رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن القضية الفلسطينية التي كانت في سبات أصبحت الآن في محور اهتمام العواصم الغربية والعواصم الأخرى.

وذكرت الصحيفة الأمريكية - في سياق تقرير نشرته اليوم، الخميس، على موقعها الإلكتروني - أن الهجوم على إسرائيل والقصف الإسرائيلي المدمر لغزة رداً عليه، كان سبباً في إخراج العالم من سباته إزاء صراع استعصى حله، فنادراً ما ذكرت الإدارة الأمريكية الحالية إلى جانب القوى الأوروبية، نتيجة حل الدولتين في السنوات السابقة، معتقدة أنه يمكن حل القضية الفلسطينية في بعض التطبيع الأوسع في الشرق الأوسط للعلاقات مع إسرائيل، ولكن ثبت أن ذلك كان مجرد تفكير بالتمني.

وأشارت الصحيفة إلى أن اعتراف إسبانيا والنرويج وأيرلندا بالدولة فلسطينية يعكس تزايد السخط تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى من جانب أصدقائه التقليديين ويشير إلى تزايد الضغوط الدولية عليه.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه ليس من المحتم أن تتخذ الدول الأوروبية الكبرى نفس الخطوة على الرغم من التصريح السابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال فيه "إن مثل هذا الاعتراف ليس من المحرمات"، كما قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في فبراير الماضي "إن مثل هذا الاعتراف لا يمكن أن يأتي في بداية عملية مفاوضات إسرائيل مع القيادة الفلسطينية، ولكن ليس من الضروري أن ينتظر حتى نهاية العملية".

وأوضحت الصحيفة أن هذه الخطوات الصغيرة رغم أنها تتجاوز كل ما قالوه سابقًا، ولكنها أقل بكثير من الاعتراف بالدولة الفلسطينية نفسها، وأنه إذا توحدت أوروبا وانضمت دولها الكبرى إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتركت الولايات المتحدة معزولة في رفض مثل هذه الخطوة فسيكون لها تأثير أعظم، ولكن هذه المرحلة لا تزال بعيدة.

هل تعترف فرنسا بالدولة الفلسطينية؟

وقال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني في بيان حول الاعتراف المحتمل بالدولة الفلسطينية: "يجب أن يكون هذا القرار مجدياً يسمح بخطوة حاسمة للأمام على المستوى السياسي، وفرنسا لا تعتبر أن الشروط قد استوفيت حتى الآن لكي يكون لهذا القرار تأثير حقيقي"، وهذا يشير إلى أن فرنسا سوف تنتظر وكذلك الحال بالنسبة لألمانيا، التي يأتي دعمها لإسرائيل في المرتبة الثانية بعد دعم الولايات المتحدة.

ولقد أوضح القرار الذي اتخذته أسبانيا والنرويج وأيرلندا أمراً واحداً وهو أنه لن تكون هناك وحدة أوروبية أو على الأقل توقيت متسق بشأن مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

أما الولايات المتحدة فتظل مصرة على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يأتي من خلال المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وإلا فإن مجرد الاعتراف لا يغير شيئا على أرض الواقع.

وأشار التقرير إلى أن الحياة العملية لنتنياهو مبنية إلى حد كبير على تجنب التوصل إلى اتفاق حل الدولتين، ويبدو من غير المرجح أن يتغير ذلك، ما لم تتمكن الولايات المتحدة بطريقة أو بأخرى من إلزام إسرائيل لفظياً بعملية تنتهي بحل الدولتين وإنهاء الحرب في غزة.

وأكد السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة إيتامار رابينوفيتش أن إنهاء حرب غزة سيؤدي حتماً إلى إجراء تحقيق رسمي في المسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر ومواجهة نتنياهو بتهم الاحتيال والفساد الموجهة إليه، وقال "بالنسبة لأي رئيس وزراء فإن العرض الأمريكي جذاب للغاية، ولكن لأسباب نتنياهو الشخصية فإنه يرفض أي دور فلسطيني مهم في حكم غزة في فترة ما بعد الحرب".

وقال زعماء الدول الأوروبية الثلاث التي اعترفت بفلسطين إنهم عازمون على إبقاء فكرة الدولتين حية، وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز "لن نسمح بتدمير إمكانية حل الدولتين بالقوة".

كانت تلك كلمات مؤثرة ويبدو من المحتمل أنه في وقت المعاناة الرهيبة فإن الاعتراف سيوفر دفعة معنوية للفلسطينيين الذين يسعون إلى حقهم في تقرير المصير، لكن الحقيقة أن أوروبا المنقسمة لم يكن لها أي نفوذ حقيقي على الصراع، فقد كانت لاعباً هامشياً منذ أن أسفرت محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في أوائل التسعينيات عن اتفاقيات أوسلو، والصوت الوحيد الذي قد تستمع إليه إسرائيل في الوقت الراهن هو الصوت الأمريكي.

وقال إيتامار رابينوفيتش "ليس للأوروبيين أي تأثير فعلي فالاعتراف بالدولة الفلسطينية هو أمر رمزي بحت ولا يغير شيئا، إذا أرسلوا 30 ألف جندي أوروبي إلى غزة لإنهاء الحرب فسيكون الأمر مختلفًا لكننا نعلم أنه إذا قُتل 10 منهم فسوف يغادرون جميعًا على الفور".

ويأتي هذا الاعتراف في أعقاب طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وفي الوقت الذي وصفت فيه الولايات المتحدة قرار المدعي العام بأنه "مخز"، قالت فرنسا إنها "تدعم المحكمة الجنائية الدولية واستقلالها ومكافحة الإفلات من العقاب في كل المواقف"، وهو ما يعتبر علامة أخرى محتملة على انقسام الحلفاء مع تفاقم الحرب.

ورداً على الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بمنع قواتها من ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية أو التحريض عليها.

وبعبارة أخرى، فإن الضغط على إسرائيل يتزايد وكذلك عزلتها، وفي الوقت الذي نجد فيه أن مصير نتنياهو السياسي والقضائي على المحك فإن قراره بإطالة أمد الحرب يأتي بثمن باهظ.

إحياء فكرة حل الدولتين

واختتمت الصحيفة تقريرها بقولها إن الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني اللذين يتقاتلان من أجل نفس القطعة الضيقة من الأرض الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن يظلان يشكلان جوهر الصراع غير القابل للتصرف، فلن يرحل أي منهما إذ يعتقد كل منهما أن ادعاءه لا يمكن دحضه، والآن مع ظهور مواجهة إقليمية أوسع نطاقاً، فقد حدث تدافع لإحياء فكرة حل الدولتين على الرغم من أن الظروف الملائمة لتحقيقها تبدو أقل ملاءمة من أي وقت مضى.

ويشكل اعتراف إسبانيا والنرويج وأيرلندا بالدولة الفلسطينية جزءا من هذا التدافع وجزء من السخط العالمي الذي قد يساهم في دفع الزخم إلى الأمام.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الولايات المتحدة القصف الإسرائيلي غزة الدولة الفلسطينية الاعتراف بالدولة الفلسطینیة الولایات المتحدة حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

وزير الصحة الفلسطينية: نقدم الشكر لمصر على جهودها الحثيثة لإدخال المساعدات لغزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قدم وزير الصحة الفلسطيني الدكتور ماجد أبو رمضان الشكر لمصر على جهودها الحثيثة لإدخال المساعدات لقطاع غزة.

وقال أبو رمضان - في تصريح خاص لقناة النيل الإخبارية بالتلفزيون المصري - أن الوضع الصحي في غزة كارثي ويزداد سوءا كل يوم وساعة نتيجة القصف الذي لم يتوقف خلال أكثر من 14 شهر الماضية، لافتا إلى أن أعداد الشهداء والجرحى زادت عن 150 ألف شخص وهذه الأعداد التي تم تسجيلها ولكن هناك العديد الذين لم يتم تسجيلهم ايضا.

وأوضح «أبو رمضان» أنه لا يوجد أي مركز صحي لم يتم استهدافه تقريبا، مشيرا إلى أن أكثر من 85% من القدرة الصحة في محافظات فلسطين الجنوبية في قطاع غزة قد دمرت بالكامل.

ولفت «أبو رمضان» إلى أن هناك العديد من الأطفال استشهدوا نتيجة التعرض لموجات البرد الشديد بالإضافة إلى عدم وجود طعام كافي ليس لهم ولا لأمهاتهم. 

وقال إن وكالة الأونروا لازالات تقوم بدورها ولكن بدور مقلص جدا لانها يتم محاربتها من قبل القوات الاسرائيلية ويتم منعها من إدخال المواد اللازمة لكي تقوم بعملها.

وطالب وزير الصحة الفلسطيني كل دول العالم الالتزام بقرار الجمعية العامة والذي تم اتخاذه بغالبية كبرى من الاصوات من اجل تمكين الأونروا من العمل في فلسطين.

وأوضح أن المواطن الفلسطيني سواء في غزة او في الضفة الغربية هو مستهدف بنفس الدرجة والنظام الصحي مستهدف بنفس الدرجة، ولكن مع اختلاف شدة الاستهداف.

مقالات مشابهة

  • عمرو أديب عن حرائق كاليفورنيا: عجائب الدنيا بالدولة الأكبر في العالم
  • واشنطن تايمز: الولايات المتحدة تستعد لحرب محتملة مع الصين بحلول 2027
  • استشهاد لبنانيين في القصف الإسرائيلي على الجنوب
  • محافظة مأرب تشهد مسيرات حاشدة نصرة للقضية الفلسطينية وإسنادًا لغزة
  • 33 مسيرة جماهيرية في تعز نصرة لغزة واسناداً للمقاومة الفلسطينية الباسلة
  • مسيرات حاشدة في 33 ساحة بتعز نصرة لغزة واسناداً للمقاومة الفلسطينية
  • مصادر طبية في غزة: حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة تتجاوز 46 ألف قتيل منذ 7 أكتوبر 2023
  • وزير الصحة الفلسطينية: نقدم الشكر لمصر على جهودها الحثيثة لإدخال المساعدات لغزة
  • جرائم الدعم السريع.. قراءة في تقريري نيويورك تايمز والجزيرة نت
  • الجارديان: مأساة غزة تتفاقم مع انهيار القطاع الصحي جراء القصف الإسرائيلي