ما يعنيه وفاة الرئيس الإيراني لمحور المقاومة؟!
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
عدنان هاشم
خسرت إيران، يوم الأحد 19 مايو/أيار، رئيس الجمهورية والخليفة المحتمل للمرشد الأعلى علي خامنئي الذي يمثل حجر الزاوية في النظام الحالي البالغ من العمر 85 عاماً. وتلقى النظام ضربة قوية بمقتل إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر إلى جانب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان.
وحتى قبل الإعلان الرسمي لوفاتهما كانت رسائل التضامن ومحاولات تقديم المساعدة قادمة من دول المنطقة.
فلا ينبغي لمقتلهم أن يغير السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية في المنطقة؛ لا في دعمها لحلفائها في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، ولا في رغبتها في الحفاظ على الوفاق مع دول الخليج.
لكن تضحيم الرسائل القادمة من “محور المقاومة” لدور الرجلين اللذين لعبا دوراً مهماً في سياسة إيران التوسعية أكثر من مجرد تعازٍ، بل هي علامة على احترام المرشد الأعلى علي خامنئي، صانع القرار الحقيقي في إيران الذي فقد أكثر رجلين خدمة وولاء داخل البلاد، وكان يتم صناعتهما بعناية لوراثة منصب المرشد الأعلى ورئاسة البلاد. فرئيسي وعبداللهيان أكثر الرجال الأصوليين يؤمنان برؤية المرشد الأعلى فيما يخص محور المقاومة وتمكين الحرس الثوري في الداخل والعمليات الخارجية لفيلق قدس الذي تخضع لقيادته المباشرة.
وليس هناك أي شك في أن الخط المتشدد لتصدير الثورة الذي وضعه النظام لنفسه سيظل على حاله دون تغيير لأنه يعمل في فراغ لا يسمح بأي شيء سوى التكاثر الذاتي، وهو الفراغ الذي لا يمكن للإيرانيين إلا أن يشعروا بأنهم مستبعدون منه. فخلال السنوات القليلة الماضية جرى استبعاد من يوصفون بالإصلاحيين الذين يختلفون في طريقة إدارة معارك الخارج وصلاحيات الحرس الثوري لصالح التيار الأصولي؛ فمعظم الذين في دائرة السلطة مع رئيسي يكادون يتطابقون في الرؤى حول إدارة السلطة وتصدير الثورة.
والنظرة أن السلطة التنفيذية (رئاسة البلاد والحكومة) لا تؤثر في سياسات إيران بسبب وجود المرشد هي قاصرة؛ فخلال حكم الرئيس السابق حسن روحاني تم الوصول إلى الاتفاق النووي الإيراني رغم معارضة المتشددين، وتراجع إنتاج اليورانيوم المخصب. وفي ظل ولاية رئيسي كانت المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عمان تناقش الوضع الإقليمي والبرنامج النووي الإيراني عندما ارتفع التخصيب لمستويات قياسية.
كان الرئيس إبراهيم رئيسي وأمير عبداللهيان متوافقَين على القضايا الإقليمية، وكان رئيسي أكثر الرؤوساء توافقاً مع الحرس الثوري وسياسات المرشد الأعلى منذ عقود. شعر الحوثيون أنفسهم بهذا التغيير بين لقاءاتهم مع جواد ظريف وزير الخارجية السابق وعبد اللهيان، فكان الأخير أكثر توافقاً معهم وتبنياً “لوجهة نظرهم” من سلفه، حسب ما أخبرني قيادي حوثي مطلع على التفاصيل.
ومن المؤكد أن القيادة العليا في إيران سوف تجد نفسها منشغلة أكثر بمهمة ضمان الانتقال السلس إلى رئيس جديد والانتخابات المبكرة التي من المقرر إجراؤها في 28 يونيو/حزيران، ولن يكون مستغرباً رؤية إيران متوترة؛ سواء من حيث موقفها الخارجي أو السياسة الداخلية، وقد تصبح أكثر خطورة إذا اعتبرت نفسها في موقف دفاعي.
وحتى تحقيق الانتقال ستستمر السياسات المحلية والخارجية بما في ذلك السياسة الإيرانية تجاه “محور المقاومة”. المسؤولون الحاليون يعكسون الدائرة الداخلية للمرشد الأعلى بما في ذلك القائم بأعمال الرئيس محمد مخبر ووزير الخارجية بالإنابة علي باقري المفاوض المخضرم، وأحد أبرز المنتقدين للغرب القريب من المرشد الأعلى، حيث أن ابنة خامنئي هي زوجة شقيق باقري.
لذلك ليس من الواضح على الفور ما إذا كانت هاتان الوفاتان ستخلفان عواقب وخيمة على علاقات إيران الخارجية، حتى معرفة من سيخلفهما بشكل رسمي. كما لن يتغير الوضع بالنسبة لمحور المقاومة الذي سيبقى أعضاؤه في حالة تأهب مع إيران المشغولة بترسيخ السلطة في الداخل والقلقة من الاستهداف الخارجي.
وتعاني إيران من تهديدات داخلية متزايدة مع استمرار التوتر منذ مقتل الشابة مهسا أميني (2022) والهجمات التي تبناها تنظيم داعش مطلع العام، وأوضاع اقتصادية سيئة، وأزمة سياسية؛ حيث يسعى نظام المرشد لتعزيز التوافق الإيديولوجي والسيطرة السياسية على القمة على حساب خسارة المزيد من شرعيتها من الأسفل.
وتصاعدت التهديدات الخارجية منذ الهجوم الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، وقتل قادة من الحرس الثوري بهجوم إسرائيلي على السفارة في دمشق، والرد الإيراني المباشر الأول من نوعه على الاحتلال الإسرائيلي الشهر الماضي، والتحشيد الغربي للسفن الحربية في البحر الأحمر. حيث أصبح عدم القدرة على التنبؤ هو القاعدة بين إيران وخصومها، مع كل المخاطر المترتبة على إساءة قراءة نوايا كل منهما.
إن توتر إيران وغضبها ومعاناتها من اضطرابات داخلية لا يعني إلا عدم استقرار للمنطقة؛ ومن المؤكد أن المضي في هذا المسار لا يعني بقاء الشرق الأوسط في فوهة مدفع، ويدفع النظام الإيراني إلى سعيه للحصول على الأسلحة النووية، التي ينظر إليها على أنها تأمين على الحياة، وهو ما يشجع جيران إيران الدخول في سباق تسلح للوصول أيضاً لأسلحة مكافئة، ما يزيد من مخاطر انتشار حالة عدم الأمن الإقليمي.
إن بقاء إيران قلقة في ظل استراتيجية المرشد علي خامنئي يزيد من دعم “محور المقاومة” وهو ما يزيد بالفعل من إقلاق الأمن القومي لدول المنطقة، خاصة في ظل التحشيد الدولي للأسلحة والسفن الحربية للمياه القريبة من إيران والقريبة من حلفائها في محور المقاومة، وهو ما يأملونه مع تراجعه بفعل تخفيض المعضلة الأمنية بين إيران وجيرانها.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةWhat’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...
الله يصلح الاحوال store.divaexpertt.com...
الله يصلح الاحوال...
الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...
ما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: لمحور المقاومة محور المقاومة المرشد الأعلى الحرس الثوری فی الیمن یقول إن
إقرأ أيضاً:
ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.
مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.
على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.
أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.
ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.
ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.
رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.
حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.
كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.
إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.
لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.
التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.
تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.
تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.
علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.
على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.
والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.