الرؤية- ريم الحامدية

قال الدكتور خالد بن سعيد العامري، رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية، إن سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية تربطهما علاقات ثنائية وطيدة وتعاون اقتصادي مستمر، كما إن للبلدين تاريخا طويلا من العلاقات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية المتينة، مضيفا: "تجلى هذا التعاون والعلاقات المثمرة في التجارة المتبادلة بين البلدين والاستثمارات المشتركة، فضمن سياق الشراكة الاقتصادية تعد المملكة الأردنية الهاشمية شريكا مهما في خارطة سلطنة عمان التجارية، حيث تأتي ضمن الدول العربية العشر الأولى في التبادل التجاري بالنسبة للاقتصاد العماني".

وأوضح- في تصريحات لـ"الرؤية"- أنه "بالنظر إلى التبادل التجاري بين سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية خلال الفترة من 2013 ولغاية 2023 واستنادا للبينات الرسمية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فقد بلغ متوسط النمو السنوي لحجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 14%، كما إن التجارة البينية بين البلدين شهدت قفزة كبيرة ما بعد عام 2019م، حيث نمى التبادل التجاري بنحو 63% في عام 2020 ليبلغ نحو 46.2 مليون ريال عماني مقارنة بـ 28.3 مليون في 2019، وبنهاية عام 2023م وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 74 مليون ريال عماني، مما يشير إلى ثمار الجهود المبذولة من أجل تعزيز التعاون التجاري المشترك بين البلدين".

وتابع قائلا: "قيمة صادرات سلطنة عمان إلى المملكة الأردنية الهاشمية لاسيما في السنوات الثلاث الماضية نمت بشكل مطرد لتبلغ أكثر من 46 مليون ريال عماني بنهاية ديسمبر 2023م مقارنة بنحو 13.1 مليون ريال عماني في 2013م، وفي المقابل وبخلاف الصادرات العمانية إلى الأردن، تتخذ صادرات السوق الأردنية إلى سلطنة عمان نمطاً متذبذباً حيث شهدت الفترة من 2015 ولغاية 2019 تراجعاً من نحو 21 مليون ريال عماني إلى حوالي 13 مليون ريال عماني، لتعاود الارتفاع بعد ذلك إلى نحو 35.4 مليون في 2021م، وانخفضت في 2022 لتبلغ 19.4 مليون ريال عماني، غير أنها ارتفعت مرة أخرى لتصل إلى 27.5 مليون ريال بنهاية 2023م".

وأضاف: "الميزان التجاري بين سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية شهد فائضا لصالح سلطنة عمان، حيث بلغ 20.8 مليون ريال عماني و19.4 مليون ريال عماني لعامي 2022 و2023م على التوالي، ويعود ذلك إلى ارتفاع قيمة الصادرات العمانية إلى الأردن مقارنة بالواردات، وهذا بطبيعة الحال يعكس طبيعة العلاقات التجارية بين البلدين ومؤشر جيد بأهمية الصادرات العمانية إلى السوق الأردنية، كما إن مؤشرات التجارة البينية بين سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية تعكس وجود طموح مشترك في تعزيز فرص النمو الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وان الجهود المبذولة لذلك واضحة في ارتفاع حجم التبادل التجاري بينها، كما أن الاستثمار الأردني المباشر في سلطنة عمان في تنامي مستمر، إذ تشير الحسابات الأولية أنه يبلغ أكثر من 240 مليون ريال عماني عام 2022 مقارنة بـ 189.6 مليون ريال عماني في 2018م، بالإضافة إلى وجود مزيد من الفرص الاستثمارية والاتفاقيات التجارية والاستثمارية والتنظيمية وتكثيف اللقاءات والزيارات بين البلدين وتبادل الأفكار سواء على مستوى المؤسسات الحكومية أو رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص سيكون ذو آثر كبير في تطوير العلاقات التجارية بين السلطنة والمملكة الأردنية الهاشمية خاصة من خلال التركيز على القطاعات ذات الاهتمام المشترك مثل الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، والسياحة، والتعليم والتدريب، والتكنولوجيا، وغير ذلك القطاعات المهمة  بما يسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية المشتركة وتعزيز الازدهار الاقتصادي للبلدين".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: والمملکة الأردنیة الهاشمیة التبادل التجاری بین ملیون ریال عمانی بین البلدین سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

«الحماية الاجتماعية» سلطنة عمان .. فصاحة سياسية وجماليات المواطنة

فـي عام 1791م صدر «قانون لو شابيلييه» والذي يحظر عمل التجمعات المهنية النشطة من أجل توفـير الحقوق الاجتماعية للعمال، لكن رغم ذلك وبعيدا عن أعين السلطات نشأ ما يسمى بجمعيات المساعدة المتبادلة والتي كان غرضها مساندة من يفقدون وظائفهم أو يتعرضون لإصابة عمل، وهكذا ظل الأمر فـي توتر بين القوى المهنية والسلطات، ما اضطر عُمَّال فرنسا الانتظار حتى 1898م حيث صدر «ميثاق التعاونية». والجمهورية رائدة فـي مجال الحماية الاجتماعية وقد صاغت تصورا فلسفـيا فـي 1945م، تصورٌ يستجيب للخصائص الثقافـية، ما جعل مظلتها الاجتماعية مُشبعة بالكثير من الالتزامات الأخلاقية تجاه الشرائح الأضعف.

والواقع أن تعبير «حماية» يحمل دلالات واسعة تستند على مفهوم أنْسنَة أساليب الحكم والإدارة، كَوْن الحماية الاجتماعية شكلٌ من أشكال التَّضَامُن يبني قيما مشتركة فـي المجتمعات، ويكرس مفاهيم المساواة والحرية.

ويقف ضد مفهوم « السِّعْر» كمعنى اقتصادي متجذر فـي الدولة الحديثة يحدد علاقتها بمواطنيها، وهنا فالقيمة المركزية المُحَرِّكة للسلطة قيمة أخلاقية متعددة الجوانب، فـ «الخير والعدالة» بل حتى جماليات القانون، وهذه كلها سيعاد ترتيبها فـي سياق أكثر إنسانية يرتفع بفكرة الدولة من مجرد آلية تنفـيذية إلى فضاء سياسي يعتمد فـي أشغاله توفـير الحقوق وتسنيدها إلى جملة مظاهر التمثيلات الاجتماعية للفردي والجماعي فـي المجال العام. وفـي لغتنا تكتسب لفظة «حماية» معنى أكثر بلاغة، فالحماية هي «الوقاية» وحمَى الشَّيءَ من النَّاس: منعه عنهم، والحقيقة أنه جَرَتِ العادة أن تقوم الدول بصياغة قوانين لحماية مجالها الاقتصادي ما يدفعها أحيانا إلى التدخل فـي توجيهه لتحقيق أهداف ربحية من الأساس، ومن ذلك تشجيعها الصناعات المحلية وفرض رسوم جمركية على بعض الواردات، كل هذا مفهوم ومعلوم، لكن تتجلى إنسانية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه، فـي رؤية عميقة للسياق الاجتماعي لشعبه فإصداره المرسوم السلطاني الخاص بالحماية الاجتماعية فـي عام 2023م، يكشف عن امتلاكه فلسفة اجتماعية متقدمة بمعايير وطننا العربي، فلسفة قِيَم أهمها قيِّم المواطنة والتَّضمين الإيجابي، وهو اعتراف بليغ بأن المجتمع يشكل مرجعية وأنه مرآة ترى فـيها السلطة نفسها أكثر. فالشرائح التي يخدمها هذا القانون هي: (كبار السن، الأطفال، ذوو الإعاقة، الأيتام والأرامل، الأسر المتعففة).

ويكشف هذا التقسيم استناده إلى نظرية اجتماعية مرتبطة بأبعاد أخلاقية، أما ومن هذه الشرائح كبار السِّن وهي فئة مهملة فـي منطقتنا العربية، ومن مظاهر هذا الإهمال أنهم وبعد حياة حافلة بالعطاء والنشاط يُحْتَبَسُونَ فـي فضاء محدود، ليعيشوا حالات من العزلة الشعورية بسبب تباين نشاطهم الاجتماعي وبقية الشرائح الأخرى، وما زلت أذكر جَدَّي وهو يُودّع حياته المهنية وكيف تبدلت أحواله النفسية وتغيرت طبائع سلوكه، فالرجل اختار مكانا خاصا فـي الدار كإعلان عن عزلة إجبارية مظهرها الأجلى فقدانه دوره القديم فـي رعاية الأسرة، ما انتهى إلى ابتعاده تدريجيا عن الجميع، والمُشرق فعلا فـي هذا القانون أنه يشمل النساء ممن بلغن الستين، والحق أنها التفاتة مشبعة بقيمة العدالة الاجتماعية، فهذه الشريحة من أمهاتنا وجدَّاتنَا يعيشون على الهامش الاجتماعي، ليأتي هذا القانون حماية لهن وبموجبه لن يكون من المحتمل أصلاً التفكير فـي مؤسسات لرعايتهن فـي حال تسربت مستقبلا فكرة دار للعجزة، فالتعبير السابق «عَجزة» يرتبط أكثر بعدم القدرة على الإنتاج فـي نواح عديدة، ولابد من إشارة أن هذا الفعل يضع سجال النسوية فـي مأزق، ويُغَيِّر فـي طبيعته بجعله نابعا من سياقه الخاص وليس مجرد صدى لما يبيعه لنا الوعي الغربي، وهنا تكمن صلاحية هذا الفعل بصورة لا مثيل لها، وبالتالي يعالج جملة مشكلات بطريقة استشرافـية متينة التركيب لأن إيلاء الاهتمام بهذه الفئة من المجتمع يعزز عمليات التضمين فـيها هذا خلاف أنه اعتراف وتكريم مستحق ويمدها بالقدرة على الإسهام فـي العطاء ويُحَسّن من سلامها النفسي، ومن المكاسب الخفـية أن ديمومة القدرة المالية لهذه الفئة يشكل حافزا لها للانخراط أكثر فـي المجال الأسري والعام ما يُقْوِي من عمليات التمثيل الاجتماعي المتوازن.

أما الأكثر بلاغة فـي هذا القانون اهتمامه بشريحة الأطفال، والواقع أن هذا أمر غير مسبوق، ولكن ما يلفت أكثر، ليس فقط الجانب المادي من المنفعة، بل الفصاحة السياسية المؤنسِنة لِقيم الحداثة، ويضيف هذا القانون بعدا جديدا فـي مفهوم المواطنة، ذلك أنه قد استقر مفهوم «الحقوق والواجبات» كثنائية جوهرية فـيها، لكن هذا القانون يخترق الإطار بحيث يقدم الحق على الواجب بهدف تمكين الأطفال من بناء هويتهم المالية، ولا يكفـي النظر إلى هذه المسألة كآلية من آليات تحسين دخل الأسرة فقط، بل إن الجانب الأقوى فـيها تعميره الرابطة التي ستنشأ بين أجيال من الأطفال ووطنهم الأم، فهذه المنفعة تقدم دعما ماليا شهريا لهم من الولادة وحتى سن 18 عاما، وهذه رؤية واعية بأهمية ربط السياسة بالاجتماعي قبل الإجرائي، وما تعالجه هذه المنفعة شيء آخر شديد الأهمية وهو زيادة الوعي بالسياسة المالية للطفل، فللأسف يتأخر أطفالنا فـي تقدير جهد معيليهم وتنمو حاستهم تجاه هذه الرعاية بصورة اعتمادية ما يكرس فـيهم أبوية خالدة تنتقل من الأسرة إلى الدولة، أما الآن فإنهم يزدادون وعيا بأهمية الثقافة الادخارية، وسبل كسب العيش ما يقف بقوة ضد أي تفلتات اجتماعية قد يتسبب فـيها الفقر، وفـي هذا وعي عظيم بضرورة ترابط البنى وأهمية الحفاظ على التوازن الخادم لفكرة السلام الاجتماعي، هذا من جانب، والجانب الآخر أن فكرة الوطن ستتعمق فـي وعيهم بقوة، ما يحفز فـيهم الانتماء الفَعَّال ليس فقط لحصولهم على المال بل الأمر يتعلق بتوطيد الصلة العقلية والوجدانية مع وطنٍ يَعتبر أطفاله مواطنين كاملي الأهلية حتى وإن لم ينخرطوا بَعْد فـي السياقات التقليدية لخدمة أوطانهم.

ينبغي الكشف أكثر عن الجوانب الاجتماعية فـي قانون الحماية الاجتماعية، وضرورة قياس الأثر والعمل على تأسيس «مختبر» يعمل على مراقبة هذه العلاقات التي تقوم بين عناصر التكوين الاجتماعي طمعا فـي تطويرها وتلافـي أي قصور قد يعتريها، وستظل الفائدة الأكبر هي الحفاظ على التماسك الجمعي للشعب، وحماية أفراده من أي توترات قد تتغذى على عناصر غير مراقبة فـي الظاهرة، وما يُسْتَخلص من قانون الحماية الاجتماعية فـي سلطنة عمان أنه يؤسس لمعنى جديد فـي الحكم والسلطة، معنى يستند على المواطنة الجمالية فـي أكثر تجلياتها إنسانية.

غسان علي عثمان كاتب سوداني

مقالات مشابهة

  • الحمصاني: خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية «الرؤية الأشمل» لمصر 2030
  • سلطنة عمان تحقق إنجازا طبيا بفصل توأم سيامي
  • وزير الصناعة التقى سفير سلطنة عمان.. هذا ما تمّ بحثه
  • الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية تقدّم الدعم الفني والاستشاري للإيسيسكو
  • مصر والمغرب.. إعادة التوازن التجاري وحل الخلافات الاقتصادية
  • المهرجانات.. رافد اقتصادي وسياحي يدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
  • نمو اشتراكات الهواتف المتنقلة في سلطنة عمان إلى 7.8 مليون بنهاية يناير2025
  • باريس سان جيرمان يلاحق نجم ريال مدريد الواعد
  • «الحماية الاجتماعية» سلطنة عمان .. فصاحة سياسية وجماليات المواطنة
  • وفد عراقي يناقش فرص الاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم