توفي في سجون النظام.. عائلة طبيب أميركي من أصل سوري تطالب بالمساءلة
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
طالبت عائلة طبيب أميركي من أصول سورية، بمحاسبة النظام السوري بعد أن علمت بوفاته مؤخرا في أحد المعتقلات السرية التابعة لنظام بشار الأسد.
وقالت ابنتا مجد كم ألماز، في مقابلة مع محطة "PBS" التلفزيونية الأميركية إن السلطات في الولايات المتحدة أبلغت العائلة بوفاة كم ألماز في المعتقل.
واختفى كم ألماز، مطلع عام 2017، في سوريا، بعد أن كان في زيارة لتقديم العزاء بوفاة والد زوجته، حيث اتصل حينها بعائلته وأبلغهم أنه وصل بالسلامة، ولكن بعدها لم يسمعوا منه أي شيء.
وكان مجد، البالغ من العمر 59 عاما حينها، يدير منظمة غير ربحية في لبنان لمساعدة اللاجئين على التعامل مع الصدمات، وهو واحد من بين ستة أميركيين اختفوا في سوريا ويُعتقد أنهم محتجزون لدى نظام بشار الأسد، ويُزعم أن بعضهم تعرض للتعذيب، أو حتى قُتل.
تقول مريم، ابنة مجد كم ألماز إنه ثمانية مسؤولين حكوميين أميركيين أبلغوا العائلة خلال اجتماع عقد مؤخرا لمناقشة مصير والدها، أنهم يعتقدون أن لديهم معلومات سرية للغاية تشير إلى وفاته.
وأضافت أنهم قالوا كذلك إن هذه المعلومة ذات مصداقية عالية وتشير إلى أن والدها قتل على يد الحكومة السورية داخل أحد السجون التابعة لها.
وذكرت مريم أن سماع هذا الخبر كان "مأساويا للغاية بالنسبة لنا، لأننا كنا نصلي ونأمل على مدار السنوات السبع الماضية ونعمل بجد لإعادته إلى المنزل على قيد الحياة".
بدورها قالت علا إن المرور بمثل هكذا تجربة "كان صعبا للغاية لنا كعائلة". وأضافت "لم نسمع منه منذ سبع سنوات تقريبا، لا شيء، لا مكالمة هاتفية، ولا صورة، ولا اتصال".
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر قال في رد على سؤال بشأن مصير كم ألماز، "لقد رأينا البيان الذي أصدرته عائلة كم ألماز خلال عطلة نهاية الأسبوع، وقلوبنا تتعاطف معهم في هذا الوقت العصيب".
وأضاف بحسب ما نقل عنه تلفزيون "PBS": "أود فقط أن أقول إننا شاركنا على نطاق واسع في محاولة إعادة مجد كم ألماز إلى وطنه، وسنظل ملتزمين بالسعي إلى مساءلة ومحاسبة" المسؤولين.
لكن مريم مجد كم ألماز تعتقد أن السلطات الأميركية "لا تفعل ما يكفي"، مشددة أن عليهم "الضغط بقوة أكبر من أجل المساءلة".
ومؤخرا أبلغ المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى صحيفة "نيويورك تايمكز" أن كم ألماز كان معتقلا في منشأة بقاعدة المزة الجوية في دمشق، والمعروفة بظروفها القاسية والتعذيب الوحشي، التي يسيطر عليها مدير المخابرات الجوية، جميل الحسن.
وتسلط وفاة كم ألماز الضوء على الاعتقالات الوحشية والتعذيب في سجون سوريا السرية، والتي ازدهرت في عهد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، فيما تنفي دمشق أنها تستخدم التعذيب أو تنتهك أي من حقوق الإنسان تجاه المعتقلين والمعارضة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
خلال مئة عام.. تعرف على رحلة الدساتير في سوريا بعد سقوط النظام
تعتبر الدساتير مرآة للتطورات السياسية والاجتماعية التي مرت بها سوريا منذ إعلانها مملكة عام 1920 إبان خروجها عن سلطة الدولة العثمانية وحتى انتصار الثورة السورية في كانون الأول /ديسمبر عام 2024، إثر إنهاء حكم عائلة الأسد الذي دام إلى ما يزيد عن 50 عاما.
وبعد سقوط النظام، قررت السلطات الجديدة تجميد الدستور والبرلمان خلال فترة عمل حكومة تصريف الأعمال التي من شأنها أن تصل إلى نهايتها مطلع آذار /مارس المقبل.
وكان قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، قال في مقابلة صحفية قبل أسابيع، إن عداد وكتابة دستور جديد في البلاد قد يستغرق نحو ثلاث سنوات، بينما قد تحتاج الانتخابات العامة إلى أربع سنوات.
ولا يزال المشهد السياسي في سوريا ضبابيا منذ سقوط النظام المخلوع، فبينما تتعالى أصوات مطالبة بإقرار العمل بشكل مؤقت بدستور عام 1950 لمنع أي تداعيات سلبية للفراغ الحاصل، تتحدث السلطة الجديدة عن التحضير لمؤتمر وطني جامع قد يسفر عن قرارات تعالج مسألة الدستور الذي من شأنه أن يرسم ملامح سوريا الجديدة.
وفي هذه المادة، نستعرض الدساتير التي مرت على سوريا خلال المئة عام الأخيرة:
◼ دستور 1920 - المملكة السورية العربية
في تموز /يوليو 1920، وبعد إعلان استقلال سوريا تحت قيادة الأمير فيصل بن الحسين، وُضع أول دستور للبلاد. هذا الدستور كان نتاج رؤية وطنية تهدف إلى إنشاء دولة دستورية حديثة.
حدد الدستور النظام السياسي على أنه ملكية دستورية تُحكم وفق قوانين ديمقراطية، مع وجود برلمان منتخب، بالإضافة إلى التأكيد على اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد. لكن هذا الدستور لم يستمر طويلا؛ إذ انهار مع دخول القوات الفرنسية وفرضها الانتداب على سوريا بعد معركة ميسلون.
◼ دستور 1930 - الانتداب الفرنسي
مع تثبيت الانتداب الفرنسي في سوريا بعد انهيار الحكم الملكي، أُقر دستور جديد في البلاد في أيار /مايو عام 1930، نص على أن سوريا دولة مستقلة ذات سيادة، وأن نظام الحكم جمهوري نيابي.
حاول هذا الدستور تقديم مظهر من السيادة السورية، لكنه في الواقع رسخ سيطرة فرنسا على القرارات السياسية للبلاد. ورغم أن الدستور تضمن نصوصًا حول حقوق المواطنين وحرية الصحافة ضمن حدود القانون، إلا أن السلطة الحقيقية بقيت بيد المفوض السامي الفرنسي.
وجاءت إضافة المادة 116 على الدستور من قبل المفوض السامي لتفرغ الدستور من مضمونه، حيث نصت على أن حكم من أحكام الدستور لا يجب أن يتعارض مع الإرادة الفرنسية.
◼ دستور 1950 - الجمهورية السورية الأولى
بعد الاستقلال عن فرنسا عام 1946، بدأت سوريا مرحلة جديدة من تاريخها السياسي. في 5 أيلول /سبتمبر عام 1950، أُقر دستور جديد كان يُعتبر من أكثر الدساتير ديمقراطية في تاريخ البلاد.
ركز على تعزيز الحريات العامة وحقوق الإنسان، كما أسس لنظام جمهوري برلماني ديمقراطي مع توازن بين السلطات. ونص على تحديد الإسلام كدين لرئيس الدولة مع احترام باقي الأديان.
ونص الدستور كذلك على حرية تشكيل الأحزاب السياسية، وحرية السوريين في الاجتماع والتظاهر بصور سلمية. وعكست هذه المرحلة طموحات السوريين في بناء دولة مدنية حديثة، حيث شهدت البلاد ازدهارا سياسيا خلال هذه الفترة.
◼ دستور 1973 - عهد حافظ الأسد
مع استيلاء حافظ الأسد على السلطة في عام 1970، بدأ العمل على دستور جديد صدر في 13 آذار مارس عام 1973. هذا الدستور عزز هيمنة حزب البعث، حيث نصت المادة الثامنة على أنه "القائد للدولة والمجتمع".
كما جرى منح الرئيس صلاحيات واسعة شملت التحكم في جميع مفاصل الدولة. عُرف هذا الدستور بأنه أداة لترسيخ حكم الأسد، واستمر العمل به طوال فترة حكمه وحتى وفاته عام 2000، حيث تعرض الدستور لتعديل إحدى مواده المتعلقة بسن رئيس الجمهورية.
وفي تصويت شكلي، وافق البرلمان على التعديل ما سمح لبشار الأسد بخلافة والده على حكم البلاد.
◼ دستور 2012 - عهد بشار الأسد
في ظل الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عقب انطلاق الثورة السورية عام 2011 ضد نظام بشار الأسد، أقر الأخير دستورا جديدا في 26 شباط /فبراير عام 2012 كاستجابة لضغوط الشعبية.
جاء هذا الدستور بتعديلات شكلية طفيفة، مثل إلغاء النص الذي يمنح حزب البعث قيادة الدولة والمجتمع، والسماح بتشكيل أحزاب سياسية.
ومع ذلك، حافظ على سلطات مطلقة للرئيس، وظل النظام قمعيا في جوهره، ما جعله محاولة فاشلة لاحتواء الغضب الشعبي.
مرحلة انتصار الثورة
تاريخ الدساتير السورية يعكس مسيرة طويلة من النضال السياسي والاجتماعي، مع محطات من التقدم والديمقراطية وأخرى من الاستبداد الذي ألقى بظلاله على البلاد لعقود خلال حكم عائلة الأسد.
مع انتصار الثورة في الثامن من كانون الأول /ديسمبر عام 2024، تواجه سوريا فرصة تاريخية لصياغة دستور يحقق طموحات شعبها ويؤسس لدولة العدل والقانون.