نفاد تذاكر حفل أم كلثوم.. دعوات لمقاطعة مهرجان “موازين”: “عيب وعار”
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
متابعة بتجــرد: يعود مهرجان “موازين إيقاعات العالم”، إلى تنشيط الساحة الفنية المحلية والعالمية، من خلال سهرات متنوعة تتوزع بين مختلف صنوف الفن والموسيقى، من شرقي وغربي ومحلي مغربي، ناهيك عن استقطاب فئة المواهب من خلال تخصيص حيز لها في البرمجة العامة.
عودة “موازين” في نسخته 19، التي تأتي بعد انقطاع أملته ظروف جائحة فيروس كورونا، وطال لمدة أربع سنوات، وهو اليوم يضرب موعدا متجددا لجمهوره العريض في الفترة من 21 إلى 29 من شهر حزيران/ يونيو المقبل، تعيد أيضا حملات كانت ترافقه طيلة مسيرته وتتعلق بدعوات مغاربة لمقاطعته لأسباب مختلفة وغالبا كانت تصنف في خانة تبذير الأموال على السهرات بدل استثمارها في مشاريع تخفف من عبء البطالة وغيرها من المشاكل الاجتماعية التي لا يمكن منع الفن أن يكون الحل الأنسب والأمل لها، كما يؤكد بعض المتخصصين في المجال.
وعلى بعد أيام من انطلاق أولى سهرات موازين، اعتلت تدوينات المقاطعة منصات التواصل الاجتماعي كما هي عادة كل دورة، وكان السبب هذه المرة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ليكتب عدد من المغاربة تدوينة أو “هاشتاغ” يقول “لا ترقص على جرح إخوانك”، وللناس في ذلك طرق وصيغ عديدة يصرفون من خلالها دعوتهم تلك، بين الهجوم المباشر على فعاليات المهرجان وبين انتقاد تعويضات الفنانين خاصة الأجانب والعرب، وبين من يكتفي بالقول “لا” ويمر إلى انشغالاته اليومية.
ولم تبق الساحة الافتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي وحدها في معترك الدعوة إلى مقاطعة مهرجان ناجح بكل المقاييس والمعايير الفنية والسياحية والتواصلية وأيضا الاجتماعية كما يؤكد المناصرون لموازين، بل انضمت إليه الساحة السياسية على أرض الواقع، وأطلق الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المعارض، عبد الإله بن كيران، النيران على المهرجان مجددا، مثلما يفعل حزبه في كل موسم.
وعبّر بن كيران عن عدم سروره كما قال “من إعادة إقامة حفلات موازين مرة أخرى بالمغرب في هذه الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني، وفي قطاع غزة تحديدا”، واعتبر “هذا عيبا وعارا”، مستنكرا إقامته في أوج الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، داعيا إلى إلغاء نسخة هذه السنة.
تصريحات بن كيران وردت في كلمة أو “لايف” بث منتصف ليلة الأربعاء صبيحة الخميس، وأعاد من خلاله إلى الأذهان تلك الخرجات التي سبق أن سجلها في “لايفات” سابقة وأثارت الكثير من الجدل خاصة على الصعيد السياسي والاجتماعي أيضا.
وحسب الأمين العام للحزب الإسلامي المعارض، “في تقديري أن المغرب ينبغي أن يتراجع عن تنظيم نشاط موازين”، مشددا على أنه “لا يمكن ونحن نرى إخوتنا يتعرضون للتقتيل ويتم تقطيعهم إلى أطراف، ويموتون بالجوع، ولا يجدون العلاج في الوقت الذي دمرت مستشفياتهم عن آخرها أو تكاد، ولا يجدون حتى الصرف الصحي، ويعانون هذه المعاناة كلها”، لذلك وفق كلمة بن كيران فإن “أقل ما يمكن تقديمه لفلسطين هو ألا نظهر الاحتفال والسرور، واستدعاء مغنيين من كل حدب وصوب”.
وخص بنكيران في كلمته بالغمز، كل من الفنان المصري محمد رمضان حين أشار إليه بـ”ذلك الذي جاء إلى معرض الكتاب”، وأيضا الفنان المغربي سعد لمجرد حين قال عنه بالمعنى “واحد مغربي سبق أن توبع قانونيا”، مؤكدا أنهما سيغنيان في هذا الوقت، وأن ذلك يؤلمني وأريد التعبير عن ألمي وأطالب بتأجيل هذه الأنشطة إلى أن تتوقف هذه الحرب على الأقل”.
بعض الانتقاد همّ شروط الفنانين مثل اللبنانية هيفاء وهبي التي قيل إنها “مقابل حضورها في مهرجان موازين هيفاء وهبي ستحيي سهرتها وستتقاضى مقابل ذلك مبلغًا ضخمًا، بالإضافة إلى طائرة خاصة تقلها مع فرقتها إلى المغرب، والإقامة في فنادق الخمس نجوم”، وأكدت صفحة “علاش تيفي” على “الفيسبوك” أن هذا الأمر “أثار جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل الكثيرون عن سبب دفع مبالغ ضخمة لهيفاء وهبي، وأيضا عن مدى حب الجمهور المغربي لها، لدرجة قبوله دفع مبالغ باهظة لحضور حفلها.
في مقابل انتقاد تعويضات الفنانين، هناك حضور بارز لدعوات المقاطعة بسبب الحرب على غزة، ومنها تدوينة قال فيها صاحبها بالدارجة المغربي ما معناه “بماذا تشعر وأنت ترى النصارى أطلقوا حملة عالمية ضد المشاهير، في الوقت أنت مسلم في بلد مسلم وفرحان لأنهم سيأتون للغناء عندك وتتسابق من أجل شراء التذكرة وحضور سهرتهم”، وأضاف بأسلوب التساؤل دائما “بماذا تشعر وأنت ترقص وإخوتك يتعرضون للإبادة كل يوم؟”.
ووضع صاحب التدوينة ملصقا يضم عددا من صور لمشاهير عالميين ومغاربة من بينهم: نيكي ميناج ونيكي نيكول ومغاربة مثل الستاتي والداودية ومسكير، مع وضع علامة حمراء على الصور والتي تعني المقاطعة.
إلى جانب الحرب على غزة والتعويضات المالية، حضرت مسألة التعليم أيضا، وعنها كتب مدون يقول “مغاربة يطلقون حملة مقاطعة مهرجان موازين في المغرب ويقولون التعليم في الدرك الأسفل (رتبة 154 عالميا) وموازين على رأس القائمة”، وسأل متابعيه “هل أنتم مع حملة مقاطعة مهرجان موازين”، وأضاف “اظهروا عندي حتى أراكم بكل افتخار”.
مقابل هذا الجدل الذي يبدو صاخبا على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك في الجهة الأخرى سير عادي للاستعدادات لإطلاق النسخة 19 من مهرجان موازين إيقاعات العالم، والعمل على قدم وساق لإضافة نجاح آخر إلى جملة المواسم السابقة التي سجلت حضورا قياسيا للجمهور ونقلا أكثر من قياسي لمختلف الفضائيات العالمية التي تحرص على مواكبة فعالياته عن كثب.
بالنسبة لنسخة هذه السنة 2024، فالأمور في مسارهم الطبيعي، والإقبال نفسه على مختلف سهرات موازين، بل هناك تذاكر نفذت وعلى رأسها حفلة سيدة الطرب العربي أم كلثوم على طريقة الهولغرام رغم سعرها المرتفع.
وكما هو الحال في الدورات السابقة، لم تنجح حملات المقاطعة التي يطلقها بعض المغاربة، في الحد من الإقبال الكثيف على السهرات في المنصات الرئيسية مثل السويسي وأب رقراق ومسرح محمد الخامس، وينبري المناصرون لموازين إلى الدفاع عن الحق في الفن وحق البلد في الاشعاع، وحقه أيضا في إيصال ثقافته الغنية عبر برمجة ذكية يعتمدها المنظمون للمهرجان، كما يقول مدون.
وعلى مدى تسعة أيام، سيعيش سكان الرباط وسلا وزوارهما من مختلف المدن المغربية وأيضا السياح الأجانب الذين يصنفون في خانة السياحة الفنية، برمجة غنية تتوزع عبر سهرات لأكبر النجوم في العالم عرب وأجانب.
ومن المتوقع أن يستقطب موازين هذا العام جمهورا غفيرا سيتجاوز النسخة السابقة 18، والتي تم خلالها تسجيل 3 ملايين شخص تابع السهرات الحية، وهو ما كان رقما قياسيا، يعبر عن رغبة المغاربة في أن يكونوا بالفعل رواد التسامح والتعايش والسلام.
main 2024-05-23 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی مهرجان موازین
إقرأ أيضاً:
وزير استخبارات سابق: الصهيونية في النزع الأخير.. “من نبكيهم اليوم سيكسبون الحرب”
#سواليف
تناول مقال للكاتب #روني_كاسريلز، في موقع “فلسطين كرونيكل”، #الإبادة_الجماعية التي ترتكبها دولة #الاحتلال في #غزة.
وأضاف وزير الاستخبارات السابق في جنوب أفريقيا، أن ” #الصهاينة وحلفاؤهم الليبراليون يبررون هذا القتل المهول، باعتباره ردا مشروعا على عملية #طوفان_الأقصى في السابع من أكتوبر من العام الماضي”.
وأشار إلى أن هناك اعترافا دوليّا بالحق في ممارسة #المقاومة المسلحة ضد #الاحتلال. ولكن لا يوجد اعتراف دولي بحق قوة الاحتلال في الدفاع عن النفس.
مقالات ذات صلة مصابون ودمار كبير بعد قصف من لبنان استهدف “تل أبيب” (شاهد) 2024/11/02وخلص الكاتب: “لم تمت الصهيونية، ولكنها بكل تأكيد في النزع الأخير، سوف يكون الثمن باهظا جدا، باهظا فوق كل اعتبار، ولكن الذين نبكيهم اليوم، هم من سيكسبون الحرب”.
وفيما يلي نص المقال:
في غزة يُقتل ستة أطفال كل ساعة.
تم حتى الآن ذبح ما يزيد عن سبعة عشر ألف طفل. لا أحد منا، ولا حتى الشعراء، بإمكانه استدعاء كلمات كافية لتصف التعطش الفاشي للدماء لدى النظام الإسرائيلي والمجتمع الذي يسانده.
بعد عام من بدء الهجوم على غزة، ما يزيد عن اثنين وأربعين ألف إنسان قتلوا. لا يشمل هذا الرقم المفقودين. ما يزيد عن عشرة آلاف شخص ممن يحسبون في عداد الأموات، مازالت أجسادهم تحت الأنقاض. أصيب أكثر من مائة ألف شخص، عدد كبير منهم إصاباتهم خطيرة.
في شهر يوليو (تموز) من هذا العام، قدرت دراسة نشرت في المجلة الطبية المحترمة، ذي لانسيت، بأن العدد الإجمالي للموتى، لأسباب مباشرة أو غير مباشرة، قد يتجاوز 186 ألف إنسان بحلول التاسع عشر من يونيو (حزيران) 2024. أكثر من سبعين بالمائة من الأموات هم من النساء والأطفال. ما يزيد عن ألف طفل فقدوا أطرافا لهم، وهو أعلى رقم لأي فترة مشابهة في التاريخ.
تظهر دراسة أعدتها سوفيا ستاماتوبولو روبينز من جامعة براون، ونشرت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام، أن تسعين بالمائة من الناس في غزة نازحون، وأن ستة وتسعين بالمائة لا يتوفر لديهم ما يكفي من الطعام والماء، ولا يوجد كهرباء، وما يزيد عن تسعين بالمائة من المستشفيات تم تدميرها، بينما قتل 880 شخصا من العاملين في الرعاية الصحية.
أربعة من بين كل خمسة أطفال استولت عليهم الكآبة وغارقون في الحزن والخوف. انتشرت الأمراض المعدية كالنار في الهشيم.
عدد القتلى المؤكد كنتيجة مباشرة للهجمات التي يشنها الجيش الإسرائيلي، الذي بلغ 42 ألفا، يساوي تقريبا ضعف عدد من سقطوا في مذبحة شاربيفيل يوميا وعلى مدى عام كامل.
بعد شاربيفيل، ساد هدوء نسبي ما بعد العاصفة. نقل المصابون إلى المستشفى، وتم دفن الموتى بكرامة. لحظتها اهتز النظام تحت وطأة التنديد الدولي بما حدث.
أما في غزة، فالقتل مستمر بلا هوادة.
يبرر الصهاينة وحلفاؤهم الليبراليون هذا القتل المهول، باعتباره ردا مشروعا على عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر من العام الماضي.
هناك اعتراف دولي بالحق في ممارسة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال. ولكن لا يوجد اعتراف دولي بحق قوة الاحتلال في الدفاع عن النفس.
صحيح أن حق ممارسة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال لا تشمل اتخاذ المدنيين رهائن أو شن هجمات متعمدة على المدنيين. ولكن، علينا مع ذلك أن نكون واضحين إزاء ثلاثة أمور.
أما الأول، فهو أن الإسرائيليين، المدعومين من قبل حلفائهم في الولايات المتحدة وفي غيرها من الأماكن، شنوا حملة دعاية وقحة بعد عملية طوفان الأقصى، ولقد ثبت دون أدنى شك كذب الادعاءات بقطع رؤوس أربعين رضيعا، وبارتكاب اغتصاب جماعي.
وأما الثاني، فهو أن ما يزيد عن ثلاثمائة شخص ممن قتلوا في إسرائيل في أثناء العملية، كانوا جنودا على رأس عملهم، وكانوا بذلك أهدافا عسكرية مشروعة. كثير من المدنيين الذين قتلوا كانوا جزءا من الاحتياط العسكري الإسرائيلي، وبذلك فهم جنود خارج دوام العمل. بالإضافة إلى ذلك، بات موثقا وبشكل جيد، أن كثيرا من هؤلاء المدنيين قتلوا بنيران أطلقها الجيش الإسرائيلي.
وأما النقطة الثالثة، فهي أنه في مثل هذه الأمور، يكون من الضروري دائما أن نأخذ السياق في الحسبان. والسياق هنا هو خمسة وسبعون سنة من الاحتلال والتشريد الاستعماري والتطهير العرقي الإجرامي في كل أنحاء فلسطين. ما يقرب من ثمانين بالمائة من أهل غزة هم أصلا من اللاجئين الذين قدموا إلى القطاع، بسبب التطهير العرقي الذي مارسه الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في عام 1948 وفي عام 1967.
كما عانى قطاع غزة من حصار دموي استمر سبعة عشر عاما، والمدنيون الذين أخذوا رهائن إنما أخذوا من أجل استبدالهم بالآلاف من الرهائن الفلسطينيين القابعين داخل السجون الإسرائيلية.
وكما يدرك كل من لديه علم بتاريخ الثورات ضد العبودية والاستعمار، يتم ارتكاب فظاعات عندما يثور المظلومون. يدرك التحليل الجاد ذلك ضمن السياق، ويدرك أن الظلم هو جذر العنف، وأن إنهاء الظلم هو السبيل نحو السلام.
كل موت بريء كارثة. كلنا نحزن لموت الرضع في الصراع، ولكن البشر المحترمين يحزنهم موت جميع الرضع. لقد مات رضيعان إسرائيليان اثنان في السابع من أكتوبر 2023.
ثم خلال أسابيع، قتل سبعون رضيعا حديثو الولادة في غزة. يريد منا الإسرائيليون وحلفاؤهم الليبراليون حول العالم، أن نحزن على الرضيعين الإسرائيليين، ونقبل بموت السبعين رضيعا في غزة، باعتباره من أفعال “أكثر الجيوش أخلاقا في العالم”.
يفترض فينا أن نقبل بأن حياة الإسرائيليين مقدسة، بينما حياة الفلسطينيين لا تساوي شيئا. هذا المنطق من نزع الإنسانية عن الآخر، طالما كان منطقا للفاشية والاستعمار، وهو ما يفترض في كل إنسان محترم أن يعارضه ويقاومه.
لقد اتخذ الناس حول العالم موقفا مبدئيا.
ما كان الرد الاستئصالي للاحتلال الاستعماري الإسرائيلي على المقاومة ليحصل دون مساندة الولايات المتحدة.
خلال العام الذي تلا عملية طوفان الأقصى، أنفقت الولايات المتحدة 22.76 مليار دولار على المساعدات العسكرية لإسرائيل، وعلى العمليات الأمريكية ذات العلاقة في المنطقة. ولكن داخل الجامعات في أرجاء الولايات المتحدة، وقف الشباب، وكثيرون منهم يهود، بشجاعة في صف العدالة.
تشير الإحصائيات إلى أن أربعين بالمائة من اليهود في الولايات المتحدة دون سن الخامسة والثلاثين، يعارضون الصهيونية ويدعمون الفلسطينيين. يفهم هؤلاء أن اليهودية موجودة منذ آلاف السنين، قبل قيام دولة إسرائيل، وأنها سوف تظل موجودة لفترة طويلة بعد زوال إسرائيل بالشكل الذي هي عليه الآن.
ها هي الحركة الدولية للمقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات، تنمو بسرعة وتزداد قوة، كما تحقق تطورا بارزا باتجاه تمكين الأمم المتحدة ومحاكمها العليا، المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، حتى تمارس صلاحياتها وتتخذ الإجراءات الضرورية في الحال.
لقد تصرفت دولة جنوب أفريقيا بشجاعة عندما رفعت قضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية. بالطبع هناك جهود معاكسة تبذلها الدولة في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، بما في ذلك محاولات كبيرة للتأثير على الرأي العام داخل جنوب أفريقيا.
تمول حكومة الولايات المتحدة مشاريع يبدو من خلالها أن “الأخبار الكاذبة” لا تصدر إلا عن خصومها في بريكس، ولا تصدر بتاتا عن الولايات المتحدة أو إسرائيل.
في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، تنوي “الحركة العالمية من أجل الديمقراطية” – وهي مشروع تابع للوقف القومي للديمقراطية، ومنظمة تابعة للدولة في الولايات المتحدة لديها ارتباط بالكثير من الانقلابات التي ساندتها الولايات المتحدة ضد الحكومات المنتخبة –، استضافة مؤتمر ضخم للمجتمع المدني في جوهانزبيرغ، هدفه تصوير الولايات المتحدة والغرب على أنهما رعاة الديمقراطية وحماتها حول العالم.
ثمة ضغوط متنامية تمارس على المنظمات غير الحكومية في جنوب أفريقيا لمقاطعة المؤتمر، وقد استجاب بعضها وأعلن عن انسحابه.
يتخفى تحت قناع الكبر الإسرائيلي، والادعاء بأن لديها حقا إلهيا في القتل والهيمنة، ضعف متنام. ومع بدء هجومها على لبنان وإيران، بعد قيامها بقصف سوريا واليمن، يتزايد الإدراك بأن فاشيتها تهدد المنطقة بأسرها، ومن ثم تشكل خطرا على السلام العالمي.
خلال ما يزيد عن عام، أخفقت إسرائيل في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، من ضمان تحرير الرهائن وسحق حماس. وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة، إلا أن المقاومة البطلة في غزة والضفة الغربية ولبنان واليمن لم تهزم. في هذه الأثناء، يخفي الجيش الإسرائيلي الأعداد الحقيقية لقتلاه وجرحاه، ولكنْ، هناك إدراك متنام في إسرائيل بأن عدد الإصابات في ارتفاع مستمر. واليوم، يعاني آلاف الجنود في إسرائيل من صدمات نفسية، باتوا بسببها غير قادرين على أداء المهام القتالية.
يتباهى الجيش الإسرائيلي بالمكاسب التكتيكية، ولكنه يتكبد هزائم استراتيجية. ومن خلال توسيع جبهة المعركة، فإنهم يتمددون فوق طاقتهم، وكلما تصاعدت الحرب، غاصوا في الوحل.
إسرائيل ليست دولة مستقرة. تكاد الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي تصل إلى نقطة الانكسار، وتخلي نتنياهو، فعليا عن الرهائن، أضعف التأييد الذي يحظى به.
والأكثر من ذلك، هو أن إسرائيل لن تتمكن على وجه التأكيد من خوض حرب استنزاف طويلة المدى، فالاقتصاد في أزمة بسبب هروب رأس المال، ونضوب الاستثمار الخارجي، والتراجع السريع في الناتج الإجمالي المحلي. لقد تكبدت إسرائيل في العام الماضي خسارة تقدر بأربعة وستين مليار دولار، وسوف يكون هذا العام أسوأ حالا. ناهيك عن أن نصف مليون مواطن هربوا من البلد.
باتت المستوطنات والبلدات المحاذية لجنوب لبنان وتلك التي في المنطقة الواقعة جنوبي قطاع غزة مهجورة، وتكاد الفنادق تفيض بالمستوطنين الذين نزحوا، وهم يقيمون فيها على نفقة الحكومة. ميناء إيلات خال من السفن، وقد أعلن إفلاسه.
تضرب صواريخ حزب الله أهدافا عسكرية في حيفا وفي غيرها من الأماكن، بما في ذلك قواعد مهمة للجيش وللموساد، بل تعرض منزل نتنياهو نفسه للقصف بطائرة مسيرة. لقد أثبتت عملية طوفان الأقصى، أن إسرائيل ليس عصية على القهر، وأثبتت قبة إسرائيل الحديدية ودفاعاتها الجوية، أنها لا تكفي لصد الهجمات المشتركة التي تشن من أنحاء مختلفة في المنطقة، ومن أماكن بعيدة مثل إيران واليمن.
لقد تعرضت إسرائيل لعقاب شديد من قبل حزب الله في لبنان، ولسوف تفشل في غزوها لذلك البلد كما فشلت من قبل.
أما إيران، فهي تماما عامل آخر؛ إنها بلد واسع، غني بالموارد، وخصم مهيب. وعلى النقيض من إسرائيل، تستهدف إيران المواقع العسكرية، ولا تشن هجمات عشوائية ضد المدنيين، وهذا ما لاحظه الناس، ولاحظته البلدان حول العالم.
الأوضاع مأساوية في غزة، وبشكل لا يمكن تصوره، وكذلك الوضع هو في الأحياء المحاصرة في الضفة الغربية، حيث بلغ عدد المحتجزين في السجون أحد عشر ألفا وخمسمائة. ومع ذلك، ما تزال المقاومة حية، وقد تجسدت بسالتها ورصانتها في التحدي الذي أظهره السنوار حتى لفظ آخر أنفاسه، كما تجسد في صرير الفتاة الصغيرة التي حملت شقيقتها الطفلة على ظهرها، وسارت بها بين تلال من الركام والموت.
يحنو الناس بعضهم على بعض ويرعى بعضهم بعضا حتى في أسوأ الظروف وأحلك الكوابيس. يحفرون في الأنقاض بحثا عمن دفنوا أحياء، ويسارعون نحو المستشفيات المقصوفة يحملون على أكفهم من في سكرات الموت ومن أصيبوا، ويحملون في أكياس من البلاستيك بقايا الضحايا الذين مزقت القنابل أجسادهم. يدفنون بكل لطف موتاهم الملفوفين في الأكفان في قبور جماعية. يحبون أرضهم، ويدهشون العالم بما يتحلون به من عزة وكرامة، وبإصرارهم على عدم التنازل عن أرض الآباء والأجداد.
لم تمت الصهيونية، ولكنها بكل تأكيد في النزع الأخير. سوف يكون الثمن باهظا جدا؛ باهظا فوق كل اعتبار، ولكن الذين نبكيهم اليوم، هم من سيكسبون الحرب.