إقرار عطلة الغدير يثير جدلا واسعا في العراق.. هل يشعل الفتيل الطائفي؟
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
أثار إقرار البرلمان العراقي عيد الغدير عاصفة من الجدل في البلاد، حيث اعتبرته أحزاب سياسية وجهات دينية تكريسا للانقسام الطائفي في العراق وترسيخا لهوية على حساب أخرى.
ومنذ أيام، احتدم الجدال حول القانون، عقب إعلان البرلمان عزمه على تحويل عيد الغدير إلى عطلة رسمية، حيث حذرت قوى سنية من الدخول في دوامة الفعل ورد الفعل.
ويعد الكثيرون القرار فرضا لسردية طائفية تثير حساسية المكونات الأخرى.
عيد الغدير
وعيد الغدير يوافق الـ 18 من ذي الحجة في التقويم الهجري، حيث يعود لإحدى خطب النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" التي ألقاها في منطقة غدير خم بالعام العاشر بعد الهجرة.
ويعد مضمون الخطبة محل خلاف بين المذاهب الإسلامية على مدار قرون، لا سيما في العراق، بين السنة والشيعة.
ويحتفل أفراد الطائفة الشيعة في هذا اليوم حيث تقول الروايات الشيعية إن ذلك اليوم شهد تعيين الإمام علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين من بعد النبي الكريم.
وقال رئيس مجلس النواب العراقي بالنيابة محسن المندلاوي، في بيان، إنه مشروع قانون "يهدف إلى إبراز المناسبات المرتبطة بحياة ومشاعر الشعب العراقي، وتنظيم العطلات الرسمية في البلاد".
وأضاف، أن "القانون شمل جميع العطل والمناسبات والأعياد الرسمية في البلاد"، مبينا أن رئاسة مجلس النواب منحت اهتماما خاصا لمشروع قانون العطلات الرسمية، وحرصت على جعل يوم 18 ذي الحجة عطلة عامة، وذلك لرمزية يوم الغدير لدى غالبية العراقيين.
تكريس للطائفية
في المقابل رفضت القوى والهيئات السنية القانون وعدوه تهديدا للهوية الوطنية الجامعة.
ودعا المجمع الفقهي العراقي، إلى ابتعاد البرلمان عن تشريع أي قانون يغذي الانقسام المجتمعي، ويهدد الهوية الوطنية والقيم الأصيلة.
من جانبه، قال حزب السيادة بزعامة خميس الخنجر، في بيان، إن "محاولات تشريع أعياد دينية لا تنال الإجماع الوطني بسبب الطبيعة التعددية الاجتماعية والمذهبية والدينية التي يعرف بها العراق، يثير المخاوف من تحول النظام السياسي تدريجيا إلى نظام دولة ثيوقراطية دينية بسبب هذه القوانين".
وبين أن هذه الخطوة تخالف الدستور والقوانين النافذة، مقترحا أن "تتولى مجالس المحافظات تشريع القوانين ذات البعد الديني بما يتلاءم مع توجهات أبنائها".
ووفقا للقانون العراقي فإنه يحق للحكومات المحلية صلاحية إعلان أي يوم عطلة، لكنها تقتصر على أهالي المحافظة نفسها دون غيرها لمختلف الأسباب، وخلال السنوات السابقة كانت محافظات جنوب ووسط العراق، تحتفل بعيد الغدير، وتمنح الدوائر الحكومية في المحافظة عطلة رسمية، دون شمولها باقي مدن البلاد.
بدوره قال النائب السني مشعان الجبوري في منشور على منصة "إكس"، إن "محاولة تشريع قانون يجعل من عيد الغدير عطلة وطنية رسمية يعني عمليا تبني سردية دينية شيعية تتعلق بالإمامة -الولاية التي يُكفِّر أغلب علماء الشيعة منكرها بشكل غير قابل للتأويل ولا وجود لها بالمطلق في السردية السنية!؟".
وتابع، بأن "من حق الشيعة الاحتفال بعيد الغدير كما يشاؤون، لكن تحويله إلى عيد وطني وفرضه حتى على من تكفرهم هذه السردية وهم نصف الشعب العراقي سيؤدي إلى مشاكل وحساسيات الشعب العراقي في غنى عنها".
وقال حزب "متحدون" بزعامة رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي: "ليس من حق أحد أن يفرض قناعات طائفية على الآخرين، وينبغي أن تكون الدولة بعيدة كل البعد عن أي ميل طائفي يقوض الهوية الوطنية للعراقيين، ويضرب مبادئ الدستور باعتباره القانون الأعلى للبلد".
من جهته يقول الباحث والكاتب السياسي العراقي نظير الكندوري، إنه "لا يمكن رؤية ما أقدم عليه البرلمان العراقي من خطوة إقرار حادثة الغدير كعطلة أو عيد في العراق، إلا على أنه انتكاسة كبيرة لهذا البلد، وخطوة كبيرة لتكريس الطائفية بشكل قانوني وعملي، والذي من شأنه أن يعمق ويكرس الانقسام المجتمعي بين أبناء الشعب العراقي، ويفتح الباب واسعًا لأتباع الديانات والمذاهب الأخرى، للبحث في التاريخ على كل مناسبة وحادثة ليتم تحويلها إلى عيد أو عطلة ردا على هذه الخطوة التي لا يمكن أن نسميها سوى أنها خطة غبية سياسيا".
وأضاف الكندوري في حديث لـ "عربي21”، أن "هذا القرار سيجعل التنافس الطائفي يحتدم بين أبناء الشعب، وربما يتحول في المستقبل القريب، إلى صراع سياسي أو احتراب داخلي. لأنه ببساطة، أتباع المذاهب والأديان العراقية الأخرى لن تسمح لهويتها بالذوبان في الهوية الشيعية التي تفرض عليهم فرضا".
وأكد الكندوري، أن الأحزاب الشيعية ومن يساندها من مليشيات، تحاول فرض واقع مذهبي بقوة القانون على عموم الشعب العراقي، وهي بذلك تصادر حقوق تلك المكونات العراقية، لأن الدول المحترمة التي تحترم حقوق مواطنيها، تتيح لكل مواطنيها، بالاحتفال بمناسباتها الدينية والثقافية، دون فرضها على الآخرين، لأن في ذلك تعديا عليها وعلى معتقداتها".
وتابع، بأن "الأحزاب الماسكة للسلطة في العراق ومنذ تمكنها من السلطة بعد 2003، تريد تهميش باقي مكونات الشعب العراقي، وتفرض عليه الثقافة الشيعية بالقوة، بل وتحاول جاهدة، صبغ العراق بهوية طائفية شيعية وعلى الجميع أن يمتثل لها رغم تنوع الشعب العراقي، بل إن الشيعة يشكلون أقلية مقارنة بالمذهب السني مثلا، والذي يتعبد به عرب الوسط والشمال من العراق، وكذلك الكرد في إقليم كردستان ناهيك عن أن غالبية التركمان هم من السنة".
وأردف: "إذا ما نظرنا إلى الموضوع من ناحية سياسية، فإن محاولة نشر التشيع وصبغ الشعب العراقي بهذه الهوية المذهبية، من شأنه أن يضمن لهذه الأحزاب النجاح في التغيير الديمغرافي للشعب العراقي. وهو ما يصب تمامًا بخدمة دولة مثل إيران، وكذلك بخدمة أدوات إيران في العراق".
الصدر على الخط
وبدأ الأمر بدعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في الـ19 من نيسان/ أبريل الماضي، مجلس النواب العراقي لتشريع قانون يجعل من "عيد الغدير" عطلة رسمية في العراق، معتبراً في كلمة متلفزة له أن "العيد درء للطائفية وتفعيل للتعايش السلمي".
وذكر أنه "بأمر من الشعب العراقي والأغلبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها، يجب على مجلس النواب العراقي تشريع قانون يجعل من الثامن عشر من شهر ذي الحجة عيد الغدير ومن لا يصوت عليه سيكون خصيما لله وللنبي وللإمام علي"، وفق زعمه.
وفي أعقاب التصويت على القانون، دعا زعيم التيار الصدري العراقيين إلى التوجه إلى المساجد متشحين بالرداء الأخضر.
وعن دعوة الصدر لهذا القانون قال الكندوري: "من خلال استجابة أحزاب الإطار التنسيقي لدعوة مقتدى الصدر بإقرار عطلة يوم الغدير يتبين لنا مدى محدودية القاعدة الشعبية للإطار، فهو بالرغم من استلامه للسلطة بالبلاد، إلا أنه لا يستطيع مجابهة رغبات مقتدى الصدر الجامحة في فرض رؤياه وأفكاره الجامحة على حكومة الإطار، فقامت السلطة السياسية بالاستجابة لدعوة الصدر، لا سيما أنها لا تتصادم مع توجهات الإطار".
وأضاف أنه "على هذا الأساس، فإذا ما كانت نتيجة هذا القانون كارثية، فهم سيتنصلون عن مسؤوليتهم بإقرار هذه العطلة، ويضعونها برقبة مقتدى الصدر وتيار".
وقال: "من ناحية مقتدى الصدر، فإن إصراره على جعل يوم الغدير كعطلة رسمية في العراق، ليس المقصود منه الوفاء للمذهب الشيعي أو إحياء مناسبات تاريخية ذات تفسير شيعي يتفردون به، وتلامس مشاعر الطائفة الشيعية في العراق، فهو يحاول تسويق ذلك لأتباعه من الطائفة الشيعية".
ووفقا للكندوري، فإن "السبب الحقيقي، هو أن لديه طموحات سياسية يريد من خلال هذه العطلة لهذه المناسبة الطائفية المثيرة للجدل، الظهور بمظهر المتحكم بالسياسية العراقية حتى وهو خارج السلطة، بغية تهيئة تياره للفوز بالانتخابات النيابية القادمة".
ويستدل الكندوري على كلامه، بأن الصدر، كان قد اعترض على إقرار هذه العطلة بالذات واعتبرها خطوة لتكريس الطائفية، لكنه لم يجد لديه مشكلة اليوم بالمطالبة بإقرارها، لأن في ذلك مصلحة سياسية لتياره، وفوائد انتخابية كبيرة حينما يظهر نفسه أمام طائفته الشيعية، بأنه المدافع القوي والأمين عن التشيع وأنه هو وتياره الوحيدون المدافعون عن الشيعية، وهم وحدهم من يستحقون تزعم هذه الطائفة".
في آب/ أغسطس 2022، أعلن الصدر انسحابه من الحياة السياسية وطلب من نواب التيار الصدري الاستقالة من عضوية البرلمان الأمر الذي منح منافسيه من "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى موالية لطهران، الأغلبية في مجلس النواب.
فرض هوية
وعقب إقرار القانون أثيرت موجة جدب كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي حول الأمر يين مؤيد ومعارض.
وقال الكاتب والسياسي العراقي يحيى الكبيسي، في منشور على إكس، إن "الطائفية لا تتحقّق إلا من خلال الدولة! فالشعور أو السلوك الطائفي الفردي، أو حتى الجماعي، مهما كان واضحاً، يبقىٰ هامشياً غير ذي قيمة خارج السياق الاجتماعي".
«فـــائـــدة»:
الطائفية لا تتحقّق إلا من خلال الدولة! فالشعور أو السلوك الطائفي الفردي، أو حتى الجماعي، مهما كان واضحاً، يبقىٰ هامشياً غير ذي قيمة خارج السياق الاجتماعي!
وما يحدث في العراق اليوم، أن الدولة نفسها قررت أن تكون طائفية! وأن تنحاز إلى مدونة دون أخرى! — د. يحيىٰ الكبيسي (@DrYahyaAlkubisi) May 22, 2024
وأضاف أن "ما يحدث في العراق اليوم، أن الدولة نفسها قررت أن تكون طائفية! وأن تنحاز إلى مدونة دون أخرى".
بدوره يقول الكاتب السياسي العراقي إياد الدليمي، إن "ترسيخ الهوية الطائفية للعراق عبر إقرار عطلة عيد_الغدير لن يساهم إلا بمزيد من تفكيك المفكك وتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، هذه العطلة ستفتح الباب واسعا أمام تداعيات مجتمعية خطيرة، طبعا الفاعل الشيعي اليوم يفرض ما يريد بفعل القوة والسطوة، ولكن إلى متى سيستمر هذا الأمر؟".
ترسيخ الهوية الطائفية للعراق عبر إقرار عطلة #عيد_الغدير لن يساهم إلا بمزيد من تفكيك المفكك وتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، هذه العطلة ستفتح الباب واسعا أمام تداعيات مجتمعية خطيرة، طبعا الفاعل الشيعي اليوم يفرض ما يريد بفعل القوة والسطوة، ولكن إلى متى سيستمر هذا الأمر؟ #العراق — إياد الدليمي (@iyad732) May 22, 2024
وأكد ناشطون وكتاب عراقيون رفضهم للقرار، محذرين من انزلاق البلاد إلى أتون الطائفية مجددا.
بهذه الروح الوطنية , شرع النواب الشيعة في البرلمان قانونا سيبقى علامة فارقة على فشل مشروع الدولة العراقية مابعد الاحتلال الامريكي .
حين التقى شيعة السلطة مع شيعة المعارضة في ترسيخ الطائفية بدلا من إعلاء الوطنية العراقية .
مبروك للاطار و للتيار الصدري . #عيد_الغدير pic.twitter.com/KGjv71N5AS — Amer Ibrahim عامر إبراهيم (@amiraljubori) May 22, 2024
انتقاد التصويت على #عيد_الغدير_عطلة_رسمية ليس له علاقة بالطائفية، إنما إقراره هو الطائفية بعينها. والاحتفال فيه اجتماعيا يعد أمرا طبيعيا وبما تشاء أي طائفة، لكن أن تتبناه الدولة هو المشكلة.
المثير أن التيار الصدري غير اسمه إلى "الوطني" وطالب خصومه "الفاسدين" بإقراره كعطلة طائفية… — مجاهد الطائي (@mujahed_altaee) May 23, 2024
وعن تأثيرات مثل هذه القرارات على النسيج المجتمعي العراقي يقول الكندوري، إن "العمل على ترسيخ ونشر الهوية الطائفية الشيعية بأوساط الشعب العراقي وبقوة القانون، سيجل باقي مكونات الشعب العراق من اتباع المذاهب والأديان الأخرى، تتمترس بطوائفها وثقافتها، وستحاول وبكل قوة الدفاع عن إرثها التاريخي من الاندثار أو الذوبان بالهوية الشيعية".
ومضى بالقول، إن "ذلك ربما يتطلب من أتباع المذاهب والأديان غير الشيعية، أن تقوم بالدفاع عن معتقداتها بكل الوسائل، حتى لو كانت وسائل عنيفة".
واستدرك بأنه "يمكننا القول، إن إقرار أعياد وعطل لمناسبات طائفية وفرضها على جميع العراقيين، هي (الوصفة الناجحة لتفجير الصراع الطائفي بالبلد، وهي الشرارة التي ستشعل النار التي لن تستثني أحد من لهيبها، وستزيد من التمزق للنسيج الاجتماعي العراقي وتصل به إلى مستويات ربما لا يمكن حلها مستقبلا".
فوضى العُطل
ويتصدر العراق البلدان التي تعطل الدوام الرسمي للقطاعين الخاص والعام في مناسبات وطنية ودينية متنوعة، وفقا لتقرير نشرته شبكة المستشارين العراقيين الميدانيين.
وتضاف عطل مفاجئة غالبا بسبب أوضاع أمنية أو سياسية أو دينية أو جوية.
وذكر التقرير أن هذه العطل تكلف العراق 2.5 مليار دولار شهريا، كما أنها باتت تسبب كسادا واضحا من جهة، وتراجعا كبيرا في المستوى التعليمي من جهة أخرى، ناهيك عن تأخير عدة مشاريع مهمة في الإعمار والتنمية.
وأضاف، أنه "لا يمكن للدولة النهوض والتطور بهذا العدد غير المجدي من العطل، باستثناء بعض المناسبات اللازمة نظرا لرمزيتها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية البرلمان العراقي عيد الغدير عطلة رسمية الطائفية العراق البرلمان الطائفية عيد الغدير عطلة رسمية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب العراقی التیار الصدری الشعب العراق مجلس النواب مقتدى الصدر عطلة رسمیة عید الغدیر هذه العطلة إقرار عطلة فی العراق رسمیة فی لا یمکن من خلال
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء ونظيره العراقي يترأسان اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين
ترأس اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، و محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، بقصر الحكومة بالعاصمة بغداد، أعمال الدورة الثالثة للجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، وذلك بحضور عددٍ كبير من الوزراء والمسئولين من الجانبين.
وعقد رئيسا الوزراء جلسة مباحثات موسعة بقصر الحكومة بالعاصمة بغداد، حضرها من الجانب المصري: الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، والمهندس خالد عبد العزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، و أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والسفير أحمد سمير، سفير مصر لدى العراق، والدكتورة صباح مشالي، نائب وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والدكتور إسلام عزام، النائب الأول لرئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، والدكتور طارق شعراوي، مستشار وزيرة التعاون الدولي، المشرف على قطاع التعاون العربي والأفريقي.
في حين حضر المباحثات من الجانب العراقي: الدكتور محمد علي تميم، نائب رئيس الوزراء، وزير التخطيط، و أثير الغريري، وزير التجارة، و رزاق محيبس السعداوي، وزير النقل، و أحمد فكاك البدراني، وزير الثقافة والسياحة والآثار، والدكتورة هيام الياسري، وزيرة الاتصالات، والسفير قحطان الجنابي، سفير العراق لدى مصر، والدكتور علي المؤيد، رئيس هيئة الإعلام والاتصالات، و لاسار محمد أمين، نائب رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار.
وفي مستهل جلسة المباحثات، رحب محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، بالدكتور مصطفى مدبولي، والوفد رفيع المستوى المرافق له، في هذه الزيارة التي وصفها بـ "العزيزة على قلوبهم في بغداد"، مؤكداً عمق علاقات الشراكة التاريخية التي تربط بين العراق ومصر، قيادة وحكومة وشعباً.
وطلب رئيس وزراء العراق نقل تحيات الرئيس عبد اللطيف رشيد، رئيس جمهورية العراق، إلى شقيقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية.
وأعرب محمد شياع السوداني عن تقديره لمجهودات الدولة المصرية في التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار في قطاع غزة، إلى جانب الشركاء، وكذا الجهود لنفاذ المساعدات الإنسانية ومواد الاغاثة إلى الأهالي في القطاع، مؤكداً توافق دولة العراق مع موقف مصر في عدم المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
وأشار رئيس وزراء العراق إلى أن هذا الاجتماع يأتي في إطار مستهدفات الجانبين، لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين، متوجهاً بالشكر لكل من شارك في إعداد هذا الاجتماع.
ولفت رئيس وزراء العراق إلى أن دولته حريصة على تعزيز التعاون مع الجانب المصري في المجال الاقتصادي، لاسيما في مجالات الربط الكهربائي والنقل واللوجيستيات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مؤكداً دور القطاع الخاص المصري الواضح في الاقتصاد العراقي ووجود فرص كبيرة أمام الشركات المصرية في هذا الاطار، لافتا في هذا الصدد الى ان لدى العراق شركات مصرية كبرى مثل أوراسكوم، وطلعت مصطفى، والسويدي، تقدم حكومة العراق لها كل الدعم.
واستعرض محمد شياع السوداني، أبرز خطوات الإصلاح الاقتصادي التي تمت في المجال الاقتصادي العراقي، معتبراً أن التواجد المصري اليوم بالعراق هو رسالة واضحة بأن العراق يمتلك بيئة استثمارية مؤهلة لجذب الاستثمارات المصرية وغير المصرية.
كما أكد رئيس وزراء العراق وجود فرص كبيرة للتعاون بين الجانبين المصري والعراقي في مجال الصناعات وخاصة، الصناعات التحويلية، مشيراً أيضاً إلى وجود فرص كبيرة للتعاون في مجال النفط.
من جانبه، استهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمته، بتوجيه الشكر والتقدير لما لمسه من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وهو المعروف دائما من الأخوة في دولة العراق الشقيق، والذي تربطه بمصر أواصر الأخوة والعروبة والتعاون المستمر منذ آلاف السنين.
ونقل رئيس الوزراء تحيات فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إلى أخيه فخامة الرئيس عبد اللطيف رشيد، رئيس دولة العراق، ورئيس وأعضاء الحكومة العراقية.
وأكد ان اجتماع اليوم للدورة الثالثة للجنة العليا المصرية العراقية المشتركة في مدينة بغداد، العزيزة جدا على قلوب جميع المصريين، يأتي في توقيت شديد الدقة، لافتاً إلى ان المباحثات الثنائية التي جمعته بنظيره العراقي شهدت التباحث حول العديد من القضايا الاقليمية، والتغيرات التي تشهدها، وأكدت أن هناك توافقاً تاماً على ضرورة التكامل والتنسيق المستمر بين البلدين، بهدف أن يكون هناك موقف واحد مشترك، بشأن تلك القضايا، التي تنعكس آثارها على البلدين بصورة مباشرة وغير مباشرة.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن انعقاد الدورة الثالثة من اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، بعد دورتين سابقتين، يؤكد حرص الجانبين على زيادة التعاون الاقتصادي، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري لا يلائم طموحات الدولتين، وبالإمكان مضاعفة هذه الأرقام.
وتوجه رئيس الوزراء بالشكر لرئاسة الحكومة العراقية على الإدارة الرشيدة والمتوازنة، مؤكداً حرص مصر على أن تعود العراق لتكون أحد موازين القوي الكبري في المنطقة.
وأضاف: "وبناءً عليه نعبر عن استعدادنا لتسخير جهود كل الشركات المصرية وكل القطاع الخاص المصري للمساعدة في جهود الإعمار في العراق، خاصةً وأن الشركات المصرية مع حجم عملها الذي قامت به في الدولة المصرية تحت قيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فقد استطاعت أن يكون لديها خبرة هائلة في مشروعات البنية الأساسية والنقل والإسكان والصناعة والزراعة، بالإضافة إلى عملها في عدد من الدول العربية والافريقية". وأكد استعداد الشركات المصرية للتواجد بشكل أكبر خلال الفترة القادمة للمساهمة في هذا الأمر.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر تتطلع للنهوض بمعدلات التجارة البينية بين القاهرة وبغداد، من خلال اتفاقيات التعاون، والتنسيق الثنائي، لافتاً إلى أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم في مجال النقل البري، وهو قطاع مهم للغاية، ويتم تعزيز هذا الأمر من خلال شركة الجسر العربي للملاحة التي شهدت تطويراً كبيراً جداً، ومن المستهدف أن تقوم بجهد كبير في حركة التجارة البينية بين الدول الثلاث، العراق ومصر والأردن، خلال الفترة القادمة.
وشدد الدكتور مصطفى مدبولي على أن القطاع الخاص له دور أساسي في عملية تفعيل الشراكات وزيادة التبادل التجاري، ولذا سيتم عقد منتدى لمجلس الأعمال العراقي المصري المشترك خلال هذه الزيارة، بحضور عدد من كبار رجال الأعمال المصريين، للقاء نظرائهم من القطاع الخاص العراقي وتبادل الفرص الممكنة، مشيراً إلى أن هناك توجيهاً من الحكومة للقطاع الخاص في مصر، بأن يقوم بعمل شراكات وبناء استثمار مشترك من خلال مشروعات في مصر والعراق، بما يعود بالنفع على كلا البلدين.
وأكد رئيس الوزراء أنه قد تم العمل خلال الفترة الماضية على إعادة تأهيل المصانع، وأصبح القطاع الصناعي في مصر يشهد اليوم أيضاً طفرة كبيرة، بالتعاون مع الخبرات الكبيرة للقطاع الخاص المصري الذي يساعد في هذا الأمر، كما عبر رئيس الوزراء عن اهتمامه بالعمل مع الجانب العراقي فيما يخص ملف العمالة المصرية المدربة والماهرة وزيادة الاستعانة بها في الشركات والمشروعات العراقية، وذلك من خلال التنسيق ما بين وزارتي العمل في البلدين.
وأضاف رئيس الوزراء: "سنشهد اليوم توقيع عدد آخر من مذكرات التفاهم، وأطلب من الوزراء من الجانبين أن نعمل معا على تفعيلها في أقرب وقت ممكن".
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: "ومع التحديات الإقليمية التي نواجهها اليوم، فإنه لدينا قناعة أنه لا سبيل لمواجهتها وضمان الاستقرار إلا من خلال زيادة التعاون والعمل المشترك ما بين الدول العربية، وعلى الأخص مصر والعراق".
واختتم حديثه قائلاً: "وفي الختام أتوجه بالشكر لزملائي والمسئولين عن اللجنة العليا من الجانبين وكل أعضاء اللجنة على الجهود المبذولة، ونتطلع إلى تفعيل كل المذكرات ودخولها حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن، وأتوجه بالشكر لدولة رئيس الوزراء العراقي على حسن الإستقبال وكرم الضيافة، وسنعمل معا على وضع كل المخرجات موضع التنفيذ لتحقيق أكبر قدر من الإستفادة للبلدين الشقيقين".
كما عقب رئيس الوزراء على الحديث عن وجود فرص للتعاون في مجال النفط، مؤكداً أنه سيوجه وزير البترول والثروة المعدنية المصري بتحديد موعد فوري لعقد لقاء مع نظيره العراقي، لبحث فرص التعاون الممكنة في مجال النفط، وخاصة منشآت التكرير ومستودعات التخزين، ودعا رئيس وزراء العراق إلى أن يعقد الوزيرين لقاء فورياً لبحث هذا الأمر، وبحث فرص التعاون الممكنة.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن صناعة الأدوية في مصر تشهد ازدهاراً، حيث أن لديها ما يزيد على 200 مصنع وشركة أدوية، وهذه المصانع تقوم بالتصدير، ولدى مصر الرغبة في تقديم يد التعاون الى العراق لإقامة مصانع للأدوية بها من خلال هيئة الدواء المصرية، الحاصلة على اعتماد دولي يسمح لها باعتماد الأدوية على مستوى العالم، ومصر حريصة على مساندة القطاع الخاص العراقي في هذا المجال.
وخلال الاجتماع، رحب الوزراء العراقيون بالدكتور مصطفى مدبولي، والوفد المرافق له، كما استعرضوا نتائج الجهود المبذولة لتنفيذ مخرجات اللجنة المشتركة الماضية، وآفاق التعاون المقبلة بين البلدين، التي ستترجم من خلال الوثائق المزمع توقيعها اليوم.
وأعربت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، عن سعادتها بالتواجد في بغداد الشقيق، في أحد أهم اللجان المشتركة التي تعقد بشكل دوري، وتوجهت بالشكر للجان المتابعة على تنفيذ ما يتم التوافق عليه مع الجانبين.
كما استعرضت الوزيرة الجهود المبذولة لتسهيل التبادل التجاري بين البلدين، التي يتم تنفيذها من خلال اللجنة العليا.