غزة - صفا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي المستشفيات والمرافق الصحية في شمال قطاع غزة وإخراج المتبقى منها –الذي كان يعمل أصلًا بشكل جزئي— عن العمل بالكامل يعني قرارًا إسرائيليًّا بتنفيذ إعدام جماعي للمرضى والمصابين، في وقت يتصاعد الهجوم العسكري العنيف على مخيم جباليا ومحيطه منذ 13 يومًا، ويتواصل ارتكاب المجازر المروعة ضد السكان المدنيين هناك.

وأبرز المرصد الأورومتوسطي في بيان له الخميس وصل وكالة "صفا" أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مساء الأربعاء 22 مايو/أيار مستشفى "العودة" في مخيم جباليا شمالي القطاع، واحتجزت الكوادر الطبية والمرضى والجرحى وشرعت بالتنكيل بهم، وذلك بعد عدة أيام من إحكام حصار شامل على المستشفى واستهدافه على نحو متكرر وإخراجه عن العمل.

وأكد الأورومتوسطي أنّ الاتصال انقطع بأفراد الطواقم الطبية والمرضى والجرحى الذين تبقوا داخل المستشفى،فيما يُخشى من تكرار جرائم القتل والإعدام الميداني والاعتقال التعسفي والحرمان من الماء والطعام والعلاج، وهو ما حدث سابقًا في مستشفيات حول القطاع، بما في ذلك مستشفى "العودة" نفسه، الذي كان تعرض لاقتحام سابق خلال الاجتياح الأول لمخيم جباليا في ديسمبر/كانون أول 2023، واعتُقل مديره د."أحمد مهنا" مع آخرين من أفراد الطواقم الطبية.

وفي إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال الحكيم "فادي الزعانين" في مستشفى "العودة" إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي فرض حصارًا على المستشفى الذي يتبع للمجتمع المدني منذ ستة أيام وشدد الحصار قبل ثلاثة أيام، فيما أطلق يوم الثلاثاء قذيفة مدفعية تجاه أحد مباني المستشفى الذي يتواجد به 13 مريضًا ومصابًا وكادر طبي يتراوح عدده بين 120-150 شخصًا.

وأضاف الزعانين " جيش الاحتلال اقتحم عصر الأربعاء ساحة المستشفى وطلب عمل مقابلات مع الجميع، وكان يسأل عن الاسم ويأخذ صورًا شخصية، واعتقل أحد الزملاء ويدعى عبد الجبار الحناوي وهو كبير في السن.

وتابع "المرضى بقوا في المستشفى ومعهم طبيب وستة ممرضين، أما نحن فأخرجونا وحددوا لنا مسار خروج باتجاه غرب غزة.

وأشار إلى وضع المرضى الصعب، مضيفًا "هناك حالتا بتر وحالات ولادة قيصرية."

وقال الطبيب طلعت أبو دغيم لفريق الأورومتوسطي إنه "بعد أربعة أيام من حصار مستشفى العودة، تم إخراج المستشفى عن الخدمة، وإخراج جميع الطاقم الطبي، مضيفًا "وبقي المرضى وعددهم نحو 15 مريضًا تعذر خروجهم لعدم توفر سيارات إسعاف، وبقي معهم طبيب في قسم الاستقبال في المستشفى".

ولفت إلى "أثناء خروجنا أجبرونا على الكشف عن جسمنا، ثم أخضعونا للفحص والتدقيق الأمني ثم حددوا لنا مسار خروج باتجاه غرب غزة".

وفي إفادة أخرى لـمحمد الدريني، وهو مرافق مع شقيقه الجريح في مستشفى "العودة"، قال:"حاصر الجيش المستشفى منذ عدة أيام، وقصف الطابق الخامس من المبنى، وهذا اليوم اقتحم المستشفى واحتجزنا أربع ساعات، وسألني عن سبب وجودي، فقلت له أنني كنت مع أخي الذي أصيب في القصف العشوائي على مخيم جباليا وهو جريح في قدميه، ومن ثم أفرجوا عني وطلبوا مني التوجه إلى غرب غزة.

وأضاف "خلال أيام الحصار عانينا من قلة الماء والطعام وعدم توفر العلاج."

وبيّن الأورومتوسطي أنّ مستشفى كمال عدوان الواقع بين مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا شمالي القطاع يتعرض هو الآخر لحصار وإطلاق نار وقصف متكرر من الطائرات والمدفعية الإسرائيلية، الأمر الذي تسبب بإخراجه عن العمل، حيث اضطرت العديد من الطواقم الطبية والمرضى والجرحى لإخلائه، فيما بقي فيه عدد من الطواقم الطبية مع الجرحى والمرضى غير القادرين على الحركة، وانقطع الاتصال بهم نتيجة الحصار وانقطاع الكهرباء والاتصالات عن المنطقة.

وقال المرصدالأورومتوسطي إنه بخروج هذين المستشفيين عن العمل بعد أن أعيدا للعمل جزئيًا في الأسابيع الأخيرة عقب تعرضهما للاقتحام والتخريب من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ، تكون جميع المستشفيات شمال قطاع غزة قد خرجت عن الخدمة، ولم يعد هناك أي مكان لنقل القتلى أو الجرحى أو المرضى إليه لتلقي العلاج، بما في ذلك توقف جميع برامج الرعاية الصحية المتعلقة بالأمهات والأطفال.

وأكد أن ذلك يعني قرارًا إسرائيليا متعمدًا بإعدام عشرات الآلاف من الأشخاص والتسبب بموتهم، من خلال حرمانهم من حقهم في الرعاية الصحية.

ووفق تقديرات الأمم المتحدة فإن هناك أكثر من 100 ألف فلسطيني نزحوا من شمال قطاع غزة جراء الهجوم العسكري والاجتياح الأخير الذي بدأ مساء السبت 10 مايو/أيار الجاري، فيما ما يزال أكثر من 100 ألف آخرون داخل منازلهم أو في مراكز الإيواء في جباليا ومخيمها وبيت لاهيا وبيت حانون.

وبيّن الأورومتوسطي أن مشافي شمال قطاع غزة استقبلت ما يزيد عن 97 شهيدًا خلال 11 يومًا قبل خروجها عن الخدمة، ونقل عشرات الشهداء أيضًا إلى المستشفى "الأهلي" (المعمداني)، وهو المستشفى الوحيد الذي ما يزال يعمل جزئيًا في مدينة غزة.

وأشار المرصد إلى تلقيه معلومات عن وجود عشرات الشهداء غالبيتهم من المدنيين، وضمنهم نساء وأطفال، في الشوارع وتحت أنقاض المنازل المدمرة وداخل وقرب مراكز الإيواء التي تعرضت للقصف والاستهداف من جيش الاحتلال.

ولفت إلى أن الصور التي اطلع عليها والمعلومات الأولية التي تلقاها من فريقه الميداني تشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفذ عملية تدمير شبه كاملة لمخيم جباليا الذي كان يعد من أكثر أماكن العالم اكتظاظًا بالسكان والمنازل. وطال التدمير أكثر من 400 منزل، وهي إحصائية أولية من المتوقع أن ترتفع، خاصة مع استمرار الهجوم الإسرائيلي وما أظهرته الصور من مسح أحياء كاملة في المخيم، في حين أن نسبة الدمار التي لحقت جباليا ومخيمها منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين أول الماضي، وقبل العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة هناك، كانت بلغت حوالي 75-85%.

وشدّد الأورومتوسطي على أن تدمير المستشفيات والمرافق الطبية يأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها "إسرائيل" ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023، وفي مقدمة الخطة المنهجية والمنظمة وواسعة النطاق التي تنفذها "إسرائيل" لتدمير حياة الفلسطينيين في القطاع، وتحويله إلى مكان غير قابل للسكن ويفتقد لأبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية، من خلال جملة جرائم متكاملة، أخطرها الاستهداف المنهجي وواسع النطاق للقطاع الصحي وإخراجه عن الخدمة بالتدمير والحصار، وإيصاله إلى نقطة اللاعودة، وحرمان الفلسطينيين من فرص النجاة والحياة والاستشفاء، وحتى من المأوى.

وشدّد على أنّ ما ترتكبه "إسرائيل" من جرائم ضد المستشفيات والأشخاص المحميين في قطاع غزة تشكل كذلك جرائم حرب مكتملة الأركان، بالإضافة إلى كونها جرائم ضد الإنسانية كونها تنفذ في إطار الهجوم العسكري الإسرائيلي المنهجي وواسع النطاق ضد السكان المدنيين في قطاع غزة.

كما أكد الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ جرائمه ضد مستشفيات القطاع دون أدنى احترام لقواعد القانون الدولي، وبخاصة القانون الدولي الإنساني، وفي انتهاك صارخ لمبادئ التمييز والتناسبية والضرورة العسكرية، وللحماية الخاصة التي تتمتع بها المستشفيات المدنية والطواقم الطبية، أو الحماية التي يتمتع بها المدنيون سواء بصفتهم هذه أو كونهم غير مشاركين مشاركة مباشرة بالأعمال الحربية، أو الحماية التي يتمتع بها الجرحى والمرضى، وحظر استهدافهم، حتى لو كانوا من العسكريين.

وجدد الأورومتوسطي مطالبته بتدخل دولي عاجل لإقامة مستشفيات ميدانية في شمال غزة، والضغط على "إسرائيل" لوقف هجماتها المتكررة عن المستشفيات التي أخرجتها عن العمل، وضمان سلام الطواقم الطبية والمرضى والجرحى والنازحين داخلها، وتمكينهم من تلقي العلاج المنقذ للحياة، وضمان تحويل الحالات الطارئة للعلاج في الخارج.

وطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والجاد لحماية المدنيين الفلسطينيين من جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" في القطاع منذ نحو ثمانية أشهر، وحماية ما تبقى عاملًا من القطاع الصحي، والعمل على إعادة إعماره فورًا كونه جزءًا من البنية التحتية الضرورية لإنقاذ حياة الفلسطينيين هناك، واستخدام وسائل الضغط الحقيقية لإجبار "إسرائيل" للتوقف عن جرائمها الخطيرة والمستمرة وضمان امتثالها للقانون الدولي ولقرارات محكمة العدل الدولية، وتنفيذ مذكرات إلقاء القبض حال صدورها من المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم، وضمان مساءلتهم ومحاسبتهم، وتعويض الضحايا الفلسطينيين.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الاقصى العدوان على غزة جیش الاحتلال الإسرائیلی الأورومتوسطی أن الهجوم العسکری الطواقم الطبیة شمال قطاع غزة مخیم جبالیا عن الخدمة عن العمل

إقرأ أيضاً:

32 يومًا وحرائم الإبادة والحصار لا تتوقف شمالي القطاع

غزة - متابعة صفا يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي لليوم الثاني والثلاثين على التوالي، حرب الإبادة والحصار المطبق على شمالي قطاع غزة، ومنع إدخال الغذاء والدواء والمياه لآلاف المواطنين المحاصرين هناك، بهدف التهجير القسري والتطهير العرقي. ولم تتوقف مجازر الاحتلال بحق المواطنين شمالي القطاع، فضلًا عن مواصلة القصف المدفعي والجوي. وارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة في بيت لاهيا، حين قصفت منزلًا لعائلة الرضيع الذي يؤوي نازحين، مما أدى لاستشهاد 20 مواطنًا وعدد من المفقودين. ويمنع جيش الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمالي القطاع، ويحرم السكان من أدنى مقومات الحياة، على مرأى ومسمع العالم دون أن يحرك ساكنًا. وما زال عشرات الشهداء والجرحى تحت الركام وأنقاض المنازل المدمرة، وفي الطرقات بمخيم جباليا، في ظل استمرار الحصار وانعدام الخدمات الطبية والإسعاف والدفاع المدني. ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني إنتشال الشهداء والمصابين، بعدما أُجبرت قسرًا، بفعل استهدافها الممنهج من قوات الاحتلال. وتتعمد قوات الاحتلال منع إدخال المساعدات والدواء والغذاء إلى آلاف المواطنين المحاصرين شمالي القطاع، مما يفاقم الأوضاع المعيشية ويعمق سياسة الجوع والعطش. ولليوم الرابع عشر، ما زال الدفاع المدني معطل قسرًا في كافة مناطق شمال قطاع غزة، بفعل الإستهداف والعدوان الإسرائيلي المستمر، وبات آلاف المواطنون هناك بدون رعاية إنسانية وطبية. وهاجم جيش الاحتلال طواقم الدفاع المدني في شمالي قطاع غزة وسيطر على مركباته، وشرد غالبيتهم إلى جنوب القطاع، واختطف 7 منهم. ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ترتكب جيش الاحتلال بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.        

مقالات مشابهة

  • 10 شهداء بمجزرة داخل مدرسة لـالأونروا بمخيم الشاطئ (شاهد)
  • 10 شهداء بمجزرة داخل مدرسة لـلأونروا بمخيم الشاطئ (شاهد)
  • مخيم جباليا “هيروشيما” غزة التي يدمرها الاحتلال الإسرائيلي
  • مخيم جباليا هيروشيما غزة التي يدمرها الاحتلال الإسرائيلي
  • القسام: أجهزنا من المسافة صفر على قوة إسرائيلية راجلة في جباليا
  • 32 يومًا وجرائم الإبادة والحصار لا تتوقف شمالي القطاع
  • 32 يومًا وحرائم الإبادة والحصار لا تتوقف شمالي القطاع
  • شكوك متزايدة بشأن تنفيذ إسرائيل تهجير جماعي للفلسطينيين من شمال قطاع غزة
  • شاهد| استهداف كتائب القسّام لـ 4 جنود صهاينة ودبابة “ميركفاه” بعبوة شديدة الانفجار في حي القصاصيب بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة
  • حماس: تستهدف 4 جنود إسرائيليين ودبابة بعبوة شديدة الانفجار بمخيم جباليا شمال غزة