عربي21:
2025-02-06@15:03:43 GMT

المسارات الأربعة لوقف الحرب على غزة

تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT

بعد فشل جولة التفاوض، وإصرار الجانب الإسرائيلي على عرقلة جهود الوسطاء، دخل خيار وقف الحرب في منعطف المجهول، وسط شبه يقين من كل الأطراف، أن الخيار العسكري، لن يضطر حماس إلى قبول شروط إسرائيل أو التنازل عن شروطها، وأن عملية رفح العسكرية، وتشديد الضغط على حماس من خلالها، لا تقنع أحدا بما في ذلك الجانب الإسرائيلي نفسه.



مؤشرات ذلك واضحة على الأقل من خلال ما يجري في الداخل الإسرائيلي، وأيضا من خلال تطور الموقف الأمريكي نفسه. في إسرائيل، يشكل «تهديد» عضو مجلس الحرب بيني غانتس بإمهال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الثامن من يونيو/حزيران حتى يكشف عن أهداف خطته لما تبقى من الحرب و«اليوم التالي» على السواء، علامة فارقة تنهي حكاية وحدة الجبهة الإسرائيلية. 

كما تبين انتقادات وزير الدفاع يوآف غالانت لجدوى الحرب في ظل عدم وجود خطة سياسية لما يسمى بـ«اليوم التالي» أن خوض عملية رفح العسكرية، هو مجرد ملأ الفراغ، ريثما تظهر شروط أفضل لإنهاء الحرب، تعفي حكومة نتنياهو من المساءلة.

نتوقف أمريكيا على مؤشرين: الأول زيارة سوليفان إلى إسرائيل ومحاولته إقناع مسؤوليها بالانخراط في الرؤية السياسية الأمريكية لما بعد الحرب، والتي تقترح مجرد التزام بالانخراط في حل الدولتين في مقابل صفقة توسيع مروحة التطبيع في العالم العربي، لتضم السعودية. والثاني، هو جلسة الاستماع لوزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن التي نظمها الكونغرس الأمريكي، والتي أظهرت أنه بقدر عدم رغبتها في تمكين حماس من أي انتصار سياسي، بقدر انتقادها لعدم امتلاك الاحتلال الإسرائيلي لأي رؤية لما بعد الحرب، بل لعدم امتلاكه لرؤية للحرب نفسها.
تقرر خلاصات هذه المسارات الأربعة هزيمة عسكرية وسياسية للاحتلال، ومحاولة إنقاذه بالخيار الأقل سوءا، أي الانخراط في الرؤية الأمريكية الجديدة
في المجمل، فإن المحصل من تطور الموقفين الإسرائيلي والأمريكي، أن الخيار العسكري، سواء بإدامة الحرب، أو تشديد الضغط على حماس في رفح، أو إعادة الحرب في بعض المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي، كل ذلك، أثبت من خلال رد المقاومة عسكريا أنه لا يقدم إلا نتائج معكوسة، وأنه يجعل المقاومة لا تحيد عن شروطها في التفاوض، وأن التطورات التي تجري على عدد من المستويات الدولية، فضلا عن الحراك الداخلي التي تشهده إسرائيل وعدد من الدول الغربية، يلح على ضرورة الاشتغال على حل سياسي لما بعد الحرب، وأنه لا يمكن ترك الاحتلال الإسرائيلي في مستنقع الحرب دون إلزامه بالانخراط في رؤية سياسية لـ«اليوم التالي» تخرجه من الأزمة رغم إصراره على البقاء فيها.

في الشهور السبعة السابقة، كان خيار إنهاء الحرب معلقا على مدى قدرة الاحتلال الإسرائيلي على تحقيق الأهداف العسكرية، وقد أثبتت جولات التفاوض أن المقاومة لم تغير شيئا من سقف أهدافها السياسية، وأن استمرار الحرب، لم يغير إلا جوانب تكتيكية بسيطة، تتعلق بتقسيم المراحل، وعدد الأسرى الفلسطينيين الذين ستتم مبادلتهم بالمحتجزين في المرحلة الأولى والثانية، فيما الثابت في كل هذه الجولات أن الاحتلال لم يحسم في قضية سلطة حماس على قطاع غزة وقدراتها العسكرية.

بعد فشل آخر جولة من المفاوضات ظهرت أربعة مسارات لإنهاء الحرب، تسير بشكل متواز، وأحيانا بشكل متصادم في الرؤية، لكن التركيب الحاصل من دينامياتها، يسير في اتجاه تسريع وقف الحرب
بعد فشل آخر جولة من المفاوضات الجارية، ظهرت أربعة مسارات لإنهاء الحرب، تسير بشكل متواز، وأحيانا بشكل متصادم في الرؤية، لكن التركيب الحاصل من دينامياتها، يسير في اتجاه تسريع وقف الحرب.

المسار الإسرائيلي التقليدي، والذي يراهن على تشديد الضغط العسكري على حماس في رفح وغيرها من مناطق غزة التي قرر الجيش الإسرائيلي «تكرار» العمليات العسكرية فيها، لإجبار حماس على تخفيض سقف تطلعاتها، أو على الأقل المساهمة في مزيد من تقليص قدراتها العسكرية، وقد ظهر من خلال تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأسبوع الجاري، بداية الإقرار بانكسار أهدافه، خاصة حينما قال بأنه «فعل أقصى ما يمكن فعله في تقليص قدرات حماس القتالية وتصفية عدد من كتائبها العسكرية» لكن واقع العمليات العسكرية، وحجم الخسائر التي تكبدها الاحتلال مباشرة بعد شن العملية العسكرية على رفح، خاصة في شرقها، وفي جباليا وحي الزيتون، تبين محدودية هذا المسار، وأنه يقود إلى ما هو أسوأ من نتائج الجولة السابقة من المفاوضات.

المسار الأمريكي الجديد، والذي يراهن على تقديم مخرج آخر للاحتلال الإسرائيلي، فبدل الحديث عن حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية، يتم إقناع الاحتلال الإسرائيلي اليوم، بمجرد تقديم تنازل تكتيكي، من خلال التصريح بأنه سيعمل على التمكين لخيار الدولتين، وبدل الرفض المطلق لفكرة إدارة غزة من قبل السلطة الفلسطينية، يتم إقناعه بالتخلي عن فكرة الإدارة الإسرائيلية لقطاع غزة، سواء مدنيا أو عسكريا أو أمنيا والانفتاح على خيارات أخرى يشترك فيها فاعلون فلسطينيون وعرب وأوربيون. بيد أن هذا المسار يصطدم بالتركيبة السياسية للحكومة الإسرائيلية، فالقبول بهذا الحل، يعني تفجير الحكومة اليمينية، وبالتالي وضعها في دائرة المساءلة.

المسار الثالث، ونعني به المسار الذي تمضي فيه محكمة العدل الدولية، والذي أدخل الاحتلال الإسرائيلي في حرج شديد وغير مسبوق، إذ لأول مرة يعلن فيه المدعي العام في المحكمة الدولية عزم المحكمة إصدار مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، فهذا المسار القضائي، الذي تتلوه خطة إصدار المحكمة لقرار توقيف المعنيين بالأمر، ومحاكمتهما دوليا، أربك الحسابات الأمريكية، ودفعها للتحرك بسرعة من أجل فرملة المسار ومنع مترتباته السياسية، إذ بدأت فعليا تمارس ضغوطا شديدة على محكمة العدل الدولية وتفكر في خيارات للرد عليها. 

والأهم من ذلك كله، أجبر هذا المسار واشنطن لتسرع من ضغوطها على الاحتلال الإسرائيلي لوقف الحرب، والانخراط في الرؤية الأمريكية لما بعدها، خاصة وأنها تعلم أن فصائل المقاومة الفلسطينية ربحت من هذا القرار تحييد استعمال المعاناة الإنسانية سلاحا لكسر إرادة المقاومة، وأن القادم في خيارات محكمة العدل الدولية هو إصدار قرار بوقف الحرب.

المسار الرابع، هو الذي انخرط فيه عدد من الدول الأوروبية، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، ونقصد بذلك في خطوة أولى إسبانيا وإيرلندا والنرويج، والذي يعتقد أن تنسج على منواله دول أوربية أخرى أضحت ترى أن امتصاص الحراك الداخلي، وممارسة ضغوط فعلية على الاحتلال الإسرائيلي بعد إصراره على الاستماع فقط لمتطرفيه، هو القيام بهذه الخطوة وإجباره على مواجهة استحقاقاتها سياسيا.

واشنطن أبدت قلقها الشديد من هذه الخطوة التي باتت تسميها بالأحادية، لأنها تدرك أنها تسير في اتجاه معاكس لإرادتها، فهي اليوم لا تريد أكثر من اعتراف إسرائيلي بالالتزام المستقبلي للعمل بحل الدولتين، لكن اعتراف هذه الدول بالدولة الفلسطينية، يجبر الأمم المتحدة على قبول واقع اعتراف دولي بهذه الدولة، مما يعني إحراج الاحتلال الإسرائيلي، ووضعه أمام مسؤولياته الدولية.

في المحصلة، تقرر خلاصات هذه المسارات الأربعة هزيمة عسكرية وسياسية للاحتلال، ومحاولة إنقاذه بالخيار الأقل سوءا، أي الانخراط في الرؤية الأمريكية الجديدة، وهو ما لا يضمن له القضاء على حماس عسكريا ولا الوثوق بإمكان إنهاء سلطتها على قطاع غزة، ولا إدارته عسكريا أو مدنيا، وأن ما يمكن أن يحصل هو مجرد وعود مقابل وعود، أي وعود بالاندماج في المحيط الإقليمي (التطبيع مع السعودية) مقابل وعود بالمضي في اتجاه حل الدولتين، لكن ثمن ذلك أن يقدم الاحتلال حكومة نتنياهو قربانا لهذه الصفقة، وأن يمضي صفقة أسرى بأكثر شروط حماس.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال الفلسطينيين مسارات فلسطين الاحتلال الحرب على غزة مسارات مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی حل الدولتین هذا المسار فی الرؤیة على حماس فی اتجاه لما بعد من خلال

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: الجيش الإسرائيلي “أخطأ” في إعلان اغتيال قادة “حماس” دون التأكد

الجديد برس|

أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، الأربعاء، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي تسرع في إعلان مقتل قادة بحركة المقاومة الإسلامية “حماس” دون التأكد.

وقالت الصحيفة العبرية، “إسرائيل” قد تشهد ظهور مزيد من قادة حماس الذين اعتقدت أن الجيش قتلهم خلال حرب الإبادة على قطاع غزة.

ونقلت عن مصادر أمنية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقر بأنه أخطأ حينما أعلن عن مقتل بعض القادة العسكريين لحركة حماس دون التأكد الكامل من ذلك.

وأوضحت أن الاستخبارات العسكرية للاحتلال “أمان” تعجلت في إصدار بيانات حول اغتيال قادة في “حماس” دون التحقق من صحة المعلومات الاستخباراتية.

وذكر الصحيفة أن أحد أبرز الأمثلة على هذه الأخطاء هو ظهور قائد كتيبة الشاطئ في كتائب القسام، هيثم الحواجري، الذي شارك في عملية تسليم المختطف الإسرائيلي كيث سيغال خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، رغم إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتله سابقًا.

كما لفتت الصحيفة إلى ظهور حسين فياض، قائد كتيبة بيت حانون في “حماس”، خلال جنازة في شمال قطاع غزة، رغم إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتله في مايو / أيار الماضي في جباليا شمالي القطاع.

ووفق الصحيفة العبرية، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن العام “الشاباك” قد اعترفا بالخطأ، حيث أوضحا أن الإعلان الذي أصدراه بشأن هيثم الحواجري قبل عدة أشهر كان مبنيا على معلومات استخباراتية تبين الآن أنها خاطئة.

وبيَّنت الصحيفة العبرية أن جيش الاحتلال أعلن خلال الحرب القضاء على أكثر من 100 من كبار القادة في “حماس”، من صفوف قادة السرايا والكتائب والألوية.

واستدركت بالقول: “من الممكن أن نشهد في المستقبل ظهور المزيد من قادة حماس الذين ظننا أننا قضينا عليهم فجأة”.

واختتمت الصحيفة تقريرها بأنه لا يزال لدى حركة حماس قادة عسكريين كبار في مختلف أنحاء قطاع غزة يلعبون دورا مركزيا ورئيسا في إعادة بناء المنظومة العسكرية للحركة التي لا تزال تسيطر على غزة.

وفي الأيام الأخيرة تكاثرت الشكوك بشأن مصداقية بيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليس فقط بخصوص خسائر حماس، بل وحتى خسائر الجيش نفسه.

ففي 2 فبراير/ شباط الجاري، كشف رئيس الأركان الاحتلال الإسرائيلي المعين إيال زامير عن حصيلة خسائر جديدة، تختلف عن معطيات جيش الاحتلال المعلنة لخسائر جنوده في حرب الإبادة بغزة.

حيث قال إن عدد أفراد “العائلات الثكلى” في إسرائيل جراء حرب الإبادة على قطاع غزة بلغ 5942 فردا، في حين تجاوز عدد المصابين 15 ألف جندي.

بينما يظهر الموقع الإلكتروني جيش الاحتلال الإسرائيلي إن عدد قتلاه منذ بداية حرب الإبادة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 844 ضابطا وجنديا بينهم 405 منذ بدء الاجتياح البري لغزة.

ويوضح أن عدد مصابيه يبلغ 5696 ضابطا وجنديا بينهم 2572 منذ بدء الاجتياح البري لغزة.

ويرى مراقبون أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمد إخفاء الحصيلة الحقيقة لخسائره البشرية والمادية، عبر سياسة رقابة صارمة تفرض تعتيما إعلاميا، لعدم التأثير على معنويات المجتمع.

وفي 19 يناير /كانون الماضي، بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، ويتكون من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية وثالثة وصولا لإنهاء حرب الإبادة.

وبدعم أمريكي، ارتكبت جيش الاحتلال الإسرائيلي بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 158 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يفجّر مخزنا ومنزلا في نابلس.. وهذه تطورات العملية العسكرية بالضفة
  • صحيفة عبرية: الجيش الإسرائيلي “أخطأ” في إعلان اغتيال قادة “حماس” دون التأكد
  • جنين – الجيش الإسرائيلي يواصل عمليته العسكرية
  • حماس: الاحتلال الإسرائيلي يعرقل تدفق المساعدات إلى غزة
  • حماس: الاحتلال يواصل مرواغته في تنفيذ المسار الإنساني في اتفاق وقف إطلاق النار
  • حماس: الاحتلال يواصل مراوغته في تنفيذ المسار الإنساني باتفاق وقف إطلاق النار
  • الاحتلال الإسرائيلي يعدل مناهج التاريخ.. ماذا عن حرب 1973؟
  • قيادي لدى حماس: ملتزمون بما يلتزم به الاحتلال الإسرائيلي
  • محلل سياسي: العمليات العسكرية للاحتلال بالضفة الغربية تأتي في وضع معقد
  • محلل سياسي: العمليات العسكرية للاحتلال بالضفة الغربية تأتي في وضع سياسي وأمني مٌعقد