انزلاق السودان إلى الفوضى يمهد الطريق أمام عودة تنظيم القاعدة إلى معقله التاريخي
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
خطر اكتساب تنظيم القاعدة للأراضي في السودان أصبح الآن حقيقياً للغاية، ما لا يعرّض البلاد للخطر فحسب، بل وأيضاً الأمن الإقليمي وربما العالمي.
الفوضى بيئة خصبة للتشدد
الخرطوم- يحذر محللون من أن استمرار انزلاق السودان إلى الفوضى يمهد الطريق أمام عودة تنظيم القاعد إلى معقله التاريخي. وشدد أبوحذيفة السوداني، وهو زعيم رفيع المستوى في تنظيم القاعدة، في بيان صدر في أكتوبر 2022، من أن “الفوضى هي فرصتنا لزرع بذور الجهاد”.
ويقول الخبير في مكافحة الإرهاب أسان دياني في تقرير نشرته مؤسسة ذوكونفرسيشن إنه ربما بدت كلماته (أبوحذيفة) سابقة لأوانها في ذلك الوقت، لكنّ عاماً من الحرب الأهلية الوحشية أغرق السودان الآن في نوع من الفوضى التي تزدهر فيها الجماعات الإرهابية.
ويضيف دياني أن خطر اكتساب تنظيم القاعدة للأراضي في السودان أصبح الآن حقيقياً للغاية، ما لا يعرّض البلاد للخطر فحسب، بل وأيضاً الأمن الإقليمي وربما العالمي. وفي أبريل 2023، اندلع القتال في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، مما أدى إلى خلق فراغ في السلطة يتطلع المتطرفون إلى ملئه.
وتواجه القوات المسلحة السودانية اتهامات من عدة أطراف سودانية وحتى دولية بتجنيد مقاتلين إسلاميين، الأمر الذي يغذّي المخاوف من أن الحرب الأهلية – بغض النظر عن المنتصر – سوف تثبّت موطئ قدم للجماعات المتطرفة.
ويخاطر السودان بالتحول إلى معقل لتنظيم القاعدة وقاعدة محتملة لتنسيق الهجمات على الولايات المتحدة وحلفائها، إذ أن أعضاء تنظيم القاعدة، الذين يبحثون عن فرص لتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه في الشرق الأوسط، يستجيبون بالفعل للدعوات الموجهة إليهم بالتوجه إلى السودان.
وتسبق الحرب الأهلية في السودان القتال الحالي بعقود. وقد اشتعلت تلك الأزمة في عام 1989 عندما استولى الرئيس المخلوع عمر البشير على السلطة، مما جعل البلاد تتبنى أيديولوجيات إسلامية متطرفة.
وفي عام 1991 آوى البشير زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وفي ظل نظام البشير أيضا، أنشأ بن لادن معسكرات تدريب وقام بتوسيع الشبكة المالية لتنظيم القاعدة، ووضع الأساس لهجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية. وفي مواجهة العقوبات الدولية بسبب دعمه للإرهاب، طرد السودان بن لادن في عام 1996.
السودان في قلب إستراتيجيات الجهاد
في ظل الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، ربما يتجاهل الغرب الأزمة في السودان والإمكانات التي يحملها تنظيم القاعدة، وهو الجماعة التي طالما كانت تطمح إلى العودة إلى السودان.
وعلى الرغم من طرده، استمر بن لادن في التأكيد على أهمية السودان في خططه للجهاد العالمي. وكان هذا واضحاً في تسجيلاته الصوتية ومذكراته الصادرة عام 2006 والتي أشار فيها إلى السودان كقاعدة عملياتية محورية.
وكشف منشور صادر عام 2023 عن شخصية بارزة في تنظيم القاعدة هو إبراهيم القوصي بعنوان “شظايا من تاريخ القاعدة” أن بن لادن وجه استثمارًا بقيمة 12 مليون دولار فقط للجهاد في السودان، مما يسلط الضوء على العلاقة المستمرة للمنطقة بأهداف تنظيم القاعدة.
وتمتد جاذبية السودان للمتطرفين إلى ما هو أبعد من علاقاته مع بن لادن. ويعتبر السودان بمثابة جسر إستراتيجي بين شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، وهو موقع رئيسي للمتطرفين الإسلاميين الذين يهدفون إلى توسيع نفوذهم في جميع أنحاء المنطقة. وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021 وعودة طالبان إلى السلطة، أعاد تنظيم القاعدة ترسيخ وجوده في البلاد، وأعاد فتح معسكرات التدريب والمدارس الدينية.
ولكن قبل ذلك بوقت كبير، كان تنظيم القاعدة قد تطور منذ فترة طويلة من منظمة مركزية في أفغانستان إلى شبكة لامركزية لها فروع عالمية تمتد من شبه الجزيرة العربية إلى شبه القارة الهندية وصولاً إلى منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا ومنطقة الساحل.
طموحات جديدة
تسلط التطورات الأخيرة الضوء على تركيز تنظيم القاعدة المتزايد على السودان، وهو مدفوع بخطط التوسع التفصيلية لزعيم تنظيم القاعدة في السودان أبوحذيفة السوداني. وأصدر السوداني، وهو زميل سابق لبن لادن وله خلفية سيئة السمعة في أفغانستان والعراق، دعوة متجددة للجهاد.
وفي أعقاب اندلاع الحرب الأهلية في السودان، لم يصف بيان السوداني لعام 2022 الذي جاء فيه “الآن جاء القتال: رسائل حرب إلى المجاهدين في السودان”، إستراتيجية عسكرية من الضربات المستهدفة وحرب العصابات في جميع أنحاء السودان فحسب، بل قدم أيضًا رؤية ليمتد الجهاد من دنقلا في شمال البلاد إلى دارفور في جنوبها، وتكون الخرطوم مركز القيادة.
كما أعرب تنظيم القاعدة عن تهديده في رسالة بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لهجمات عام 2001 على الولايات المتحدة، ووعد قائلاً “إنها مسألة وقت فقط قبل أن تتفوق الضربة التالية على أهوال 11 سبتمبر”.
وهذا الإعلان، إلى جانب الوجود المتصاعد للجماعة في مناطق الصراع مثل النيجر وليبيا، يضع التنظيم بشكل فعال في استهداف المصالح الأميركية في جميع أنحاء العالم. وفي الواقع، أشار تقرير للأمم المتحدة لعام 2022 إلى أن تنظيم القاعدة كان يخطط لهجمات كبيرة، ربما في البحر.
ماذا يعني استيلاء المتطرفين
لا يمكن التقليل من إمكانات تنظيم القاعدة في السودان الغني بالموارد. فتاريخياً، كانت عمليات التنظيم في أفغانستان ذات الموارد المحدودة مدمّرة؛ وفي السودان، مع وفرة النفط والذهب والأراضي الخصبة، يمكن تضخيم قدراتهم بشكل كبير.
ويوفر السودان قاعدة مربحة لمن يتولى السلطة. ومما لا شك فيه أن إقامة الروابط مع طرفي الحرب الأهلية ستكون ذات فائدة مالية ضخمة لتنظيم القاعدة في حالة فوز أيّ من الجانبين، بنفس الطريقة التي كان بها حكم البشير قبل جيل واحد. كما أن وجود السودان على ضفاف البحر الأحمر يجعل منه تهديدًا أكبر من تهديد العراق وأفغانستان مجتمعين.
وحصول أبوحذيفة على معقل في السودان يمكن أن يؤدي إلى تمكين الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في جميع أنحاء اليمن والصومال ومنطقة الساحل، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات الإقليمية وتهديد طرق التجارة الحيوية في البحر الأحمر.
ومن المثير للاهتمام أن تقرير الأمم المتحدة الصادر في يوليو 2022 كشف أن فرع تنظيم القاعدة في اليمن كان يعزز قدراته البحرية. ويمكن أن تؤدي عودة قدرات تنظيم القاعدة في المنطقة إلى زيادة القرصنة والحصار العسكري وتدفق الأسلحة غير المنظم، وتصعيد التوترات الإقليمية والتسبب في اضطرابات جيوسياسية أوسع نطاقا.
ولكن بينما تعيد الولايات المتحدة توجيه مواردها واهتمامها نحو الحروب في أوروبا والشرق الأوسط ومواجهة الصين، يبدو أن السودان قد تراجع إلى أسفل قائمة أولوياتها. ومما يزيد الأمور تعقيدا أن ردود الولايات المتحدة تتشابك مع المصالح المتضاربة لحلفائها الذين يدعمون مختلف الفصائل في الحرب الأهلية في السودان.
فالولايات المتحدة، التي تعاني من قيود الموارد، وتطغى عليها التهديدات المتنافسة، وتشعر بالضجر من عقود من التواجد في الشرق الأوسط، في وضع ضعيف لا يسمح لها بمواجهة توسع تنظيم القاعدة في السودان.
ولكن مع اقتراب السودان من أن يصبح مركزاً للإرهاب العالمي، فإن المخاطر لا يمكن أن تكون أكبر. وتوضح الأمثلة التاريخية، مثل سقوط أفغانستان في أيدي طالبان وصعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، التكاليف المحتملة.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الولایات المتحدة تنظیم القاعدة فی لتنظیم القاعدة الحرب الأهلیة فی جمیع أنحاء فی السودان بن لادن
إقرأ أيضاً:
قاعدة “نيفاتيم” الصهيونية في مرمى الصواريخ اليمنية
يمانيون/ تقارير أعلنت القوات المسلحة اليمنية، اليوم السبت، قصف قاعدة “نيفاتيم” الجوية الصهيونية، في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة، في استهداف ليس الأول خلال معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس التي تخوضها اليمن نصرة وإسنادا للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة صهيونية أمريكية في غزة.
وتكرر اسم هذه القاعدة خلال الأشهر الماضية، بالتوازي مع استهدافها من قبل القوات المسلحة اليمنية، ففي الثاني والعشرين من شهر نوفمبر2024م أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن استهداف هذه “نيفاتيم” بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع فلسطين 2، ثم عاودت استهدافها في سبت الـ 28 ديسمبر 2024 بصاروخ فرط صوتي من ذات الطراز.
ويأتي استهداف القاعدة فجر اليوم السبت، غداة وصول تعزيزات عسكرية أمريكية، حيث أعلن المتحدث باسم قوات العدو الصهيوني، أمس الجمعة عن هبوط ثلاث طائرات حربية من طراز F-35 “أدير” في قاعدة نيفاتيم الجوية الخميس، موضحا أن هذه الطائرات – المنتجة من قبل شركة لوكهيد مارتن الأمريكية – ستنضم إلى صفوف سلاح الجو الصهيوني، وتحديدا ضمن السرب 140.
كما يأتي توقيت استهداف القاعدة بعد ثلاثة أيام من استهداف القوة الصاروخية اليمنية لهدف حيوي في حيفا شمال فلسطين المحتلة بصاروخ فرط صوتي لم يكشف عن نوعه، ما يشير إلى أن الضربات الصاروخية اليمنية باتت تشمل جميع جغرافيا فلسطين المحتلة في التوقيت الذي تريده اليمن.
قاعدة “نيفاتيم” أكثر من قاعدة جوية
وقاعدة “نيفاتيم” هي واحدة من أهم القواعد الجوية الاستراتيجية في لكيان العدو في فلسطين المحتلة، وتضم مقر القيادة الجوية الصهيونية، كما تحتوي على أسراب الطائرات المتقدمة مثل طائرات إف-35 وأخرى متخصصة في النقل والمراقبة.
وتقع القاعدة المعروفة أيضا بقاعدة سلاح الجو الصهيوني 28 في صحراء النقب جنوب شرقي بئر السبع بالقرب من مستوطنة “نيفاتيم” والخط الأخضر، وتحوي القاعدة 4 مدارج يبلغ إجمالي طولها 30 ألفا و722 قدما.
تاريخ القاعدة
في البداية بُنيت القاعدة عام 1947 وكانت عبارة عن مدرج لهبوط الطائرات التابع للعصابات الصهيونية المعروفة بالهاغاناه، وفي أعقاب توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وكيان العدو وإخلاء سلاح الجو الصهيوني قواعده في سيناء مولت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1983 إنشاء القاعدة الجوية في موقع المدرج ذاته.
وفي أوائل عام 2000 وظفت قوات العدو مئات الطيارين والفنيين لبناء حظائر للطائرات ومخابئ للذخيرة وعشرات الوحدات السكنية للطاقم العامل وورش للصيانة.
أما في منتصف العقد الأول من القرن الـ21 فقد تم توسيع القاعدة لتشمل مدرجا ثالثا بهدف استيعاب الأنشطة العسكرية التي كانت تُجرى في مطار بن غوريون.
مهام ونشاط ومحتويات القاعدة
تضم القاعدة مقر القيادة الجوية الاستراتيجية لسلاح الجو الصهيوني تحت الأرض، كما تعد المهبط الرئيسي للطائرة قادة كيان العدو “جناح صهيون”، وكذلك أسراب طائرات “إف-35”.
وتتمركز كذلك في نيفاتيم مقاتلات أخرى، مثل طائرات الشبح والنقل العسكري وطائرات المراقبة والإنقاذ الجوي.
وفي القاعدة 3 أسراب من طراز “إف-35” وهي أسود الجنوب 116 والطائرة الأولى 117 والنسر الذهبي 140، وتضم كذلك سرب طائرات “ناخشون 122” وسربين للنقل من نوع “هيركيلوس”، إضافة إلى وحدات أخرى وأجهزة محاكاة متطورة لتدريب الطيارين.
وإلى جانب تنفيذ المهام القتالية تعد “نيفاتيم” قاعدة إستراتيجية لاستضافة الفرق والطائرات من الخارج لإجراء تدريبات ومناورات مشتركة.
ونشرت الولايات المتحدة عام 2008 رادارا متطورا في القاعدة يعمل على الموجة “إكس” لحماية كيان العدو من كل التهديدات في المنطقتين القريبة والبعيدة، حسب مسؤول عسكري أميركي.
وتسلم كيان العدو أواخر عام 2016 أولى دفعات مقاتلات الشبح الأمريكية “إف-35” التي حطت في قاعدة نيفاتيم، وبموجب اتفاق بين الولايات المتحدة وكيان العدو تقرر أن تحصل الأخيرة على 50 مقاتلة من الطراز ذاته بحلول عام 2022.
وفي أبريل 2024 كشفت صحف صهيونية عن إطلاق جسر جوي وبحري أمريكي لمد كيان العدو بالعتاد دعما لعملياتها العسكرية في قطاع غزة، وقد وصلت إلى قاعدة نيفاتيم عشرات الطائرات من طراز “سي-17” التابعة لسلاح الجو الأمريكي.
نقلا عن المسيرة نت