«فلنمثل ستريندبرج» لفريدريش دورنيمات
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
الأدب للحياة، وليس فقط منها، ذلك هو قمة الإبداع والمسؤولية الوجودية في أسمى تجلياتها الإنسانية.
والإنسان هو الإنسان، لذلك قيل نقيس الغائب على الشاهد؛ فلا أحكام مطلقة تنزه زمانا وتدين آخر، فما تمنحه الطبيعة ووسائل العصور، لها أثرها ليس على جوهر سلوك الإنسان، بل كسب المزيد من الفرص التي تتيحها تكنولوجيا العصر.
هي خلود الروائع فعلا، وهي ما نتعرض لها في أعمار مختلفة من العشرينيات حتى الخمسينيات، بل حتى آخر العمر.
هو وهي، يكادان يحوزان على معظم صفحات الأدب والفنون، وحالهما معا، وما يحدث من تحولات العلاقة ليس جديدا؛ لذلك فإننا حين نقرأ نصا عميقا عن الرجل والمرأة، لنا فقط أن نتخيل فرص العلاقات المتشعبة اليوم التي تمنحها تكنولوجيا العالم الافتراضي والوقعي في عالم التواصل، الذي أثر على العلاقات الاجتماعية، خصوصا العلاقات الزوجية. تتحدث المسرحية عن رجل وزوجته متزوجين منذ فترة طويلة بحيث أصبحت حياتهما لا معنى لها، أو هي حياة رتيبة مملة، تتكرر فيها الحوادث والعبارات والمشاعر الآلية. يتعاملان كما أنهما في ميدان معركة، وعلى حد قول ادجر «الزوج» فإن الزواج هو ميدان معركة، وهذا يتسق مع مؤلف النص الذي هو الكاتب فریدریش دورنيمات (1921-1990) الذي لا يتوقف عند ذلك فحسب، بل ينزع من وراء ذلك إلى فضح المجتمع بأسره الذي «تحتاج فيه أهم تطلعات الإنسان الخيرة إلى ما يبررها».
«كما أخذت قصة هذا الزواج ضمن إطار المؤثرات السلبية الفظيعة كأي زواج تعيس يحتوي على مآس تعبر عن ذات الأزواج، حيث تستمر معهم ما استمرت حياتهم».
«والمسرحية يؤديها شخصان بطريقة استفزازية مؤلمة مضحكة ويشاركهم فيها مشاهد.. راقص ثالث».
«إنها لحظات من الاستفزاز المركب مع الدعابة والسخرية السوداء، مما يؤدي إلى الغوص في النفس البشرية بصورة تهكمية».
وكما رأينا فإن الزوجين اللذين يعيشان هذه الحياة المملة يأتي إليهما شخص ثالث يزيد من فوضى المشاعر، وتتكشف العلاقة الهشة بين الزوجين، فالشخص الثالث «كورت» هو عشيق لأليسا الزوجة، وطليقته عشيقة لادجر، ومن غرائب الأمور أن هذا الشخص الثالث هو الذي جمع ما بين أليسا وادجر.
تمضي الأمور بعد ذلك على شكل جولات «عشر جولات» كما حددها الكاتب. يتشوق المشاهد لما سوف يحدث للعلاقة بين الثلاثة أشخاص، وكيف تؤثر الحياة المادية على تفكير الناس وسلوكهم.
ادجر: محارب قديم يحمل رتبة نقيب، يعمل كقائد حرس، يحب الحياة ويقبل عليها بشهوة، يحب عمله، ولذلك فهو قضى وقتا غير قصير في البحث عن المدافع والأسلحة. يحبّ زوجته حب امتلاك لها وهو على أي حال فقير يلجأ إلى عقيد يستمد منه القوة ولذلك فهو يواليه.
أليسا: زوجته منذ زمن، تكتشف أنها حكمت على نفسها بالتعاسة، فهي تحب كغيرها من النساء متطلبات الحياة وتطمح إلى مزيد من الحرية، وتحاول التحرر منه، تقسو على زوجها وتتهكم عليه، ورغم ذلك فهي حزينة، ولكنها لا تعبر عن حزنها بأسلوب مباشر.
وهكذا معا قسما الابنين: البنت جوديت والولد .. والابن والبنت لا يظهران إلا من خلال التلغراف والرسائل.
كورت: ابن عم أليسا، كان يحبها وتركها لادجر كي يتزوجها. تنقل في العالم، عاد ليعمل في الجزيرة التي يسكنها الزوجان يطمع بأليسا، لكنه مع ذلك لا يريد التعاسة لهما، شخصيته متناقضة ما بين الخير والشر، وهو غير قادر على الحسم. حين تتكشف أوراقه يصبح أقل قوة، وحينها تقترب أليسا من زوجها لتعلن حبها له رغم أنها تكون قد خانته مع كورت قبل قليل.
ولیست المسرحية كما هو ملاحظ قائمة على الحدث بشكل فعلي، بل هي مسرحية تعتمد الحوار في محاولة نحو ذهنية المسرح الذي يصور لنا الحياة بإشكالياتها من خلال حوار في لعبة مسرحية.
ما وراء النص
كشف للنفس الإنسانية التي تحوي المشاعر المتناقضة، والتي تتأثر بالسياق الاجتماعي والمادي الذي تعيش فيه. وهؤلاء الأشخاص الثلاثة قد يكونون النفس التي نحن بإزائها، بحيث إن الحوار بينهم هو عبارة عن حديث داخلي داخل النفس الواحدة.
تشكل الزوجة آخر بالنسبة لزوجه، وكذلك الأمر مع الزوج، وهذا ما يجعل العلاقة بينهما صراع إثبات الذات، وحين يأتي الشخص الثالث الذي به تكتمل أضلاع المثلث المتساوي الأضلاع يستغل كل فريق «الآخر» الجديد من أجل اللعب به لصالحه.
نكتشف خلال ذلك التناقض الرهيب الذي يجمع ما بينهم؛ فعلاقة ادجر مع زوجته أليسا علاقة تعارض وصراع قبل ظهور كورت. وهناك أكثر من مسوغ لجعل العلاقة بينهما تقوم على الصراع: منها ما يرجع إلى شخصية كل منهما، ومنها ما يرجع إلى كراهية كل واحد منهما للظروف العامة وخصوصا الظروف الاقتصادية، فيفرغ غضبه على تلك الظروف من خلال السخط على الآخر القريب منه، ومعنى ذلك أن حبا خفيا هو خيط رفيع ما زال يربط أليسا وادجر، ودلالة ذلك هي مدح ادجر لزوجته أمام القادم الجديد، وكذلك مباهاة ألیسا بزوجها أمام كورت. أما عن علاقة ادجر مع كورت فهي علاقة صراع أيضا، فكلاهما سارق ويحاولان التخريب على الأسرة. هكذا فعل ادجر مع طليقة كورت قبل 15 سنة، وهكذا يفعل كورت مع أليسا، حيث يستغلان إحدى نوبات آدچر لممارسة الحب.
العلاقة بين كورت وأليسا هي أيضا متعارضة؛ فأليسا ناقمة على ابن عمها لأنها تعتبره سبب المشكلة، وهي تعتبره قد خانها حين تركها لادجر. أي هناك ثأر قديم بينهما، ورغم أنهما يمارسان الحب المادي مرة ثانية في زيارته الأخيرة، إلا أن ذلك لم يصب إلا السطح فحسب، أي أن المشاعر الجسدية هي التي بينهما وهذه سرعان ما تزول! في الوقت ذاته أليسا وزوجها متعارضان مع كورت، وكذلك كورت وأليسا متعارضان مع ادجر، أما ادجر وكورت فهما متعارضان على انفراد مع أليسا، وهذا ما جمعهما أحيانا.
قلق: الطمع بالمال والجنس والمتع الأخرى أما عدم الحصول عليها، فجعلهم يتفلسفون عن الحياة والآخرة والدين.. فالمعاناة عند الثلاثي «ادجر، ألیسا، كورت» دفعهما إلى إثارة الأسئلة الوجودية وهذا ما يحصل في الواقع بطبيعة الحال.
تم تقسيم المسرحية إلى عشرة مشاهد، هي عبارة عن جولات، في إشارة إلى تشابه الحوار مع الصراع في الحلبة.
عودا على بدء، فإن قراءة النص أو مشاهدة أي عمل فني مسرحي أو سينمائي مستوحى منه، يحرك في المطلع عليه جملة مشاعر، وهي تختلف في الانفعال حسب الحالة الاجتماعية، كذلك حسب حالة إذا كان المشاهد متزوجا أو غير ذلك. وفي كل، نجحت المسرحية في إيجاد توتر أصيل.
واليوم في ظل التحولات الاجتماعية التي تعصف بالعالم في عصر السوشيال ميديا، فإن المسرحية تحضر بقوة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
جون كراسينسكي.. الرجل الأكثر جاذبية على قيد الحياة
متابعة بتجــرد: لم يكن الفنان الأميركي جون كراسينسكي متأكّداً تماماً مما يجب أن يفكر فيه عندما علم أنه سيُتوّج بلقب الرجل الأكثر جاذبية على قيد الحياة (Sexiest Man Alive) في مجلة “بيبول” لعام 2024.
وقال للمجلة التي حلّ نجم غلافها هذا الأسبوع: “لقد فقدت الوعي على الفور. لم أفكر على الإطلاق. ربما باستثناء أنني أتعرّض للسخرية. هذه ليست الطريقة التي أستيقظ بها، وأسأل نفسي هل هذا هو اليوم الذي سيُطلب مني فيه أن أكون الرجل الأكثر جاذبية على قيد الحياة؟ ومع ذلك، كان هذا هو اليوم الذي فعلتم فيه ذلك. لقد رفعتم حقاً سقف توقعاتي”.
وفي حين قد يعرف المعجبون كراسينسكي من أدواره باعتباره بائع ورق محباً للمقالب، أو جندي مشاة سابقاً تحول إلى عميل لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، أو رجل عائلة مخلصاً يضحّي بنفسه من أجل الحب، يفضّل الممثل البالغ من العمر 45 عاماً أن يكون مجرد زوج وأب، يشاهد الأفلام الوثائقية على Netflix ويستمتع بقصص ما قبل النوم مع أطفاله.
ويعيش كراسينسكي حالياً في بروكلين مع زوجته منذ 14 عاماً، الممثلة إميلي بلانت البالغة من العمر 41 عاماً، وابنتيهما هازل (10 سنوات) وفيوليت (8 سنوات).
وتحدث كراسينسكي عن ردّ فعل زوجته تجاه اللقب الجديد: “كانت “متحمسة للغاية عندما سمعت الأخبار الرائعة، كان هناك الكثير من الفرح في إخبارها”.
وأشار إلى أنها مازحته بقولها إنها ستخبئ منزل العائلة بغطاء إذا حصل زوجها على التاج.
ورداً على سؤال حول أثر اللقب على نمط حياته، أجاب: “أعتقد أنه سيجعلني أقوم بمزيد من الأعمال المنزلية”.
main 2024-11-15Bitajarod