سر صمود الوحدة اليمنية أنها كانت مطلبا شعبيا ضاغطا من كل فئات المجتمع واطيافه المتنافرة والمتحالفة، وماتزال صامدة الى اللحظة، رغم كل ما تعرضت وماتزال تتعرض له من عواصف عاتية، وستبقى محروسة بعناية رب واحدٍ أحد؛ يدعو للتوحد، وإرادة شعبها التي لا تُقهر، جنوبا وشمالا وشرقا وغربا.

لم تكن الوحدة اليمنية لُحمةً جغرافية فحسب، بل كانت درسا إنسانيا رفيعا؛ ورقما كبيرا في حسابات الأزمنة.

فالطريق الوعر الذي كان مفروشا بالصعاب والألغام والتحديات الجسام لحقبٍ إمامية واستعمارية طويلة وماتلاها من صراعات جمهورية أمكن لليمنيين تعبيده وتسويته خلال عقد من الزمن فقط، استطاعوا خلاله ان يتجاوزوا ألغام الطريق ومطبات العبور، ومحطات الصراع وكبوات العصور، ليقفزوا الى رحاب الثاني والعشرين من مايو90.. المولود الذي طال انتظار ولادته المتعسرة.. (فأتى كما شاءت إرادات المُنى وهجَ انتصار.. يوماً نقدسه ونُرضعه أمانينا الكبار.. يوماً سيبقى خالد الساعات موصولَ الفخار) كما يقول مقالح اليمن.

هكذا شاءت إرادة ابناء سبأ، أن يقفزوا على واقعهم المر بلا حذر، ويصعدوا الى قمة المجد والشموخ، دون ان يتحسسوا كبواتِ الطريق وعثراتِه وأشواكَه، أو يحسبوا أدنى حساب لمخاطر التسرع ومخاوف الوحدة الاندماجية وماتخبئه الأيام لهم من اوجاع قادمة، ولسان حالهم يقول: ومن لا يحب صعود الجبال- يعش أبد الدهر بين الحفر!

هذه هي الروح التي بُنيت الوحدة على صخرتها ومضت واثقة دون تردد لتحقيق حلم العصور، وهي سبب صمودها حتى الان.. فرغم كل ما واجهته في بدايتها من اعاصير مباغتة وصراع ايدلوجيات متنافرة، وصدمة حرب خليجية عراقية وانقسام عربي وعودة مليوني مغترب، وامكانيات شحيحة، وخذلان الدعم العربي المالي، فضلا عن حرب مؤسفة عكرت صفو اليمنيين جميعا بين شركاء الوحدة، ثم عدوان اريتيري احتل جزر حنيش، وموجة تطرف وارهاب دولي، وما تلاها من ظهور موجة انفصالية مؤسفة وفوضى ربيعية عام2011، ثم انقلاب حوثي مدمر، واوجاع حرب مزلزلة مزقت البلد، إلا ان صخرة الوحدة ماتزال صلبة الجذور متماسكة البنيان، كشجرةٍ طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، محفوظة بعناية الله وإرادة شعبها التي لا تقهر- جنوبا وشمال وشرقا وغربا، غير آبهةٍ بأوجاع يمنها وشعبها، ولا مستسلمة لدعوات مشبوهة لتقسيم البلد ومؤامرات ملموسة!

ذلك ان الوحدة وفق مؤرخين كانت مطلبا شعبيا مُلحاً من كل فئات المجتمع، استأثرت بوجدانهم وضمائرهم على مر الحقب التشطيرية.. وما كانت لتتحقق لولا تلك الضغوطات الشعبية الهادرة والجهود العربية المضنية، وبسببها توفرت النوايا الصادقة لدى قيادات الشطرين، فاتجهوا إجباريا إلى مسار الوحدة بصيغتها الاندماجية الكاملة بكل أخطائها.. وعرف الشعب طريقه!

فكل ما واجهها بالأمس واليوم من أخطاء مشتركة هي من صنيع بشر لا ذنب لليمن الكبير في كبوتهم.. ونتاج تراكمات ماضوية وعوامل متشابكة ترفض ان تفض اشتباكها حتى اللحظة.. لكن الوحدة تظل مسألة وجودية يتعلق بها مصير بلدٍ بأكمله وشعب بكل تنوعاته كتبت له الاقدار ان يمرض ويتوجع، لكنه يجد في صمود وحدته بلسما يداوي جراحه ويشعره بقوته، وهو اليوم احوج ما يكون إليها؛ من أمسه القريب!

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

مجلسا السيادة والوزراء يجيزان الموازنة العامة للدولة وجبريل يقول: “موازنة غير تقليدية”

أجاز الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء برئاسة السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان الاربعاء، الموازنة العامة للدولة للعام ٢٠٢٥م.وعبر رئيس المجلس السيادي عن تقديره للجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة في ظل التحديات التي تواجه البلاد، وحرصها على تقديم كافة الخدمات الضرورية للمواطنين، كما تقدم بجزيل الشكر والتقدير لجهود وزارة التربية والتعليم في إنجاز وقيام امتحانات الشهادة السودانية في ظل الحرب الراهنة، واصفا تلك الخطوة بأنها رد على المليشيا الإرهابية المتمردة التي تريد إعاقة مسيرة التعليم في السودان.كما أشاد رئيس مجلس السيادة بالجهود الكبيرة التي بذلها بنك السودان لاستبدال العملة وتجاوز التحديات التي واكبت عملية الاستبدال.وشدد رئيس المجلس السيادي على أهمية عقد مؤتمرات وقيام ورش عمل لإعادة البناء وإعمار ما دمرته المليشيا الإرهابية لمؤسسات الدولة السودانية.من جانبه قال وزير المالية والتخطيط الإقتصاي د. جبريل إبراهيم في تصريح صحفي، إن موازنة الدولة للعام ٢٠٢٥م ، تم إجازتها في ظل تحديات كبيرة تواجه البلاد مبينا أنها موازنة غير تقليدية.وأعلن وزير المالية أن الموازنة تحمل بشريات عظيمة على رأسها الإنفاق الكبير على دعم المجهود الحربي ودعم مجالات العمل الإنساني والصحة والتعليم وإعادة الخدمات الأساسية للمواطنين، وتخصيص موارد كافية لدعم اللاجئين والنازحين وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين ودعم الوحدات الحكومية.وعبر عن أمله في زيادة الإيرادات من خلال توسيع المظلة الضريبية والجمركية، منوهاً أن الموازنة تضمنت عودة مرتبات العاملين في الدولة بنسبة ١٠٠% ، مشيراً إلى أن الموزانة جاءت متسقة مع احتياجات المواطنين في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، مؤكداً اهتمام وزارته باستقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي ورفع المعاناة عن المواطنين وعدم زيادة التضخم وتدهور سعر الصرف.وأضاف د.جبريل “نسعى للحصول على موارد إضافية من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية” ، مشيراً إلى أن هناك وعود من البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي في هذا الصدد.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • «مصطفى بكري»: المشير طنطاوي كان يقول لي سيب الناس تشتمني و يفشوا غلّهم فيا بدل ما يخربوا البلد
  • مسيرة حاشدة في جبل التاج.. غزة وجنين، صمود لا ينكسر في مواجهة الاحتلال / فيديو
  • ترامب يحذر من عواقب في حال عدم صمود اتفاق غزة
  • ترامب: ستكون هناك عواقب في حال عدم صمود وقف إطلاق النار في غزة
  • القرعة تضع منتخب اليمن للناشئين في المجموعة الثالثة والمدرب يقول: ''المجموعة ليست سهلة''
  • مجلسا السيادة والوزراء يجيزان الموازنة العامة للدولة وجبريل يقول: “موازنة غير تقليدية”
  • غزة.. صمود لا ينكسر
  • هل تسيطر الصين فعلا على قناة بنما مثلما يقول ترامب؟
  • 471 يوما من العدوان.. تامر أمين: الحرب على غزة كانت جحيما لا يطاق
  • “الزبيدي” يهاجم الوحدة اليمنية ويرى في وصول ترامب للسلطة فرصة لكبح جماح الحوثيين