء السياسيين والاجتماعيين في العالم الاسلامي ليكمن أساسا في التنافس البناء على ترقية ثقافة الحكمة والتحضر وتمنيعها، وبالتالي على فك كل ارتباط بالخطابات التنابذية الدميمة وبالأفعال العدمية العنيفة. وإذا كانت الجزائر حتى أيامنا هاته ما زالت دون تحقيق هذه الغاية، فلأنها بعد أن فكك شخصيتها الثقافية ليل الاستعمار المديد وأعطبها، لم تقدر على تضميد جراجها وبرئها طوال العقود الخمسة وزيادة المتعاقبة على استقلالها. وهذا ما دفع بالجزائريين إلى الطعن في المادة الخامسة من قانون فبراير 2005، التي تسجل للاستعمار الفرنسي دوره الإيجابي، وصادق عليها البرلمان بغرفتيه، فلم تسحب إلا بتدخل من الرئيس جاك شيراك مستندا إلى المجلس الدستوري؛ وبعد ذلك أتت تصريحات قوية للرئيس بوتفليقة، منها حول تعليق التوقيع على معاهدة الصداقة الفرنسية ـ الجزائرية، ومنها اعتباره الاستعمار الفرنسي حركة إبادة جماعية ضد هوية الجزائر وثقافتها...

وفعلا فالصدام، الذي ما زال يخوضه إلى حد ما الإخوة ـ الأعداء في هذا البلد المغاربي، يعكس صورة هوية وطنية أزّمها تاريخ طويل من التبخيس الثقافي، علاوة على تراكم قاس للكسور والحيوف. إنها حالة احتقان وتمزق لما تزل تسري في الجسم الجزائري، وتعطل طاقاته التواصلية والتفاهمية، وتحكم بالتالي بالعجز والقصور على مبادرات الوفاق الوطني (كما أقره الرئيس بوتفليقة) أومن قبل ذلك خطة سان ـ اغيديو الموضوعة في يناير 1995 بروما من طرف مجموع الأحزاب المعارضة الممثلة، بما فيها جبهة الانقاذ الإسلامي.

أما في المغرب الذي عرف كتونس ماضيا استعماريا أقل هولا وعنفا، وتلقى بالتالي شروخا في شخصيته الهويتية أقل خطورة وغورا مما كان عليه الأمر في الجزائر، فيظهر، حسب الدراسات والأبحاث المتخصصة، أن الحركات الأصولية، وقد نشأت خلال السبعينيات، تتجه في مجملها نحو مواقف توافقية، مقدمة الدعوة إلى تخليق المجتمع والحياة السياسية. ويحسن بالطبع استقبال توجهها هذا إيجابيا شريطة تخليها المعلن والفعلي عن خوصصة الدين واستغلاله وعملها في إطار المشروعية والسلم الاجتماعي، وذلك حتى يتسنى تمكينها من الاندماج الديمقراطي في المجتمع المدني وحتى السياسي.

وهذا يفترض قبليا أن الديمقراطية، كتعاقد ومؤسسة، قد اكتسبت مقومات واقع وظيفي، ملزم ومعاش. والديمقراطية بدورها لا يمكنها أن تؤدي عملها الإدماجي السلمي كاملا إلا باستنادها إلى قطب الرحى في كل تطور، ألا وهو النمو الاقتصادي المتواتر ذو الثمرات الحسنة النشر والتوزيع. وهكذا تكتمل دائرة النمو الشامل، الذي يختص بهذه الصفة لكونه جامعا لاحما ممدّنا، وبمقدوره بالتأكيد، ولو بتأنّ، أن يتجاوز التعارض الديني / العلماني، ويحيد ممثلي الغل والاستئصال، ويخلق شروط انتعاش دولة التسيير والتيسير والمجتمع المدني المتقدم، القوي والمؤثر، وبالتالي المنفتح على التنافس الديمقراطي بين الأفكار وعلى كل الفعاليات والديناميات الساعية إلى اجتثاث أسباب التخلف وخدمة مصالح الأوطان والناس.

إن تحقيق تلك النقلة الكبرى يفرض على فاعليها اليوم الأخذ بأسباب العقلنة والترشيد المستمدة من الذات التاريخية أولاً، ومن نظم الإنتاج والتسيير التي كان بمقدور هذه الذات أن تنالها بالسبق والاستحقاق لو لم تعقها عن ذلك عوامل انتكاس وتصدّع داخلية، إضافة إلى عوامل انطلاق التفوق الأوروبي منذ عصر النهضة في القرن السادس عشر. من حيث إن هذه النهضة الأوروبية استلهمت التراث اليوناني لصالحها وأن الرأسمالية، كما أظهر ماكس فيبر، مدينة في نشأتها وانتشارها إلى البروتستنتية بالشيء الكثير، وأيضا من حيث إن تطور الاقتصاد في بعض أقطار آسيا حاضرا تلقى زخمه المعنوي التحفيزي من الكونفوشية، حسبما بيّن ميكو موريشما، فإن من الجائز والممكن ـ كما يُستفاد إلى حد دال من تجارب أندونيسيا وماليزيا مثلا ـ أن يكون للإسلام الثقافي والقيمي ولفلسفته الاجتهادية العملية دور نوعي مخصوص في خلق شروط إحداث "المعجزة" الاقتصادية المرجوة والتقدم العلمي الفكري المنشود، وذلك كله في سياق وجوب كسب الرهان الحضاري والتنمية البشرية الكلية وبروز القطر ـ القدوة أو التجمع ـ المنارة.

وفي هذا السياق وحده كدينامية مبدعة وصيرورة تأثيلية كمّية وكيفية تتلاشى الصدوع والتوترات المعيقة وتتجاذب العقول والذهنيات إيجابيا نحو الأفيد والأجمل والأرقى، فترى الأصولي الحق قادرا على استيعاب الوعي التاريخي ومميزا بين الحي والميت في نصوص الأثر والقول التراثي؛ كما ترى الحداثي متخذا موقف النقد بإزاء كل تغريب إن كانت محصلته الاستلاب والولاء التبعي وفقدان الاعتبار الذاتي وطاقات المنافسة والمبادرة والخلق. وللحديث صلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير العربية مسلمون عرب رأي أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی هذا على أن

إقرأ أيضاً:

هل يعود الحزب الديمقراطي للحكم مجددًا في أميركا؟

لقد نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نجاحًا منقطع النظير في السيطرة على المشهد السياسي الأميركي، وتبنّي سياسات أميركية ‏يمينية محافظة تشمل العديد من مجالات الحياة الأميركية: السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، ‏من خلال السيطرة أولًا على الحزب الجمهوري سيطرةً أقصت كل الأصوات المعارضة له داخل الحزب من المشهد السياسي الأميركي.

كما ‏أربكت سياسات ترامب خلال فترة رئاسته الثانية الحزب الديمقراطي الأميركي إرباكًا عظيمًا، فوجد الحزب نفسه منقسمًا ‏تصيبه الحيرة في كيفية مجابهة الرئيس ترامب.

لقد شكّلت نتيجة انتخابات العام 2024 خسارةً فادحةً للحزب الديمقراطي، خسر فيها البيت الأبيض والكونغرس الأميركي بمجلسَيه: مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأميركي.

‏كما أظهرت هذه الهزيمة الانتخابية فراغًا قياديًا يحاول الكثير من الساسة الديمقراطيين التقدّم لشغله في ضوء تساؤلات كثيرة حول العديد من القضايا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، حيث يجب على الحزب الديمقراطي الأميركي تبنّي معالم واضحة حولها تمكّنه من العودة مرة أخرى إلى سدّة ‏الحكم في البيت الأبيض الأميركي، وكذلك إلى الأغلبية البرلمانية في مجلسَي النواب والشيوخ الأميركيين.

إعلان ‏استعادة التحالف الديمقراطي

يعتمد الحزب الديمقراطي في قاعدته الانتخابية على عدّة مكوّنات اجتماعية وعرقية وعماليّة، ‏حيث يعتبر الحزب بمثابة حزب الأقليات في الولايات المتحدة الأميركية، ‏ولذا يعتمد الحزب كثيرًا في نجاحه في الانتخابات الأميركية على تحالف وثيق يجمع هذه المكونات الاجتماعية والسياسية المختلفة.

‏لقد نجح الرئيس ترامب في اختراق هذه المكونات الاجتماعية والسياسية للحزب في انتخابات عام 2016، حينما استمال الطبقة العماليّة البيضاء في الريف الأميركي، خاصة في ولايات مثل ميشيغان، ‏وويسكنسن.

‏كما نجح أيضًا في انتخابات العام 2024، في اختراق معاقل الحزب الديمقراطي داخل المجتمعات العربية والمسلمة الأميركية، مستغلًا سخطها من مواقف الرئيس السابق بايدن تجاه الحرب في غزة، واستجابةً لوعود انتخابية أطلقها ترامب أثناء ترشّحه، برغبته في إحلال السلام في العالم، وإنهاء الحروب في غزة، وأوكرانيا.

‏ويبقى السؤال الذي لا بدّ أن يجيب عنه قادة الحزب الديمقراطي الأميركي القادمون حول مدى قدرتهم على استعادة الطبقة العمالية البيضاء في الريف الأميركي، وكذلك في الحصول على دعم الأقليات المسلمة وغيرها من الأقليات الأخرى مرة أخرى في أي انتخابات أميركية قادمة.

‏لا يبدو حتى هذه اللحظة أن هنالك خطابًا ديمقراطيًا واضحًا حول مستقبل الحزب نحو الحروب الخارجية في غزة وأوكرانيا، وكذلك موقفه من معالجة قضايا الهجرة غير الشرعية، والقضايا الاقتصادية الملحة للطبقة العاملة البيضاء في الريف الأميركي.

‏ حذّر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما – في خطاب ألقاه ‏قبل عدة أيام في كلية هاملتون الجامعية – المواطنين الأميركيين، وخاصةً أعضاء حزبه الديمقراطي، من خطورة السياسات الأخيرة للرئيس دونالد ترامب حيال الجامعات الأميركية، ومكاتب المحاماة العريقة الأميركية التي كان لها دور ‏بارز في التحقيقات الفدرالية ضد الرئيس ترامب حين ترك البيت الأبيض بعد نهاية فترة رئاسته الأولى.

إعلان

حاول أوباما تذكير الجامعات الأميركية وأعضاء مهنة المحاماة الأميركيين بالواجبات الأخلاقية والقانونية ‏نحو الحفاظ على القوانين والنظم السياسية الأميركية والعملية السياسية برمتها، ولكن ‏ما لا يدركه الرئيس السابق أوباما، هو اضمحلال نفوذه السياسي وتأثيره في الأوساط الاجتماعية الأميركية خارج دائرة الحزب الديمقراطي الأميركي.

‏يبدو أن الحزب الديمقراطي الأميركي قد وجد نفسه أمام معضلةً حقيقيةً خاصةً حيال الاستمرار في تبنّي قضايا اجتماعية وسياسية لا تحظى بقبول أميركي عريض، مثل قضية الهجرة ‏غير الشرعية في الولايات المتحدة الأميركية التي ازدادت حدّتها زيادةً ضخمة في ظلّ إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، حيث كان مشهد تقاطر الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين يوميًا وهم يدخلون الولايات المتحدة الأميركية مثيرًا للحنق الشعبي ‏العريض، الأمر الذي ساعد في فوز الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

‏وكذلك ‏على قيادة الحزب الديمقراطي القادمة التقرير في مصير تبني سياسات ليبرالية متطرفة قد لا تحظى بقبولٍ واسعٍ في أوساط المجتمع الأميركي المحافظ، مثل تأييد الحزب حقوقَ المتحولين جنسيًا، خاصةً بعد القرارات ‏الرئاسية التنفيذية التي أصدرها الرئيس ترامب فيما يتعلق بسياسة الدولة نحو تحديد ‏النوع البشري ‏كذكر أو أنثى في الأوراق الرسمية الثبوتية الأميركية.

قيادات الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي

يبدو أن القيادات الشابّة في الحزب الديمقراطي الأميركي ليست على توافق تام تجاه قيادة زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر ‏بعد مساعدته قيادات الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ بتمرير قانون تمويل الحكومة الأميركية، ‏ورفضه الامتناع عن عرقلة إصدار هذا التمويل، كما تودّ القيادات الشابّة في الحزب الديمقراطي الأميركي.

‏تتعالى بعض الأصوات الديمقراطية بضرورة تنحي شومر عن قيادة الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأميركي، وإتاحة الفرصة لقيادات شابة جديدة ليبرالية تقود الحزب في المرحلة القادمة لمواجهة الرئيس ترامب والحزب الجمهوري في الانتخابات البرلمانية الرئاسية القادمة.

إعلان

دعا تحالف معارض للرئيس الأميركي ترامب إلى تنظيم مسيرات احتجاجية وتظاهرية في أكثر من مئة مدينة أميركية ‏في الخامس من أبريل/ نيسان الجاري؛ احتجاجًا على جملة القرارات التنفيذية الرئاسية التي أصدرها ترامب المتعلقة بتخفيض الخدمة المدنية، ‏ومحاربة الهجرة غير الشرعية، وتخفيض الدعم الأميركي ‏للعديد من البرامج الاجتماعية، وكذلك العديد من السياسات الأخرى المثيرة للجدل.

لقد كانت هذه التظاهرة أوّل مبادرة شعبية بعد دخول الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني من هذا العام. ‏

ويبقى السؤال ‏قائمًا حول ‏مدى نجاح استمرار هذه الاحتجاجات الشعبية خلال الأسابيع والشهور القادمة، وهل ستتبلور لتصبح حركة اجتماعية قوية تدعم الحزب الديمقراطي الأميركي في الانتخابات القادمة؟

‏ليس هنالك ‏أيضًا دليلٌ على سعي زعماء الحزب الديمقراطي ‏الحثيث لإيجاد صوت يقاوم ‏ويعارض سياسات الرئيس ترامب المختلفة، أبلغ من محاولة السيناتور الأميركي الديمقراطي كوري بوكر الذي حقّق رقمًا قياسيًا في تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي، عندما قام بمخاطبته مخاطبةً متواصلةً لمدة تزيد عن الخمس والعشرين ساعة، متخطّيًا بذلك الرقم القياسي السابق للسيناتور الجمهوري ستروم ثورموند المعارض قوانينَ الحقوق المدنية سنة 1957.

والجدير بالإشارة هنا، أن السيناتور الأميركي بوكر، هو مرشح سابق للرئاسة الأميركية، وربّما كان هذا الخطاب التاريخي- الذي جذب العديد من وسائل الإعلام الأميركية – تمهيدًا يتحسّس به موطئ قدم لقيادة الحزب الذي يشكو ضعفًا شديدًا بعد خسارته الفادحة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة.

‏وعلى الرغم من الذكاء الأكاديمي العميق الذي يتمتع به السيناتور الأميركي ‏الأفريقي بوكر، فإن هنالك عقبات كبيرة ‏ستعترض طريقه في حال ترشحه للرئاسة ‏الأميركية في الانتخابات القادمة، في إطار تغيرات كثيرة سياسية واجتماعية تشهدها الولايات المتحدة الأميركية حاليًا.

إعلان

في هذا السياق أيضًا ‏أصبح عضو مجلس الشيوخ الأميركي والمرشح السابق للرئاسة الأميركية السيناتور بيرني ساندرز ‏أوّل زعيم ديمقراطي يقيم فعاليات سياسية يخاطب فيها تجمعات شعبية في ولايات مهمة للحزب الديمقراطي الأميركي حضرها الآلاف من المواطنين الأميركيين في إطار حملة وطنية يقودها هذا الزعيم اليساري داخل الحزب الديمقراطي لمواجهة ‏سياسات ترامب، وزيادة نفوذ رجال الأعمال في إدارته الحكومية. ‏

لا شك أن حظوظ السيناتور ساندرز في قيادة الحزب الديمقراطي الأميركي ضعيفة جدًا؛ نسبة لتقدمه في العمر، وكذلك لفشله في تحقيق الفوز داخل الحزب الديمقراطي في أكثر من سباق رئاسي سابق.

الضرائب الجمركية والفرصة السانحة

‏ كان الديمقراطيون يبحثون طيلة الأسابيع الماضية منذ دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض في كيفية وماهية الرسالة الاقتصادية التي يجب عليهم أن يتبنّوها ‏في مخاطبة الشارع الأميركي، ولكن لم تدم حيرة قيادات الحزب الديمقراطي كثيرًا، إذ ‏سرعان ما وجدوا الآن الفرصة سانحة عقب إصدار ترامب حزمة من القرارات الاقتصادية غير المسبوقة، رفع بموجبها معدلات الضرائب الجمركية على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة من معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأميركية.

‏بلا شك ستشكل الضرائب الجمركية تحديات اقتصادية ضخمة للمواطنين الأميركيين ‏في حال تصاعُد الحرب التجارية التي يخوضها ترامب، وكذلك في ظل تقلبات عالمية غير مسبوقة في التجارة الدولية، وما سوف تعكسه سلبًا على أسعار السلع والخدمات في الولايات المتحدة الأميركية.

لقد حذّر بعض الجمهوريين الأميركيين من مغبة خطورة سياسات ترامب الجمركية، مذكّرين بالمآسي التي خلّفتها سياسة رفع الضرائب الجمركية في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، من خلال تطبيق القانون سيئ الذكر سموت- هاولي الذي أغرق الولايات المتحدة الأميركية في المزيد من الأزمات الاقتصادية، ‏متسبّبًا في فقدان الحزب الجمهوري الأميركي السيطرة على الكونغرس الأميركي طيلة 60 عامًا.‏

إعلان

ستحمل الشهور القادمة بلا شك الكثيرَ من الإشارات حول مدى صدق هذه التوقعات، وكما قال شاعر العربية طرفة بن العبد:

سَتُبدي لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ جاهِلًا … وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّدِ.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • مدير الإعلام الحكومي في غزة: يبقى اليمن أول من يرفع صوته نصرة لفلسطين وأهلها
  • هل يعود الحزب الديمقراطي للحكم مجددًا في أميركا؟
  • يديعوت أحرونوت: الجيش يفضل هذا الخيار بغزة خشية خطط اليمين
  • حملات مكثفة لرفع المخلفات والارتقاء بالشكل الحضاري لـ رأس البر
  • الرئيس السيسي: السلام العادل هو الخيار يجب أن يسعى إليه الجميع
  • السيسي: السلام العادل الخيار الذي ينبغي أن يسعى إليه الجميع
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • وزير الأوقاف من زغرب: مصر حريصة على ترسيخ التعاون الحضاري والديني
  • طارق السيد: إذا لم يتم خصم 6 نقاط من الأهلي يبقى تهريج
  • السعدي: لا يمكن أن يبقى الصانع التقليدي كيتخلص بالكاش ونحن مقبلين على كأس العالم