نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، مقالا، للباحثة داليا شيندلين، قالت فيه إن إدارة بايدن أكدت في 8 أيار/ مايو أنها احتجزت شحنة أسلحة كبيرة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي. وكانت هذه أكبر خطوة اتخذتها الولايات المتحدة منذ عقود لكبح تصرفات الاحتلال الإسرائيلي. ويتعلق القرار بشحنة من القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل ولم يؤثر القرار على عمليات نقل الأسلحة الأخرى.

 

لكن الإعلان أكد أيضا شيئا آخر: الانقسام الحزبي المتزايد داخل الولايات المتحدة بشأن دولة الاحتلال الإسرائيلي. لعدة أشهر، جعل بعض القادة الديمقراطيين في الكونغرس والعديد من الناخبين الديمقراطيين يشعرون بأن الإدارة كانت متسامحة للغاية مع سلوك الاحتلال الإسرائيلي في الحرب. على الجانب الآخر، تعرض قرار بايدن بخصوص القنابل لانتقادات شديدة من قبل العشرات من أعضاء الكونغرس الجمهوريين.

وتفتخر واشنطن بتقاليدها المتمثلة في دعم الحزبين لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن في الواقع فإن الفجوة الحزبية آخذة في الاتساع منذ سنوات. إذ أصبح الناخبون الديمقراطيون، والأميركيون الأصغر سنا بشكل عام، ينتقدون حرمان دولة الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين من حقوقهم. وفاقم من ذلك السياسات الشعبوية لحكومة نتنياهو المتطرفة. ومن ناحية أخرى، يعتبر الجمهوريون والعديد من المحافظين الدينيين الدعم لدولة الاحتلال الإسرائيلي أحد أركان الإيمان.

إن القراءة الحزبية المتزايدة للعلاقات الثنائية لا تقتصر على الجانب الأمريكي فقط. على الرغم من الدعم القوي الذي قدمته إدارة بايدن لدولة الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر وطيلة الحرب إلا أن الإسرائيليين يظهرون أنهم يفضلون دونالد ترامب على جو بايدن بفارق كبير.. وليس من الواضح ما إذا كان هؤلاء يشعرون بقلق كبير إزاء حدوث تمزق في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قد يعرض المساعدات العسكرية الكبيرة التي تعتمد عليها دولة الاحتلال الإسرائيلي للخطر.

لم يظهر الاحتكاك المتزايد بين الإسرائيليين والأميركيين فقط بسبب الحرب الحالية في غزة. حيث تشير المسارات الاجتماعية والسياسية الأطول أمدا في كل من البلدين إلى أن "القيم المشتركة" الشهيرة التي عززت العلاقة لعقود من الزمن كانت تحت الضغط أصلا. لكن الحرب أبرزت هذا التوتر، والسياسات الحزبية التي تحركه، بشكل واضح. وهذا لا يعني أن البلدين يسيران على مسار تصادمي، لكنه يثير تساؤلات مهمة حول طبيعة التحالف في السنوات المقبلة.

لفهم أهمية الخلاف الحالي، من المهم أن نتذكر أن التحالف الأمريكي الإسرائيلي قد صمد في وجه العديد من الخلافات على مدى العقود الماضية. في الماضي، كان كل جانب يفترض أن العلاقة الأساسية كانت قوية بما يكفي لاستيعاب التوترات أو حتى الأزمات. 

إن الإدارة الأمريكية التي تتراجع عن السلوك الإسرائيلي أو تطالب بتنازلات كبيرة قد تثير الجدل، لكن استطلاعات الرأي، حيثما كانت متاحة، أشارت إلى أن الإسرائيليين عموما أذعنوا للأمريكيين، بغض النظر عمن كان في البيت الأبيض.


لنأخذ إدارة كارتر على سبيل المثال. وفي خرق لعقود من السياسة الأمريكية، أصبح الرئيس جيمي كارتر في عام 1977، أول رئيس أمريكي يتحدث علنا عن الحاجة إلى وطن فلسطيني، في ملاحظة مرتجلة في اجتماع في قاعة مدينة ماساتشوستس. حتى أن ستيوارت آيزنستات، الذي كان كبير مستشاري كارتر للسياسة الداخلية والذي شارك بشكل كبير في سياسة الإدارة في الشرق الأوسط، تفاجأ. يتذكر في إحدى المقابلات: "لقد كدت أن أسقط من مقعدي".

ومع ذلك، في عام 1978، استضاف كارتر مفاوضات كامب ديفيد بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث تملّق الاحتلال الإسرائيلي لإجراء انسحاب لا يحظى بشعبية من سيناء، التي احتلتها بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، ووضع القضية الفلسطينية بشكل مباشر على جدول أعمال المفاوضات.  وعندما سُئل اليهود الإسرائيليون في شهر أيلول/ سبتمبر من ذلك العام عن مدى ثقتهم في كارتر، قال ما يقرب من ثلثيهم إنهم يثقون به إلى حد ما أو بقدر كبير. 

كذلك، حافظ الرئيس بيل كلينتون على دعم واسع النطاق في دولة الاحتلال الإسرائيلي، حتى عندما كان يدعو إلى سياسات لا تحظى بشعبية. وفي عام 1994، بعد مرور عام على توقيع اتفاقيات أوسلو المثيرة للجدل، قال 65 في المئة من الإسرائيليين إنهم راضون إلى حد ما أو جدا عن كلينتون. 

وفي العام التالي، عاشت دولة الاحتلال الإسرائيلي موجة من التفجيرات الانتحارية واغتيال رئيس وزرائها، وكان هناك ما يكفي من القلق بشأن الاتفاقات التي دفعت الإسرائيليين إلى انتخاب نتنياهو؛ ومع ذلك، ظل الدعم لكلينتون قائما.

وتابع التقرير نفسه بالقول: "كما كان الزعيم الإسرائيلي الذي يتحدى رئيسا أمريكيا بوقاحة شديدة، قد يواجه عواقب سياسية خطيرة في الداخل. في أوائل عام 1992، هدد وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر بحجب ضمانات القروض الأمريكية لردع الزعيم الإسرائيلي اليميني، إسحاق شامير عن استخدام الأموال لبناء المستوطنات. فيما رفضت حكومة شامير الشروط الأمريكية، ويقال أن هذا الصدع ساهم على نطاق واسع في خسارة شامير في الانتخابات الإسرائيلية عام 1992".

لكن ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت هذه الأنماط صحيحة اليوم. وعلى الرغم من دعم بايدن الساحق لدولة الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول وطوال فترة الحرب، إلا أن الإسرائيليين لم يظهروا سوى موافقة فاترة عليه. 

وفي منتصف شهر آذار/ مارس، وجد استطلاع للرأي أجرته شبكة "نيوز 12" العبرية أن الإسرائيليين يفضلون ترامب على بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 بفارق 14 نقطة: 44 في المئة لترامب، مقابل 30 في المئة فقط لبايدن. 

وكان هذا قبل فترة طويلة من إعلان الإدارة قرارها بحجب شحنة الأسلحة وقبل أن تقول الإدارة إنها ستفرض عقوبات على عدد صغير من المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية.

كما هو الحال مع المواقف الأمريكية تجاه القيادة الإسرائيلية، فإن المواقف الإسرائيلية تجاه الإدارات الأمريكية تتوافق أيضا إلى حد كبير مع الانتماء السياسي: في استطلاع نيوز 12، قال ما يقرب من ثلاثة أرباع أولئك الذين يدعمون ائتلاف نتنياهو إنهم يفضلون ترامب، في حين قال 55 في المئة من أولئك الذين يدعمون الأحزاب المعارضة إنهم يفضلون بايدن. وفي الواقع، يعكس هذا الانقسام الحزبي ذروة القوى الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة في كل من دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة لسنوات.

وفي الأشهر التي سبقت إعلان بايدن عن تأخير شحنة الأسلحة، كان استياء الديمقراطيين من الحرب الإسرائيلية في غزة يتصاعد. وكان الأعضاء التقدميون في الكونغرس يضغطون على إدارة بايدن لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد سياسات نتنياهو. وفي شهر آذار/ مارس الماضي، وفي سابقة انتقد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وهو ديمقراطي وسطي ومؤيد معروف لدولة الاحتلال الإسرائيلي. نتنياهو علنا ودعا إلى إجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة. 

لكن هذه التطورات تعكس أيضا اتجاهات طويلة المدى في الرأي الأمريكي بشأن  دولة الاحتلال الإسرائيلي. ومن المهم أن نلاحظ أنه، كما كان الحال في العقود الماضية، فإن أغلبية كبيرة من الأميركيين تدعم الاحتلال الإسرائيلي. 

وقد استشهد نتنياهو نفسه باستطلاع أجرته Harvard CAPS / Harris في شهر آذار/ مارس والذي وجد أن 82 في المئة من البالغين الأمريكيين يدعمون دولة الاحتلال الإسرائيلي على حماس في الحرب الحالية. 

وفي الشهر التالي، وجد استطلاع أجرته Harvard CAPS / Harris أن 52 في المئة من الأمريكيين أعطوا دولة الاحتلال الإسرائيلي تصنيفا "إيجابيا" أو "إيجابيا جدا"، مقارنة بـ 16 في المئة فقط للسلطة الفلسطينية، و14 في المئة لحماس. 

ومع ذلك، فقد أصبح الأميركيون ينتقدون على نحو متزايد السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. وذلك وفقا لاستطلاعات غالوب، إذ انخفض الجزء الإجمالي من الأمريكيين الذين يقفون إلى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين من 64 في المئة في عام 2018 إلى 51 في المئة فقط في أوائل عام 2024. 

وكشفت استطلاعات مركز بيو أيضا عن فجوة حزبية متزايدة بشأن هذه المسألة. ففي عام 2001، انحاز 50 في المئة فقط من الجمهوريين إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي.

وبحلول عام 2018، ارتفع العدد إلى 79 في المئة؛ على العكس من ذلك، تقلصت نسبة أولئك الذين اختاروا دولة الاحتلال الإسرائيلي بين الديمقراطيين من 38 في المئة في عام 2001 إلى 27 في المئة فقط في عام 2018. ويبدو أن هذا الاختلاف قد تعزز في السنوات التي تلت ذلك.

كما أن هناك فجوة كبيرة بين الأجيال في وجهات النظر الأميركية بشأن دولة الاحتلال الإسرائيلي. ووجد استطلاع أجراه مركز بيو في شباط/ فبراير 2024 أن 78 في المئة من الأميركيين الأكبر سنا (أكثر من 65 عاما) يرون أن أسباب خوض دولة الاحتلال الإسرائيلي للحرب صحيحة، في حين أن 38 في المئة فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يعتقدون ذلك، أي بفارق 40 نقطة. كما وجد استطلاع Harvard CAPS / Harris الذي أجري في نيسان/ أبريل أن المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما انقسموا بالتساوي تقريبا بين أولئك الذين يعتقدون أن دولة الاحتلال الإسرائيلي هي المسؤولة في الغالب عن "الأزمة في غزة"، وبين الذين حملوا حماس المسؤولية في الغالب، ومن ألقى فقط اللوم على دولة الاحتلال الإسرائيلي.


في أغلب دول العالم الغربي، يميل الشباب إلى الليبرالية والتقدمية وتميل السياسات الليبرالية أو ذات الميول اليسارية إلى دعم الأشخاص المضطهدين، وهو النمط الذي ساعد في تأجيج الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين من قبل الشباب الأميركيين. ومن الجدير بالذكر أن الميل التقدمي للشباب في الغرب يبدو عكس الاتجاه الذي يتجه إليه الشباب الإسرائيلي. وعلى مدى 15 عاما على الأقل، أظهرت الدراسات المتعمقة توجهات يمينية ثابتة بين الشباب اليهود الإسرائيليين. 

وتزامن الميل اليميني للناخبين الإسرائيليين الشباب بشكل وثيق مع جهود نتنياهو لجعل العلاقة الأمريكية الإسرائيلية أكثر حزبية. فبعد وقت قصير من عودة نتنياهو إلى السلطة في عام 2009 بدأ نتنياهو ووكلائه في مهاجمة أوباما بشكل منهجي لأسباب مثل دعم الرئيس في عام 2011 لحل الدولتين.

وفي عام 2015، خاض نتنياهو مقامرة أكبر: فكسر أحد المحرمات لفترة طويلة، وألقى خطابا في الكونغرس بناء على دعوة أحادية من المشرعين الجمهوريين، حيث شن هجوما واسع النطاق على جهود إدارة أوباما لتأمين اتفاق مع إيران لكبح جماح برنامجها النووي. 

وقام نتنياهو بتلك المغامرة ليعاد انتخابه. ولم تثن إهانة نتنياهو لأوباما الرئيس عن التوقيع على ما كان في ذلك الوقت أحد أكبر حزم المساعدات الأمريكية في التاريخ: 38 مليار دولار لدولة الاحتلال الإسرائيلي على مدى عشر سنوات.


عندما تم انتخاب ترامب رئيسا في عام 2016، صوره نتنياهو على أنه أفضل صديق لدولة الاحتلال الإسرائيلي. وسرعان ما أصبح مصطلح "مؤيد لإسرائيل" يعني تبني سياسات ترامب: إذلال الفلسطينيين، واقتراح خطط لدولة الاحتلال الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس. إذا نظرنا إلى الماضي، ونظرا لسجل إدارة ترامب تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي، فليس من المستغرب أن ينظر إليه الإسرائيليون بشكل إيجابي.

على النقيض من ذلك، حتى قبل دخوله المكتب البيضاوي، فإن سجل بايدن طوال حياته باعتباره ديمقراطيا مخلصا مؤيدا لدولة الاحتلال الإسرائيلي، لم يشفع له لدى العديد من الإسرائيليين. 
الرأي العام يتقلب، لكن في الماضي، ساعدت المواقف الإسرائيلية الإيجابية بشكل عام تجاه الرئيس الأمريكي أحيانا في منح الرئيس السلطة لتعزيز السياسات في دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تعكس المصالح الأمريكية. 

وأشار آيزنستات إلى أن فريق كارتر قرأ استطلاعات الرأي الإسرائيلية عن كثب لمعرفة ما إذا كان الإسرائيليون يدعمون جهود الرئيس للتوصل إلى ما وصفه بـ"سلام إسرائيلي مصري". يتذكر آيزنستات أن الإسرائيليين كانوا يريدون ذلك بشكل عام.

على النقيض من ذلك، في نيسان/ أبريل 2024، بعد أن جمعت الولايات المتحدة تحالفا دوليا يضم حتى دولا عربية لتقديم دعم عسكري استثنائي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، باستخدام دفاعاتها الجوية المشتركة لإحباط هجوم صاروخي إيراني ضخم، بدا أن الإسرائيليين لم يعدوا أكثر تفضيلا لإدارة بايدن من ذي قبل. 

وفي أعقاب الهجوم، ذكّرت مبادرة "إسرائيل" للديمقراطية الإسرائيليين بهذا التحالف الفعال للغاية وسألتهم عما إذا كانوا "سوف يوافقون الآن من حيث المبدأ على إنشاء دولة فلسطينية في المستقبل، مقابل اتفاق دفاع إقليمي دائم". ولم تتزحزح الأرقام الإسرائيلية: فقد رفضت الفكرة أغلبية بلغت 55 في المئة، بينما وافق عليها 34 في المئة فقط. وكان المعدل أقل بين اليهود الإسرائيليين: 26 في المئة فقط وافقوا على ذلك.


ويعتقد العديد من الإسرائيليين أن بايدن استسلم لضغوط اليسار، وأن طلاب الجامعات الأمريكية الذين كانوا يحتجون على الحرب في غزة تعرضوا لغسيل أدمغة، وأن معاداة السامية ارتفعت إلى مستويات خطيرة.

لا يُعرف الكثير عن الوجهة التي سيتجه إليها كلا البلدين. ولكن إذا تباعدت القيم الأساسية للولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل أكبر، فإن الجيل القادم من القادة في كلا البلدين قد لا ينظرون إلى بعضهم البعض على أنهم متقاربين. وفي هذه الحالة، قد تضمن المصالح الاستراتيجية المشتركة بقاء الدولتين حليفتين، لكنها قد تفقد "العلاقة الخاصة" التي اعتمدت عليها في الماضي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الولايات المتحدة الولايات المتحدة ادارة بايدن المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لدولة الاحتلال الإسرائیلی دولة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة أن الإسرائیلیین فی المئة فقط أولئک الذین إدارة بایدن فی المئة من ما إذا کان ما کان فی غزة فی عام من ذلک

إقرأ أيضاً:

أمريكا وإسرائيل.. حكاية حبّ يجب أن تُروى.. في السياسة لا بدّ من الإيضاح

1 ـ  خطوط متباعدة تلتقي بعد خمسة قرون

بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل حكاية حبّ بعيدة الغور ينسجها قدر خفي. وعلى خلاف نزار القباني الذي يقول عند وصف علاقة ما بين مثليتين: "وحكاية حب لا تُحكى** في الحبّ يغيب الإيضاح"، نقدّر أن الحكاية بين الدولتين المارقتين يجب أن تُحكى، فلعلّها أن تفسّر شيئا من تحالف الحروب والدّماء بينهما. لذلك تأخذنا هذه الورقة إلى وقائع بعيدة من التّاريخ وإلى يد خفيّة تنسج من خيوطه المتنافرة الحلّة التي يرتديها العالم اليوم.

ظهر أوّل خيطي القصّة في العام 1492. فلمّا كان أبو عبد الله محمد الثاني عشر، آخر ملوك الأندلس المسلمين، يُسلّم غرناطة إلى الملك الإسباني، كان المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس يبحر برعاية إسبانية متجها إلى الهند. ولا شكّ أنّ الحدثين متباعدان أشد التباعد أو منفصلان أشد الانفصال عن كيانين هجينين لم يريا النور بعد هما الولايات المتّحدة وإسرائيل ثانيا. ومن هنا توجّب الإيضاح !

تعود بدايات التحالف الرّسمي بين الصهاينة والولايات المتّحدة الأمريكية إلى المؤتمر اليهودي بنيويورك عام 1942. فقد اجتمعت 600 شخصية صهيونية وازنة في المؤتمر الذي ترأسه كل من حاييم وايزمن ممثلا للمنظمة الصهيونية ودايفد بن غوريون ممثلا للوكالة اليهودية. وقررت نقل التنسيق اليهودي من بريطانيا إلى الولايات المتحدة التي أضحت تتزعّم العالم.يشاء النسّاج وهو يغزل الخيط الأول أن تسقط الأندلس. ويدرك الغرب أن عدم تقديم الإمبراطورية العثمانية الغوث لمن استغاثوا بها من المسلمين مؤشر على بلوغها درجة من الضعف والهوان. فيجعلها لاحقا هدفا لنزعته الاستعماريّة بحثا عمّا تحتاجه ثورته الصّناعية من مواد أولية وأسواق. ويدرك بعدها أن اليهود يمثلون عبئا على اقتصاده. فيتخلّص منهم بأن يمنحهم فلسطين وطنا قوميا.

ويشاء أن يضلّ كريستوفر كولومبوس الطريق وهو يغزل الخيط الثّاني. فيكتشف العالم الجديد بالصدفة. ويشاء أن تنشأ الولايات المتحدة الأمريكية بعد قرون ليستولي وافدوها البيض على أراضي الهنود الحمر، السكان الأصليين، وليمارسوا ضدّهم عملية تطهير عرقي واسعة، وأن تتسيد العالم بجزئيه القديم والجديد.

وحاصل نسج الخيطين أن نشأت إسرائيل وطنا قوميا لليهود، وأن أخذت تعيد تجربة الولايات المتحدة. فتتقمص الدور نفسه  في الشرق الأوسط وتجعل من الفلسطينيين هنودا حمرا جددا. وهذا ما سنعرض شذرات سريعة منه على نحو مقارن ونترك التّفصيل للقارئ، فنحن لا نذكر إلا لنحفز ذاكرة لا تغيب عنها هذه المعارف بكل تأكيد.

2 ـ الهاربون من الجحيم يصنعون جحيم ضحاياهم

فضلا عن المغامرين الحالمين بالثروة من أصحاب شركات الاستثمار والتجارة، يعدّ الأوروبيون الذين قصدوا العالم الجديد غالبا، الأقلّ حظا في عالمهم القديم. فقد وصلوا إلى الأراضي الأمريكية عامّة هاربين من اضطهاد رجال دين بيوريتان (طائفة المتطهرين) أو من اضطهاد الكنيسة الإنغليكانية في عهد الملك شارل الأول. أما المهاجرون الألمان والبريسبتاريون (بروتستانت الكنيسة المشيخية) من شمال أسكتلندا وأيرلندا فقد غادروا بلدانهم هرباً من الفقر والحروب وممّا يتعرضون له من اضطهاد ديني، مستفيدين من قرار البرلمان البريطاني منح الجنسية لكل بروتستانتي يهاجر إلى أمريكا .

والدّافع نفسه كان وراء هجرة اليهود إلى فلسطين منذ نهاية القرن التاسع عشر. فقد كانوا عرضة لاضطهاد ديني يحمّلهم باستمرار مسؤولية تسليم المسيح للرومان لصلبه. ولأنهم كانوا يسيطرون على أسواق المال والذهب ويبسطون سلطانهم على الحياة الاقتصادية في المجتمعات التي يعيشون فيها وجدوا أنفسهم مخيرين بين الذوبان في الكيانات المسيحية أو التعرّض إلى التمييز والإقصاء، خاصّة في ظل تنامي النزعات القومية والتنافس الاقتصادي والحمّى الاستعمارية.

3 ـ الاستيلاء على الأراضي.. أوّل خطط الاستيطان

عمل الأوروبيون الوافدون إلى العالم الجديد على الاستيلاء على المناطق الخصبة. ولمّا واجهوا مقاومة من مالكيها الأصليين دمروا مزارعهم ورحّلوهم قسريا إلى المناطق الداخلية القاحلة. ولعلّ ما ورد في خطاب الرئيس أندرو جاكسون عند تنصيبه في 4 مارس 1829، كاف لتلخيص ما تعج به كتب المؤرخين من تفاصيل الاضطهاد والتهجير القسري والتطهير العرقي الذي تعرض له الهنود الحمر. فقد  أعلن أنه سيفعل ما هو ضروري "لإفراغ" القارة الشرقية من الهنود واحتلال أراضيهم. وبالفعل ففي 28 مايو 1830، وقّع على ما يعرف بقانون إزالة الهنود، [l'Indian Removal Act] وهو القانون الذي يبيح تهجيرهم من جميع ولايات الساحل الشرقي وتوطينهم في المحميات الواقعة غرب سهل المسيسيبي. ورغم قرار المحكمة العليا الذي منع هذا الإجراء، تم ترحيل حوالي 100.000 من الأمريكيين الأصليين حتى عام 1850. ولقي أكثر من 4000 حتفهم في الرحلة، بسبب المرض والجوع والتعرض لظروف الطقس القاسية فيما أصبح يعرف باسم درب الدموع.

وبعد نصف قرن من هذا القرار وما تبعه من الإجراءات ظهرت فكرة تمكين يهود الشتات من وطن قومي. واستدرجوا من كل حدب ليحلوا محل شعب قائم. فقد أسّس الأمريكي حييم وايتمن، عضو الحركة الصهيونية "شركة تطوير أراضي فلسطين" في يافا عام 1907 لاستقطابهم. ثم ابتاع الصندوق القومي اليهودي في 1910 أكثر 200.000 دونم من ضباط عثمانيين عبر وساطة لبنانين في سهل مرج بن عامر شمال فلسطيني. فأخلاها من ستين ألف مزارع يعملون فيها وعوّضهم بيهود أوروبا الشرقية ثم بآخرين من اليمن. وأمّن هربيرت صامويل، وصول نحو 34 ألف يهودي ومنحهم الجنسية الفلسطينية في 1925 وأسهم في تأسيس 13 مستوطنة جديدة.

4 ـ من الممارسة العنصرية إلى التطهير العرقي: جرائم الأمريكيين التي تبناها الصّهاينة

من منطلق الشعور بتفوق العرق الأبيض مارس الوافدون إلى العالم الجديد عنصريتهم ضدّ السّكان الأصليين. فلم تصفهم الكتب الإنجليزية بكونهم "وحوشا لا تعقل ويأكلون زوجاتهم وأبناءهم" إلا لتبرّر ما سيرتكبون ضدّهم من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وبعد تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية انخرطت حكوماتها المتعاقبة في حملات إبادة ضدّهم.  فقد كان عددهم 12 مليونا في عام 1500. ولكن هذا الرّقم وصل إلى أقل من 237 ألف عام 1900، ويبلغ حالياً حوالي الخمسة ملايين نسمة، من أصل أكثر من 300 مليون نسمة، إجمالي سكان الولايات المتحدة. ويشمل الرّقم سكان ألاسكا الأصليين.

في الشطر الآخر من العالم وقبل النكبة بأشهر، كانت الاجتماعات التّنسيقية التي يشرف عليها الصهاينة تلتئم أسبوعيا. فتخطّط لطرد الأهالي من قراهم جماعيا. وطبقت الخطة داليت (أو د) ، وهي خطة وضعتها عصابة الهاجاناه في فلسطين بين خريف 1947 وربيع 1948 وأُقرت في سنة 1948، وكانت تهدف إلى تأمين تأسيس دولة يهودية في فلسطين، عبر  السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينة وطرد أكبر عدد ممكن من الأهالي وفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض. فطورت عصاباتهم صناعة قاذفات اللهب لحرق القرى وقامت باختبارها ميدانيا في خمس منها. وتولت عصابة بالماخ التي يقودها الضابط إسحاق رابين، الحائز على جائزة نوبل للسلام لاحقا، تدميرها وطرد 1500 قروي منها. وفي مذبحة دير ياسين قتلت العصابات والهجاناه 100 قروي بأمر من ديفيد بن غوريون الذي كتب في مذكراته لاحقا أنه كان يجب إيقاع ضربة حاسمة في كل هجوم ضد الفلسطينيين. 

وتواصل التطهير العرقي إثر النكبة. وتمّ تنفيذ خطته في نحشون ودیر یاسین وحيفا وعكا وبيسان ويافا. فارتكبت المذابح ومات الكثير من المهجرين عطشا. ومما تذكر المصادر الإسرائيلية نفسها أن الفلسطينيين كانوا يُرغمون على حفر الخنادق التي سيدفنون فيها لاحقا. طُرد نحو مليون نسمة من بيوتهم بقوة السلاح.

5 ـ طمس الثقافة الأصلية للاستيلاء على العقول

أنتج سكان أمريكا الأصليون أرقى حضارات العالم القديم مثل الإنكا والأزتك والمايا، واشتهرت بالزراعة والصناعة والصيد والعمران. ولكن الأوروبي الغازي عمل على طمس ثقافتهم للسيطرة عليهم. ففرض عليهم العزلة والتهميش بأن حشرهم في المحميات الخاصّة ومنعهم من ارتداء لباسهم التقليدي، وممارسة تقاليدهم، وتكلم لغاتهم الأصلية. ثم أخذ أطفالهم بالقوّة إلى المدارس المسيحية الخاصة؛ بغاية تمسيحهم وتربيتهم وفق المعايير والقيم البروتستانتية الأنجلو-ساكسونية. وتولّت هوليوود ترسيخ الصورة التي يريدها لهم البيض: بدائيين وهمجا وقتلة.

وهذه الصورة مطابقة لصورة الفلسطيني في السينما الإسرائيلية تقريبا. فقد ["تمثلت الصورة السينمائية للعربي الفلسطيني في الموجة الأولى من الأفلام الصهيونية بالذي "لا صورة له". فالحديث عنه ضمنيٌّ وبرؤية مبتورة مشوهة وشاحبة ولا أهمية لها. "كانوا عشرة (1961)" و"الخروج (1960)" نماذجٌ على تلك الأفلام. فمثلًا يحاكي فيلم "عمود النار (1959)" نمط أفلام الغرب الأمريكي. ويحكي قصة كيبوتس صغير في الجنوب يُصدم ساكنوه بمواجهة دبابات مصرية يعاونها مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين لا يظهرون بطريقة مباشرة. وتندلع المواجهة على طريقة مطاردة راعي البقر الأبيض للهندي الأحمر الهمجي. ولم يفت على السينما الإسرائيلية صورة الفلسطيني الهمجي. إذ يُظهر الفلم الوثائقي "قصة فلسطين (1962)" العرب في أعين المهاجرين الصهاينة كقبيلة وثنية شديدة البدائية. ويعلق الراوي على جهلهم استخدام الآليات الزراعية، ويطرَح بحسرة سؤاله: "أهذه هي أرضنا المشتهاة؟" فيجيب: "لا، ما دام هؤلاء فيها".

وفي فيلم "لقد مشى عبر الحقول (1967)" كان لا وجود للفلسطيني أصلًا. فقدم حرب 1948 كحرب تستهدف البريطانيين حصرًا. ويروي الفيلم قصة أوري، أول طفل يولد في فلسطين. يصبح محاربًا في البالماخ، سلاح العاصفة في الهاقانا [الهجاناه]، ويقع في حب فتاة مهاجرة"]. [والفقرة بأسرها مقتبسة عن مصطفى علي، موقع https://thmanyah.com/)

6 ـ  التقاء الخطين المتوازيين عند الدّم الفلسطيني

تعود بدايات التحالف الرّسمي بين الصهاينة والولايات المتّحدة الأمريكية إلى المؤتمر اليهودي  بنيويورك عام 1942. فقد اجتمعت 600 شخصية صهيونية وازنة في المؤتمر الذي ترأسه كل من حاييم وايزمن ممثلا للمنظمة الصهيونية ودايفد بن غوريون ممثلا للوكالة اليهودية. وقررت نقل التنسيق اليهودي من بريطانيا إلى الولايات المتحدة التي أضحت تتزعّم العالم. وفي مؤتمرها اللاحق بعد سنتين طالبت بإخراج بريطانيا التي باتت تتراجع حضاريا وعسكريا وباتت الشمس تغرب عنها من فلسطين توفير حماية دولية لليهود وإنشاء كومنويلث على كامل الأراضي الفلسطينية "يكون مخلصا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط". وليضمنوا ولاء الساسة الأمريكيين لفكرة الصهيونية ركزوا لوبي قويا واسع النفوذ الاقتصادي والسياسي والإعلامي. فتمكّنوا من السيطرة على مفاصل الدّولة. وأقاموا العلاقات المتينة بالحزبين الكبيرين. وهيمنوا على أصحاب القرار فيهما. وحولوا الولاء إلى فكرة الوطن القومي لليهود إلى مصعد يعتمد عليه كل ذي طموح سياسي. وهذا ما جعل العلاقة بين البلدين لاحقا قائمة على مفارقة. فالولايات المتحدة، البلد الأقوى أصبحت تابعة لإسرائيل مرتهنة في قرارها الوطني لمصالحها. أما إسرائيل فتتقمص باستمرار دور الولايات المتحدة في علاقتها بالسكّان الأصليين. فتمعن في بطشها بهم بغطاء دولي تفرضه الولايات المتحدة وحلفاؤها فرضا.

7 ـ  المرايا المحدّبة

لهذه العلاقة القلّب ما يفسّرها موضوعيا. فإسرائيل تمثل موطئ قدم لأمريكا يخوّل لها مراقبة الشرق عامة وفي الآن نفسه تمثّل ضمانة لإخضاع العرب أعداء الغرب الحضاريين المحتملين.. والاستيلاء على فلسطين عمل إمبريالي ذو عمق عسكري واقتصادي في جوهره يتخفى بالدين. ولكن في مفهوم التّقمص الذي طوّره علم النّفس التّحليلي زاوية أخرى قد تفسّر هذه العلاقة. فقد أخرج علم النفس التحليلي هذا المفهوم من خلفياته الميتافيزيقية لفهم نمو البناء النرجسي للفرد. فاتخذه فرويد أداة لتفسير النمو النفسي والعقلي للأطفال. وقدّر أنّ الطفل يتأثر بذات أخرى من محيطه، فيراقبها ويعجب بما تفعل أو بكيفية تفكيرها.

تواصل التطهير العرقي إثر النكبة. وتمّ تنفيذ خطته في نحشون ودیر یاسین وحيفا وعكا وبيسان ويافا. فارتكبت المذابح ومات الكثير من المهجرين عطشا. ومما تذكر المصادر الإسرائيلية نفسها أن الفلسطينيين كانوا يُرغمون على حفر الخنادق التي سيدفنون فيها لاحقا. طُرد نحو مليون نسمة من بيوتهم بقوة السلاح.ثم يعيد إنتاج حاصل هذه المراقبة. فيتجاوز الأمر تقليد هذه السّمات ومحاكاتها، لتصبح عنصرا فاعلا في بناء شخصيّته هو، وفي اكتسابه لهويّته الخاصّة. ثم تكون النّرجسية الثّانوية. فتمثّل مرحلة لاحقة، تنقطع فيها الذات عن اتّجاهها إلى ذاتها وتكتسب القدرة على الاتّجاه إلى العالم الخارجي. ثمّ طوّر جاك لاكان  هذه الآلية التفسيرية. فاصطلح على التّقمص الأوّلي بمرحلة المرآة. وجعل مدارها على اكتشاف الأطفال لذواتهم وتمثّل هويّاتهم الجسديّة عبر تقمّص شبيه بإدراك صورهم من خلال مرآة حقيقيّة أو ما يشبهها من الآليات الرّمزية التي تسهم في إدراك الذات لذاتها.

ولا تُعدّ عنده المرآة مرحلة في حياة الرّضيع تنتهي بتجاوزها، وإنّما يتواصل أثرها. فهي تسهم في توفير الهويّة المرئيّة التي يتمّ الحصول عليها من المرآة باعتبارها "شكلًا" خياليًا لتجربة حقيقية مجزّأة. وتتعلّق بإدراك الذّات انطلاقا من الآخر. وعلى هذا النّحو يتحوّل التقمّص من خلق أنا مرآتية إلى إيجاد أنا اجتماعيّة. فيتحقّق البناء النرّجسي لينطلق المرء من صورة الذّات حتّى يدرك الآخر ضمانا لبعده الاجتماعي.

ونحن نستعرض مسار تأسيس إسرائيل الذي قام على الاستيلاء على أراضي السكان الأصليين واضطهادهم وممارسة التهجير القسري والتطهير العرقي ضدّهم. فنجد فيه إعادة لمسار تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، يطرح والسؤال: ألا يجوز أن نسحب مفهوم التقمّص من تشكيل الهوية الفردية إلى تشكيل الهوية الجماعية؟ ألا نجد فيه ما يفسّر التركيبة النفسية للجماعات وما يجعلنا نفهم شيئا من "العشق المتبادل" بين الولايات المتحدة وإسرائيل؟ فعلى نحو ما تتقمص إسرائيل دور الولايات المتحدة وهي تعيد إنتاج تاريخها القذر. وتنظر الولايات المتّحدة بالمقابل، إلى هذه القصّة وهي تتشكّل بكثير من الذاتية. فترى نفسها وتاريخها في كل ما تفعله إسرائيل. ولا تملك إلاّ أن تصادق عليه لتضفي شرعية على تاريخها الإجرامي.

ليس ما نذكره غير انطباع ما، بشأن أحداث من التاريخ تبدو متباعدة وبشأن العلاقة المعقّدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لا أكثر. ولكننا نميل إليه، وبه نبرّر اشتهار رقصة الهندي الأحمر والفلسطيني إثر الغزو الإسرائيلي لغزة. ففي اشتهاره إقرار ضمني بتوازي مساري المغتصبين على نحو مرآتي وتماثل مصير الضحايا على نحو درامي.

مقالات مشابهة

  • أنطونوف: الولايات المتحدة دولة راعية للإرهاب
  • مسئول فلسطيني: الولايات المتحدة شريك رئيسي لدولة الاحتلال على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني
  • الولايات المتحدة تذكّر مواطنيها بعدم السفر إلى 19 دولة.. بينها دول عربية
  • الولايات المتحدة تذكّر مواطنيها بعدم السفر إلى 19 دولة.. بينهم دول عربية
  • مارك رافالو: الولايات المتحدة تتجه إلى الديكتاتورية.. ما علاقة ترامب؟
  • من الحروب التجارية إلى الذكاء الاصطناعي: المنافسة الأمريكية- الصينية
  • أمريكا وإسرائيل.. حكاية حبّ يجب أن تُروى.. في السياسة لا بدّ من الإيضاح
  • كيف تحولت غزة إلى أكبر فشل أخلاقي وسياسي لبايدن.. ما علاقة نتنياهو؟
  • مضاعفة عناصر تأمين أسرة «نتنياهو» يثير غضب الإسرائيليين
  • أمريكا.. أكبر دولة مدينة في تاريخ العالم!