داعش يستخدم الذكاء الاصطناعي.. والخبراء قلقون
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
السومرية نيوز-دوليات
يعيش عدد من خبراء في التكنولوجيا، قلقا من تزايد استخدام التنظيمات المتطرفة ولاسيما تنظيم داعش الإرهابي للذكاء الاصطناعي وتوظيفه في الترويج لدعايته، والذي بدأ التنظيم بالفعل باستخدام الذاء الاصطناعي كأداة تعوض تراجعه العسكري على ارض الواقع. وقال خبراء إنه مع الانتكاسات العسكرية الكبرى في السنوات الأخيرة، يعتمد أنصار تنظيم داعش الإرهابي بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتوليد الدعاية عبر الإنترنت، وهناك شكل جديد من أشكال الدعاية التي طورها أنصار داعش، وهو بث نشرات إخبارية باستخدام مذيعين ينشئهم الذكاء الاصطناعي بلغات متعددة.
نشرت جماعة تنظيم داعش في خراسان، مقطع فيديو لمذيع تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي ليظهر وهو يقرأ الأخبار في أعقاب هجوم أعلن التنظيم مسؤوليته عنه في مقاطعة باميان في أفغانستان في 17 مايو والذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم ثلاثة سياح إسبان.
وظهر في المقطع صورة رقمية على أنها مذيعة، تتحدث لغة الباشتو وبملامح تشبه السكان المحليين في باميان، فيما ظهر مقطع فيديو دعائي آخر من إنتاج الذكاء الاصطناعي للتنظيم مع مذيع أخبار رقمي مختلف يعلن مسؤولية التنظيم عن تفجير سيارة مفخخة في قندهار بأفغانستان.
وقال رولاند أبي نجم، خبير الأمن السيبراني المقيم في الكويت: “هؤلاء المتطرفون فعالون للغاية في نشر دعاية التزييف العميق"، مشيرا الى ان مجموعة مثل داعش كانت فعالة بالفعل في إنتاج مقاطع فيديو بجودة بمستوى هوليوود، وقد جعل استخدام الذكاء الاصطناعي مثل هذا الإنتاج في متناولهم، بحسب إذاعة صوت أمريكا.
وقال أبي نجم: "يمتلك الذكاء الاصطناعي الآن أدوات سهلة الاستخدام لإنشاء محتوى مزيف سواء كان نصًا أو صورة أو صوتًا أو فيديو"، مضيفًا أنه مع الذكاء الاصطناعي، "تحتاج فقط إلى البيانات والخوارزميات والقدرة الحاسوبية، حتى يتمكن أي شخص من إنشاء محتوى ينتجه الذكاء الاصطناعي". المحتوى من منازلهم أو مرائبهم.
وبدأ تنظيم داعش رسميًا استخدام نشرات الأخبار التي يصدرها الذكاء الاصطناعي بعد أربعة أيام من الهجوم الذي استهدف قاعة موسيقى في موسكو في 22 مارس/آذار وأدى إلى مقتل نحو 145 شخصًا، وتبنى تنظيم داعش الهجوم.
وقالت منى ثكار، زميلة باحثة في المركز الدولي لدراسة التطرف العنيف، إن أنصار داعش يستخدمون تقنيات توليد الشخصيات وأدوات الذكاء الاصطناعي لتحويل النص إلى كلام لإنتاج نشرات إخبارية مترجمة لوكالة أنباء أعماق التابعة لتنظيم داعش.
واوضحت: "لقد حظيت هذه الجهود بردود إيجابية من مستخدمين آخرين، مما يعكس أنه من خلال الجهود التعاونية المستقبلية، يمكن للعديد من الداعمين إنتاج مقاطع فيديو دعائية عالية الجودة ومتطورة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتنظيم داعش لفترات أطول مع رسومات أفضل وتقنيات أكثر ابتكارًا".
في حين انخفضت قدرة داعش على إظهار القوة إلى حد كبير بسبب هزيمته الإقليمية في سوريا والعراق، يقول الخبراء إن مؤيدي الجماعة الإرهابية يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي يوفر بديلاً للترويج لأيديولوجيتهم المتطرفة.
وقال أبي نجم: "لقد ركز محتواهم بشكل أساسي على إظهار أنهم ما زالوا أقوياء، مع المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي الآن، يمكنهم اختيار بعض المشاهير الذين لديهم تأثير، خاصة على المراهقين، من خلال إنشاء مقاطع فيديو مزيفة بعمق."
وأضاف: "لذلك يتلاعبون أولاً بهؤلاء الأشخاص من خلال إنشاء محتوى قابل للتصديق، ثم يبدأون في تجنيدهم".
وفي مقال نُشر مؤخرًا على الشبكة العالمية للتطرف والتكنولوجيا، قال الباحث دانييل سيجل إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدية كان لها تأثير عميق على كيفية انخراط المنظمات المتطرفة في عمليات التأثير عبر الإنترنت، بما في ذلك استخدام الأغاني الدينية الإسلامية التي ينتجها الذكاء الاصطناعي، والمعروفة باسم الأناشيد/ لأغراض التوظيف.
وكتب: "إن النشر الاستراتيجي للأناشيد الصوتية المتطرفة العميقة، التي تضم شخصيات متحركة وشخصيات على الإنترنت، يمثل تطورًا في التكتيكات التي يستخدمها المتطرفون لتوسيع نطاق محتواهم".
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی تنظیم داعش
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي: ثورة عقلانية في فضاء التقنية الحديثة
في خضم التحولات التقنية الكبرى التي يشهدها العالم، يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد أهم الابتكارات العلمية التي تمثل نقطة تحول في تاريخ البشرية. فقد تجاوز الذكاء الاصطناعي كونه تقنية جديدة إلى كونه مجالًا فلسفيًا وعلميًا يسعى إلى فك ألغاز العقل البشري ومحاكاته بأسلوب يثير إعجاب العلماء والمفكرين على حد سواء. ومع تعاظم تطبيقاته في مختلف الميادين، يغدو الذكاء الاصطناعي قاطرة تقود العالم نحو أفق جديد من الفرص غير المسبوقة، وكذلك التحديات التي تلامس جوهر وجود الإنسان.
تعريف الذكاء الاصطناعي وأبعاده المتعددة
الذكاء الاصطناعي هو مجال من مجالات علوم الحوسبة يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على محاكاة القدرات العقلية للبشر، مثل التفكير المنطقي، التعلم من التجارب، اتخاذ القرارات، وحل المشكلات. لكن ما يميز الذكاء الاصطناعي ليس فقط قدرته على تنفيذ المهام، بل أيضًا قدرته على التعلم والتكيف مع التغيرات، مما يجعله يشبه، وإن لم يكن يطابق، عمليات التفكير البشري.
هذا التعريف العلمي يغفل البعد الفلسفي العميق الذي يحمله الذكاء الاصطناعي، فهو يمثل محاولة لتفسير الذكاء البشري بآليات رياضية وبرمجية، ما يثير تساؤلات عميقة حول ماهية العقل ذاته. هل يمكن ترجمة المشاعر، الإبداع، والتفكير الأخلاقي إلى رموز خوارزمية؟ أم أن الذكاء الاصطناعي سيظل في جوهره تقنيًا لا روح فيه؟
الأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي لا يُعدّ فقط ثورة في مجال التكنولوجيا، بل إنه إعادة تعريف لمفهوم الاقتصاد والإنتاجية. فقد أصبح أداة مركزية في تحقيق الكفاءة الاقتصادية من خلال تسريع العمليات، تقليل الأخطاء البشرية، وتقديم حلول مبتكرة. في القطاعات الصناعية، على سبيل المثال، تساهم الروبوتات الذكية في تحسين الإنتاج وخفض التكاليف. كما أظهرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الخدمات، مثل الطب والرعاية الصحية، إمكانيات هائلة في التشخيص المبكر للأمراض، وتخصيص خطط علاجية موجهة تعتمد على البيانات.
علاوة على ذلك، أصبح الذكاء الاصطناعي محركًا أساسيًا للاقتصاد الرقمي. فالشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي تشهد نموًا كبيرًا في الإيرادات، لا سيما مع تطور مجالات مثل تحليل البيانات الضخمة، تقنيات التعلم العميق، والشبكات العصبية الاصطناعية. وتشير الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تحقيق مكاسب اقتصادية عالمية تتجاوز تريليونات الدولارات خلال العقد المقبل .
الأثر الاجتماعي والثقافي
على المستوى الاجتماعي، يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل العلاقات بين الأفراد والمؤسسات. فقد ظهرت أنماط جديدة من التفاعل الإنساني بفضل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التعليم، حيث أصبحت منصات التعلم الإلكتروني تعتمد على تقنيات تحليل البيانات لتوفير تجربة تعليمية مخصصة لكل طالب. كما يتيح الذكاء الاصطناعي فرصًا لدمج الفئات المهمشة في المجتمع من خلال توفير أدوات تعزز من قدرتهم على التواصل والإنتاج.
لكن في الوقت ذاته، يثير الذكاء الاصطناعي قلقًا عميقًا حول تأثيره على القيم الإنسانية. إذ إن الأتمتة الواسعة قد تؤدي إلى تقليل فرص العمل التقليدية، ما يفاقم الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. كما أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تراجع المهارات البشرية التقليدية، ويثير تساؤلات حول فقدان الإنسان لسيطرته على قرارات حيوية.
التحديات الأخلاقية والقانونية
لا يمكن الحديث عن الذكاء الاصطناعي دون التطرق إلى التحديات الأخلاقية التي يطرحها. فالقدرة على معالجة كميات هائلة من البيانات وتحليلها بأسلوب يفوق القدرات البشرية يثير مخاوف حول الخصوصية وسوء الاستخدام. على سبيل المثال، تعتمد الشركات الكبرى على خوارزميات ذكاء اصطناعي لجمع وتحليل بيانات المستخدمين، ما يثير تساؤلات حول حدود استخدام هذه البيانات ومدى احترامها لحقوق الأفراد.
من ناحية أخرى، يواجه المشرعون صعوبة في تطوير أطر قانونية قادرة على مواكبة التطورات السريعة للذكاء الاصطناعي. كيف يمكن تحديد المسؤولية القانونية إذا اتخذ نظام ذكاء اصطناعي قرارًا تسبب في ضرر؟ وهل يمكن محاسبة الشركات أو الأفراد الذين صمموا هذه الأنظمة؟ هذه الأسئلة تعكس حاجة ملحة إلى وضع أطر تشريعية توازن بين الابتكار وحماية الحقوق.
الإبداع والذكاء الاصطناعي
من بين أكثر الجوانب إثارة للجدل هو تأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع. هل يمكن لنظام ذكاء اصطناعي أن يكون مبدعًا؟ الإجابة ليست بسيطة. فبينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يولّد أعمالًا فنية، يؤلف الموسيقى، ويكتب النصوص، فإنه يفتقر إلى الحس الإنساني الذي يمنح الإبداع معناه العميق. فالذكاء الاصطناعي يعتمد على تحليل الأنماط والبيانات السابقة، مما يجعله “مقلدًا ذكيًا” أكثر من كونه مبدعًا حقيقيًا.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
لا شك أن الذكاء الاصطناعي سيواصل تطوره ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للبشرية. لكن السؤال الذي يظل قائمًا هو: كيف يمكن للبشرية أن تضمن استخدام هذه التقنية بطريقة تخدم مصالحها وتُعزز من قيمها الأخلاقية؟ الإجابة تكمن في بناء شراكة بين الإنسان والآلة، شراكة تستند إلى التفاهم العميق للحدود والقدرات، وإلى رؤية واضحة لمستقبل يشكل فيه الذكاء الاصطناعي وسيلة للارتقاء، وليس أداة للهيمنة.
الذكاء في خدمة الإنسانية
في نهاية المطاف، يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة نادرة لإعادة تعريف معاني التقدم والإبداع. لكنه يحمل في طياته مسؤولية كبيرة تتطلب من البشرية تبني نهج شامل ومتزن، يوازن بين الطموح التكنولوجي واحترام القيم الإنسانية. ولعل أعظم درس يمكن أن نتعلمه من هذه الثورة التقنية هو أن الذكاء، سواء كان طبيعيًا أو اصطناعيًا، لا يكتمل إلا إذا اقترن بالحكمة.