استقبل البابا فرنسيس، في الفاتيكان المشاركات في المجمع العام للراهبات الممرضات لمستشفى القلب الأقدس ومجمع عام راهبات بنات القديس كاميلو، ووجه لضيفاته خطابًا سلط فيه الضوء على الصفات التي ميزت مؤسسات ومؤسسي الجمعيتين الرهبانيتين، وشدد على أهمية التمييز وعدم الخوف والسير إلى الأمام بشجاعة، ودعا ضيفاته إلى المجازفة بكل شيء لصالح الأخوة والأخوات الذين يضعهم الله في طريقنا.

استهل الحبر الأعظم كلمته إلى الراهبات مرحبًا بهن ومعربًا عن سروره للقائهن في الفاتيكان لمناسبة انعقاد المجمعين العامين في روما، واللذين يشكلان زمنًا من النعمة بالنسبة للراهبات اللواتي يمثلن الكنيسة بأسرها. وأضاف أن العناية الإلهية شاءت أن تلتقي الراهبات في المدينة الخالدة مع بعضهن البعض ومع أسقف روما، كي يرفعن معًا الشكر للرب، ويطلبن منه النور اللازم للتمييز وللتعرف على مشيئته وتجديد التزامهن خدمةً للكنيسة.

بعدها أكد البابا فرنسيس أن بداية الجماعتين الرهبانيتين طُبعت بقصتين مشوقتين، أظهرتا شجاعة المؤسسات والمؤسسين، تحت مظلة عمل الروح القدس، والتي تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة، مستجيبة لنداء المحبة، بعيدا عن الحسابات، وبروح من الشغف المقدس للحب.

مضى البابا إلى القول إنها قصة Maria Angustias Gimenez، والمكرّمة Maria Josefa Recio والقديس Benedetto Menni الذين استلهموا، في العام ١٨٨١ من كاريزما القديس "يوحنا الله"، في إسبانيا التي كانت تعاني من الصعوبات والمشاكل والانقسامات. فأطلق هؤلاء نشاطًا كان آنذاك سابقًا لزمنه، واضعين أنفسهم في خدمة الآخِرين والمهمشين، أي الأشخاص المصابين بأمراض عقلية.

بهذه الطريقة – تابع الحبر الأعظم قائلا – أبصرت النور جماعة الراهبات الممرضات للقلب الأقدس. ومنذ ذلك الحين تابعت الراهبات هذه الرسالة، ووسّعن نطاق خدمتهن لتشمل أشكالًا جديدة من المعاناة والفقر، وعلمن على ترجمة رحمة الله من خلال الضيافة، مع إيلاء اهتمام خاص بإعادة التأهيل المتكاملة للأشخاص.

ولفت فرنسيس إلى أن هذا النشاط يشمل الجميع: المرضى والعائلات والأطباء والرهبات والمتطوعين وغيرهم، ويتم في أجواء من "حياة الجماعة" يكون لكل واحد فيها دور ليقدم إسهامه لصالح الآخرين. وأكد البابا أن هذا أمر جميل لأنه يسمح بشفاء الجميع، كل وفق احتياجاته والجراحات التي يحملها، مشددًا في هذا السياق على أننا جميعًا نحتاج إلى الشفاء والمداواة، ونحتاج إلى الاعتناء ببعضنا البعض.

لم تمض سنوات طويلة على تأسيس هذه الجمعية الرهبانية، مضى البابا إلى القول، حتى أقدمت امرأة أخرى هي القديسة Giuseppina Vannini على تأسيس جماعة راهبات القديس كاميلو وكان ذلك في روما في العام ١٨٩٢، مستلهمة هذه المبادرة من القديس Camillo de Lellis وحققت هذا المشروع بالتعاون مع الطوباوي Luigi Tezza، وكرست الجمعية نفسها لاعتناء بالمرضى.

وأشار الحبر الأعظم إلى أن تلك المرأة عرفت جيدًا معنى الألم. ففي حياتها عانت الأمرّين نتيجة هشاشة صحتها ولأسباب أخرى عديدة. وبعون الله فقط، وبالتعاون مع أشخاص طيبين تمكنت من بلوغ هذا الهدف وكانت تقول دائمًا "يتم التغلب على الألم فقط بواسطة المحبة". هكذا أوكلت القديسة المؤسّسة المرضى إلى محبة راهباتها، وهذه المحبة هي الدواء الأول والذي لا غنى عنه في كل الأماكن التي يُعالج فيها المرضى. ومن خلال النذر الرابع الذي يتعلق بمساعدة المرضى، وضعت القديسة هؤلاء في صلب الحياة المكرسة لراهباتها.

بعدها توجه الحبر الأعظم إلى ضيفاته الراهبات مشددا على ضرورة أن تتمحور أعمال المجمعين العامين حول التمييز، مع الدعوة إلى عدم الخوف، والالتزام في السير إلى الأمام متسلحات بالشجاعة نفسها التي حركت مؤسسات ومؤسسين الجمعيتين الرهبانيتين، والمجازفة بكل شيء لصالح الأخوة والأخوات الذين يضعهم الله في طريقنا. وقبل أن يمنح البابا فرنسيس ضيفاته بركاته الرسولية طلب منهن أن يتجرأن دون خوف وأن يتفاعلن مع الأشكال الجديدة للفقر في زماننا الحاضر، والتي هي كثيرة جدا، وبهذه الطريقة – ختم قائلا – تجعل الراهبات من الميراث العظيم والغني الذي سُلم لهن ميراثًا مثمرًا، يبقى حيًا ونضرًا على الدوام. هذا ثم طلب الحبر الأعظم من ضيفاته أن يصلين من أجله متمنيًا أن يحافظن دوما على الابتسامة وفرح القلب.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: البابا فرنسيس الفاتيكان راهبات

إقرأ أيضاً:

البابا تواضروس يستقبل رئيس جمهورية إستونيا ويتحدث عن 4 نقاط مهمة|تفاصيل

استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة اليوم الأربعاء، رئيس جمهورية إستونيا السيد ألار كاريس، والوفد المرافق له.

وأعرب قداسة البابا عن سعادته بزيارة رئيس إستونيا والوفد المرافق، لمصر والكنيسة القبطية، لافتًا إلى أن مصر بلد له خصوصية على مستوى التاريخ والجغرافيا، حيث يعيش المصريون حول نهر النيل ويرتبطون ارتباطًا وثيقًا بأرض الوطن، ويعتبرون أن النهر هو الأب، والأرض الأم.

وأشار إلى أن مصر أيضًا دولة لها تاريخ طويل وحضارة غنية، بفعل تراكم العديد من الحضارات فيها، مثل الحضارات الفرعونية، والمسيحية، والاسلامية، والبحر متوسطية والعربية وغيرها.
ونوه إلى أن وحدة الشعب المصري هي وحدة طبيعية نتجت عن الحياة حول النهر، حتى أنه لا يمكن أن نعرف الفارق بين المصري المسيحي والمصري المصري فكلهم مصريون. 

وأوضح قداسته أن العائلة المقدسة زارت مصر وجالت فيها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، فتباركت أرض مصر بتلك الزيارة.

وعن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قال قداسة البابا: "الكنيسة بدأت في الإسكندرية على يد القديس مار مرقس الرسول الذي استشهد أيضًا في الإسكندرية"، وأن كلمة قبطي تعني مصري، وأن كنيسة الإسكندرية تتميز بالإيمان، والاستشهاد، والرهبنة التي بدأت بالراهب "أنطونيوس" الذي يوجد له دير بالقرب من البحر الأحمر، شرقي مصر.

وعن علاقة الكنيسة القبطية بكافة أركان الدولة أكد قداسته أن للكنيسة علاقات طيبة مع الرئيس السيسي، والحكومة والبرلمان، والمؤسسة الإسلامية الرسمية (الأزهر) وكذلك مع الكنائس المختلفة في مصر والعالم، مشيرًا إلى مجلس كنائس مصر الذي يضم كل الكنائس الموجودة على أرض مصر.
ولفت قداسته إلى الدور الروحي للكنيسة والدور الاجتماعي الذي تحاول الكنيسة من خلاله أن تعطي المحبة المسيحية صورة عملية، وذلك بتأسيس المدارس والمستشفيات التي تفتح أبوابها لكل المصريين دون تفرقة، وشدد على أننا نسعى إلى ترسيخ السلام المحبة في كل مكان.

وأشاد قداسة البابا بقانون بناء الكنائس الذي أقرته الدولة المصرية في عهد الرئيس السيسي كثمرة لثورة المصريين في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وأن هذا القانون أتاح الفرصة للمسيحيين أن يمارسوا عبادتهم دون تعطيل، ونوه إلى خدمة مدارس الأحد التي يتربى فيها أبناء الكنيسة منذ الصغر، وسأله الرئيس الضيف عن نوع التعليم الذي يتلقاه الأطفال في مدارس الأحد، وأجابه قداسة البابا بأننا نعلم أولادنا الكتاب المقدس، والعقيدة والطقس الكنسي واللغة القبطية وغيرها من العلوم الكنسية.

واختتم: "نصلي لأجل أن يحل السلام بين كل دول العالم، وأن تنتهي الحروب".

ومن جهته أعرب الرئيس "كاريس" عن شكره لقداسة البابا على حسن الاستقبال، مشيرًا إلى حرصه على زيارة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ضمن برنامج زيارته لمصر، وأن بلاده أيضًا تتمتع بتراكم رصيد غني من تأثيرات الثقافات المختلفة التي تواجدت فيها، مثل الروسية والبولندية والدنماركية وغيرها، وبها أيضًا عديد من الكنائس، مؤكدًا على سعادته بزيارة مصر التي زارها من قبل مرتين، متمنيًا زيادة التعاون بين البلدين، وبين الجامعات في مصر وإستونيا، ولا سيما وأن بلاده تعطي أهمية خاصة للتعليم، وأن كافة الأعمال في "إستونيا" تتم بالأسلوب الرقمي. وأكد على أن لقاءه اليوم بالرئيس عبد الفتاح السيسي كان متميزًا للغاية. واختتم بتكرار الشكر لقداسة البابا على طيب اللقاء وحسن الاستقبال.

وعقب انتهاء الجلسة دون الرئيس الإستوني كلمة في سجل كبار الزوار كما تفقد مبنى الكاتدرائية المرقسية من الخارج واستمع لشرح عنها من قداسة البابا.

مقالات مشابهة

  • قدم اعتذارا .. البابا تواضروس يستقبل نيافة الأنبا أبانوب
  • البابا تواضروس يستقبل الأنبا أبانوب أسقف المقطم ويقبل اعتذاره
  • البابا تواضروس يستقبل رئيس إستونيا
  • البابا تواضروس الثاني يستقبل رئيس إستونيا
  • البابا تواضروس يستقبل رئيس إستونيا في المقر البابوي بالقاهرة (صور)
  • البابا تواضروس الثاني يستقبل رئيس إستونيا بالمقر البابوي في العباسية
  • البابا تواضروس يستقبل رئيس جمهورية إستونيا ويتحدث عن 4 نقاط مهمة|تفاصيل
  • البابا فرنسيس: الصلاة المسيحيّة ليست أن نتكلم مع الله من طرف واحد
  • البابا فرنسيس يدعو للصلاة من أجل فالينسيا
  • البابا تواضروس يستقبل أسقفي الكنيسة القبطية بالسودان