الإفتاء توضح ما يفعله المسلم عند الاحتضار
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يسن عند الاحتضار تلقين المحتضر الشهادتين بنطقهما أمامه دون إلحاحٍ مُنَفِّر، وتوجيهه للقبلة وتغطيته وتغميض عينيه، وتندية شفتيه وقراءة شيءٍ من القرآن.
هل الموت يوم الجمعة وليلتها من علامات حسن الخاتمة؟أوضحت الإفتاء، أنه يسن عند الاحتضار مراعاة الآتي:
تلقين المحتضر الشهادتين بنطقهما أمامه دون إلحاحٍ منفر وليس بطلب قولها منه؛ وهذا هو معنى قول النبي ﷺ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» (رواه مسلم).
توجيهه إلى القبلة مضطجعًا على شقه الأيمن إذا كان هذا لا يزعجه، تفاؤلًا بأنه من أهلها، ولأن البراء بن معرور رضي الله عنه، أوصى أن يوجه للقبلة إذا احتضر، فقال النبي ﷺ: «أصاب الفطرة...» (رواه البيهقي والحاكم).
قراءة شيءٍ من القرآن الكريم، كسورتَي الإخلاص، ويس؛ لقول النبي ﷺ: «اقرءوا سورة يس على موتاكم» (رواه أحمد وأبو داود).
تغميض عينيه، وتندية شفتيه بعد تأكد الموت، للبقاء على منظرٍ حسن، ولقول النبي ﷺ: «إن الروح إذا قُبض تَبعه البصر» (رواه مسلم)، وذلك لما دخل على أبي سلمة رضي الله عنهما، وقد شق بصره فأغمضه.
تغطيته صيانة له عن الانكشاف، وسترًا لصورته المتغيرة عن الأعين؛ قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين توفي النبي ﷺ: «سجي ببرد حبرة» (متفق عليه)، إلى غير ذلك من السنن التي ذكرها فقهاء الأمة وعلماؤها.
الإفتاء تحذر من الشماتة في الموت وبيان عواقبهاحذرت دار الإفتاء المصرية، من الشَّمَاتَةُ في الموت أي هي الفرح والسرور بِحُلُول هذه النازلة بأحد الناس، موضحة أنه لا مِرْية في أَنَّ الموت مصيبةٌ؛ وبهذا عَبَّر القرآن الكريم عن الموت في قول الله تعالى: ﴿فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: 106]، والشَّمَاتة بنزول هذه المصيبة –أي: الموت- على أحد النّاس هي صفةٌ غير مرضية، وخَصلةٌ ذَميمة تأْبَاهَا النفوس المستقيمةُ، ويترفَّع عنها أصحاب المُروءات؛ ولذا نهت عنها الشريعة الإسلامية؛ فعن وَاثِلَةَ بن الأَسْقَعِ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لا تُظْهِرِ الشَّمَاتةَ لأخيك فَيَرْحَمَهُ اللهُ ويَبْتَلِيكَ» رواه الترمذي في "سننه" وحَسَّنه.
وتابعت الدار: هذا الحديث النبوي الشريف يُفِيدُ أنَّ الشماتةَ أمرٌ منهيّ عنه شرعًا، وأَنَّ الله تعالى لا يَرْضى عن هذه الفِعْلة؛ فيرحم المُبتلَى رَغْمًا عن أنف الشامت؛ قال العلامة علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح": [(لا تُظهر الشماتة)؛ أي: الفرح بِبَلِيَّةِ عَدُوِّكَ (لأخيك)؛ أي: لأجل أخيك المسلم الذي وَقَع في بَلِيَّة دينيةٍ أو دُنيويةٍ أو ماليةٍ (فَيَرْحَمَهُ الله).. والمعنى: يرحمه رَغْمًا لأنْفِك (ويَبْتَليك)؛ حيث زَكَّيْتَ نفسك ورَفَعْتَ مَنْزِلَتَك عليه].
وأضافت: بل إنَّ مِن كمال الأخلاق الإسلامية عدم إظهار الشماتة في نزول الموت بالخصم أو مَن كان بينهما عداوة؛ ولذلك يقول العلامة الكرماني في "شرح مصابيح السنة": [لا تُظْهِر الشماتة لأخيك؛ أي: لا تَفْرح بذنبٍ صَدَر من عدُوِّك، أو بِنَكْبةٍ وَرَدت إليه، فلعلك تَقَعُ في مثل ذلك].
وتابعت الإفتاء: وفلسفة هذا الأمر -أي: عدم إظهار الشماتة في الموت-: أنَّ الموت من المقادير التي كتبها الله تعالى على جميع الخلق؛ فكلُّ إنسان لا بد أنّه سيموت؛ فلا ينبغي لأحد أن يشْمَت عند موت غيره، فالموت ممَّا لا يمكن أن يَفِرَّ منه المرء مهما طال عمره؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [الأنبياء: 34-35]؛ قال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب": [فأمَّا قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾، ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: قال مُقاتل: إنَّ أناسًا كانوا يقولون إنَّ محمدًا صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يموت؛ فنزلت هذه الآية، وثانيها: كانوا يُقَدِّرُونَ أنَّه سيموت فَيَشْمَتُونَ بموته فنفى الله تعالى عنه الشَّماتة بهذا؛ أي: قضى الله تعالى ألا يُخَلِّدَ في الدنيا بشرًا فلا أنت ولا هم إلا عُرْضَةٌ للموت أَفَإِنْ مِتَّ أنت أيبقى هؤلاء؟
لا، وفي معناه قول القائل: فَقُل لِلشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا ... سَيَلْقَى الشامتون كما لَقِينَا].
وإنَّنَا نُذَكِّرُ مَن يمارس هذه العادة السيئة مع خلق الله أنَّ سنة الحياة التي قررها الله تعالى قاضيةٌ بأنَّ الإنسان لا يَثْبُت على حال واحدة؛ فإنَّه إنّما يعيش الحياة يومًا حزينًا، وأيامًا مسرورًا؛ قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 140]، قال الإمام أبو حيَّان في "البحر المحيط": [﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾؛ أخبر تعالى على سبيل التسلية أنَّ الأيام على قَدِيمِ الدَّهر لا تُبْقِي النَّاسَ على حالة واحدة، والمرادُ بالأيام أوقات الغَلبة والظَّفَر، يُصَرِّفُهَا الله على ما أراد تارةً لهؤلاء وتارةً لهؤلاء].
وبيت الدار، أن ممَّا يدل على عدم جواز الشماتة في الموت: ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان سهل بن حنيف، وقيس بن سعد رضي الله عنهما قاعدين بالقادسية، فمرّوا عليهما بجنازة، فقاما، فقيل لهما إنّها من أهل الأرض، أي: من أهل الذمة، فقالا: إنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنّها جنازة يهودي، فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا».
كما أنَّ الشَّماتة بوجهٍ عامٍ مُنَافِيةٌ لقيم الرَّحمة؛ فتكون أشد مُنَافاة في المصائب من باب أولى، فكيف بأعظم المصائب- أي الموت-؟.
واختتمت الإفتاء قائلة: وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز شرعًا للإنسان أن يَشْمَت في نزول المصائب على أحدٍ سواء في الموت أو غيره من المصائب؛ فإنَّها خَصلةٌ ذَميمة، تأْبَاهَا النفوس المستقيمةُ، ويترفَّع عنها أصحاب المُروءات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء الاحتضار القرآن القران الكريم الفطرة رضی الله عنه الشماتة فی الله تعالى ر الشماتة فی الموت النبی ﷺ ا الله ى الله
إقرأ أيضاً:
دار الإفتاء توضح موقفها الشرعي حول تحديد بداية عيد الفطر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا رسميًا اليوم السبت، ردًا على الجدل المثار حول تحديد بداية عيد الفطر المبارك لهذا العام، مؤكدة أن يوم الإثنين الموافق 31 مارس 2025 سيكون أول أيام العيد.
وجاء في البيان الرسمي لدار الإفتاء:
تابعت دار الإفتاء المصرية بعض الجدل المثَار حول تحديد بداية عيد الفطر المبارك لهذا العام، ونود توضيح الموقف الشرعي بصورة جلية:
أولاً: الأصل الشرعي الثابت عن النبي ﷺ في تحديد بدايات الشهور القمرية هو رؤية الهلال بالعين المجردة؛ لقوله ﷺ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا» (رواه البخاري ومسلم).
ثانيًا: تؤكد دار الإفتاء المصرية أنها تعتمد منهجية واضحة تجمع بين النصوص الشرعية الثابتة والاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية التي وصلت دقتها إلى درجة اليقين العلمي، وهذه الحسابات لا تُثبت دخول الشهر، بل تنفي إمكانية رؤية الهلال إذا ثبت علميًا استحالة ذلك، وهي بذلك تكون معيارًا لضبط الرؤية الشرعية.
ثالثًا: بناءً على هذا المنهج، فإن إعلان دار الإفتاء حول إتمام شهر رمضان يوم الأحد 30 مارس 2025م، واعتبار يوم الإثنين 31 مارس 2025م أول أيام عيد الفطر المبارك، جاء نتيجةً لتعذر الرؤية الشرعية للهلال، وهو ما يتفق مع قواعد الشرع ومناهج العلم الحديث.
وختامًا، نؤكد لأبناء شعب مصر والأمة الإسلامية جمعاء، أنه لا يوجد تعارض بين الشرع الحنيف والعلم الحديث، بل هما يتكاملان في تحديد المواقيت الشرعية بدقةٍ ووضوح.
نسأل الله تعالى أن يتقبَّل منا ومنكم صالح الأعمال، وكل عام وأنتم بخير.