أجهضت قيادة الجيش السوداني فرصة التقارب مع الحركة الشعبية، التي تعد أحد أبرز الحركات المسلحة في السودان، من خلال تبني طروحات التفافية تتخذ من المساعدات الإنسانية عنوانا جذابا لاتفاق يهدف بالأساس إلى تحقيق مكاسب عسكرية للجيش.

العرب الدولية:

شخصية الحلو لا تميل إلى تبني تصورات رمادية
أجهضت قيادة الجيش السوداني فرصة التقارب مع الحركة الشعبية، التي تعد أحد أبرز الحركات المسلحة في السودان، من خلال تبني طروحات التفافية تتخذ من المساعدات الإنسانية عنوانا جذابا لاتفاق يهدف بالأساس إلى تحقيق مكاسب عسكرية للجيش.



الخرطوم- لا تزال تفاعلات فشل الجيش السوداني والحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبدالعزيز الحلو في توقيع اتفاق برعاية جوبا لتوصيل المساعدات الإنسانية مستمرة.

وأجهض الحلو مناورة لنائب قائد الجيش الفريق أول شمس الدين كباشي تستهدف تحسين العلاقة مع حركته لأغراض عسكرية وليست لدواع إنسانية كما حاول الأخير الإيحاء بذلك.

ومنذ الإعلان عن فشل المحادثات قبل أيام يتبادل الجانبان الاتهامات، ولم يفلح المتابعون في فك العقدة الرئيسية التي عطلت التوصل إلى اتفاق في اللحظات الحاسمة من التوقيع عليه، ولماذا بدا الموقف عصيا على دولة جنوب السودان التي تولت دور الوساطة لتسوية الخلافات التي ظهرت.

وحاول وفد الجيش الإيحاء بأن البعد الإنساني خلف تحركه صوب التفاوض مع الحركة الشعبية التي تتمركز قواتها الرئيسية في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والتي لديها ميراث طويل من الشكوك والمواقف السلبية تجاه قيادة الجيش، تعلمتها من جولات تفاوضية عدة في قضايا متنوعة قبل اندلاع الحرب الراهنة بين قوات الجيش والدعم السريع.

وكشف مصدر سوداني على معرفة بمحادثات جوبا وأفكار وشخصية الحلو أن الرجل يتسم بالوضوح في أيّ مفاوضات سياسية يدخلها ومع أيّ طرف، ولا يميل إلى تبني تصورات رمادية، فهو إما مع أو ضد، ويقدم رؤاه بشجاعة من دون مراوغات سياسية أو التفافات دبلوماسية لتحقيق مكاسب معينة، وهو ما أكدته مفاوضات جوبا، حيث صدمت صراحته وفد الجيش، وجرت مواجهته بالهدف الحقيقي الذي دفع كباشي للجلوس إلى طاولة واحدة مع الحلو بعد فترة من التباعد والشكوك بين الحركة والجيش.

عبدالعزيز الحلو أجهض مناورة للفريق أول شمس الدين كباشي تستهدف تحسين العلاقة مع حركته لأغراض عسكرية

وأكد المصدر ذاته، الذي تحفظ على ذكر اسمه، لـ”العرب” أن الجيش لن يعود للتفاوض مرة أخرى مع الحركة الشعبية “إلا إذا كان ينوي فعلا تمرير المساعدات الإنسانية في كل أنحاء السودان”، وهو شرط الحركة الشعبية، حيث أدرك الحلو أن كباشي يتبنى تكتيكا خفيا مغايرا لما هو ظاهر على السطح، يقوم على تقدم القوات التابعة للجيش في مناطق تسيطر عليها الحركة الشعبية، وهو تكتيك لا علاقة له بالمساعدات.

وشدد المصدر على أن ثقة عبدالعزيز الحلو في قيادة المؤسسة العسكرية الحالية في السودان تكاد تكون “معدومة”، لأنه يعلم أن الجيش لم يكن حريصا يوما على تمرير المساعدات الإنسانية ووصولها بالفعل إلى المتضررين في الخرطوم منذ بداية الحرب، فما بالنا بالمناطق البعيدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق؟

ورصد المصدر ما شاهده بعينيه قبل خروجه من السودان إلى إحدى الدول الخليجية بعد وقت قصير من الحرب، وكان شاهدا على حجم المعاناة في ولاية الجزيرة عقب انطلاق شرارة الحرب في الخرطوم، وقد شهدت الجزيرة نزوحا جماعيا إليها، وكانت المساعدات الإنسانية التي وصلت إليه (المصدر) وأسرته في المناطق الآمنة بمدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، تأتي من الأقارب والأصدقاء وبجهود فردية، ولم يشارك الجيش فيها من قريب أو بعيد، بل لم يكن معنيا بها بالمرة.

ويصب كلام المصدر في تقديرات عديدة قالت إن الجيش يملك أجندتين، إحداهما معلنة جذابة إنسانيا والأخرى خفية ومزعجة عسكريا، ما يعزز التناقض الذي أصبح واضحا في الكثير من تصرفات قادته في التعامل مع الحرب والمبادرات الرامية لوقفها.

ويؤكد الاشتباك السياسي بين الجيش والحركة الشعبية على إثر فشل المفاوضات بينهما حول توصيل المساعدات الإنسانية، الكثير من فصول الملهاة التي يحاول قادة الجيش تسويقها شعبيا، وإقحام قوات الدعم السريع فيها بحجة أن الحلو يخدم أهدافها.

وقال وزير الدفاع السوداني الفريق أول ياسين إبراهيم إن الحركة الشعبية أصرت على مشاركة قوات الدعم السريع في المفاوضات، الأمر الذي اعتبره الوفد سببا في انهيارها وعدم توصل الطرفين إلى اتفاق حول توصيل المساعدات الإنسانية.

ولم تذكر الحركة الشعبية اسم أيّ فصيل من الفصائل المتحاربة في السودان، وطالبت أن تكون كل الأطراف المتصارعة جزءا من اتفاق وقف العدائيات لضمان عدم عرقلة قوافل المساعدات الإنسانية من قبل أيّ طرف، مؤكدة أن حكومات السودان المتعاقبة قامت بتوظيف الغذاء كسلاح في مواجهة المدنيين.

ثقة رئيس الحركة الشعبية عبدالعزيز الحلو في قيادة المؤسسة العسكرية الحالية في السودان تكاد تكون "معدومة"

واتهمت حركة الحلو وفد الجيش بمسؤوليته عن فشل المفاوضات، وأنه حاول استخدام ملف المساعدات لفك حصار فرضته الدعم السريع على بعض مقراته العسكرية.

وما يعزز تقدم البعد العسكري على الإنساني في المفاوضات أن وفد الحكومة المتمركزة في بورتسودان الذي ذهب إلى جوبا للتوقيع النهائي، تشكل من وزير الدفاع وأربعة ضباط من جهاز المخابرات العامة، وحوى المقترح الأول تشكيل جسر جوي لإيصال مساعدات إلى رئاسة الفرقة 14 بكادوقلي ورئاسة الفرقة 22 ببابنوسة ورئاسة الفرقة العاشرة بأبوجبيهة، وتدابير أمنية ولجانا فنية عسكرية لإدارة القوات المشتركة التي ستقوم بحماية مطارات المدن ورئاسات الفرق المذكورة.

وأرجع أموجا دلمان الناطق باسم الوفد المفاوض للحركة الشعبية في مفاوضات جوبا أسباب الفشل إلى أن “الجيش لم يكن مرناً وقدم مقترحات غير عملية وربط عملية توصيل المساعدات الإنسانية بترتيبات أمنية”.

ونقل “راديو دبنقا”عن دلمان قوله “إن هذه الترتيبات يجب أن تكون بعد الاتفاق السياسي الشامل، ومسألة المساعدات مرتبطة بالقانون الدولي الإنساني ومهمة إيصالها منوطة بوكالات الأمم المتحدة، والأطراف المتحاربة مهمتها تأمين القوافل وعدم عرقلة وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة”.

وكشفت الحركة الشعبية أن مقترحها الخاص بإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المتضررة بالحرب واقعي، فسكان جبال النوبة أو إقليم الفونج الجديد هم الأكثر تواجداً في ولايتي الجزيرة والخرطوم، وتواجدهم في هذه المدن يعود إلى فقرهم وعدم مقدرتهم على المغادرة كما فعل آخرون.

وكان وفد الحركة قد طالب أن تصل المساعدات الإنسانية وكل أنواع الإغاثة إلى كل مدن السودان حتى تلك التي لا تسيطر عليها الحركة الشعبية، لأن الإنسانية لا تتجزأ.
////////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة مع الحرکة الشعبیة عبدالعزیز الحلو الجیش السودانی فی السودان

إقرأ أيضاً:

المفوض العام للأونروا: إسرائيل تستخدم قطع المساعدات الإنسانية عن غزة كـ"سلاح"

حذّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، واتهم إسرائيل باستخدام ملف المساعدات "كسلاح"، وذلك بعد أسبوع من إغلاقها جميع المعابر المؤدية إلى القطاع.

اعلان

وفي حديثه للصحفيين في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، لوّح لازاريني باستخدام إسرائيل للمساعدات كورقة ضغط في المفاوضات، قائلًا: "مهما كانت النية، فمن الواضح أن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية في غزة كسلاح".

وتابع: "من الضروري أن يُسمح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة مرة أخرى للحفاظ على التقدم الذي تم إحرازه خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار وتلبية الاحتياجات الأساسية للناس".

وأضاف: "إلا أننا سنواجه أزمة الجوع ذاتها التي تفاقمت قبل التوصل إلى هدنة".

وكانت تل أبيب قد قررت وقف دخول الإمدادات والمساعدات الإنسانية يوم الأحد، في خطوة قالت إنها جاءت ردًا على رفض حركة حماس لمقترح أمريكي جديد لتمديد الهدنة.

وصعّدت إسرائيل من ضغوطاتها، حيث قطعت أيضًا الكهرباء عن محطة تحلية المياه الرئيسية في القطاع، ما سيؤثر على توافر مياه الشرب ويفاقم معاناة المدنيين، خاصة في شهر رمضان.

الأونروا على "إكس": ما يقرب من 2 مليون لاجئ فلسطيني نازحون وبحاجة ماسة إلى الدعم.Relatedالأونروا في لبنان تطمئن اللاجئين: لن نتأثر بتجميد المساعدات الأمريكية أو القانون الإسرائيلي الجديدالمفوض العام للأونروا يحذر من "حملة تضليل" إسرائيلية تهدد عمل الوكالةعشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على غزة والأونروا: قرار إسرائيل يهدف لتجريد اللاجئين من حق العودة

وفي سياق متصل، لفت لازاريني إلى أن الوكالة تواجه تحديات كبيرة، مشيرًا إلى أن حملة "التضليل الشرسة" التي شنها البرلمان الإسرائيلي ضدها، بالإضافة إلى تعليق التمويل من قبل المانحين الأساسيين، أثرا على عملها.

وأكّد: "لن نسمح للأونروا أن تنهار من الداخل"، خاصة وأن انهيارها سيخلق فراغًا كبيرًا في فلسطين والدول المجاورة التي تضم لاجئين فلسطينيين مثل لبنان وسوريا والأردن.

كما حذّر المفوض العام من خطورة استمرار إسرائيل في تقليص المساعدات، قائلًا إن "البيئة التي يُحرم فيها الأطفال من التعليم ويفتقر فيها الناس إلى الخدمات الأساسية هي أرض خصبة للاستغلال والتطرف".

لازاريني يؤكد على خطورة تفكيك وكالة الاونروا في منشور على "إكس"

وأردف: "وهذا تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة وخارجها. إن تفكيك الأونروا بشكل مفاجئ لن يؤدي إلا إلى تعميق معاناة لاجئي فلسطين ولن يلغي وضعهم كلاجئين."

وتابع: "بدلًا من ذلك، يمكن دعم الأونروا لإنهاء تفويضها تدريجاً في إطار عملية سياسية تؤدي إلى تمكين المؤسسات الفلسطينية وإعدادها ضمن حل الدولتين."

وفي وقت سابق، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تجميد المساعدات للوكالة حتى شهر آذار/مارس 2025، بموجب اتفاق توصل إليه المشرعون الأمريكيون.

جاء ذلك بعد أن اتهمت إسرائيل 12 من موظفي الوكالة، البالغ عددهم 13 ألف موظف في غزة، بالمشاركة في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وكانت إسرائيل قد أقرت في تشرين الأول/أكتوبر قانونًا يحظر عمل الأونروا، ويمنع من وجود تواصل بين الوكالة والسلطات الإسرائيلية منذ 30 كانون الثاني/يناير الماضي.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ثوران جديد لبركان النار في غواتيمالا يضع عشرات الآلاف من السكان في دائرة الخطر تناول حبوب الإفطار ورقائق البطاطس والأطعمة فائقة المعالجة يعرض لخطر الوفاة الوفد الأوكراني في جدة: محادثات السلام مع واشنطن بدأت بشكل "بنّاء" غزةوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - أونرواحركة حماسواشنطنإسرائيلالمساعدات الإنسانية ـ إغاثةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext بروكسل تقر حزمة إجراءات انتقامية ردا على الرسوم الأمريكية على الصلب والألومينيوم يعرض الآنNext أوروبا ترحّب بقبول كييف للمقترح الأمريكي للهدنة... والأنظار على موسكو يعرض الآنNext تصعيد جديد... ترامب يهدد كندا ويزيد الرسوم على الصلب والألومنيوم يعرض الآنNext لافروف: العنف في الساحل السوري "غير مقبول" والحل سياسي يعرض الآنNext فرنسا بين العجز المالي والطموح العسكري: كيف سيموّل ماكرون خططه الدفاعية؟ اعلانالاكثر قراءة مجازر الساحل السوري: إحالة 4 أشخاص للقضاء العسكري بتهمة ارتكاب انتهاكات ضد مدنيين اعتقال رئيس الفلبين السابق دوتيرتي على خلفية جرائم القتل المرتبط بتجارة المخدرات 5 سنوات على كوفيد-19.. تحذيرات أوروبية من التهاون في الاستعداد للأزمات الصحية القادمة موزمبيق تحت رحمة الإعصار جود ومخاوف من تفشي الأمراض بين الأطفال تخطط لرحلة إلى إسبانيا هذا الصيف؟ إليك القواعد واللوائح الجديدة اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبسورياالسعوديةالاتحاد الأوروبيأبو محمد الجولاني أوروباالرسوم الجمركيةفلسطينفولوديمير زيلينسكيأنظمة الدفاع الجويإسرائيلروسياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • المشروع الوطني للحوار لوضع ديباجة جديدة وخارطة سياسية للسودان
  • الجيش السوداني يتقدم في محور وسط الخرطوم
  • وزير الطاقة الإسرائيلي: أوقفنا المساعدات الإنسانية لغزة واستئناف القتال مطروح
  • الجيش الإسباني يُنفذ مناورات عسكرية قرب سواحل المغرب "لكنها ليست موجهة ضده"
  • قائد في الحركة الشعبية يطالب الحلو بالتراجع عن اتفاق نيروبي
  • المفوض العام للأونروا: إسرائيل تستخدم قطع المساعدات الإنسانية عن غزة كـ"سلاح"
  • الحركة الشعبية شمال ترد على بياني الاتحاد الأوروبي ومجلس السلم الأفريقي
  • مستشار حكومي:وزراء فاشلين فاسدين في حكومة السوداني جراء المحاصصة التي ارهقت الدولة
  • على مدار العامين الماضيين لم يستطيع حميدتي بماله ورجاله أن يهزم الجيش السوداني
  • الأمم المتحدة تحذر من العواقب الإنسانية لتوقف دخول المساعدات إلى غزة