مصرع رئيسي يخلط أوراق الرئاسة في إيران
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
د. هيثم مزاحم **
فاجأت حادثة مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه في تحطم مروحيته قبل أيام في منطقة أذرببجان الشرقية، القيادات والأحزابَ السياسية الإيرانية بمختلف ألوانها السياسية لجهة البحث عن خليفة للرئيس الراحل من جهة، وخلط أوراق خلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي من جهة أخرى.
ولايةُ الراحل رئيسي كانت ستمتدُ لسنةٍ ونيف، وكان يُتوقع التجديد له لولاية ثانية بكل يسر، نظرًا لتمتعه بدعم خامنئي وأركان النظام الإسلامي وحرس الثورة الإسلامية، وتمتعه بدعم شعبي جيد برغم الأوضاع الاقتصادية المتردية نتيجة استمرار العقوبات الأميركية وانهيار العملة الإيرانية.
لذلك، لم تكن مسألة خلافة رئيسي تشغل تيار المحافظين في النظام، الذين أضحوا يُمسكون بجميع مفاصله من الرئاسة إلى البرلمان وصولًا إلى السلطة القضائية ومجلس خبراء القيادة ومجلس صيانة الدستور، ناهيك عن إمساكهم بالمؤسسات العسكرية والأمنية.
أما تيار الإصلاحيين، فبعد خسارتهم في كلٍ من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإقصائهم من مجلسي الخبراء والدستور، فقد جاء مصرع رئيسي ورفاقه مفاجأةً كبيرةً لهم، وحشرتهم مهلة الخمسين يومًا لانتخاب رئيس جديد؛ إذ إنهم غير مستعدين للانتخابات، فضلًا عن عدم وجود شخصيات بارزة بينهم مؤهلة للفوز في هذه الفترة أمام مُرشَّح المحافظين، الذي سيستفيد من قوة تيارهم داخل سلطات النظام ودعم المرشد من جهة، ومن التعاطف الشعبي مع وفاة رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ورفاقهما؛ باعتبار أن مُرشَّح المحافظين سيدعي أنه سيكمل مسيرة رئيسي وإرثه من جهة أخرى.
وعلى الرغم من عدم إعلان المُرشَّحين بعد عن رغبتهم بالترشيح لرئاسة الجمهورية بانتظار انتهاء مراسم تشييع الرئيس ورفاقه وفترة الحداد عليهم، إلّا أن ثمة أسماء يتوقع ترشحها بسبب سوابقها في الترشح، وأولهم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، وهو مُرشَّح محافظ سابق خسر أمام رئيسي وأمام حسن روحاني.
ويَعتقِد قاليباف أنه الأوفر حظًا بين مُرشَّحي التيار المحافظ بغياب رئيسي الذي كان يريده خامنئي وحرس الثورة أن يتمرس في الرئاسة حتى يكون مؤهلًا لخلافة خامنئي (85 عامًا) في حال وفاته، في منصب ولي الفقيه/ القائد المرشد.
وقاليباف قيادي سايق في حرس الثورة ولديه دعم في أوساط الحرس، ويحظى بمقبولية من خامنئي ومجلس الدستور والحرس، وإلّا ما تمكن من الوصول إلى رئاسة البرلمان.
في المقابل، هناك مساعد الرئيس محمد مخبر الذي يتولى الرئاسة مؤقتًا حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية وفوز رئيس جديد. ويُتوَقَّع أن يترشح مخبر برغم فقدانه للشهرة والكاريزما والنفوذ، ولعله يكون مُرشَّحا مقبولًا من المعتدلين والإصلاحيين في حال واجه قاليباف.
أما في الجانب الإصلاحي، فهناك احتمال أن يترشح كل من الرئيس السابق حسن روحاني ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، إذا سَمَحَ لهما مجلس صيانة الدستور بالترشح. وكان هذا المجلس قد استبعد روحاني من الترشح لعضوية مجلس خبراء القيادة مؤخرًا، واستبعد لاريجاني من الترشح للرئاسة ضد رئيسي في يونيو 2021.
كما يُتوَقَّع استبعاد الرئيس الأصولي السابق محمود أحمدي نجاد من قبل مجلس صيانة الدستور كما جرى ذلك في انتخابات 2021.
ويَتَوَقَّعُ البعض أن يترشح وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف عن التيار الإصلاحي في حال سَمَحَ له مجلس صيانة الدستور الذي يقوم بعملية اصطفاء للمُرشَّحين لجهة ولائهم للنظام الإسلامي وولاية الفقيه.
وبالطبع سيخرج مُرشَّحون آخرون مغمورون أو غير متوقعين، وربما يتم ترشيح رئيس السلطة القضائية حجة الإسلام محسني إجائي من التيار المحافظ، مع الإشارة إلى أن النظام يُحبِّذ وجود رجل دين في منصب الرئاسة.
فباستثناء الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية أبو الحسين بني صدر الذي عزله مجلس الشورى، والرئيس علي رجائي الذي خلفه واغتيل بعد شهر من انتخابه، وأحمدي نجاد، كان الرؤساء الخمسة الآخرون من فئة رجال الدين؛ بدءًا من علي خامنئي وبعده الشيخ علي أكبر رفسنجاني ومحمد خاتمي وحسن روحاني وإبراهيم رئيسي.
على كل حالٍ، يبدو أن التيار المحافظ في وضع أفضل سياسيًا وانتخابيًا، وخاصةً أن الإصلاحيين فشلوا في عهد روحاني في تحقيق أية إنجازات، باستثناء توقيع الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعد سنة ونصف السنة من توقيعه، وأعاد فرض العقوبات على إيران. بينما تمكن الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي وفريقه من التكيُّف مع العقوبات والتهرب منها، وعقد تحالفات سياسية واقتصادية مهمة مع الصين وروسيا والهند، والمصالحة مع السعودية، وتخفيف التوتر مع الولايات المتحدة، وعقد صفقات جزئية معها، أتاحت الإفراج عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة.
** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية في بيروت
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وول ستريت جورنال تسخر من تعامل الرئيس الأمريكي السابق مع الحوثيين وتورد بعض أخطائه
نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، افتتاحية بعنوان "ترامب يحمل على الحوثيين" واستهلتها بالقول إن أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن كانت السماح لوكلاء إيران في اليمن (في إشارة إلى الحوثيين)، بإغلاق مسار ملاحي عالمي وبضرب الجيش الأمريكي دونما عقاب.
ورأت وول ستريت جورنال أن الرئيس الحالي دونالد ترامب بعث رسالة قوية، يوم السبت، عندما أمر بتنفيذ ضربات جوية مؤثرة ضد الحوثيين، "في خطوة على طريق استعادة الردع في المنطقة".
وقالت الصحيفة الأمريكية إن الحوثيين "لم يتلقوا الجزاء الكافي على أكثر من عام من القرصنة التي أجبرت البحرية الأمريكية على خوض قتال بوتيرة لم تشهد مثلها منذ الحرب العالمية الثانية".
وبحسب البيت الأبيض، شنّ الحوثيون 174 هجوما على سفن حربية أمريكية و145 هجوما على سفن تجارية أمريكية منذ عام 2023. فيما ردّت البحرية الأمريكية بصواريخ دفاع جوي في هذه الأشهر الـ 15 تفوق في العدد مقدار ما ضربتْه من الصواريخ ذاتها على مدى الـ 30 عاماً الأخيرة ، وهو "ما يعني استخدام صواريخ باهظة الثمن لإسقاط مسيّرات رخيصة"، بحسب الصحيفة.
ورصدت وول ستريت جورنال، توعُّد الرئيس ترامب للحوثيين، قائلة إن ترامب "أعنفُ في كلماته منه في أفعاله"؛ ومن ثمّ فمن الأهمية بمكان أن نرى ما إذا كانت هذه هي بالفعل بداية حملة أوسع نطاقاً لاستهداف قيادات الحوثيين، وضرْب مخازن سلاحهم وقطْع خطوط الإمداد الإيرانية.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن من بين الأخطاء الأخرى التي ارتكبها الرئيس السابق بايدن كان "محدودية الردّ على هجمات الحوثيين، ما تركهم يعتقدون أنه ليس هناك ما يخشونه بدرجة كبيرة".
ورأت وول ستريت جورنال أن الهجمات ضد الحوثيين "ضرورية لاستعادة حرية التجارة العالمية"، منوّهة إلى أن هجمات الحوثيين على حركة الملاحة أغلقت تقريباً مسار البحر الأحمر -الذي يربط بين أوروبا وآسيا- في وجه سُفن ليست روسية أو صينية أو إيرانية.
ولفتت إلى أنّ ذلك رفع تكاليف الشحن والتأمين إلى مستويات عالية.
واختتمت الصحيفة بالقول: "المشجّع في الأمر، هو أن الرئيس ترامب -على الأقل في هذه القضية- يُظهر إيماناً بقيادة أمريكا للعالم"