صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-20@02:01:30 GMT

بهلوانيات المشهد السوداني!!

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

بهلوانيات المشهد السوداني!!

بهلوانيات المشهد السوداني!!

عثمان ميرغني

«إعلان نيروبي» الذي وقعه الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق ورئيس تنسيقية القوى المدنية (تقدم)، يوم السبت الماضي مع رئيسي اثنتين من الحركات المسلحة هما عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان، وعبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية- شمال، أثار جدلاً وملاحظات كثيرة.

استغربت مثل كثيرين عندما أعلن عن أن الاتفاق كان ثلاثياً، في حين أن الوثيقة التي انتشرت احتوت على توقيعَي حمدوك وعبد الواحد فقط. تساءل الناس لماذا ظهر الإعلان المتداول موقعاً باسمين فقط في حين أن الحلو كان موجوداً وظهر في الصور مع الطرفين الآخرين؟

الغموض لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما تبين أن حمدوك وقع الإعلان ذاته مرتين مرتدياً قبعتين مختلفتين: مرة مع عبد الواحد بقبعة بصفة رئيس الوزراء السابق، ومرة مع الحلو بقبعة بصفة رئيس تنسيقية «تقدم». لماذا كانت هذه الازدواجية؟

الرد جاء في تصريحات لاحقة على لسان كمال عبد العزيز القيادي بحركة عبد الواحد والذي أوضح في تصريح لـ«المحقق» أن الحركة لم توقع مع حمدوك بصفته رئيساً لتنسيقية «تقدم» لأنها ترفض الاتفاق مع كيانات تدعو للاصطفاف، على حد تعبيره. ومضى قائلاً: «لا نريد أن ندخل في هذه الاصطفافات التي كانت سبباً في المشاكل التي انتهت بالبلاد إلى هذه الحرب». وفسر ذلك بقوله إن قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) هي ذاتها «تقدم»، «وسبق وأن رفضنا الاصطفاف مع (قحت)، ونرفضه الآن مع (تقدم)».الغريب أن عبد الواحد محمد نور عندما التقى حمدوك للمرة الأولى في باريس في سبتمبر (أيلول) 2019 بترتيب من الرئاسة الفرنسية رفض آنذاك مقابلته بصفته رئيساً للوزراء، وقال وقتها إنه وافق على لقائه «ليس كرئيس حكومة بل كفرد وشخصية سياسية في البلاد».

اليوم يعود عبد الواحد ليوقع مع حمدوك إعلان نيروبي بصفة رئيس الوزراء السابق التي رفض الاعتراف بها سابقاً. إنها بهلوانيات المسرح السياسي الراهن!

الإعلان في نسخته الأخرى التي وقعها حمدوك بصفته رئيساً لتنسيقية «تقدم» يثير أيضاً إشكاليات توحي بأن الرجل تصرف بشكل منفرد بدليل أن حزب الأمة القومي، وهو طرف أساسي في مكونات «تقدم»، أبدى اعتراضه على فقرات أساسية وردت فيه. فقد أعلن الحزب في بيان أصدره هذا الأسبوع أن الإعلان تضمن قضايا خلافية محل بحثها في المؤتمر القومي الدستوري لا سيما «طبيعة الدولة، ومسألة الدين والدولة، والهوية ونظام الحكم».

من هذه القضايا الخلافية ما ورد في الفقرة الرابعة (د) التي نصت على «تأسيس دولة علمانية» في السودان، وهو أمر حساس أثار ويثير الكثير من الخلافات والجدل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقرره أطراف إعلان نيروبي نيابة عن الشعب السوداني وبمعزل عن الأطراف والقوى السياسية والمدنية والمجتمعية الأخرى.

خاض الإعلان في قضايا هوية الدولة وطبيعتها وشكل الحكم في فقرات أخرى أيضاً تتحدث عن الوحدة الطوعية والحكم الفيدرالي و«ضمان فصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة». المصيبة أن أطراف الإعلان الثلاثة قرروا أنه «في حال عدم تضمين هذه المبادئ في الدستور الدائم، يحق للشعوب السودانية ممارسة حق تقرير المصير»، وهذه بلا شك صياغة ملغومة تحاول أن تملي على الناس القبول بهذه المقررات وتضمينها في أي دستور قادم، وإلا فإن البديل هو التقسيم وحق تقرير المصير لكل «الشعوب السودانية»! وحتى بالنسبة للطاولة المستديرة التي يفترض أن تناقش فيها هذه القضايا، فإن إعلان نيروبي جعلها محصورة على القوى الوطنية التي تؤمن بالمبادئ الواردة فيه، ما يعني استبعاد القوى السياسية والمدنية والمجتمعية التي قد لا تتفق مع نقاط أساسية فيه.

الإعلان تضمن أيضاً نقطة خطيرة أخرى عندما نص في الفقرة 4 (هـ) على «تأسيس منظومة عسكرية وأمنية جديدة»، وهو ما يفهم على أنه دعوة لتفكيك القوات المسلحة وتشكيل جيش جديد، ما يعد تجاوزاً لكل التفاهمات السابقة بين الأطراف المدنية والعسكرية سواء في الفترة الانتقالية أو ما بعدها بما في ذلك إعلان أديس أبابا الذي وقعه حمدوك ذاته مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

هناك نقاط أخرى مثيرة للجدل لا يتسع المجال هنا لذكرها، لكن الإعلان بشكله هذا لن يكون عاملاً مساعداً في لملمة الصفوف، بل يزرع المزيد من بذور الخلافات في الساحة الملتهبة أصلاً.

* نقلاً عن الشرق الأوسط

الوسومإعلان نيروبي الجيش الشرق الأوسط حق تقرير المصير عبد العزيز الحلو عبد الله حمدوك عبد الواحد محمد نور عثمان ميرغني هوية الدولة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إعلان نيروبي الجيش الشرق الأوسط حق تقرير المصير عبد العزيز الحلو عبد الله حمدوك عبد الواحد محمد نور عثمان ميرغني هوية الدولة إعلان نیروبی عبد الواحد

إقرأ أيضاً:

جمعية إسرائيلية تقدم طعا إلى المحكمة العليا ضد قرار إقالة رئيس الشاباك

قالت وسائل إعلام عبرية إن جمعية جودة الحكم قدمت التماسًا إلى المحكمة العليا ضد قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإقالة رئيس الشاباك 

رونين بار. 

إقالة رئيس الشاباك

وادعت جودة الحكم في التماسها أن إقالة بار هدفها إحباط تحقيقات حساسة بديوان نتنياهو، وطالبت المحكمة إصدار أمر مؤقت بمنع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من عقد مجلس وزرائه للتصويت على إقالة بار.

إسرائيل تشتعل غضبًا.. مظاهرات حاشدة ضد نتنياهو بعد إقالة رئيس الشاباكنتنياهو أعلن الحرب.. إقالة رئيس الشاباك تثير انقساما حادا في إسرائيل

الالتماس هو الأول من بين العديد من الالتماسات التي من المتوقع تقديمها إلى المحكمة العليا في الأيام المقبلة.

في وقت سابق اليوم، قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن أحزاب المعارضة ستقدم أيضًا التماسًا إلى المحكمة بشأن الإطاحة برئيس الشاباك وستعمل معًا «لوقف هذا العمل المتهور».

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني من الجيوش القليلة في عالم اليوم التي تضم أكفأ الجنرالات وأشجع الجنود
  • سفيرة الإمارات تقدم أوراق اعتمادها إلى رئيس ليتوانيا
  • الهجري: نرفض الإعلان الدستوري وأيدينا ما تزال ممدودة
  • إعلان نتيجة شقق الإسكان الاجتماعي 2025.. رابط وخطوات الاستعلام
  • إعلان عن “حجاب برج إيفل” يشعل الجدل في فرنسا.. فيديو
  • برج إيفل بالحجاب.. إعلان تجاري يتحول إلى معركة سياسية
  • جمعية إسرائيلية تقدم طعا إلى المحكمة العليا ضد قرار إقالة رئيس الشاباك
  • منير أديب يكتب: دستور مؤقت أم أسلمة دائمة؟ إعلان دستوري يكرس الصلاحيات في يد الرئيس ويستثني المكونات السورية من معادلة الحكم
  • بعد تصريحات رئيس الوزراء.. انتظروا الإعلان عن حجز 400 ألف وحدة سكنية في هذا الموعد
  • حمدوك .. والإحرام من كادوقلي … لزيارة عبدالعزيز الحلو فى كاودا