مجلة “صالون” الامريكية: لماذا تؤيد روسيا البرهان؟ محمد علي صالح
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
https://www.salon.com/2024/05/11/how-is-winning-in-africa-wave-of-military-coups-gains-putin-new-allies/
مجلة "صالون" الامريكية: لماذا تؤيد روسيا البرهان؟ محمد علي صالح
11-5-2024
واشنطن: محمد علي صالح
فى بداية هذا الشهر، زار السودان ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير خارجية روسيا. وقابل الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة، وحاكم السودان.
كان هذا مثالا واحدا لاستراتيجية روسيا الجديدة فى أفريقيا. فشلت الشيوعية في دول العالم الثالث. وفي روسيا نفسها. لكن، تستمر المواجهة بين روسيا ودول الحرية والديمقراطية، فى الغرب، وفى الشرق.
موخرا، زادت المواجهة بعد ان غزت روسيا اوكرانيا التى كانت تريد الانضمام لدول الحرية والديمقراطية. الآن، تريد روسيا كسب دول العالم الثالث الى جانبها. خاصة دول أفريقيا.
في الماضى، رفعت روسيا شعار "دروجبا" (الصداقة) لنشر الشيوعية عن طريق الأحزاب الشيوعية، والمساعدات العسكرية، والاقتصادية. الأن، ترفع روسيا نفس الشعار لنشر حكومات عسكرية ترفض الحكومات المدنية.
خاصة فى أفريقيا.
منذ سنة 2020، شهدت أفريقيا سبعة انقلابات عسكرية ضد حكومات مدنية: غابون، النيجر، بوركينا فاسو، السودان، غينيا، تشاد، مالي.
بعض هذه الانقلابات ايدتها روسيا بعد وقوعها. وبعضها كانت روسيا وراء التخطيط لها. وتخطط روسيا لمزيد من هذه الانقلابات:
1. لان تعامل الدول الاجنبية مع الحكومات العسكرية اسهل من تعاملها مع حكومات مدنية فيها احزاب، ومعارضات، وتكتلات، ومناورات.
2. لان اكثر الحكومات المدنية التى سقطت كانت تربطها علاقات ودية مع أمريكا والدول الغربية (رغم وجود اختلافات).
3. لان بعض الحكومات المدنية وافقت على تأسيس قواعد عسكرية لدول غربية داخل اراضيها، لمحاربة الإسلاميين المقاتلين.
في السودان، منذ أكثر من سنة، تدور حرب عسكرية (لا اهلية) بين جيشين كانا حليفين، ثم اختلفا: يقود القوات المسلحة الجنرال البرهان. ويقود الجنرال محمد حمدان حميدتي قوات الدعم السريع، التى كانت القوات المسلحة، نفسها، أسستها قبل عشرين سنة تقريبا. وظلت تمولها بالسلاح والمال، حتى اختلفت معها.
في الوقت الحاضر، يبدو ان الدعم السريع يسيطر ربما على نصف السودان. بما في ذلك العاصمة الخرطوم، التى هرب منها الجنرال البرهان، وبقية جنرالاته، الى بورتسودان، على البحر الأحمر.
هذا هو المكان الذي سافر اليه الدبلوماسى الروسى، وقابل البرهان.
وهذا هو المكان الذى يمثل تغييرا كبيرا في استراتيجية روسيا في افريقيا: تدخل حكومى مباشر، بدلا عن حركات مليشيات خاصة.
حتى السنة الماضية، كانت حكومة روسيا تعتمد على ميليشيات "فاقنر". لكن، اختلفت مع "فاقنر". وقضت عليها.
حدث هذا عندما اختلف يفيقينى بريجوزهين، قائد "فاقنر"، مع الرئيس فلاديمير بوتين حول الحرب في أوكرانيا. وكانت "فاقنر" أرسلت قوات خاصة الى اوكرانيا لمساعدة القوات الروسية. لكن، اختلف العسكريون هناك.
في اغسطس الماضى، سقطت طائرة عسكرية روسية فيها قائد "فاقنر". وقتل ومن معه، فى ظروف غامضة. ويعتقد ان الاستخبارات العسكرية الروسية كانت وراء ما حدث.
مهما حدث، خدمت مليشيات "فاقنر" حكومة روسيا كثيرا في افريقيا، خلال السنوات القليلة الماضية:
1. فى مالى: مستعمرة فرنسية سابقة. تحالفت "فاقنر" مع نظام عسكري أطاح بحكومة مدنية منتخبة. وسريعا، وصل الجنود الروس ليحلوا محل القوات الفرنسية.
2. في بوركينا فاسو: ايضا، مستعمرة فرنسية سابقة، وصل قائد "فاقنر" بعد انقلاب عسكري أطاح بحكومة مدنية أخرى.
3. في النيجر، ايضا مستعمرة فرنسية سابقة. هذه المرة، كانت المشكلة اكبر لان العسكريين طردوا قوات امريكية كانت تساعد الحكومة المدنية فى محاربة الإسلاميين المقاتلين.
4. في موزمبيق: مستعمرة برتغالية سابقة ، منحت تسهيلات موانى للبحرية الروسية، مقابل مشاركة "فاقنر" في الحرب ضد اسلاميين مقاتلين.
5. فى مدغشقر، مستعمرة فرنسية سابقة، مهدت "فاغنر" لشركات روسية للاستثمار في معادن نفيسة، ونافست شركات فرنسية.
6. فى افريقيا الوسطى: مستعمرة فرنسية سابقة، تحالفت "فاغنر" مع عسكريين منذ قبل خمس سنوات، وكانت لنشاطاتها صلات مع حلفاء في تشاد والسودان.
7. في السودان: حدث ما حدث.
هكذا، رغم هزيمة الشيوعية في دول العالم الثالث، وداخل روسيا نفسها، يستمر العداء بين روسيا ودول الحرية والديمقراطية، في الغرب وفى الشرق. وهكذا، اعتمدت روسيا في افريقيا على حكومات عسكرية.
هذا تطور تاريخى هام. وهو تحدى جديد لكل من يؤمن بالحرية والديمقراطية:
1. لأن روسيا، بعد سقوط الشيوعية والاتحاد السوفيتى، كان يمكنها ان تتحول الى حكومة ديمقراطية حرة. لكنها واصلت تراث قرون من حكم العائلات (الامبراطورية الروسية)، وحكم الدكتاتوريات (الحزب الشيوعى).
2. في الوقت الحاضر، وخاصة فى افريقيا، زاد طموح ضباط عسكريين ليحكموا بلادهم (سبعة انقلابات عسكرية خلال أربع سنوات).
3. يزيد قلق المحبين للحرية والديمقراطية، لانه توجد 120 دولة ديمقراطية، من بين 192 دولة. لكن، سكان الدول الديمقراطية يعادل سكان غير الديمقراطية (مليار وثلث مليار فى الصين وروسيا).
هكذا، تريد الصين وروسيا زيادة نفوذهما غير الحر، وغير الديمقراطي.
وخاصة في افريقيا. لكن، تختلف استراتيجيتهما:.
في جانب، الصين تعتمد على التجارة والاستثمارات (300 مليار دولار تقريبا).
في الجانب الآخر، روسيا فقيرة بالمقارنة مع الصين. ثم جاءت تكاليف حرب أوكرانيا (500 مليون دولار كل يوم).
ماذا تفعل روسيا؟
كما في السودان، انتهى عهد الاعتماد على الأحزاب الشيوعية. فى منتصف القرن الماضى، كان الحزب الشيوعى السودانى من أقوى الأحزاب الشيوعية في افريقيا. لكنه فقد البوصلة بعد سقوط الشيوعية فى روسيا.
من المفارقات ان الدبلوماسي الروسي زار بورتسودان، واعلن تاييد البرهان، بينما الحزب الشيوعى السودانى يعارض البرهان.
ماذا تفعل روسيا؟
"دروجبا عسكرية". التحالف مع العسكريين لإسقاط الحكومات المدنية التى يؤيدها الغرب.
قبل أسبوع من وصول الدبلوماسى الروسى إلى بورتسودان، رتبت الحكومة الفرنسية مؤتمرا فى باريس، بالنيابة عن الدول الغربية. جمع ملياري دولار لمساعدة السودانيين الذين تاثروا بالحرب. وتعمدت فرنسا عدم دعوة حكومة البرهان. وقالت أنها حكومة غير شرعية. وقابل الرئيس الفرنسى ماكرون رئيس الوزراء السابق حمدوك الذي يقود المعارضة ضد البرهان. واعتبره رئيسا لحكومة مدنية انقلب عليها البرهان.
بعد أسبوع من مؤتمر باريس، وصل الدبلوماسى الروسى الى بورتسودان، وأعلن تأييد روسيا لحكومة البرهان العسكرية.
لن تكن هذه اخر خطوات روسيا. بعد "دروجبا عسكرية"، ستاتى "سوليدارنوست (تحالف) عسكرى"، يضم الحكومات العسكرية ضد الحكومات المدنية.
فعلا، فى شهر فبراير، أعلن عساكر مالى، وبوركينا فاسو، والنيجر الانسحاب من التجمع الاقتصادي لدول غرب افريقيا (اكواس) لأن الدول المدنية في التجمع انتقدتهم.
------------------------
محمد علي صالح، منذ سنة 1980، مراسل صحفى متفرغ فى واشنطن لصحف عربية في الشرق الاوسط.
مزيد من كتاباته في "صالون":
-- نسيان الجحيم: الكفاح والمعاناة في السودان، بينما ينظر العالم بعيدًا
-- أفريقيا وحرب أوكرانيا: مخلفات الحرب الباردة
-- "محاسن" الاستعمار: غزا البريطانيون بلدي، وبنوا مدرستي
-- النفط ، روسيا و"أوبك": دروس للتاريخ
-- هل يزور البابا السعودية؟ الاختراق الديني الذي لم يلاحظه أحد.
-- صحفي عربي مخضرم: إذا أصابتني "كورونا"، سأعود الى "جهادي" امام البيت الابيض.
============
mohammadalisalih@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: محمد علی صالح فی السودان فی افریقیا
إقرأ أيضاً:
???? مجلة أمريكية متخصصة: فريق بايدن يدفع باتجاه تصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية
تقول مجلة “ناشونال سيكيورتي ديلي” الأمريكية المتخصصة في أخبار البيت الأبيض و السياسة الأمنية و الخارجية الأمريكية، إن إدارة الريئس بايدن، في أيامها الأخيرة “تدفع بقوة صوب إطلاق حملة في اللحظات الأخيرة لمعالجة الحرب الأهلية المدمرة في السودان والتي تحولت إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المستمرة في العالم”.
وتضيف المجلة التي تعرف نفسها بأنها أداة لتمكين المتخصصين الأمريكيين في السياسات والمواد الاستخبارية اللازمة في تشكيل أولويات الحكومة، إن مسؤولي الإدارة الأمريكية يدرسون حالياً “خططاً لإعلان الفظائع التي ترتكب في السودان إبادة جماعية وإصدار حزمة من العقوبات الجديدة على ميليشيا سودانية تتنافس على السلطة في الحرب” ، وفقاً لما قاله أربعة مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر لصحيفة “نات سيك ديلي”.
وتشير المجلة إلى أن هذه الإجراءات العقابية تتضمن فرض عقوبات على رأس “ميليشيا ما يُسمى بقوات الدعم السريع، محمد حمدان “حميدتي” دقلو ومؤسسات أخرى تابعة لقوات الدعم السريع”. كما تشير المجلة إلى أن الولايات المتحدة سبق و اتهمت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب، لكنها “اتهمت قوات الدعم السريع بالتطهير العرقي” في السودان.
ويشير الكاتبان السيد روبي جرامر و السيدة نهال توسي إلى أن مسؤولين وخبراء آخرين خارج الإدارة الأمريكية يضغطون على فريق الرئيس جو بايدن لتعيين مسؤول كبير في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “للإشراف على استمرار تدفق المساعدات الأمريكية والدولية إلى السودان المنكوب بالحرب في وقت تستعد واشنطن لتبادل كراسي الحكم بين إدارة جو بايدن وإدة دونالد ترامب”.
ويأتي هذا الضغط – وفق المجلة – في الوقت الذي يسافر فيه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى نيويورك اليوم (الخميس) ليترأس اجتماعاً رفيع المستوى للأمم المتحدة بشأن السودان. وقبل اجتماع الأمم المتحدة، دفع المسؤولون الأمريكيون لإنشاء ممرات إنسانية جديدة إلى المناطق المتضررة بشدة في السودان، بما في ذلك الخرطوم، عاصمة البلاد.
و تقول المجلة إن هذه التدابير مجتمعة تعكس الدفعة الأخيرة التي يبذلها فريق بايدن لدفع التقدم نحو إنهاء الحرب الأهلية السودانية بعد جولات متعددة من محادثات السلام الفاشلة والضغوط المتزايدة من المشرعين الأميركيين والجماعات الإنسانية لبذل المزيد من الجهد خلال شهرهم الأخير في مناصبهم.
و تضيف المجلة أنه، وعلى الرغم من أنها لا تحظى إلا بجزء ضئيل من الاهتمام العام أو تتلقى إلا اليسير من تمويل الإغاثة الإنسانية مقارنة بما تحظى به الحروب في غزة أو أوكرانيا، إلا أن الصراع في السودان دفع الملايين من الناس إلى شفا هوة المجاعة.
” لقد أصبح السودان برميل بارود جيوسياسي”، حيث تتنافس القوى الأجنبية بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران ومصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا على النفوذ بين الأطراف المتحاربة بينما تطيل الحرب وتزيد من تفاقمها.
وتقول المجلة إن إدارة بايدن تلقت انتقادات حادة من المشرعين الأمريكيين من أمثال السناتور جيم ريش (جمهوري من أيداهو)، الرئيس المقبل للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لعدم بذلها ما يكفي من الجهد حتى الآن لمحاسبة من يحركون الحرب الأهلية السودانية.
ويقول الكاتبان إن “منظمات حقوق الإنسان انتقدت إدارة بايدن لعدم محاسبة الإمارات العربية المتحدة علنًا على دورها في الصراع أيضًا. وجرى اتهام الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على نطاق واسع بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع بينما تنفذ حملة من القتل الجماعي والاغتصاب في جميع أنحاء السودان.”
وقال السناتور بن كاردين (ديمقراطي من ماريلاند)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ المنتهية ولايته، لصحيفة نات سيك ديلي: “على الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهد. وعلى الإمارات العربية المتحدة التوقف عن تأجيج النار هناك”.
ونقلت المجلة عن كاميرون هدسون، الخبير في العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن أي إجراءات نهائية من جانب إدارة بايدن بشأن السودان يمكن أن “تحرر ترامب من الاضطرار إلى اتخاذ هذه القرارات” وتمكين المشرعين الذين يركزون على الصراع من “استخدام هذا كوقود لمواصلة دفع ترامب لمواصلة القيادة الأمريكية في السودان”. وقال: “أي زخم يمكن أن يأتي من هذا يصبح أمراً جيداً إذ سينتقل إلى الإدارة القادمة”.
وتشير المجلة إلى أن النظر في توصيف المليشيا بارتكاب الإبادة الجماعية أو الفظائع المتجددة على أنها أداة سياسية مهمة لحشد انتباه المجتمع الدولي إلى الأزمة.
ووفقاً للمجلة فقد أكد مسؤولان إن وزارة الخارجية الأمريكية ما زالت تدرس إعلان الإبادة الجماعية، وهو ما يتطلب مراجعات قانونية وفنية داخلية مكثفة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بلينكين سيؤيد مثل هذا الإجراء. وقد حذر خبراء الأمم المتحدة بالفعل من أن الصراع في السودان يشبه بشكل متزايد الإبادة الجماعية.
ورفضت وزارة الخارجية التعليق على الأمر على وجه التحديد، قائلة إنها لا تناقش العقوبات أو القرارات الجديدة علنًا ومسبقًا. وقالت إنها تدفع من أجل وقف فوري للأعمال العدائية وفتح ممرات إنسانية إلى السودان للوصول إلى المدنيين الأكثر ضعفًا في البلاد. ورفض مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض التعليق، وفقا للمجلة.
نيويورك – المحقق
إنضم لقناة النيلين على واتساب