#سواليف


#المعلم الذي سرّب #الأسئلة و #التلاميذ الذين رسبوا في #الامتحان

#الشيخ_كمال_الخطيب

✍️ليس من عادة المعلم أن يكشف لطلابه ولا أن يسرّب لهم أسئلة الاختبار قبيل موعده، وإنما واجبه أن يُحسن إعدادهم بفهم المادة الدراسية وواجبهم هم حسن الإصغاء ثم الدراسة الجدية استعدادًا ليوم الامتحان.
✍️لكن معلمًا قام بتسريب أسئلة الامتحان وكشف عنها لتلاميذه، والغريب واللافت أن الكثيرين منهم قد رسبوا في الامتحان.


وليس أنه قد سرب أسئلة الامتحان لأحدهم وهو تولّى نشرها، وإنما قام المعلم بنفسه بنشر الأسئلة لطلابه، وأنها سبعة أسئلة موزعة على فقرتين.
في الفقرة الأولى ثلاثة أسئلة، وفي الثانية أربعة أسئلة، وأنها حتمًا ستكون هي أسئلة الامتحان ولن يحصل أي تغيير. ورغم كشفه عنها.
أصاب الذهول التلاميذ مما قاله المعلم ولكنهم انقسموا إلى فئتين، فئة كذّبته وقالوا: لا يعقل أن يكشف المعلم عن أسئلة الامتحان ويبدو أن في الأمر شيئًا. وأما الفئة الثانية فقد صدقته، ولكن المصدقون انقسموا أيضًا إلى فئتين، فئة حفظت الأسئلة وراجعتها مرة ومرة وأحسنت الاستعداد ففازوا وحققوا أعظم النتائج، وفئة قالوا: لا حاجة للقلق ونحن قد عرفنا الأسئلة فإذا اقترب موعد الامتحان ذاكرنا وراجعنا. فظلّوا يسوّفون ويؤجلون حتى جاءت ساعة الامتحان وهم غير مستعدين. فماذا ستكون نتائجهم وكيف ستكون شهاداتهم يا ترى، وماذا سيكون حالهم غير الندم والتمني؟

مقالات ذات صلة أونروا: في الضفة الغربية حرب أخرى لا يلاحظها أحد 2024/05/24

✍️أما التلاميذ والطلاب، فنحن المسلمين، وأما المعلم فهو ليس إلا الحبيب محمد ﷺ من بعثه الله رحمة للعالمين معلمًا ومربيًا وبشيرًا ونذيرًا ومحذرًا من يوم الامتحان يوم العرض على الله، يوم تتطاير الصحف فحامل كتابه بيمينه وحامل كتابه بشماله. وليس أنه ﷺ قد حذرنا فقط، وإنما لرحمته بنا وحبّه لنا فإنه قد كشف لنا وسرّب لنا بطيب قلب أن كل إنسان منا سيُسأل في ذلك الامتحان سبعة أسئلة موزعة على فقرتين، ثلاثة منها في القبر وأربعة منها يوم الحشر.
أما أسئلة القبر الثلاثة فهي من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟.
✍️يقول الأستاذ الفاضل حسان شمسي باشا من اقتبست وبتصرف عنه هذه المادة من كتابه الرائع -قلوب تهوى العطاء-: “أسئلة يسيرة فوق الأرض لكنها عسيرة تحت الأرض. فوق الأرض الجواب سهل يعرفه الصغير قبل الكبير، أما تحت الأرض في ظلمات القبور ووحشتها فهناك تطيش العقول. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: “كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل “. وأما تفاصيل هذا الامتحان وأسئلته الثلاثة فقد وردت في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: “خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله ﷺ وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكش به في الأرض فرفع رأسه فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثًا، ثم قال: إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه يسمع قرع نعالهم إذا ولوّا مدبرين فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان: ما دينك؟ فيقول: دين الإسلام. فيقولان: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم فيقول: هو رسول الله ﷺ، فذلك قول الله عز وجل: {يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلٱخِرَةِ} آية 27 سورة إبراهيم، فينادي مناد من السماء قد صدق عبدي فافرشوا له من الجنة، وافتحوا له بابًا في الجنة وألبسوه من الجنة ‏، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفتح له فيها مدّ بصره.
وإن الكافر فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: ها ها لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ها ها لا أدري، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: ها ها لا أدري. فينادي مناد من السماء أن كذب فافرشوا له من النار وألبسوه من النار وافتحوا له بابًا إلى النار، قال: فيأتيه من حرّها وسمومها، قال: ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه”.
✍️وأما الفقرة الثانية من أسئلة الامتحان فإنها تكون في ذلك اليوم العظيم يوم القيامة وهي التي حدثنا عنها المعلم محمد ﷺ لما قال: “لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه”.
إنها أسئلة الامتحان التي حتمًا سنُسأل عنها وكيف لا وقد كشفها وسرّبها المعلم ﷺ. فكيف ولماذا لا يعد العاقل لذلك جوابًا، وهل سيظل يفنى عمره ويبلى شبابه بالمعاصي والآثام، أم أنه الذي يتوجب عليه الاستعداد والعمل حتى يسهل عليه يومها الإجابة على تلك الأسئلة؟

الشيخ كمال خطيب, [5/24/2024 4:44 AM]
????رغم الخلط والتخبيص
✍️ يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: “أنظر إلى موسى عليه السلام رمى الألواح التي فيها كلام الله فكسّرها، وجرّ بلحية نبي مثله هو أخوه هارون عليه السلام، {وَأَلْقَى ٱلْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُۥٓ إِلَيْهِ} آية 150 سورة الأعراف، وربه يحتمل منه ذلك كله ويحبه ويكرمه ويتجاوز عنه لأنه قام بتلك المقامات العظيمة بمقابلة أعدى عدو لله هو فرعون، وصدع بأمر الله”.
✍️نعم لقد غضب موسى عليه السلام وفي ثورة غضبه تلك التي كانت بسبب ما رأى عليه قومه من عبادة العجل فإنه قد ألقى الألواح نزلت عليه من الله تعالى وكسّرها، ومد يده إلى لحية مباركة طاهرة هي لحية أخيه النبي هارون عليه السلام فشدّه منها وفي هذا إهانة وتقريع، لكن مقابل ما كان من موسى من تلك الهفوات، فإن له عظيم محاسن ومآثر ومواقف وفضائل ستشفع له عند الله تعالى، وكما قال الشاعر:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع

✍️وإن من أعظم المحاسن التي تشفع للعبد عند الله تعالى ما قال رسول الله ﷺ: “إن ما تذكرون من جلال الله من التسبيح والتكبير والتحميد يتعاطف حول العرش، لهن دوي كدوي النحل يذكّرون بصاحبهن، ألا يحب أحدكم أن يكون له من يذكر به”.
✍️فأكثر من صدقاتك لتكون لك شافعًا عند الله تدور حول العرش تذكّر بك، واجعل من سجداتك شافعًا لك عند الله تدور حول العرش تدوي كدوي النحل تذكّر بك، واجعل رباطك في المسجد الأقصى المبارك شافعًا لك عند الله تذكر بك يوم القيامة أنك كنت ممن لم يترك المسجد الأقصى ولم يهجره وكنت ترابط فيه. فحتى لو كان في أعمالك خلط وتخبيص بين الطاعة والمعصية بين التوبة وبين الإثم {وَءَاخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} آية 102 سورة التوبة، فحتى لو كان منك الخلط والتخبيص فأكثر من المحاسن وبصمات الخير فإنها حتمًا ستشفع لك عند الله، وكلما نسيت فتذكّر صاحب المقام العظيم موسى عليه السلام.

????أغنية قذرة أم تلاوة عطرة
✍️ كثيرًا ما تسمع وأنت تقلب المذياع أو محطات التلفاز ذلك الذي يقول: والآن سنكون مع تسجيلات نادرة لأغنية كذا وكذا للراحل الفنان الكبير فلان أو الفنانة الراحلة فلانة. وسواء كان الفنان الراحل أو الفنانة الراحلة فإنهم كانوا قد أشغلوا الناس بهم وهم الذين ملؤوا فضاء وحياة الناس بأغانيهم الماجنة وإذا بهم يصبحون من الماضي.
✍️وكثيرًا ما نسمع ونحن نقلب المذياع أو محطات التلفاز ذلك المذيع أو نقرأ على الشاشة المكتوب: نستمع إلى تسجيلات نادرة وتلاوة عطرة بصوت الراحل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أو بصوت الراحل الشيخ محمد رفعت أو بصوت الراحل الشيخ محمد صديق المنشاوي وهكذا. فالمشترك بين الفنان وبين الشيخ أن كليهما قد رحل وكليهما قد ترك أثرًا، لكنه الفارق الكبير بين من كان أثره الموسيقى والطرب والغناء وبين من كان أثره تلاوة وترتيل آيات القرآن الكريم.
✍️ترى لو أن الفنان الراحل بعد أن سئل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه في ذلك الامتحان يوم القيامة، فهل يتمنى أن يعود للدنيا ليغني ويعزف ويَطرب ويُطرب أم أنه يتمنى أن يعود للدنيا ليمحو ويتخلص من ذلك الأثر؟ أليس الفارق كبيرًا بين من أثره أغنية ماجنة قذرة وبين من أثره تلاوة مباركة عطرة؟ فاختر لنفسك أثرًا طيبًا.

????التلاميذ الذين فشلوا في امتحان الإنسانية
✍️ رغم أن المعلم الكبير والحبيب محمد ﷺ قد سرّب إلينا أسئلة الامتحانات ستكون في القبر ويوم القيامة، إلا أن كثيرين من المسلمين لم يصدقوا أن هذا الكشف والتسريب حقيقي، فظلوا في غفلتهم ولم يستعدوا لأجوبة على تلك الأسئلة ولم يؤثر فيهم لا القرآن وآيته ولا الموت وزفراته، وظلّوا على ضلالهم وغفلتهم وقسوة قلوبهم، ورسبوا وسقطوا في الامتحان. قال أحد الصالحين: “من لم يردعه الموت ولا القرآن فلو تناطحت الجبال أمام ناظريه ما ارتدع”. وإذا كان هؤلاء قد سقطوا في امتحان القبر وامتحان يوم الحشر، فحتمًا أن من هؤلاء من سقطوا ورسبوا وفشلوا في امتحان الإنسانية والأخلاق والدين والوطنية، هؤلاء الذين ظلّوا مصرين على إقامة حفلات أعراسهم بكل مظاهر الغناء والموسيقى والمطربين والمفرقعات وقافلات السيارات وكأنه لا شيء يحدث مع أبناء شعبهم منذ ثمانية أشهر وما يزال.
✍️فمن لم يؤثر فيه مقتل 36,000 من أبناء شعبه فماذا سيؤثر فيه؟ من لم يؤثر في إنسانيته مقتل 15,000 طفل وعشرة آلاف امرأة من أطفال وأمهات شعبه فماذا سيؤثر فيه؟ ومن لم يؤثر فيه تدمير أكثر من ألف مسجد وتدمير 75% من بيوت غزة وتشريد مليونين من أبناء شعبه وظلّ مصرًا على إقامة الأفراح والليالي الملاح فماذا سيؤثر فيه حتى يكتشف إنسانيته النائمة والمفقودة.

الشيخ كمال خطيب, [5/24/2024 4:44 AM]
وماذا علينا لو اكتشفنا إنسانيتنا واقتصرت أعراسنا على ولائم إشهار العرس فقط، فهل هذا سينتقص من قيمة الزفاف أم أن الله سيبارك فيه لما تنتصر لإنسانيتك؟
✍️والحقيقة أن العيب والجرم ليس فقط على من فشل في امتحان الإنسانية والوطنية والدين، بل إن له شركاء وهم الذين جاملوه وشاركوه رغم معرفتهم ببشاعة فعلته حيث المشاركة في أعراس هؤلاء هي طعنة لكل يتيم، وصفعة لكل أرملة، وبصقة في وجه كل أب فقد أبناءه وأحفاده وبيته.
✍️كان فيلسوف الإسلام محمد إقبال رحمه الله يدعو الله ويقول: “اللهم وإن كنت محاسبي يوم القيامة فحاسبني بنجوة من حبيبي ﷺ، لأنني أستحي أن أكون من أمته وأنا أقترف ما نهانا عنه”. فماذا سيكون موقفك يوم القيامة لما تلقى رسول الله ﷺ وهو الذي سرّب إليك الأسئلة وأنت الذي رسبت في الامتحان، امتحان الدين والأخلاق والإنسانية.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف المعلم الأسئلة التلاميذ الامتحان الشيخ كمال الخطيب أسئلة الامتحان فی الامتحان یوم القیامة رسول الله ﷺ علیه السلام الشیخ کمال لم یؤثر فی فی امتحان یؤثر فیه عند الله ما قال بین من کان فی

إقرأ أيضاً:

لازم تقيف ..طالما استخدمت قحتقدم هذا الشعار بالتزامن والتناسق مع الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤهم

٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜
لازم تقيف ..
٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜
لطالما استخدمت قحتقدم هذا الشعار بالتزامن والتناسق مع الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤهم في الميليشيا على المواطنين؛
– تسمعوا الكلام وللاااا ????؟
دي فحوى رسالة الابتزاز البيرسّلوها مع بعض؛
وفي كلّ مرّة بيتقّلوا العيار أكتر؛
ما بين القتل والسحل والاغتصاب وجر اللحى في المناطق التي تصلها قوّاتهم، وبين القصف بالمدافع والمسيّرات للمناطق الآمنة البعيدة عن متناولهم؛
لحدّي ما وصلنا مرحلة “عنف عنف عنف” البشّرونا بيها؛
وراح ضحيّتها مئات الشهداء الأبرياء في الهلاليّة وما حولها من مدن وقرى شرق الجزيرة؛
وتجاوزناها بحمد الله، وبعزيمة جيشنا والقوّات المقاتلة في صفّه؛
لــــــــــــكـــــــــــن؛
لسّة ما وصلنا برّ الأمان؛
فبالأمس القريب تجدّد القصف على أحياء أم درمان؛
وفي الفترة الأخيرة دخلنا مرحلة المسيّرات العابرة للحدود التي تستهدف محطّات الكهرباء والمرافق الحيويّة؛
يعني الجنجويد هزمناهم، بحمد الله، لكن لسّة ما سلمنا من أذاهم؛
ما يثير تساؤلاً مشروعاً وموضوعياً حول كيفيّة “إنهاء الحرب”؛
أترانا؛
بعد كلّ النصر الحقّقناه، والملاحم السطّرناها بدماء شهدانا الأبرار؛
أترانا ح نلف ونرجع لمائدة التفاوض، زي ما كانوا بيقولوا لينا الجماعة؟
طبعاً الخوف من شماتة القحّاتة ما بمنعنا من اختيار الصواب؛
لكن المانعنا اليوم ياهو المنعنا من البداية، وهو وعينا الكامل بأنّه دا ما الصواب: لا أمان بوجود الدعم السريع؛
لكن طيّب دي يحلّوها كيف؟
يعني إلّا نقرضهم عديل، ما يفضل فيهم نفر، زي ما كان بينادوا الناس المحتجّين على هروب الجنجويد أحياء من مدني وبحري وغيرها؟
الكابوس دا بنتهي كيف؟!
الإجابة على السؤال دا قد ما تلقاها في أدبيّات العمل السياسي المعاصر، لخلّوه من حروب تأسيسيّة متل اللتنا دي؛
لكن، بخلاف ما قد تتوقّع، بتلقى إجابة في أدبيّات أخواننا السلفيّين، في عبارتهم المتواترة:
– من غلب، واستتبّ له الأمر، وجبت له الطاعة.
ورغم اختلافي كتير معاهم حول “دين الله”، لكن يمكن أقدر أشهد ليهم بالفقه في “دين المَلِك” الذي ما كان ليوسف، نبي الله، أن يتعدّى حدوده؛
والعبارة القاعدة تتقال كقاعدة تشريعيّة دي، لو أعدت النظر ليها بتجريد، يمكن تلمس فيها فلسفة سياسيّة وتاريخيّة عميقة، بعيداً عن أيّ قدسيّات: دا ياهو البحصل على كلّ حال، بعيداً عن مباركتنا أو رفضنا ليه!
نجرّد العبارة يللا من حمولتها الدينيّة، ونحاول نسقطها على واقعنا السياسي، على أمل نشوف الأمور ممكن تمشي كيف؛
– الانتشار لا يعني السيطرة!
عبارة اتقالت كتير خلال فترة الحرب دي، ودارت حولها نقاشات وجدالات مستفيضة في قروبات الواتساب؛
بدون الوصول لاتّفاق حولها؛
لكن لو عرضناها على فلسفة السلفيّين المتوارثة دي، يمكن يسهل شرحها؛
مربط الفرس في “استتبّ له الأمر” دي؛
فالدعم السريع “غلب” في بداية الحرب دي؛
لكن ما استتبّ ليه الأمر؛
وبالمقابل، فالأمر “استتب تب” لما يطلقون عليه “حكومة بورتسودان”؛
وقصاد كلّ غلبة سعى لها الجنجويد، وهلّل لها أولياؤهم، كانت سلطة الأمر الواقع في بورتسودان بتخطو خطوات نحو استتباب الأمر؛
– تشغيل مطبعة الجوازات؛
سخروا من الخطوة دي زمان، ولحدّي ندوة سلك مؤخّراً في لندن هو بلوك في حنك تشجيع الخروج من البلد، لكن الموضوع متعلّق بالسيادة والهويّة الانت بتقول بقن مافي!!
– مخاطبة الأمم المتّحدة: حجز مقعد السيادة!
وممكن بعد كدا تتذكّر الجقلبة الحصلت بهناك؛
– صيانة وتشغيل المطارات المدنيّة في كسلا ودنقلا؛
في مقابل تحويل مطار نيالا لمطار عسكري على الجانب الآخر
– إقامة امتحانات الشهادة السودانيّة؛
الخطوة دي وجدت ممانعة شرسة جدّا بهناك، لو بتتذكّروا، بمستوى منع الطلاب عديل من الوصول لمراكز الامتحانات في مناطق الدعم السريع في السودان وفي الدول الموالية؛
الممانعة دي كانت سياسيّة متوارية ورا غطاء إنساني، لأنّه الشهادة “السودانيّة” دي هويّة، زي جواز السفر:
– تغيير العملة؛
والعملة هويّة تالتة، زي جواز السفر والشهادة الثانوية؛
بل في الحقيقة العملة ممكن تكون هي الهويّة الأولى في فقه الدول؛
ممكن نواصل تعديد الأمثلة في التعليقات؛
لكن الخلاصة إنّه الدعم السريع فشل في تتبيب أمره في مناطق سيطرته: لا حكومة لا عملة لا شهادة لا سجم رماد؛
لا وكمان شنو، قال ح نعتمد الدولار ????؛
بعدين قاموا وقعدوا وطاروا وركّوا، وقال الذين غلبوا على أمرهم لنعلنّن حكومة في مناطق سيطرتنا من العاصمة الخرطوم؛
وقبل ما يجي الموعد الضربوه، فقدوا القصر الرئاسي!!
ودي كانت رسالة الفشل الكامل للدعم السريع: غلبت سيطرته على القصر الرئاسي والمطار الرئيسي والإذاعة القوميّة، ومعاه جمهرة التنظيمات السياسيّة، وفشلوا في تحويل الغلبة دي لواقع سياسي مستدام؛
وفي المقابل، نجحت سلطة بورتسودان في تتبيب أمرها كممثّل لجمهوريّة السودان؛
وحصلت على اعتراف الدول، برغم جعّير حميدتي والمعاه؛
فاستتبّ الأمر لعبد الوهاب، وفضل ليه الغلبة؛
واهو، الغلبة بدت تحصل بعد داك أسرع ممّا أكبر متفائل كان يتصوّر!
أها وبعد داك؟
سوووو وات؟
الحرب بتنتهي كيف؟
لسّة ما جاوبنا على السؤال دا!
في مستوى عالي من التجريد، فكلّ واحد من “طرفي النزاع” ديل عبارة عن تحالف سياسي عريض؛
حلفنا نحن بيتصدّره الجيش القومي الشرعي، لكن بيضم تحته تحالف عريض من الجماعات المسلّحة، التشكيلات القبليّة، غالبيّة موظّفي الخدمة المدنيّة، طيف من ثوّار ديسمبر، طيف من الفنّانين والشخصيّات العامّة ورموز المجتمع، الخ الخ، بالإضافة لتكوينات سياسيّة “محلولة” رسميّا لكن مازالت موجودة، وأخرى قائمة؛
الحلف البهناك، رغم الثقل الافتراضي لواجهته السياسيّة، والثقل العسكري الفيه، لكن بفتقر للتنوّع العندنا دا؛
لست بصدد المقارنة هنا، لسّة عندنا سؤال راجينا نجاوبه؛
بس ممكن نلخّص إنّه بي جاي فيه كلّ المكوّنات المطلوبة لقيام دولة جمهوريّة، وبهناك تشكيلة بتاعة مغامرين قامروا على مشروع تأسيس دولة، وفشلوا فشل ذريع؛
كلّ النجحوا فيه هو تهديد وجود الدولة القائمة؛
وفشلوا في نهاية العرض!
أها الحرب بتنتهي كيف؟!
العرض الأجبرنا على تقديمه دا كان بمشاركة دول المنطقة الأفريقيّة والعربيّة الحولنا، وبتشاهده القوى الاقتصاديّة العظمى حول العالم؛
الدول دي ما بس ما ح تسمح بي فوضى شاملة في المنطقة، بل في الحقيقة عندها استثمارات متوقّفة في انتظار نهاية العرض دا، واختيار من يستتب له الأمر عشان يبدا التعامل معاه؛
مشروع الدعم السريع مشروع فاشل في جوهره، لأنّه قايم على بنية عشائريّة بدويّة عابرة للحدود، ما ح يستتب ليها أمر جوّة عين كلّ التركيبة الديموقرافيّة الحضريّة الفي بلد عريق زي السودان؛
لكن حظّنا وقدرنا في وجود أطراف إقليميّة نافذة مستعدّة تجرّب في لحمنا، ووجود نخبة متواطية بتسمسر فينا، وسط تجاهل بقيّة العالم؛
المهم؛
التجربة فشلت؛
ما لأنّه الدعم السريع فشل عسكريّاً، وإنّما لأنّه الحلف ككل فشل تماماً في استعراض قدرته على تأسيس دولة مستقرّة؛
غلب، ولكن لم يستتبّ له الأمر، ولذلك لم تجب له الطاعة!
في مقابل نجاح مقنع للطرف الآخر، الـ incumbent، يعني سيد البلد، في إثبات مرونته في إدارة الدولة في ظروف في غاية الصعوبة والتعقيد؛
فباختصار كدا، التحالف القومي، بقيادة عبد الوهاب، نجح في إثبات جدارته كشريك يعتمد عليه في مشاريع مستقبليّة؛
البحصل بعد كدا هو إنّه ح يبدا فتح باب العطاءات في مشروع “إعادة إعمار السودان”؛
تتسابق فيه الشركات صينيّة والروسيّة مع الأمريكيّة والأوربيّة؛
وتتضخّ فيه الاستثمارات الخليجيّة؛
وما تركّز كتير مع تصريحات العطا وشوشرة المصباح والقصص دي؛
فيه سماسرة وديبلوماسيّين شغلهم يصلّحوا العلاقات، زي ما حصل بين السودان والكويت بعد الجفوة الحصلت في حرب الخليج؛
وهنا بتظهر أهمّيّة شخصيّات زي مو إبراهيم وآل داود وآل حجّار وغيرهم في توفير دور الضامن لاستقطاب الاستثمار العالمي؛
وبيظهر ليك كذلك سبب نقمة حميدتي عليهم وتعريضه بيهم؛
وهنا كذلك بتظهر ليك قيمة التحالف العريض القلنا عليه قبيل؛
حيث تظهر آلاف الفرص ليغتنمها الناس؛
من أصغر بنّا وللا صنايعي بشتغل على إعادة ترميم البيوت؛
لأكبر مقاول بيقدّم في عطاءات الطرق والمطارات؛
فرص للمدرّسين، للتجّار، للمصدّرين والمورّدين، …
وأقلّاها ياخ، ما ح تلقى ليك عبد الله جعفر شغّال بهناك يطمّن في الناس ويبشّرهم بالفرص؛
كلّ البتلقاه هناك هو التخويف؛
لأنّه الفرص حصريّة هناك للأسرة المالكة!
أها والحرب بتقيف كييييف؟
لو السرد الفوق دا كان مقنع بالنسبة ليك، ف ح تلقى الإجابة في المقطع المرفق [١] من فيلم Inception؛
في المقطع دا بيظهر بطل الفيلم، دي كابريو، في مطاردة في أحد الشوارع في مومباسا، اللي هي أنا ذاتي ما عارفها وين؛
وفي عز زنقته دي بتقيف ليه عربيّة فخيمة مصفّحة؛
ولمن يركب بيسأل الملياردير العارض عليه شغل: الجابك مومباسا شنو؟
فبيقول ليه أنا هنا عشان احمي استثماراتي؛
الخلفيّة إنّه دا زول هو داير منّو شغل معيّن مهم بالنسبة ليه، فبيوفّر ليه حماية لامن يقضي ليه غرضه!
يللا لو استتب الأمر لعبد الوهاب وشركاه، بمن فيهم نحن كلّنا كشعب يعني، في إدارة شئون السودان، في مقابل العرض الكان مقدّمه حميدتي وأوليائه؛
ف بعد كدا الدول المستثمرة، والشركات البحجم الدول، بتعرف كيف تحمي استثماراتها؛
الموضوع ما بكلّف أكتر من تلفونين، ويتوقّف الدعم عن الدعم!
#حميدتي_انتهى
—————————

عبد الله جعفر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • د. رامي المنشاوي يكتب :الأميرة المليكة فاطمة بنت بري ...فخ الأولياء وفتنتهم
  • سامح فايز يكتب: لهذا أحب حسن كمال (2 - 2)
  • المواطن الذي دخل على الأمير سلطان فقيراً وخرج غنياً .. فيديو
  • دعاء قبل النوم وأهم السنن المستحب فعلها.. تعرف عليه
  • موعد امتحانات وظائف البريد للمتقدمين من محافظتي مطروح وكفر الشيخ
  • شبيه النبي الذي رآه ليلة الإسراء والمعراج وأوصاه بـ 5 كلمات
  • لازم تقيف ..طالما استخدمت قحتقدم هذا الشعار بالتزامن والتناسق مع الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤهم
  • كيفية الإجابة على أسئلة الأطفال الوجودية.. أين الجنة وكيف يرانا الله؟
  • إبراهيم الصديق يكتب: أيها الأسد: شكراً لك