أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مواصلة السعي والعمل لجعل لبنان يتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخه، والتخفيف قدر المُستطاع من آلام اللبنانيين ووضع الأمور على سكّة التعافي".    وخلال افتتاحه فعاليات "طرابلس عاصمة الثقافة العربية للعام "2024 في معرض الرئيس رشيد كرامي الدولي، اليوم الجمعة، قال ميقاتي: لو طبقْنا قاعدةَ تجديدِ التاريخ على صعيدِ السياسة العامة في لبنان لما تكررت في حياتِنا الوطنية الأزماتُ ذاتُها.

حالة التعطيل التي نعيشُها اليوم ليست سوى تاريخٍ يعيد نفسَه مررنا بها سابقًا ونمرُّ به اليوم".   وأردف: "بعضَ أهل السياسة عندنا لا يتّعظون من أخطاءِ الماضي بل يكررونَها ملحقين بالوطن والمواطنين أضرارًا كبيرة في ظلِّ ظروف دقيقة وخطيرة".   وسأل رئيس الحكومة: "لماذا يصرُّ البعض على استعادةِ الماضي بدلًا من تجديده؟ ولماذا لا نبادرُ إلى إلغاء حالة التعطيل لكي تتمكن المؤسسات الدستورية من ممارسة دورِها بدءًا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية وصولًا إلى تفعيل آخر إدارةٍ من إدارات الدولة؟ السؤال الأهم لماذا الإصرار على السلبية والتهديم ووضع العراقيل امام الحكومة التي تجهد للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها في انتظار ان يكتمل عقد المؤسسات؟".   وقال: "من طرابلس بالذات، اكرر وأؤكد ان لا مكان لليأس في نفوسنا ونحن عازمون على العمل بعزم وارادة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان والتخفيف قدر المستطاع من الآم اللبنانيين ووضع الامور على سكة التعافي". وتابع: "أنوّه بما قام به وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الذي نقل إقامته من بيروت إلى طرابلس لمتابعة كل النشاطات والإجراءات المتعلقة بهذه الفعالية والذي لم يوفِّرْ جهدًا في سبيل إنجاحها. أنوه كذلك باندفاع الهيئات الثقافية في المدينة وجوارِها لتحقيق الهدف نفسِه خدمةً للفيحاء ولبنان".   وختم: "طرابلس تقيمُ اليوم بفرح عيدَ تتويجِها عاصمة للثقافة العربية وذلك على الرغم من قساوة الأوضاع التي تحيطُ بها وبالوطن فهنيئًا لها وللبنان والعرب".
وفي ما يلي الكلمة الكاملة لرئيس الحكومة:      ايها الحفل الكريم   يُطِلُّ علينا في هذا اليوم، تاريخٌ حيٌّ نابضٌ في الوجدان، حَمَلتْهُ وحمَتْهُ طرابلس، جيلًا بعد جيل. تاريخٌ ليس من حجرٍ وآثارٍ فقط، بل من مشاعر ناسٍ عاشوا في رِحابِها، في جيرة المساجد والكنائس، بين البحر والقلعة والأسواق، وعلى امتداد سماحةِ النفوس، ومَضَافة الليمون. وشيدوا لهم ولها تراثًا من المودةِ والإيمان، ومن الفنونِ والعلومِوالعمران، فاغتنى بهم أمسُها وحاضرُها، ومستقبلُها الذي سنعملُ كلُّنا ليكونَ مشرقًا بإذن الله. طرابلس أيها السادة، مدينةٌ ليس كمثلِها أخرى، هي المسجدُ والكنيسة، والمدرسةُ والتَكية، والمكتبةُ والجامعة، والمستشفى وسوقُ الفقراء، والخاناتُ والحِرَف، والقلعةُ والمعرض، والنهرُ والبحر، والجزرُ والهضاب، والأزقةُ والشوارع، والحارات المملوكية والأحياءُ الحديثة، وهي أيضًا المدينةُ وكلُّ جِوارِها، من أعلى الثلجِ إلى أدنى الملح، ومن أَبْعَدِ الشواطئ إلى أقربِ المرافئ. لكنَّ أهمَّ ما فيها نسيجُها البشريُّ الذي تتداخلُ فيه كلُّ عناصر الوحدةِ الوطنية. فهي مدينةٌ تجذبُ إليها أهلَها وجوارَها والأبْعَدِين، وتصهرُهم في العيش الواحد، ليحققوا منها وفيها معنى لبنان الرسالة. في أواسط القرنِ العشرين، خرجت الفيحاءُ من مجتمعِها النهري إلى عالم الحداثة. ورافق هذا الخروجَ حَراكٌ ثقافيٌّ، كان عميقَ التأثير في بُنيةِ المدينةِ وتكوينِ أهلِها، بسبب الانفتاح الكبير على الثقافات الأخرى. فأقبل الطرابلسيون على معطيات الحداثة كافةً، وسطَ بيئةٍ من سماحةِ الفكرِ واتّساعِ الرؤية وتوافر المقوِّمات، فإذا بطرابلس رائدةٌ في تجديد عناصر تراثِها. لكنها بقيت في الوقتِ نفسِه محافظةً على هويتِها، فكانَ أهلُها أمناءَ على عروبتِهم، ملتزمين حتى الشهادة بقضايا العرب، وفي مقدمها قضية فلسطين وصولا إلى حرب الإبادة التي تشنُّها اليوم إسرائيل على غزة وأهلِها، والاعتداءات المتمادية على الجنوب اللبناني الذي يسعى العدو إلى جعله منطقةً محروقة مدمرة غير مأهولة، ولن يستطيع بالتأكيد.    لعلَّ أبرزَ عنوانٍ لدخول طرابلس في الطور الجديد، هذا المعرضُ الذي نحن فيه الآن، والذي يحمل اسمُ الرئيس الشهيد رشيد كرامي. صحيحٌ أن الاستفادةُ منه بالصورة الفضلى التي يتيحُها موقعُه وهندستُه ووظيفتُه، لم تتحقق ْإلى اليوم، لكنَّ من دواعي فرحِنا في لبنان، أنه أُدْرِجَ مؤخَّرًا على قائمة التراثِ العالمي لدى منظمة الأونيسكو، وهذا يلقي علينا بلا ريب، مقدارًا عظيمًا من المسؤولية للحفاظ أولا على ارث حامل اسم هذا المعرض وثانيا على هذا المعلم المعماري الفريد، واستعمالِه من ضمنِ الضوابطَ الفنيةِ والقانونيةِ المعتمدةِ، لتحقيق الوظيفةِ الوطنيةِ التي بُنيَ لأجلها.
 
أيها الحفل الكريم   لو طبقْنا قاعدةَ تجديدِ التاريخ على صعيدِ السياسة العامة في لبنان، لما تكررت في حياتِنا الوطنية الأزماتُ ذاتُها. فحالة التعطيل التي نعيشُها اليوم ليست سوى تاريخٍ يعيد نفسَه، مررنا بها سابقًا ونمرُّ به اليوم. 
بعضَ أهل السياسة عندنا لا يتّعظون من أخطاءِ الماضي، بل يكررونَها ملحقين بالوطن والمواطنين أضرارًا كبيرة، في ظلِّ ظروف دقيقة وخطيرة، إنْ لجهة الوضع المعيشي الناتج عن الحالة المالية والاقتصادية، أو لجهة الوضع الأمني الناجم عن تداعيات حرب غزة والعدوان الإسرائيلي المستمر عن الجنوب، أو لجهة الأعباء التي تلقيها مشكلة النزوح السوري على كلِّ قريةٍ ومدينةٍ وحيٍّ في لبنان. 
فلماذا يصرُّ البعض على استعادةِ الماضي بدلًا من تجديده؟ ولماذا لا نبادرُ إلى إلغاء حالة التعطيل لكي تتمكن المؤسسات الدستورية من ممارسة دورِها، بدءًا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وصولًا إلى تفعيل آخر إدارةٍ من إدارات الدولة؟   والسؤال الاهم لماذا الاصرار على السلبية والتهديم ووضع العراقيل امام الحكومة التي تجهد للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها في انتظار ان يكتمل عقد المؤسسات؟ 
من طرابلس بالذات اكرر واوكد ان لا مكان للياس في نفوسنا ونحن عازمون على العمل بعزم وارادة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان، والتخفيف قدر المستطاع من الآم اللبنانيين ووضع الامور على سكة التعافي.    
 
أيها الحفل الكريم   قبل الختام أن أنوّه بما قام به وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الذي نقل إقامته من بيروت إلى طرابلس لمتابعة كل النشاطات والإجراءات المتعلقة بهذه الفعالية، والذي لم يوفِّرْ جهدًا في سبيل إنجاحها. وأنوه كذلك باندفاع الهيئات الثقافية في المدينة وجوارِها لتحقيق الهدف نفسِه خدمةً للفيحاء ولبنان.   طرابلس تقيمُ اليوم بفرح عيدَ تتويجِها عاصمة للثقافة العربية، وذلك على الرغم من قساوة الأوضاع التي تحيطُ بها وبالوطن. فهنيئًا لها وللبنان والعرب. عشتم عاشت الثقافة عاشت العروبة عاشت طرابلس وعاش لبنان".          

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان أهل ها

إقرأ أيضاً:

محسن سرحان: العمل الخيري يتجاوز المال ويجب أن يلبي الاحتياجات الحقيقية للمستفيدين

أكد محسن سرحان، الرئيس التنفيذي لـبنك الطعام المصري، أن مساعدة المحتاجين لا تقتصر فقط على تقديم المال، بل يجب أن تكون موجهة بشكل فعال لمواجهة احتياجاتهم الحقيقية. 

وأوضح أن تقديم المال قد لا يكون دائمًا الحل الأمثل، حيث قد يختار بعض الأشخاص شراء ملابس لأطفالهم بدلاً من الغذاء الكافي، مما يكشف عن تحديات أوسع في توزيع الدعم.

توفير الغذاء للمناطق النائية

وخلال استضافته في بودكاست "بداية" المُذاع عبر فضائية "الحياة"، أوضح سرحان أن بنك الطعام المصري يلتزم بتوفير المساعدات الغذائية بشكل شامل، مع التركيز على المناطق التي تعاني من نقص الغذاء، مثل المناطق النائية كالوادي الجديد، حيث يصعب الوصول إلى الأسواق بسهولة.

توزيع الدعم بشكل مدروس

وشدد سرحان على أن التحدي لا يكمن فقط في تقديم المساعدة، بل في تحديد الاحتياجات الحقيقية للأفراد. 

وأكد أن المؤسسات الخيرية، مثل بنك الطعام، تلعب دورًا حيويًا في ضمان توزيع الدعم بشكل مدروس، مما يساعد في تفادي ضياع الموارد وضمان وصولها للمستحقين.

المؤسسات الخيرية ودورها المجتمعي

أشار سرحان إلى أن العمل الخيري يجب أن يكون مدروسًا ومؤسسيًا لضمان وصول الدعم إلى المستحقين في جميع أنحاء مصر، وليس فقط للأفراد الذين نراهم في حياتنا اليومية. 

كما أوضح أن الجمعيات الخيرية تقوم بدور محوري في تقديم المساعدات، خصوصًا في المناطق التي يصعب الوصول إليها.

التوازن بين العمل والحياة الشخصية

وعلى الصعيد الشخصي، تحدث سرحان عن أهمية تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، مشيرًا إلى أنه رغم كثافة عمله في بنك الطعام، فإنه يحرص على قضاء وقت كافٍ مع أسرته. وقال: "أنا دائمًا حريص على قضاء وقت مع أولادي وزوجتي، لأن التوازن في الحياة أمر ضروري".

مقالات مشابهة

  • بالصور.. لقطاتٌ من اللقاء السياسي الموسع بدارة ميقاتي في طرابلس
  • ميقاتي والسنيورة يؤديان صلاة الجمعة بمسجد طبارة في طرابلس
  • ميقاتي بعد لقاء موسع بدارته في طرابلس: بحثنا في الانعكاسات للاحداث بسوريا وكيفية استيعاب الموضوع
  • لقاء سياسي حاشد اليوم في الميناء.. ميقاتي وطرابلس: على الموعد دائما
  • ما أبرز بنود الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس السوري؟
  • الشرع يعلن حقبة تاريخ جديد.. ما أبرز بنود الإعلان الدستوري السوري؟
  • الشرع يوقّع مسودة الإعلان الدستوري.. ويشيد بـ"تاريخ جديد"
  • العكاري: مرحباً بالعجز المالي الذي يوجد معه إعمار واستقرار أمني
  • جلسة مجلس الوزراء غدا اختبار عملي للتعيينات.. إجتماع موسّع في دارة ميقاتي بطرابلس الجمعة
  • محسن سرحان: العمل الخيري يتجاوز المال ويجب أن يلبي الاحتياجات الحقيقية للمستفيدين