“مؤسسة تكوين الفكر العربي”.. ما قصتها ولماذا أحدثت هذه الضجة؟
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
#سواليف
أُعلن في الرابع من الشهر الجاري في العاصمة المصرية القاهرة عن تأسيس ” #مؤسسة_تكوين الفكر العربي”، وضم مجلس أمنائها في عضويته مجموعة من الأسماء والشخصيات المثيرة للجدل كالإعلامي المصري إبراهيم عيسى، ويوسف زيدان، وإسلام البحيري، وفارس سواح، ونايلة أبي نادر وآخرين.
وعرَّفت المؤسسة نفسها بأنها “تعمل على تطوير #خطاب #التسامح، وفتح آفاق الحوار والتحفيز على المراجعة النقدية، وطرح الأسئلة حول المسلّمات الفكرية، وإعادة النظر في الثغرات التي حالت دون تحقيق المشروع النهضوي الذي انطلق منذ قرنين” بحسب ما جاء في تعريف المؤسسة على موقعها الالكتروني.
لكنها ومنذ الإعلان عن تأسيسها قُوبلت بانتقادات شديدة، وتعالت أصوات عديدة تطالب بإغلاقها بسبب توجهاتها ورؤاها الفكرية التي ترمي إلى تفكيك الثوابت الدينية، وتهدف إلى خلخلة قطعيات الشريعة، بعناوين وذرائع ملتبسة كالتنوير والتجديد ومراجعة التراث وفق منتقديها.
مقالات ذات صلة الجمعة .. انخفاض ملموس على الحرارة 2024/05/24ووفقا لباحثين فإن ثمة أسئلة كثيرة تُثار حول حقيقة توجهات المؤسسة وأهدافها المعلنة والمضمرة كذلك، وتزداد تلك الأسئلة إلحاحا بعد الوقوف على توجهات أعضاء مجلس أمنائها، واستعراض مضامين كتاباتهم، وتحليل محتوى أحاديثهم، والتي تتمركز في مجملها حول ضرورة إحداث قطيعة معرفية مع الموروث الديني، وهو ما يعده علماء ودعاء مقدمات لمهاجمة الدين، وإشاعة ثقافة التشكيك واللادينية التي تفضي في نهاية المطاف إلى الإلحاد.
ومن اللافت في هذا السياق أن مهاجمي مؤسسة تكوين من الدعاة والمفكرين الإسلاميين لا يترددون في إطلاق مفردات محاربة الدين وهدمه على أهداف المؤسسة، ووصف بعض مجلس أمنائها بالزندقة، ويربطون في الوقت نفسه بين توجهاتها وبين توصيات مؤسسة راند الأمريكية، ففي إجابته عن سؤال “لماذا تم إنشاء مؤسسة تكوين؟”، قال الداعية البحريني الدكتور حسن الحسيني “ينبغي ربط تدشين هذه المؤسسة مع وصايا تقارير راند.. وما أدراك ما راند”؟!
وتابع عبر حسابه على موقع إكس: “مؤسسة راند مؤسسة أمريكية، تصدر بحوث ودراسات خبيثة وخطيرة، وتقاريرها التي تُصدرها ترسم خطة للسياسة الأمريكية في التعامل مع الأحداث في العالم أجمع، ومنها الدول الإسلامية وأحيانا تمكث 3 أو 5 سنوات لإصدار دراسة واحدة، وتحتوي هذه الدراسات والبحوث على وصايا”.
وأردف بالقول: “تخيلوا.. أحد تقارير مؤسسة راند أعلن صراحة ضرورة العمل على تغيير الإسلام (وليس #المسلمين فقط) عبر شركاء مسلمين، داخل إطار العالم الإسلامي، أي بعبارة أخرى أكثر بساطة، تغيير الإسلام بأيادي شخصيات محسوبة على المسلمين! فخطى الدول الغربية متسارعة وحثيثة وجريئة بهدف هدم الإسلام” وفق قوله.
وهاجم الحسيني المؤسسة ومؤسسيها بالقول: “وبدأت هذه المؤسسة بحفل كبير، وبحضور شخصيات جدلية، لم تعرف إلا بمعاداة الدين وتشويه الإسلام، فمن أبطال هذه المؤسسة، نجد من بينهم: إبراهيم عيسى، إسلام بحيري، فراس السواح، ويوسف زيدان.. فمن هم هؤلاء؟ لو اطلعنا على تواريخ هؤلاء الذين أطلق عليهم أمناء المؤسسة، فهم رهط عُرفوا بالزندقة، وبغض الإسلام (فمثلا: عندما سئل إبراهيم عيسى عن دينه، أبى الجواب، وصار يراوغ، ويقول للمذيعة: لا شأن للناس بديني”.
بينما نحن نواجه معارك حريية ضد الاسلام والمسلمين، في اكثر من بلد وموقع، إذ بنا نسمع عن تدشين كيان جديد، ليعلن عن لونٍ جديد من الحروب الفكرية ضد الإسلام والمسلمين!! نعم.. إني أتحدث عن مؤسسة تكوين، المعادية للدين!
هذه المؤسسة سميت مؤسسة تكوين!؟ تكوين الفكر العربي، ومن المفارقات… pic.twitter.com/uLxdxUsv0D
وفي ذات الإطار رأى الأكاديمي السوري، الدكتور معتز الخطيب أن تأسيس مؤسسة تكوين هو باختصار “إعادة إنتاج لـ”مؤمنون بلا حدود” بعد أن تحولت إلى دار نشر، وانهارت سمعتها بسبب واقعة مديرها السابق”.
وتابع عبر صفحته على الفيسبوك: “ولا يمكن التغافل هنا – مع تكوين – عن أمرين رئيسين: 1- عدم نزاهة الوجوه البارزة في مجلس أمناء المؤسسة (لجهة الصدق والعدالة الشخصية) وانعدام الجدية والمؤهلات العلمية (غياب الكفاءة والجدية في التفكير والبحث).. 2- والوظيفية السياسية لمثل هذه المشروع كوظيفة سلفه”.
يشار إلى أن مؤسسة تكوين الفكر العربي دشنت نشاطاتها الفكرية بتنظيم وإطلاق أعمال المؤتمر السنوي الأول يوم السبت 4 أيار/ مايو الجاري في العاصمة المصرية القاهرة، تحت عنوان “خمسون عاما على رحيل طه حسين، أين نحن من التجديد اليوم؟”، والذي شارك فيه إبراهيم عيسى، ويوسف زيدان، وإسلام البحيري.. وآخرون. وأدار الجلسة الافتتاحية المذيع المصري عمرو عبد الحميد.
من جانبه رأى الباحث والداعية المصري، علي قاسم أن “التكوينيين الجدد يحاولون إعادة تدوير شبهات أسلافهم لكن في ثوب عصري واقعي يمس بعض المشكلات الحياتية المحلية والإقليمية والدولية، كما أنهم يسعون إلى بسط شبهاتهم القديمة الحديثة عبر الفضاء الالكتروني مخترقين كافة التطبيقات الالكترونية الحديثة، مستغلين حالة الفراغ الديني والفكري الذي تحياه الفئات الشبابية المستهدفة”.
وأضاف : “يحسن بالمصلحين إدراك أن ’تكوين’ ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير، وهو ليس مجرد مؤسسة بل مشروع متكامل يدعمه الداعمون من الداخل والخارج، فالأمر ليس زوبعة في فنجان، بل مشروع مخطط له، وسيطول به الزمان”.
وعن كيفية التعامل مع هكذا مؤسسات ومراكز دعا قاسم “الدعاة والمصلحين إلى أن يأخذوا زمام المبادرة، وألا يظلوا مجرد طرف خامل لا يسمع له صوت إلا إذا استفز، كما يجب على المصلحين لملمة شعثهم، وترك الأنا والفردانية، والابتعاد عن الخفة والسطحية التي قد تمكن عدوهم من استدراجهم لمعارك مصطنعة، ومواجهات تمت هندستها من قبل خصومهم بعناية وحرفية”.
ونبّه على أهمية “إدارة مثل هذه المواجهات، وأن لا يترك المصلحون المعارك الحقيقية وينشغلوا بالرد على النطيحة والمتردية وما أكل السبع، وأن يتبصر المصلحون والدعاة مواطن أقدامهم كي لا يتم دفعهم في أتون معارك يؤججها طرف ما، يعلم متى وكيف يستدرجهم، ومتى يعيدهم مرة أخرى إلى مناطق الظل”.
ولفت قاسم إلى بعض السبل الناجعة في مواجهة الأفكار المشككة في ثوابت الدين كـ”الحرص على صناعة المحتوى الدعوي الاحترافي، مع الاجتهاد في التصميم والمونتاج والتسويق، وضرورة تعاون الدعاة والمصلحين في دعوة الناس إلى الثوابت والأصول الدينية والتأكيد عليها، فواجب الوقت هو تثبيت الثوابت في قلوب العامة، والناشئة الجدد”.
بدوره قال الباحث الإسلامي، المهتم بالقضايا الفكرية، محمد أبو الوفا: “يقدم القائمون على مؤسسة تكوين مؤسستهم بوصفها مشروعا تنويريا حسب أهداف المؤسسة المعلنة، والتي تدعو إلى التسامح ونبذ العنف، وفهم الدين بصورة صحيحة، لكن بالنظر إلى خلفيات وإنتاج أعلام هذه المؤسسة فإننا نجدهم يشككون في ثوابت الدين، ما يعني أن عملهم في هذه المؤسسة سيكون استمرارا لنشاطاتهم وإنتاجاتهم الفكرية المعروفة”.
وأضاف : “أما بالنسبة لتمويل المؤسسة فلا أعلم من يقوم على تمويلها، لكنها تحظى ـ فيما يبدو ـ بتمويل سخي جدا، وينفق عليها ببذخ، وهو ما كان واضحا في ترتيبات وإعدادات مؤتمر المؤسسة الأول الذي كان بعنوان “خمسون عاما على رحيل طه حسين، أين نحن من التجديد اليوم؟”.
وعن الضجة التي أحدثها الإعلان عن تأسيس المؤسسة وتدشين مؤتمرها السنوي الأول، أرجع أبو الوفا ذلك إلى كون “القائمين عليها من المشهورين بالطعن في ثوابت الدين، والتشكيك فيما استقر عليه المسلمون طوال تاريخهم الطويل، لذا فإن أمثال هؤلاء الأشخاص حينما يدعون إلى تجديد الدين فدعوتهم عند عامة المسلمين لا تخلو من الريبة، وهو ما أحدث كل هذه الضجة بعد الإعلان عن المؤسسة ومؤتمرها السنوي الأول”.
ورأى أن السبيل الأجدى في مواجهة مثل هذه المؤسسات المشككة في ثوابت الدين هو “تثقيف الشباب وتحصينهم ضد الشبهات، ما يمكن تسميته “ما لا يسع الشباب المسلم جهله في الأصول والحديث والبناء الفقهي، والمدارس العقدية، بعقد دورات تأسيسية تعطي عموم الشباب المسلم جرعة علمية منظمة عن كل فن يزعزع العلمانيون الثقة فيه”.
في مقابل ذلك كله فإن ثمة من يدعو إلى التريث في الحكم على مؤسسة تكوين الفكر العربي، وانتظار نشاطاتها وفعالياتها وإصداراتها الفكرية والثقافية، ليصار إلى تقييمها ومحاكماتها بناء على رؤاها وأفكارها المنشورة، التي تتبناها المؤسسة وتدعو إليها، وهو ما دعا إليه الكاتب والروائي المصري، نادر الشرقاوي.
وكتب الشرقاوي عبر صفحته على الفيسبوك يقول: “تكوين تحت المجهر: أثارت مؤسسة تكوين جدلا واسعا، وبينما قد ينظر البعض إلى هذا الجدل على أنه سلبي، إلا أنه في الواقع ساهم في زيادة الوعي بالمؤسسة وأهدافها بشكل لم يكن مؤسسوها ليحلموا به، حتى لو كان ذلك بطريقة غير مباشرة”.
وتابع: “يُعرف العقل العربي بميله للحكم على الأمور بناء على العناوين دون التعمق في التفاصيل، بدلا من إصدار الأحكام المسبقة، ومن المهم أن ننتظر ونرى ما ستقدمه تكوين من منتجات فكرية. تضم المؤسسة بالفعل شخصيات ثقافية من العيار الثقيل مثل فراس السواح، وألفت يوسف، وعبد الجواد ياسين”.
وأردف بالقول: “نأمل أن ينفتح الباب لضم المزيد من القامات العربية، مثل الباحث العراقي الكبير الدكتور خزعل الماجدي، والمفكر المغربي الكبير أحمد عصيد” مشددا في ختام منشوره على أن “الأفكار تُقابل بالأفكار والنقاش الموضوعي العاقل، وليس بالعضلات والثرثرة”.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف مؤسسة تكوين خطاب التسامح المسلمين مؤسسة تکوین الفکر العربی فی ثوابت الدین إبراهیم عیسى هذه المؤسسة وهو ما
إقرأ أيضاً:
البرلمان العربي يدين قرار العدو إلغاء اتفاقية 1967 مع “الأونروا”
الثورة نت/وكالات أكد رئيس البرلمان العربي، محمد اليماحي، أن البرلمان العربي يدين بشدة قرار العدو الصهيوني إلغاء اتفاقية عام 1967 مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، محذرًا من العواقب والمخاطر المترتبة على وضع أي عراقيل أمام تقديم الأونروا للخدمات الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس. وأكد اليماحي، في بيان له اليوم الثلاثاء، أن هذا القرار يُعد جريمة ضد الإنسانية وتحديًا صارخًا للمجتمع الدولي وللقرارات والقوانين الدولية المتعلقة بحماية اللاجئين الفلسطينيين. كما رحب رئيس البرلمان بمخرجات مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين في ختام دورته غير العادية، التي عبّرت عن الموقف العربي إزاء تداعيات القرارات غير الشرعية لكنيست العدو الصهيوني بحظر عمل وكالة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. ودعا إلى استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وحثّ الدول المانحة على الاستمرار في الإيفاء بالتزاماتها تجاه الوكالة، والتأكيد على أهمية مبادرة الالتزامات المشتركة لدعم الأونروا. كما طالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية واتخاذ خطوات عملية لإجبار العدو الصهيوني على التراجع عن قراره بحظر نشاط الأونروا، التي تقدم العون والإغاثة لنحو 6.4 مليون لاجئ فلسطيني، بينهم مليونا لاجئ في قطاع غزة. وأكد أن دور الأونروا حيوي ولا بديل عنه في تقديم الخدمات الأساسية والضرورية للاجئين الفلسطينيين، مشددًا على أن تصفية الوكالة تعني تصفية حقوق الفلسطينيين.