هل ستتمكن السعودية من إدارة المرحلة القادمة؟!
تاريخ النشر: 2nd, August 2023 GMT
د. محمد المعموري كل المؤشرات في الأفق تشير الى أن العالم يمر بمرحلة جديدة تتقطع فيها أوصال النظام العالمي القديم وسط رفض العالم للخضوع إلى الوصاية الأمريكية، ناهيك عن الدور الذي تلعبه “الصين” كقوة اقتصادية وعسكرية مؤثرة ، فلم يعد يخفى على القاصي والداني مكانة الصين كلاعب سياسي واقتصادي مهم مما جعلها تراقب الاحداث التي تجري في العالم لتكون مركزا مهما في اتخاذ القرارات العالمية حتى ان امريكا اليوم اصبحت محتاجه للصين في تقوية موقفها وهذا ما جعل “كسنجر” وزير خارجية امريكا الاسبق يذهب الى الصين ليجري مباحثات دبلوماسية الغاية منها استمالة الصين نحو سياسة حيادية في حرب الغرب ضد بوتن وكذلك السعي في تهميش التحالف الروسي الصيني الذي قلب موازين المرحلة التي يعيشها العالم وكشفت أمريكا كقوة خاوية بإدارة ضعيفة “تهدد” مرة و”تسجدي” حلفائها الاستراتيجيين مرة أخرى.
ان تقلب السياسة الأمريكية بين الحزب “الجمهوري والديمقراطي” وانتهاجهما اسلوب ( المد والجزر ) في سياستيهما اتجاه حلفائها في الشرق الأوسط وخاصة اتجاه دول الخليج ومنها السعودية ادى الى تعميق الفجوة في العلاقات بين البلدين بالرغم من التحالفات الاستراتيجية التي تربط كلا البلدين ويشمل كافة الأمور الاقتصادية والسياسية وبالأخص تلك الاتفاقيات الأمنية التي كانت تطمئن السعودية بأنها الحليف الأكثر تواجدا لحمايتها من أي خطر خارجي يهددها … “ولم تفعل امريكا في مواطن كثيرة “،…!. ماذا تريد أمريكا من سياستها المتأرجحة مع السعودية؟ سؤال يطرحه المراقب للعلاقات الأمريكية السعودية ومن هذا المنطلق لو فتحنا ملف العلاقات السعودية الامريكية لوجدنا أن العلاقات السعودية الأمريكية كانت تسير بخطى ثابتة وعلى منوال واحد ، إلا أنها سرعان ما انحرفت عن مسارها حتى اصبحت العلاقات السعودية الأمريكية أكثر استقرارا عند تولي الجمهوريين الإدارة في البيت الأبيض بعكس تولي الديمقراطيين للسلطة هناك ؛ وحتى اعتقد بعض المحللين أن السعودية اتجاهها مع الحزب الجمهوري إلا أن هذه النظرية تحمل بين دفتيها تناقضات كثيرة لأن العلاقة الخارجية الامريكية لا تحددها احزاب ولا ترسم خطاها ايديولوجيات متناقضة إنما تحددها المصالح الأمريكية التي هي الأخرى لا تخضع لمزاجية رئيسها لأنها دولة مؤسسات تنبثق سياساتها من واقع مبني على العلمية والبحث الذي يستند على إيجاد السبل الكفيلة في رسم خارطة طريق السياسة الامريكية والتي قد ترغم الرئيس الامريكي على السير في مساراتها وتجنب الحياد عنها واضعتا مصالحها في مقدمة نهجها السياسي. وماذا يحدث الان إذن…؟ الذي يحدث الآن في البيت الأبيض هو التخبط السياسي الذي أنتجته عدم وضوح الرؤيا لقادة البيت الابيض؛ تبعتها سياسات غير متزنة مع العالم وخاصة الشرق الأوسط حتى انها “بكذبة “الارهاب دمرت دول عديدة ، فأصبحت يشار اليها بالإرهاب ، وكذلك فإنها تزعم انها تحكم العالم وكونها اعتقدت أنها القطب الأوحد في العالم أصبحت لا تعير الاهتمام لتجنب إي “شرخ” في علاقاتها مع دول الخليج “خاصة” وخاصة بعد أن دخلت أمريكا بقواتها إلى الخليج العربي لتحرير الكويت عام 1990، وتسابقت الاحداث لتخدم امريكا في توليها زعامة العالم بعد تفتت الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات من القرن العشرين وما تلاها من تطورات خطيرة في الموقف العالمي بعد خلو ساحة الزعامة العالمية من منافس لها كقطب مؤثر في السياسة الدولية، الى ان أصبح التواجد الأمريكي في الخليج أمر واقع استطاعت من خلاله السيطرة على المنطقة “عسكريا ” مما جعلها تتغافل عن حلفائها في الخليج فاصبح تأثير دول الخليج (حسب اعتقادها) لا يوازي ما تقدمه لهم من مسانده ودعم لذلك اتسمت السياسة الامريكية “متعمدة ” بالتأرجح وقد تبينت معالمها منذ تولي “أوباما” إدارة البيت الابيض وما تلاها من تناقضات في تلك السياسة الامريكية ….، هنا برزت معالم “إسفاف” امريكا التدريجي، الى ان زجت نفسها وحلفائها بمحرقتها في الحرب الاوكرانية الروسية فتهاوت اسطورتها واصبحت بعد ذلك تبحث عن حلفائها الذين تركتهم في منتصف طريقها، وتفاجأت بتخلي حلفائها عنها وسعيهم لإيجاد حلفاء جدد …. فاتجهت السعودية شرقا نحن الحلف “الروسي الصيني” حتى ادركت إدارة البيت الابيض انها لن تستطيع ان تجعل السعودية “دولة منبوذة” كما كان يعتقد رئيسها. لاحظنا أن سياسة السعودية قد اتجهت إلى الابتعاد عن السطوة الأمريكية وكذلك هي الآن تسعى لمسك العصي من الوسط وتتجه باتجاه مصالحها لتجنب هيمنة أمريكا على سلوكها وكذلك لم تكن لتعطي “بوتين ” الحق في اتخاذها قرار مساندته أو إدانته في حربه التي خاضها ويخوضها مع أوكرانيا وقد تجسد هذا الامر بدعوة الرئيس الأوكراني للقمة العربية التي عقدت بتاريخ ( 19مايو 2023 )في جدة مع البقاء على قنواتها السياسية فعالة في استقطاب السياسة الروسية والتخلي بشكل كامل عن السياسات المتناقضة الأمريكية فكان الاتفاق الإيراني السعودي تحت مظلة الصين هو الألم الأكثر قوة الذي وجهته السعودية للإدارة الأمريكية مما جعلها تسارع في ايجاد السبل للتقارب مع السعودية من خلال فتح القنوات السياسية مع الرياض للتفاوض في لإرجاع تلك العلاقات الى سابق عهدها من اجل ابعاد السعودية من” الحلف الشرقي ” مرة واخرى طلبا للطاقة التي اصبحت في بودقة الخطر الروسي … ، حتى تحولت السياسة الامريكية من الناكر لحليفتها السعودية الى “الحريصة “على تعزيزها. بإمكان السعودية الان ان تضع شروطها لحماية الامن القومي العربي ، واعتقد طلبها لإنشاء مفاعل نووي سلمي ليس كافيا كونها لو حصلت على هذا المفاعل بمفردها ستتعرض بعد حين لما تعرض له المفاعل العراقي في بداية الثمانينات من القرن الماضي لذلك عليها ان تدرس هذه الخطوة فيما اذا حصلت على هذا المفاعل سواء من امريكا او الدول التحالف الشرقي ، ان يكون مفاعل عربي منبثق من مجموعة من الاقطار العربية ذات التأثير الاستراتيجي الاقليمي ودولي كونها الفكرة الاكثر نضوج لتفادي “الغدر” السياسي،ا والسؤال الاكثر الحاحا هو: “هل سترجح السعودية مصالحها الوطنية على المصالح القومية للامة العربية …؟!.” ومن هنا نستطيع أن ننطلق لبناء الاستراتيجية العربية التي تعتمد على القدرات العربية الخالصة ولا ضير في تحالفات سواء كانت إقليمية أو دولية لتعزيز مكانة الأمة العربي على ان لا يكون تقدم بلد وتخلف آخر لاننا لو تفرقنا في التحالفات وتجمعنا على المصالح العربية فإننا أكيد سنستغني عن أي تحالفات تقييد العرب امتلاكهم التكنولوجيا وبالأخص التكنولوجية النووية. صحيح ان طموحنا وحدة امتنا العربية لكننا لو حصلنا في هذا الظرف على ناصية العلم النووية وتمكنا من اطلاق سراح المغيبين في سجون الاحتلال الصهيوني وبناء اتحاد اقتصادي عربي رصين نكون قد وصلنا الى منتصف الطريق ونستطيع ان نسلم اجيالنا مفاتيح النصر المبين. والله المستعان … كاتب وباحث عراقي mohmus94@yahoo.com
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الإعلامية أمل الحناوي: العلاقات العربية الأمريكية ذات طابع استراتيجي قوي
قال الإعلامية أمل الحناوي، إن العلاقات العربية الأمريكية شهدت تقلبات عديدة خلال الفترة الأخيرة متأثرة بموقف واشنطن المتناقض من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، لافتة إلى أن هناك آمالا في المستقبل أكثر على الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للبلاد لمدة 4 سنوات مقبلة.
ترامب يتعهد بإنهاء جميع الحروب في الشرق الأوسطوأضافت الحناوي، خلال تقديمها برنامج «عن قرب مع أمل الحناوي»، المذاع عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن دونالد ترامب تعهد عقب فوزه مباشرة بسباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية بإنهاء جميع الحروب بالشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه على مدار العقود الماضية كانت العلاقات بين العالم العربي والولايات المتحدة الأمريكية في حالة من الشد والجذب متأثرة بالأحداث السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها المنطقة.
وتابعت: «مع تعاقب الإدارات الأمريكية تبرز على الساحة دائمًا تساؤلات حول مستقبل العلاقات العربية الأمريكية وما الذي يمكن أن تتحمله الشعوب والدول العربية»، لافتة إلى أن العلاقات العربية الأمريكية ذات طابع استراتيجي قوي.