الزراعة في السودان: جون دوغلاس توتهل (ت. 1969) ومحمد عثمان خضر (ت. 2022)
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
أحمد إبراهيم أبوشوك
(1)
جون دوغلاس توتهل (John Douglus Tothill) عالم حشراتٍ ونباتٍ بريطاني الجنسية، درس في الكلية الزراعية بأونتاريو بكندا، وتخصص في علم الحشرات وعلم النبات، وفي العام 1922 حصل على دكتوراه الفلسفة في الزراعة في جامعة هارفارد. بدأ حياته العملية موظفاً بمختبر علم الحشرات الطفيلية الأمريكي لفترة قصيرة، وبعدها انضم إلى فرع علم الحشرات بوزارة الزراعة الكندية، وأنشأ مختبرًا بحثياً بجامعة نيو برونزويك (New Brunswick).
ويؤكد هذا التقديم أهمية الكتاب، الذي يتحدث بعمق عن تاريخ الزراعة في السودان، وأحوال الطقس والمناخ في المديريات الشمالية والجنوبية، وأنواع التربة والتركيبة الجيولوجية، والغطاء النباتي، وملكية الأرض، وأنماط الري الانسيابي والمطري، وأنواع المحاصيل الزراعية، والأسمدة المستخدمة في الزراعة، ومراكز البحوث الزراعية، والثروة الحيوانية، ومشكلات المواصلات، وترحيل المنتوجات الزراعية، والتعليم.
(2)
ونظراً لأهمية الكتاب قد أنفق المهندس الزراعي محمد المصطفى حسن عبد الكريم (ت. 2020) وقتاً ثميناً في ترجمته إلى اللغة العربية، وراجع الترجمة البروفيسور صلاح الدين عبود. إلا أن المخطوطة المترجمة لم تجد حظها في النشر، بالرغم من المحاولات العديدة التي بذلها المرحوم محمد المصطفى. وفي حفل افتتاح الموقع الإلكتروني للموسوعة السودانية في الزراعة والأغذية، الذي نظمته كلية الزراعة بجامعة الخرطوم في أبريل 2013، قرظ كتاب توتهل وثمَّنه البروفيسور محمد عثمان خضر، أحد عمداء كلية الزراعة جامعة الخرطوم السابقين، والعلماء البارزين في علم الوراثة في النباتات. لكن الكثيرين من السودانيين لا يعرفون قيمة كتاب الزراعة في السودان، والكثرة من غير الأكاديميين لا يعرفون البروفيسور محمد عثمان خضر، ولذلك قال عنه أحد طلابه معاتباً: "أستاذي لو كنت في دولة متقدمة لوضعوك في حدقات العيون، ولكُرمت عشرات المرات." لا جدال في أنَّ هذه واحدة من آفات قلة الاهتمام بتقدير العلماء في السودان، البلد الذي يرفع القبعات لبعض الجنرالات الذين عاثوا في أرضه فسادًا. دون أن يهتدوا بقول الفيلسوف الفرنسي فولتير (1694-1778م) إنَّ الخير الحقيقي للإنسانيّة ليس في قادتها السياسيين والعسكريين الفاشلين، ولكن في فلاسفتها، وعلمائها، وشعرائها؛ لذلك عندما طُرح سؤال أيُّ من هؤلاء الرجال أعظم: الإسكندر المقدوني، أم قيصر الروم، أم تيمورلنك، أم كرومويل؟ فأجاب أحد الحاضرين: إنَّ السير إسحاق نيوتن أعظمهم جميعاً بلا منازعٍ؛" لأنه من مفكري النهضة والتنوير الذين قامت على أطروحاتهم الحداثة الأوروبية.
(3)
إذاً يظل السؤال قائماً مَنْ البروفيسور محمد عثمان خضر؟ كتبه عنه البروفيسور عون الشريف قاسم نبذة تعريفية موجزة في موسوعة القبائل السودانية، قائلاً: هو "محمد عثمان خضر محجوب عثمان علي خضر عبد الحميد من الخضراب الكدنقاب بتنقاسي"، بالولاية الشمالية. حصل على درجة بكالوريوس العلوم في الزراعة في جامعة القاهرة عام 1959، ونال درجة ماجستير العلوم في الزراعة في جامعة الخرطوم عام 1962، ودرجة دكتوراه الفلسفة في الهندسة الزراعية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1975. وبعد نيله لدرجة الدكتوراه عمل أستاذاً بكلية الزراعة جامعة الخرطوم، وشغل منصب عميد الكلية في سبعينيات القرن العشرين، ثم الأمين العام للمجلس القومي للبحوث، وانتدب عام 1984 أميناً عاماً لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية ببغداد. ويشير محرك الباحث العلمي (Google Scholar) إلى أن الاستشهادات العلمية لثلة من أبحاثه المنشورة على الموقع (2017-2024) قد بلغت 635 استشهاداً. وأخيراً ختم حياته الأكاديمية بجامعة الخرطوم إلى أن وافته المنية في 14 يناير 2022.
(4)
قصدتُ بهذه كلمة المتواضعة أن ألفت الانتباه إلى أهمية كتاب جون دوغلاس توتهل عن "الزراعة في السودان"، وإلى ضرورة نشر مخطوطة الكتاب التي ترجمها إلى العربية المهندس الزراعي محمد المصطفى حسن عبد الكريم، وكذلك الاحتفاء بإسهامات البروفيسور محمد عثمان خضر، الذي يرى أن الزراعة هي بترول السودان وذهبه دون منازعٍ، لأنَّ معين عطائها متجدداً دوماً؛ إلا أنه يؤكد بأن مشكلتها الحقيقية في السودان ليست في ضعف الموارد الطبيعة أو الموارد البشرية، وإنما هي مشكلة متجذرة في ضعف الإرادة السياسية وسوء توظيف المعرفة الزراعية.
ahmedabushouk62@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الزراعة فی السودان جامعة الخرطوم فی الزراعة
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة يدحض بالأرقام التقارير التي تروج للمجاعة بالسودان
نفى وزير الزراعة والغابات المكلف، د. أبوبكر عمر البشرى، صحة التقارير التي تروج لحدوث مجاعة في السودان، مؤكدًا بالأرقام أن السودان يتمتع بموارد وفرص زراعية هائلة تحول دون وقوع مجاعة.
وفي مؤتمر صحفي عقده ببورتسودان يوم الاثنين، أعلن الوزير عن نجاح الموسم الزراعي الصيفي، مشيرًا إلى الاستعدادات الجيدة للموسم الزراعي الشتوي الذي انطلق في الولاية الشمالية منتصف نوفمبر الجاري.
وأكد الوزير أن المزاعم بشأن وجود مجاعة في السودان تفتقر إلى الأسس العلمية، حيث تعتمد المجاعة على معايير محددة أبرزها معدلات سوء التغذية. وأوضح أن الجهات التي أثارت هذه الادعاءات لم تجمع بيانات أو تجري دراسات حول سوء التغذية، وإنما استندت إلى دوافع سياسية.
وأضاف الوزير أنه تم تدشين حصاد الموسم الصيفي مطلع نوفمبر في ولاية كسلا، كاشفًا أن الإنتاج المتوقع يتراوح بين 7 و8 ملايين طن من الحبوب، وهي كمية تتجاوز احتياجات السودان، ما يؤكد عدم صحة الادعاءات بوجود مجاعة.
وتطرق وزير الزراعة إلى سير التحضيرات للموسم الشتوي مطمئنا الجميع بأن التحضيرات تسير بشكل ممتاز وعبر عن تقدير الوزارة للشركاء من المنظمات الدولية ذات الصلة بالقطاع الزراعي، وتقدير الوزارة لشركات الوقود وكل الجهات التي ساهمت في إنجاح الموسم الصيفي وتساهم في التحضير الجيد للموسم الشتوي .وتناول حجم الدمار الذي حدث بسبب إنتهاكات مليشيا الدعم السريع الإرهابية على القطاع الزراعي، مشيرا إلى أن البلاد رقم ذلك تجاوزت التحدي ومضت وحققت نجاحات في القطاع .سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب