بعد أربعة أيام من المشاورات مع مختلف الأفرقاء اللبنانيين، الرسميين وغير الرسميين، غادر وفد صندوق النقد الدولي برئاسة أرنستو راميريز ريغو بيروت، على أمل العودة في الخريف المقبل لإنجاز مشاورات المادة الرابعة التي تأخرت بسبب الأوضاع في البلاد.
وكتبت سابين عويس في" النهار": شهدت الزيارة الكثير من التأويل حيال موقف الصندوق من ملف الودائع وآلية استردادها انطلاقاً من أحكام مسبقة عن تبنّي الصندوق مبدأ شطب الودائع التي تتجاوز قيمتها ١٠٠ ألف دولار، وقد عزز هذا الانطباع ما تسرب عن المشاورات التي أجراها وفد الصندوق مع عدد من المصرفيين حول مأدبة غداء أقامها مصرف عودة على شرف الوفد، وهو يصب في هذا الإطار، عاكساً تبايناً بين المصارف الرافضة لهذا الخيار.



وأمكن لمس الحرص الشديد لدى الصندوق لنفي هذا التوجه، في إشارة إلى أن الالتزام ينحو في اتجاه ضمان صغار المودعين، والبحث في الآليات التي تتيح تأمين إعادة جزء من الودائع الأخرى، من دون أن يكون هناك تحديد لنسبة الاقتطاع التي يفترض أن تُحدَّد في القانون المرتقب صدوره عن الحكومة. ويشجع الصندوق لذلك خيار رفع السرية المصرفية الذي يبيّن توزع الفجوة المالية والمستحقين من غير المستحقين استعادة ودائعهم. يعترف الصندوق بأنه لا يمكن إعادة كل الأموال، فإما القبول بالاقتطاع وإما عدم استعادة أي وديعة، خصوصاً أن الدولة المتخلفة عن الدفع أساساً عاجزة عن سدّ الفجوة وعلى المصارف القيام بمساهمتها في هذا المجال.

ومنعاً لأي التباس في فهم نتائج الزيارة، لخص راميريز ريغو المشاورات في بيان قال فيه "إن الآفاق الاقتصادية غير واضحة إلى حدّ كبير. ورغم إحراز بعض التقدم في خفض التضخم واستقرار سعر الصرف، بدعم من قرار مصرف لبنان بانهاء كل التمويل النقدي وسياسة دعم النقد الأجنبي وكذلك القضاء على العجز المالي، فإن هذه الإصلاحات غير كافية لتحقيق التعافي. كما أن غياب استراتيجية للنظام المصرفي ذات صدقية وقابلة للاستمرار مالياً لا يزال يعوق النموّ الاقتصادي واستعادة أموال المودعين، فيما يؤدي الى زيادة حجم الاقتصاد النقدي وغير النظامي وبالتالي مخاطر أكبر للأنشطة غير المشروعة.
لم يغفل راميريز ريغو الإشارة إلى "بعض التقدّم المحرز في الإصلاحات النقدية والمالية منذ مداولات المادة الرابعة الأخيرة. ساعدت تدابير وزارة المال ومصرف لبنان – بما في ذلك الإلغاء التدريجي للتمويل النقدي للموازنة، وإلغاء منصة صيرفة والسياسة المالية المتشددة، والخطوات نحو توحيد أسعار الصرف – على احتواء تدهور سعر الصرف، واستقرار العرض النقدي، وبدأت بالحدّ من الضغوط التضخمية. كما أدت التدابير التي اتخذتها وزارة المال إلى تحسين تعبئة الإيرادات من خلال تعديل سعر الدولار الجمركي حسب سعر الصرف في السوق، إلى تقريب العجز المالي المتوقع لعام 2023 من الصفر. وأتاحت الجهود المشتركة لمصرف لبنان ووزارة المال تراكم بعض الاحتياطات الأجنبية. لكن هذه التدابير السياسية لا ترقى إلى ما هو مطلوب لتمكين التعافي من الأزمة. لا تزال ودائع المصارف مجمدة، والقطاع المصرفي غير قادر على توفير الائتمان للاقتصاد، ولم تتمكن الحكومة والبرلمان من إيجاد حل للأزمة المصرفية. إن معالجة خسائر المصارف مع حماية صغار المودعين إلى أقصى حد ممكن والحد من اللجوء إلى الموارد العامة الشحيحة بطريقة موثوقة ومجدية مالياً أمر لا غنى عنه لوضع الركيزة للتعافي الاقتصادي. وبدون إحراز تقدّم، سيستمر الاقتصاد النقدي والاقتصاد غير النظامي في النموّ، مما يثير مخاوف تنظيمية ورقابية كبيرة".

إن التقدم المحرز في الإصلاحات المتصلة بالحوكمة والشفافية والمساءلة، لا يزال محدوداً. إن مصرف لبنان بصدد البدء باتخاذ خطوات لتعزيز الرقابة الداخلية والحوكمة. وهناك حاجة ماسة إلى اتخاذ تدابير لزيادة الشفافية في القطاع العام، بما في ذلك البيانات المالية المدققة للمؤسسات العامة.

وجدد راميريز ريغو أخيراً التزام الصندوق بدعم لبنان، متوقعاً إجراء مناقشات المادة الرابعة في أيلول المقبل لتقويم التطورات والإصلاحات المالية.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

خالد صديق: صندوق التنمية الحضرية يلعب دور المطور العقاري في 13 محافظة

قال خالد صديق، الرئيس التنفيذي لصندوق التنمية الحضرية، إن الصندوق يلعب دور المطور العقاري في 13 محافظة، من بينها القاهرة، الدقهلية، المنيا، سوهاج، الفيوم ودمياط، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوفير 100 ألف وحدة سكنية جديدة. 

صندوق التنمية الحضرية يكشف تفاصيل تطوير حديقة الفسطاط على مساحة 500 فدان"الشباب والرياضة" تواصل الدورة التدريبية لمراكز السلامة النفسية بمراكز الشباب


وأشار "صديق" خلال لقائه مع الإعلامي نشأت الديهي في برنامج "بالورقة والقلم" على فضائية "TeN"، مساء الأحد، إلى أن الصندوق حصل مؤخرًا على جائزة أفضل مطور عقاري بالمدن، بعدما نجح في بيع أكثر من 11 ألف وحدة كاملة التشطيب العام الماضي.
وأكد أن فلسفة الصندوق ترتكز على فكرة إنشاء "كومباوندات" راقية داخل المدن القديمة، ليوفر للمواطن المصري سكنًا بمعايير عالية الجودة، وبأسلوب حياة يماثل أحياء مثل التجمع والشيخ زايد، مما يجعله الذراع الاستثمارية التي تهدف إلى الارتقاء بحياة المواطنين في مختلف أنحاء مصر.
 

مقالات مشابهة

  • خالد صديق: صندوق التنمية الحضرية يلعب دور المطور العقاري في 13 محافظة
  • ما تداعيات رفع الدعم كليا عن المحروقات في مصر بنهاية 2025؟
  • الفيدرالي والصندوق والبنك في مرمى نيران ترامب
  • رحلة البرنامج مع صندوق النقد بدأت... ولكن بأيّ شروط؟
  • توعية إضافية للقطاع الخاص
  • برلمانية: صرف الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد رسالة ثقة في قوة الاقتصاد المصري
  • المالية :زيادة قيمة الدعم النقدي لمستفيدي «تكافل وكرامة» 25% اعتبارًا من أبريل
  • لبنان يبلور نقاط اتفاق مجدّد مع صندوق النقد الدولي
  • الحكومة المصرية تقرر رفع الدعم نهائيا عن الوقود نهاية العام بسبب صندوق النقد الدولي
  • «النقد الدولي» يعلن استعداده لدعم لبنان في مواجهة التحديات الاقتصادية