لا شك أن الحق فى الصحة يأتى على رأس الحقوق الاجتماعية التى تُشكل المقومات الأساسية للمجتمع، وقد حرصت الدساتير المتعاقبة على كفالة التزام الدولة بتقديم الخدمات والرعاية الصحية للمواطنين، وهو ما أكدته المادة (18) من الدستور الحالى بأن لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها، وانتشارها الجغرافى العادل.


وفى ضوء هذا الالتزام الدستورى، جاء مشروع القانون الذى قدمته الحكومة إلى البرلمان فى شأن تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، وشهد مناقشات موسعة ومستفيضة تحت قبة البرلمان، إذ إنه يفتح الباب لمشاركة القطاع الخاص والأهلى فى إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، وبالتالى هنا الهدف واضح بما يؤدى إلى تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل، مع وضع ضمانات لحفظ الحقوق العامة بما يتفق مع أحكام الدستور خاصة المادة (32) التى تنص على منح التزام المرافق العامة لمدة لا تتجاوز خمسة عشر عاماً بناء على قانون.
لذلك برزت الحاجة إلى استصدار قانون ينظم آلية منح التزام المرافق العامة لانشاء وإدارة وتشغيل المنشآت الصحية أو إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية القائمة بما يسمح للقطاعين الخاص والأهلى تولى ذلك، فهذا المشروع بقانون يحدد ماهية المنشآت الصحية محل الالتزام والقواعد والإجراءات العامة الحاكمة لمنح الالتزام بما يتوافق مع أحكام الدستور وأهمها الحفاظ على المنشآت الصحية وما تشتمل عليه من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها، وجعلها صالحة للاستخدام طوال مدة الالتزام، والالتزام فى تقديم الخدمات الصحية بأحكام القوانين والقرارات المطبقة على المنشآت الصحية، وكذا المنظمة لتقديم الخدمات المكملة التى تعمل بها.
المشروع يلزم بأن تسرى على المنشآت الصحية محل الالتزام التشريعات ذات الصلة والشروط والمواصفات المطبقة على المنشآت الطبية الخاصة، وذلك حتى يتم إحكام الرقابة على جودة الخدمات الطبية المقدمة من جانب المنشأة الصحية خلال مدة الالتزام، وأوجب حال قيام الملتزم بإغلاق المنشأة الصحية محل الالتزام وعند انتهاء مدة الالتزام ضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية اللازمة للمرضى، كما نص على ألا تقل مدة الالتزام عن 3 أعوام ولا تزيد على 15 عاماً، مع أيلولة جميع المنشآت الصحية بما فيها من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها إلى الدولة فى نهاية مدة الالتزام دون مقابل وبحالة جيدة، بالتالى توضيحا للحقائق ودرءا للشائعات المغرضة، هذا القانون لا ينص على بيع المستشفيات الحكومية، والأمر قاصر على تطويرها وتشغيلها وإدارتها، وعدم المساس أو الانتقاص من الخدمات المقدمة للمواطن سواء الخدمات المجانية المُلزمة بها الدولة أو خدمات التأمين الصحى أو غيرها من الخدمات، وكذا عدم الإضرار بحقوق العاملين بهذه المنشآت سواء من الأطباء أو الإداريين أو الخدمات المعاونة.
هذا التشريع يعد تطبيقا حقيقيا لوثيقة سياسة ملكية الدولة وتشجيع مشاركة القطاع الخاص مع الدولة فى التنمية، فلا تنمية بدون صحة جيدة، وأى سعى من الحكومة من أجل تطوير المنظومة الصحية وتحسين جودة خدمات الرعاية الصحية المقدمة للمواطن هو سعى محمود ندعمه ونسانده، شرط التوازن بين جذب الاستثمار فى القطاع الصحى وضمان توفير كافة الخدمات المقدمة للمواطنين خاصة غير القادرين ومحدودى الدخل وعدم المساس بالخدمات المجانية من قريب أو بعيد، والحفاظ على الخدمات المحدد سعرها من قبل.
هناك مشاكل وتحديات فى تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل بسبب الحاجة إلى بنية تحتية مؤهلة للمستشفيات، ومشاكل تتعلق بهجرة الأطباء والأجور ورفع كفاءة الوحدات الأولية، وهناك مستشفيات عديدة فى مختلف المحافظات عبارة عن مبانى وإنشاءات فقط وغير مجهزة، وهناك نحو 500 مستشفى من مستشفيات التكامل غير مجهزة للتشغيل وأصول غير مستغلة، وفى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة الحكومة غير قادرة على تدبير التمويل اللازم لتشغيلها وتطويرها وتأهيلها، بالتالى تتأكد أهمية مشاركة القطاع الخاص فى تطوير وتشغيل وإدارة هذه المنشآت الصحية، وهو ما سيساهم فى تسريع وتيرة تطبيق التأمين الصحى الشامل من ناحية، وتحسين كفاءة إدارة المنشآت الصحية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمرضى، والمساهمة فى توسيع نطاق تقديم الخدمات الصحية، خاصة فى المناطق النائية أو التى تعانى من نقص فى الخدمات الصحية الحكومية، وجذب الاستثمارات فى مجال الرعاية الصحية، ما يُتيح توفير أحدث التقنيات الطبية والمعدات والأجهزة الطبية، هذا إلى جانب تطوير البنية التحتية للمنشآت الصحية، ومشاركة القطاع الخاص فى تمويل مشاريع بناء وتطوير المنشآت الصحية، ما يُخفف العبء عن الموازنة العامة للدولة.
لذا هذا القانون فلسفته جيدة إلا أن نجاح أى فكرة أو مشروع لا يتوقف على مجرد إعداد تشريع، وإنما رهين بتطبيق وممارسات سليمة على أرض الواقع، بما يضمن عدم المساس بجودة الخدمات المقدمة للمرضى، والحفاظ على مبدأ العدالة فى الحصول على الخدمات الصحية، ومنع استغلال المرضى من خلال فرض رسوم عالية، وحماية حقوق العاملين فى المنشآت الصحية.
ووجود إطار قانونى واضح ينظم مشاركة القطاع الخاص فى إدارة المنشآت الصحية، أمر ضرورى، مع وجود رقابة حكومية لضمان تقديم الخدمات وجودتها والتسعير العادل وعدم الإخلال بشروط الالتزام.
ختاماً.. أؤكد أننا أمام فرصة ذهبية لاستغلال موارد وأصول الدولة فى المنشآت الصحية غير المستغلة أو التى تحتاج إلى التطوير والتأهيل، وزيادة الإنفاق على قطاع الصحة دون تحميل موازنة الدولة أعباء، فرصة لتأهيل وتطوير البنية التحتية للمنشآت الصحية وتحسين جودة الخدمات الصحية، وتحفيز النمو الاقتصادى والتنمية.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حازم الجندى الحق فى الصحة الدوله الرعاية الصحية الدستور وتطویر المنشآت الصحیة الصحیة وتحسین جودة الخدمات المقدمة الخدمات الصحیة تقدیم الخدمات القطاع الخاص إدارة وتشغیل جودة الخدمات مدة الالتزام على المنشآت

إقرأ أيضاً:

محافظ الدقهلية يتفقد مدينة المنصورة للوقوف على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين

تفقد محافظ الدقهلية طارق مرزوق، اليوم، الاثنين، عددا من شوارع مدينة المنصورة للوقوف على مستوى النظافة العامة بالشوارع ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، والتأكد من حسن عمل منافذ بيع السلع الغذائية المختلفة والتزامها بالأسعار والإعلان عنها في مكان واضح. 

كلف محافظ الدقهلية بتشكيل لجنة فنية من الإدارة الهندسية بحي شرق المنصورة لحصر المباني بمنطقة ميت حدر ومراجعتها وبيان الإجراءات المتخذة سابقا من عدمه واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال أية مباني آيلة للسقوط أو تمثل خطورة واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الأرواح والممتلكات.

كما كلف محافظ الدقهلية، رئيس حي شرق المنصورة محمد أمين بسرعة الانتهاء من تنفيذ اعمال تركيب الانترلوك بشارع أحمد الحسيني بميت حدر في إطار أعمال تطويره ورفع كفاءته وتحسين المظهر العام للمنطقة.

وتفقد المحافظ شارع بنك مصر بالمنصورة، ووجه لرئيس الحي برفع جميع الإشغالات بالشارع ورفع أي مخالفات تعوق حركة السير واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال أية مخالفات تشوه المظهر الحضاري أو تعطل حركة المرور والتأكيد على الحفاظ على مستوى النظافة، كما تفقد منفذ بيع خضراوات وفاكهة ووجه لصاحبه بضرورة الإعلان عن أسعار السلع بالمنفذ يوميا وعلى مدار الساعة، كما كلف وكيل وزارة التموين بمراجعة الأسعار والمرور بشكل يومي على جميع منافذ البيع.

وأكد المحافظ على ضرورة المتابعة اليومية من قبل مديرية التموين لمستوى الأداء في الأفران والالتزام بالمواصفات المطلوبة لرغيف الخبز.

وفي سياق آخر،أعلنت مديرية الشئون الصحية بالدقهلية أن إدارة مراقبة الأغذية شنت خلال الأسبوع الماضي حملات تفتيشية على 222 منشأة بمختلف مراكز المحافظة تبين أن من بينها 79 منشأة دون ترخيص تستوجب الغلق الفوري لخطورة استمرار التشغيل على الصحة العامة.

وأكد وكيل الوزارة الدكتور تامر مدكور استمرار الحملات لإحكام الرقابة على المنشآت الغذائية المتنوعة، للتأكد من سلامة الغذاء والمشروبات التي تُقدم للمواطنين، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفات التي يتم رصدها .. مناشداً العاملين في مجال الأغذية، الالتزام بكافة الاشتراطات الصحية، واستخراج الشهادات الصحية التي تفيد خلوهم من الأمراض المعدية والاهتمام بالنظافة العامة والشخصية، وضرورة التزام كافة المنشآت الغذائية بتطبيق الاشتراطات الصحية.

وأوضحت الدكتورة لبنى عابد مدير إدارة مراقبة الأغذية، أنه قد جرى تحرير 202 محضرًا وسحب 67 عينة للفحص بالمعامل المركزية؛ لبيان مدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي كما تم إعدام 1339كجم من أغذية متنوعة و238 لتر عصائر وألبان غير صالحة للاستهلاك الآدمي ووجود تغير في الخواص الطبيعية لها.
 

مقالات مشابهة

  • لمتابعة جودة الخدمات الطبية المقدمة للمسافرين.. جولة تفقدية لمدير الحجر الصحى بمطار سوهاج
  • القليوبية تدعو الأطباء للعودة: فرصة لتحسين الخدمات الصحية
  • «الرعاية الصحية»: خطة لوضع الدولة على خريطة السياحة العلاجية العالمية بـ«نرعاك في مصر»
  • جولة تفقدية علي منشآت الهيئة العامة للرعاية الصحية بمنطقة أبو خليفة
  • اجتماع توجيهي لفرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية لمتابعة جودة الخدمات الصحية وتعزيز الأداء
  • محافظ الدقهلية يتفقد مدينة المنصورة للوقوف على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين
  • «السبكى»: اعتماد 253 منشأة صحية في 6 محافظات تطبق «التأمين الشامل»
  • علاج السمنة هاجس دولي لتخفيف التكاليف الصحية وتحسين جودة الحياة
  • الأعمال المستحبة في مواسم الطاعات.. فرصة ذهبية للتقرب من الله
  • «التأمين الصحي»: الاستجابة لـ 99.9% من شكاوى المنظومة الحكومية خلال 2024