الملك محمد السادس يدعو الحجاج المغاربة للتحلي بقيم الإسلام المثلى
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
دعا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الحجاج المغاربة إلى تمثيل، المملكة، في موسم الحج، أكمل تمثيل، متحلين بقيم الإسلام المثلى، من أخوة صادقة وتسامح شامل وتضامن فعال. وقال جلالة الملك، في الرسالة السامية الموجهة إلى الحجاج المغاربة بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة لموسم 1445 هـ، اليوم الخميس "نخاطبكم من منطلق حرصنا الدائم على رعاية المقدسات الدينية وإظهار حرصنا الفائق على أن تمثلوا بلدكم، المملكة المغربية، في موسم الحج العظيم، أكمل تمثيل، متحلين بقيم الإسلام المثلى، من أخوة صادقة وتسامح شامل وتضامن فعال".
وحث أمير المؤمنين في هذه الرسالة التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق بمطار الرباط - سلا، الحجاج المغاربة على تمثيل المغرب، وتجسيد حضارته العريقة، التي اشتهر بها الأسلاف على مر التاريخ في الوحدة والتلاحم والتشبث بالمقدسات الدينية والوطنية القائمة على الوسطية والاعتدال، والوحدة المذهبية.
ودعا جلالته الحجاج إلى أن يكونوا سفراء للمغرب في إعطاء هذه الصورة الحضارية المضيئة، مذكرا إياهم بأن هذه القيم والثوابت هي التي جعلت المغرب ينعم بالأمن والاستقرار، ويواصل مسيراته الظافرة بقيادة جلالته الرشيدة نحو المزيد من التقدم والازدهار.
وفي سياق متصل، أشار جلالة الملك إلى ما يتطلبه القيام بفريضة الحج في هذه البقاع المقدسة من تقيد والتزام بالتدابير التنظيمية التي اتخذتها السلطات المختصة في المملكة العربية السعودية الشقيقة، التي توفر لضيوف الرحمن كل أسباب الاطمئنان.
وأضاف جلالته أن هذه التدابير تتوخى جعل موسم الحج يتم على ما يتعين أن يكون عليه من نظام وانتظام، وأمن وأمان، بتوجيهات سامية من "أخينا الأعز الأكرم، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، متعه الله بالصحة وطول العمر، وشد أزره بولي عهده أخينا الأعز الأبر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء حفظه الله وأطال عمره"، معربا جلالته في هذا الصدد عن عميق اعتزازه وبالغ إشادته بالعلاقات الأخوية التي تجمع بين المملكتين والشعبين الشقيقين.
بالموازاة مع ذلك، ذكر جلالة الملك بما يتطلبه أداء فريضة الحج من احترام الترتيبات والتوجيهات التي وضعتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حرصا منها على توفير شروط الراحة في الحل والترحال، وتمكين الحجاج المغاربة من الأداء الأمثل للمناسك بفضل ما وفرته لأفواج الحجاج في الديار المقدسة.
وأضاف صاحب الجلالة أن الأمر يتعلق بأطر متعددة الاختصاص، ترافق الحجاج المغاربة منذ مغادرتهم أرض الوطن وإلى عودتهم، من فقيهات وفقهاء موجهين ومرشدين، وأطباء وطبيبات وممرضين ساهرين على صحتهم، ومن إداريين قائمين على مدار اليوم بتقديم الخدمات الضرورية التي يحتاج إليها الحجاج.
كما ذكر جلالة الملك الحجاج المغاربة بما عليهم من واجب الدعاء لجلالته، بدوام النصر والتأييد وموصول العمل السديد، وموفور الصحة والعافية لجلالته ولأسرته الشريفة، وأن يريه في ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن ما يسر القلب، ويقر العين، وأن يشمل برحمته ورضوانه كلا من جده المقدس ووالده المنعم جلالة الملك محمد الخامس، وجلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، وأن يحيط المغرب بحفظه وعنايته، ويكلأه بعين رعايته.
ودعا أمير المؤمنين الحجاج إلى الدعاء لجلالته الساهر على "أمنكم وازدهاركم، وعلى وحدة وطنكم وصيانة سيادته وكرامته، وإحلاله المكانة اللائقة به في محيطه الإقليمي وعالمه الإسلامي".
وأضاف صاحب الجلالة، "احرصوا – رعاكم الله – وأنتم بالديار المقدسة خلال أيام الحج"، على أداء المناسك بأركانها وواجباتها وسننها ومستحباتها، واستغلال هذه الأوقات الثمينة في الدعاء والاستغفار، والذكر والابتهال، للفوز بما وعد الله به المؤمنين من جزاء على أداء الحج المبرور.
وقال صاحب الجلالة "لاشك في أنكم تتطلعون إلى تلبية أشواقكم الروحية في هذا الموسم العظيم بالقيام بزيارة المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، والوقوف بكل توقير وخشوع أمام خير الأنام وخاتم الأنبياء والرسل الكرام، مذكرا جلالته الحجاج المغاربة بما يقتضيه هذا المقام من خشوع وابتهال، وتوقير وإجلال، لنبي الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، رجاء الفوز بما وعد الله به كل من صلى وسلم عليه.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الحجاج المغاربة صاحب الجلالة جلالة الملک
إقرأ أيضاً:
الإسلام والسلام
#الإسلام_والسلام
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
مقال الإثنين: 18 /11 /2024
لا يوجد معتقد ديني ولا أيديولوجيا بشرية، تنتهج السلام وتدعو لإفشائه بين الناس غير الإسلام، بل قد جعل الله تعالى السلام أحد أسمائه الحسنى، كما جعل التحية بين الناس: السلام عليكم.
السلام بمعناه الأساسي هو نشر الأمان والطمأنينة بين الناس، وجعل العلاقة بينهم مبنية على التعاون وتحقيق المصالح للجميع، من غير غمط الحقوق أو الظلم، والذي منبعه الطمع في ما لدى الآخر، لذلك فأول وسيلة لإحلال السلام والوئام بدل التنازع والتقاتل هي تحقيق العدالة المبنية على عدم غمط الحقوق.
من هنا نفهم حكمة الله تعالى في إنزال الدين على البشر، ليكون حكما ومرجعا محايدا، ولم يتركهم للاجتهادات الوضعية التي عادة ما تحابي الأقوى وصاحب التأثير الأعلى، وجعل عماد الدين التشريعات الناظمة لجميع العلاقات المجتمعية البينية بين الأفراد، وبين المجتمعات المختلفة ، وحتى بين الإنسان والبيئة، والمحافظة على الحقوق وصيانة الملكيات العامة وحمايتها من الاعتداء عليها.
من مراجعة التاريخ البشري، لن نجد أية حقبة زمنية ساد فيها السلام، بل دائما ما كان هنالك في المجتمع الواحد طبقات مستعبَدة لأخرى أقوى منها، أو في أفضل الأحوال مستغَلة من قبل طبقة أخرى، فتسرق جهدها لأجل رخائها.
كما كانت هنالك أقوام تستعبد أقواما آخرين، أو تستعمر أرضهم فتسلبهم خيراتها، ولا تبقي لهم غير الفتات، وكان المظلومون في أغلب الأحيان يناضلون لاستعادة حقوقهم الإنسانية، ولما كانت السلطة دائما في يد الظلمة، والتي لا تستجيب لأنّات المظلومين، فلا يبقى في أيديهم غير اللجوء الى العنف، فتلجأ السلطة الى القمع لدرء تطور الاحتجاج وصولا الى الثورة والتي تنذر بسقوط نظام الحكم.
وإن كان التمرد من قبل مجتمع مستلب الحقوق من قبل دولة أخرى، فتلجأ القوة الظالمة الى استعمال القوة المفرطة للقضاء على المحتجين، ولتخويف غيرهم من الانضمام لهم.
مما سبق نجد أنه لا يمكن تحقيق السلام بالقمع أو القوة العسكرية، فالتخويف في كلتي الحالتين لن يؤدي الى إحلال السلام، بل ستبقى الثورة كامنة في النفوس، كنار تحت الرماد، تهب من جديد في أول فرصة سانحة.
وعليه فلا يمكن أن يتحقق السلام الدائم الا ان كان عادلا، لذلك فمن العبث الاعتقاد بأن السلام يفرض بالقوة، ويثبت ذلك دوام الصراعات وتجددها، لأن الأيام دول ولم تستتب القوة الغالبة لأمة زمنا طويلا.
من خلال فهم تلك الحتمية التاريخية، نتوصل الى ان تحكيم الدين واتباع منهج الله هو الوسيلة الوحيدة لإحقاق الحقوق، لأنه هو المنهج الوحيد العادل الذي لا يحابي المتنفذين ولا يرضخ لسلطان القوة المتجبرة.
وبما أن الدين عند الله هو الإسلام، ومنهاجه ثابت مدون في القرآن الذي لا يمكن للبشر المتنفذين أن يعدّلوا في نصوصه، لذلك فاتباعه يحقق السلام الحقيقي.
في الحال المزري الراهن لأمتنا، ما أوصلنا إليه إلا من استسلموا للعدو وطبعوا معه بدلا من مقارعته الى أن يخرج من ديارنا التي احتلها، فزادونا هوانا وأطمعوا عدونا فينا، فعلوا ذلك لأنهم أخذوا بمنهج الغرب، ورموا كتاب الله وراء ظهورهم، ولو اتبعوه لوجدوا فيه مخرجا.
في قوله تعالى: “فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ” [محمد:35]، يبين لنا عدم جواز النزوع الى مسالمة العدو إلا من موقع القوة، أي أن شعار “السلام خيارنا الاستراتيجي” الذي رفعته الأنظمة الحاكمة في ديار المسلمين لتبرير استسلامها، هو خيانة لمنهج الله وخروج عن دينه، فقد بشرنا تعالى بأننا الأعلون إن اتبعناه وأطعناه، لأنه عندئذ سيكون معنا، ومن كان الله معه فلا غالب له، وأثبتت وقائع التاريخ ذلك، فلم يهزم المسلمون قط من قلة وعدم تكافؤ في القوة مع عدوهم عندما كانوا مطيعين لله، ما هزموا إلا عندما خالفوا أوامره.
وبناء على ما سبق فإن التطبيع مع العدو يعني إقرارا له بما احتله، وقد بين لنا كتاب الله أنه لا يجوز إلقاء السلم الى العدو الباغي قبل ان يستعاد منه ما استلبه، لذلك فالتطبيع مخالفة لأمر الله، ومن يفعله فلا يعتبر متبعا لمنهجه، ومن يؤيده في ذلك فهو مشترك معه في المعصية، ولن ينفعه يوم القيامة إيمان لم يعمل بهِ.