بهلوانيات المشهد السوداني!!
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
بهلوانيات المشهد السوداني!!
عثمان ميرغني
«إعلان نيروبي» الذي وقعه الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق ورئيس تنسيقية القوى المدنية (تقدم)، يوم السبت الماضي مع رئيسي اثنتين من الحركات المسلحة هما عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان، وعبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية- شمال، أثار جدلاً وملاحظات كثيرة.
الغموض لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما تبين أن حمدوك وقع الإعلان ذاته مرتين مرتدياً قبعتين مختلفتين: مرة مع عبد الواحد بقبعة بصفة رئيس الوزراء السابق، ومرة مع الحلو بقبعة بصفة رئيس تنسيقية «تقدم». لماذا كانت هذه الازدواجية؟
الرد جاء في تصريحات لاحقة على لسان كمال عبد العزيز القيادي بحركة عبد الواحد والذي أوضح في تصريح لـ«المحقق» أن الحركة لم توقع مع حمدوك بصفته رئيساً لتنسيقية «تقدم» لأنها ترفض الاتفاق مع كيانات تدعو للاصطفاف، على حد تعبيره. ومضى قائلاً: «لا نريد أن ندخل في هذه الاصطفافات التي كانت سبباً في المشاكل التي انتهت بالبلاد إلى هذه الحرب». وفسر ذلك بقوله إن قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) هي ذاتها «تقدم»، «وسبق وأن رفضنا الاصطفاف مع (قحت)، ونرفضه الآن مع (تقدم)».الغريب أن عبد الواحد محمد نور عندما التقى حمدوك للمرة الأولى في باريس في سبتمبر (أيلول) 2019 بترتيب من الرئاسة الفرنسية رفض آنذاك مقابلته بصفته رئيساً للوزراء، وقال وقتها إنه وافق على لقائه «ليس كرئيس حكومة بل كفرد وشخصية سياسية في البلاد».
اليوم يعود عبد الواحد ليوقع مع حمدوك إعلان نيروبي بصفة رئيس الوزراء السابق التي رفض الاعتراف بها سابقاً. إنها بهلوانيات المسرح السياسي الراهن!
الإعلان في نسخته الأخرى التي وقعها حمدوك بصفته رئيساً لتنسيقية «تقدم» يثير أيضاً إشكاليات توحي بأن الرجل تصرف بشكل منفرد بدليل أن حزب الأمة القومي، وهو طرف أساسي في مكونات «تقدم»، أبدى اعتراضه على فقرات أساسية وردت فيه. فقد أعلن الحزب في بيان أصدره هذا الأسبوع أن الإعلان تضمن قضايا خلافية محل بحثها في المؤتمر القومي الدستوري لا سيما «طبيعة الدولة، ومسألة الدين والدولة، والهوية ونظام الحكم».
من هذه القضايا الخلافية ما ورد في الفقرة الرابعة (د) التي نصت على «تأسيس دولة علمانية» في السودان، وهو أمر حساس أثار ويثير الكثير من الخلافات والجدل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقرره أطراف إعلان نيروبي نيابة عن الشعب السوداني وبمعزل عن الأطراف والقوى السياسية والمدنية والمجتمعية الأخرى.
خاض الإعلان في قضايا هوية الدولة وطبيعتها وشكل الحكم في فقرات أخرى أيضاً تتحدث عن الوحدة الطوعية والحكم الفيدرالي و«ضمان فصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة». المصيبة أن أطراف الإعلان الثلاثة قرروا أنه «في حال عدم تضمين هذه المبادئ في الدستور الدائم، يحق للشعوب السودانية ممارسة حق تقرير المصير»، وهذه بلا شك صياغة ملغومة تحاول أن تملي على الناس القبول بهذه المقررات وتضمينها في أي دستور قادم، وإلا فإن البديل هو التقسيم وحق تقرير المصير لكل «الشعوب السودانية»! وحتى بالنسبة للطاولة المستديرة التي يفترض أن تناقش فيها هذه القضايا، فإن إعلان نيروبي جعلها محصورة على القوى الوطنية التي تؤمن بالمبادئ الواردة فيه، ما يعني استبعاد القوى السياسية والمدنية والمجتمعية التي قد لا تتفق مع نقاط أساسية فيه.
الإعلان تضمن أيضاً نقطة خطيرة أخرى عندما نص في الفقرة 4 (هـ) على «تأسيس منظومة عسكرية وأمنية جديدة»، وهو ما يفهم على أنه دعوة لتفكيك القوات المسلحة وتشكيل جيش جديد، ما يعد تجاوزاً لكل التفاهمات السابقة بين الأطراف المدنية والعسكرية سواء في الفترة الانتقالية أو ما بعدها بما في ذلك إعلان أديس أبابا الذي وقعه حمدوك ذاته مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
هناك نقاط أخرى مثيرة للجدل لا يتسع المجال هنا لذكرها، لكن الإعلان بشكله هذا لن يكون عاملاً مساعداً في لملمة الصفوف، بل يزرع المزيد من بذور الخلافات في الساحة الملتهبة أصلاً.
* نقلاً عن الشرق الأوسط
الوسومإعلان نيروبي الجيش الشرق الأوسط حق تقرير المصير عبد العزيز الحلو عبد الله حمدوك عبد الواحد محمد نور عثمان ميرغني هوية الدولةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إعلان نيروبي الجيش الشرق الأوسط حق تقرير المصير عبد العزيز الحلو عبد الله حمدوك عبد الواحد محمد نور عثمان ميرغني هوية الدولة إعلان نیروبی عبد الواحد
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة القاهرة يستقبل السفير السوداني بالقاهرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، بمكتبه، الفريق أول عماد الدين مصطفى عدوى سفير جمهورية السودان بالقاهرة، والدكتور عاصم أحمد حسن المستشار الثقافي بسفارة السودان، وذلك لبحث سبل التعاون بين الجانبين، والاطمئنان على أحوال الطلاب السودانيين الدارسين بجامعة القاهرة.
وفى مستهل اللقاء، أشار الدكتور محمد سامي عبد الصادق، إلى العلاقات التاريخية التي تربط مصر والسودان وتعاونهما في المجالات التعليمية والثقافية والبحثية، مؤكدًا أن جامعة القاهرة تضع كل امكاناتها في خدمة طلابها من السودان الشقيق وتقدم لهم كافة التسهيلات بهدف تخريج كوادر متميزة تساهم في تحقيق التنمية في السودان.
وأوضح رئيس جامعة القاهرة، أن الطلاب الوافدين هم سفراء لجامعة القاهرة داخل بلادهم، مشيرًا إلي تقديم الجامعة كافة أوجه الرعاية والاهتمام للطلاب السودانين في كلياتهم وداخل المدن الجامعية، كما يتم تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة والفعاليات التي تنظمها الجامعة.
ومن جانبه، قدم السفير السوداني التهنئة للدكتور محمد سامي عبد الصادق لتوليه رئاسة جامعة القاهرة، معربًا عن سعادته لتواجده داخل جامعة القاهرة العريقة ذات الترتيب المتقدم في التصنيفات الدولية، وتتمتع بسمعة أكاديمية متميزة على المستوي العالمي.
وأشاد السفير السوداني بجهود إدارة جامعة القاهرة في رعاية الطلاب السودانيين وتذليل العقبات أمامهم، مؤكدًا حرصه على استمرارية التعاون بما يخدم مصلحة الطلاب الدارسين بجامعة القاهرة، ومشيرًا إلى أن العديد من طلاب السودان الذين تخرجوا من جامعة القاهرة يتقلدون مناصب مهمة في بلادهم وقد أثروا الحياة العامة والسياسية والفكرية في السودان.
1000435539 1000435541