صحيفة الجزيرة:
2024-11-22@00:35:01 GMT

الإبل تأسر قلوب شعراء العرب الأوائل

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

الإبل تأسر قلوب شعراء العرب الأوائل

شغلت الإبلُ مساحةً واسعة في شعر ما قبل الإسلام، حيث أبدع الشعراء قصائدَ وأبياتاً رائعةً تخاطب الإبل وتصف علاقتهم بها، وأبرزَ اللحظات التي عاشوها أو عاصروها برفقتها، ما جعل منزلتها رفيعةً عند العرب منذ القدم.

كما وصف العربُ الليلَ بالجمل، فقالوا:

اتخذ الليلَ جملاً، ومعناه: ركب الليلَ في حاجته، ولم يَنَمْ حتى أدركه.

فيما ذكر أحد الشعراء “العِيس” وهي الإبل التي يخالط بياضَها شُقرة، وتُعدّمن الكرائم فقال واصفاً حالاً من الأحوال:

كالعيس في البيداء يقتلُها الظمَا

والماءُ فوق ظهورِها محمولُ

ولكون الإنسانِ ابنَ بيئته، ويتأثر بها، ويرتبط بكافة تفاصيلها، تجلّى الشعر لدى العرب بوصف البيئة الصحراوية ورمالها وأشجارها وحيواناتها، لتظفر الإبل بالمساحة الأكبر في قصائدهم، وهو ما جعلهم يبرعون في وصفها وتصويرها بأوصافٍ تؤكد على متانة العلاقة بين الإنسان والإبل.

ولعطائها الذي لا حد له، وصف الشاعر عروةُ بن الوردِ الإبلَ بالأمومة التي تعطي بكرمٍ وسخاء، وتجود على الفقراء واليتامى والضعفاء، فقال:

وإذ ما يريح الحي صرماءُ جونة
ينوسُ عليها رحلُها ما يحلَّلُ
موقَّعةُ الصَّفقينِ، حدباء، شارفٌ
تقيد أحياناً لديهم وترحل
عليها من الوِلدانِ ما قد رأيتُمُ
وتمشي، بجَنبيها، أراملُ عُيَّل
وقلتُ لها يا أم بيضاء فتية
طعامُهُمُ، من القُدورِ، المعجَّل
مضيغ من النيب المسان ومسخن
من الماء نعلوه بآخر من علُ

وجاء أيضاً ذكر الإبل في معلقة طرفة بن العبد المشهورة حيث وصفها بإسهاب فأحسن الوصف، ويمكن الاطلاع على المعلقة والاستمتاع بتلك الصور الشعرية الرائعة، ولكنه هنا يشبّه نفسه بعدما فارقته عشيرته بالبعير الأجرب والمُبعَد عن الإبل حتى لا يعديها فيقول:  

إلى أن تحامتني العشيرةُ كلُّها
وأُفردتُ إفراد البعير المُعَبَّدِ


فيما جاءت مفردة “القَلُوص” في شعر إبراهيم بن العباس الصولي:

لو سوئلت عني القَلُوصُ لأخبرت
عن مستقرِّ صبابة المحزونِ

وفي وصف العلاقة الوطيدة بين الإنسان والإبل، يصوّر الشاعر المثقّبُ العبدي عتابَ ناقته له وشكواها من كثرة ترحاله، والحالة النفسية التي تمر بها، ويعبّر عن الصفات المشتركة بين الإبل والبشر فيقول:  

اقرأ أيضاًUncategorizedمحافظ الأحساء يزور معرض (اكتشف كفو) ويرعى حفل سفراء التميز بجامعة الملك فيصل

إِذَا ما قُمْتُ أَرْحَلُها بِلَيْلٍ..
تَأَوَّهُ آهةَ الرَّجُلِ الْحزِينِ
تقُولُ إِذَا دَرَأتُ لها وَضِينِي..
أَهذا دِينُهُ أَبَداً ودِينِي
أَكُلَّ الدَّهرِ حِلٌّ وارْتِحالٌ..
أَمَا يُبْقِي عَليَّ وما يَقِينِي
فأَبْقَى باطِلي والجِدُّ مِنْها..
كدُكَّانِ الدَّرَابِنَةِ المطِينِ

وفي الشوق والحنين إلى الأوطان قال الشاعر جرير الضبعي المعروف بـ”المتلمس”:

حنَّت قَلُوصي بها والليلُ مُطَّرِقٌ
بعد الهُدُوِّ وشاقَتْها النواقيسُ
معقولةٌ ينظر التشريق راكبها
كأنها من هوىً للرمل مسلوسُ
أمي شآميّةٌ إذ لا عراقَ لنا
قوماً نودُّهُمُ إذ قومُنا شُوسُ
حنَّت إلى النخلة القصوى فقلتُ لها
حجرٌ، حرامٌ ألا تلك الدهاريسُ

فيما قال الشاعر عَبِيد بن الأبرص في إحدى قصائده:

وحنَّت قَلُوصي بعد وهْنِ وهاجها
مع الشوق يوماً بالحجاز وميضُ
فقلت لها لا تضجري إن منزلاً
نأَتْني به هندٌ إليَّ بغيضُ

ولم يُخفِ الشاعر امرؤ القيس إعجابه بسرعة وقوة ناقته ومدى تحمُّلِها الصعاب في الصحراء، فقال:

تُقَطِّعُ غيطاناً كَأَنَّ مُتونَها
إِذا أَظهَرَت تُكسي مُلاءً مُنَشَّرا
بَعيدَةُ بَينَ المَنكِبَينِ كَأَنَّما
تَرى عِندَ مَجرى الضَفرِ هِرّاً مُشَجَّرا

واستمر ارتباط الإبل بالجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية حتى اليوم، بعد أن اعتمد الناس عليها في أمور حياتية كثيرة، وتوارثوها جيلاً بعد جيل،وهو ما حدا بوزارة الثقافة لتسمية العام الحالي 2024 بـ”عام الإبل”، ترسيخًا لمكانتها باعتبارها موروثًا أصيلًا، وأيقونةً ثقافية تعبّر عن الهوية السعودية.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية

إقرأ أيضاً:

منافسات قوية في مزاينة رزين وتتويج الفائزين

شهدت أشواط سن الثنايا في مزاينة رزين، ثاني محطات مهرجان الظفرة بدورته الـ 18، منافسة وتحدي بين مُلاك الإبل في دولة الإمارات ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ضمن 12 شوطا للإبل المحليات والمجاهيم والمهجنات الأصايل.

وتوج، ضيف شرف مزاينة رزين، سعادة الدكتور سعيد بن حمد بن هويمل العامري، وعبدالله بطي القبيسي المدير التنفيذي لقطاع التوعية والمعرفة التراثية بالإنابة في هيئة أبوظبي للتراث، الفائزين بالمنافسات في منصة مزاينة الإبل برزين، وسط حضور عدد من كبار مُلاك الإبل وعشاق المسابقات التراثية وزوار المزاينة.

وتعلن مساء غد الخميس، نتائج منافسات الأشواط المخصصة لسن الحول للمجاهيم والمحليات والمهجنات الأصايل، التي دخلت صباح استعدادا لعرضها على اللجان “الفرز، التشبيه والتسنين، الطبية، التحكيم”.


مقالات مشابهة

  • حسين خوجلي يكتب: قرى الجزيرة الجريحة ما بين دم عثمان و دم ابن ضابئ
  • طفلة غزية تأسر القلوب بغنائها حلوة يا بلدي من وسط الأنقاض
  • الأحد المقبل.. انطلاق مؤتمر مستقبل الابتكار وريادة الأعمال بجامعة سوهاج
  • هذه الصلاة من أبرك الأعمال وأفضلها وأكثرها نفعا بالدين والدنيا.. داوم عليها
  • "أبوظبي للغة العربية" يُكرّم أعلام الشعر
  • كيف تتم عملية صيانة الغسالات في شركة الأوائل؟
  • بالفيديو.. رجل أعمال يتبرع بمئتي رأس من الإبل مناصفة بين القوات المسلحة ونازحي ولاية الجزيرة
  • منافسات قوية في مزاينة رزين وتتويج الفائزين
  • بالأسود الجذاب.. ياسمين صبري تأسر الأنظار في أحدث ظهور.. فيديو
  • باحثة كويتية تضع حدا للجدل حول علاج بول الإبل لمرض السرطان