شبكة اخبار العراق:
2025-02-02@12:40:03 GMT

الدولة البديلة هي من تحكم العراق

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

الدولة البديلة هي من تحكم العراق

آخر تحديث: 23 ماي 2024 - 11:44 صبقلم:د.منقذ داغر

ذكرت في المقال السابق أن من وضع دستور العراق ،وأتساقاً مع تجربته التاريخية المريرة مع الدولة،كان على ما يبدو مقتنعاً بأن المستقبل السياسي لمكوّنه الطائفي أو العرقي يجب أن لا تضمنه الدولة يعد اليوم (بسبب ما يعتقدونه من ظلمهم التاريخي لها) بل تضمنه لهم تنظيماتهم المكوناتية الذاتية التي لا تسيطر عليها الدولة.

وقد تجسد ذلك عملياً في الممارسات السياسية في العراق،وليس فقط في المدونّة الدستورية التي أوضحت سابقاً كيف أنها أنحازت لقوة المكونات بدلاً من قوة الدولة. وبدلاًمن أن تكون المصدر الأساس لسلطة الدولة باتت أحد مصادر أضعاف الدولة في مقابل اللاعبين السياسيين المنافسين لها.
لقد عكست كثير من الممارسات السياسية(وبعضها خالف حتى الدستور) الفلسفة المكوناتية لسياسة عراق ما بعد 2003. فمثلاً باتت ممارسة المحاصصة “المكوناتية” تتفوق في أهميتها على النصوص القانونية والدستورية للدولة. فقد جرى مثلاً طوي كثير من ملفات الفساد التي تورطت فيها كتل سياسية وأشخاص ذوي نفوذ مقابل غض النظر عن فضائح فساد أخرى لممثلي المكوّن الآخر. وصار العرف للتصويت في البرلمان وأتخاذ القرار في الوزارات والمديريات التابعة لها على أساس مصلحة المكوّن(كما يراها ممثلوه السياسيين) حتى ولو أدى ذلك للإضرار بالدولة. لا بل أنه جرى أبتلاع الماكنة البيروقراطية للدولة بمختلف أذرعها،من قبل المحاصصة العمودية(الطائفية) والأفقية(ضمن الطوائف). وضاع الفصل تماماً بين السياسة والإدارة حتى باتت الإدارة أنعكاس أو صدى للمكونات وليس أنعكاس أو صدى لسياسة الدولة. ووصل الحال أن يتم تعيين مديري المديريات والشعب والأقسام الأدارية حتى البسيطة منها على أساس الولائَين الطائفي أولاً والحزبي ثانياً. بذلك حلّ نظام الغنائم Spoil System  محل نظام الجدارة Merit System  في البيروقراطية العراقية. بمعنى أنه جرى هدم البنية التحتية للدولة العراقية،والتي تتمثل بالجهاز البيروقراطي حتى باتت النظرة السائدة عن الإدارة العراقية أنها إدارة فاسدة وغير كفوءة.
وفي مقابل هذه الدولة منخورة الأسس،تم تأسيس وتطوير كثير من التنظيمات والقوى السياسية الموازية للدولة والتي باتت فيما بعد أقوى منها،بل وسيّدّة لها. خذ مثلاً ما يسمى بالمكاتب الأقتصادية لأحزاب السلطة. وخذ مثلاً مدراء مكاتب الوزراء ووكلاء الوزراء والمديرين العامين في الدولة العراقية. لقد تحوّل هذين المكتبَين (الأقتصادي ومدير مكتب المسؤول الإداري) الى ما يشبه المطبخ السياسي والأداري لتلك الوزارة أو المديرية. فكل العقود والقرارات الأساسية التي تخص عمل الوزارات وتوابعها يجب أن تمر من خلال هذا المطبخ الذي يقوم بسلقها أو شيّها أو طبخها بحسب رغبة المكوّن و\ أو الحزب وليس بحسب حاجة الدولة. 
ولم تقتصر الممارسات المحاصصية المضعِفة للدولة على الجهاز البيروقراطي لها،بل تعدته في كثير من الأحيان الى المؤسسات الكبرى للدولة فضلاً عن جهازها التنفيذي. خذ مثلاً أحد قادة الأحزاب السياسية(المسلحة) الذي يصرّح علناً أن رئيس الوزراء هو مدير عام بيد أحزاب السلطة يحركونه كيف يشائون وينفذ لهم ما يقرروه هم وليس ما تقرره الدولة أو رئيسها!! وهذا فصيل مسلح يدخل للمنطقة الخضراء ويحتلها، لا بل ويقتحم معسكر أهم جهاز أمني(مكافحة الأرهاب) ويعتقل ضباط منه لأنهم تحدوا سلطة ذلك الفصيل. ثم لا يكتفي ذلك الفصيل بهذا ولا حتى بالدوس بأقدام مسلحيه على صورة رئيس الوزراء،بل يهدد علناً بقطع(أذن) رئيس الوزراء. وقبل ذلك فأن رئيس أحدى أهم الكتل السياسية التي شاركت في (بناء الدولة) في العراق بعد 2003 يعترف عبر الإعلام أنهم (أي الأحزاب السياسية) ساهموا في إضعاف السلطة القضائية من خلال تدخلهم المستمر في قراراتها!! أما المؤسسة الأخرى بالغة الأهمية للدولة(البرلمان) فقد فَقَدً ثقة من يمثلهم من جمهور منذ مدة طويلة حتى أن أعلى درجة ثقة حاز عليها من قبل الشعب خلال العقدين الماضيَين  كانت بحدود 25% ‘في حين أنها كانت بين 10-20% في معظم أستطلاعات الرأي العام التي أجريت منذ 2005 ولغاية اليوم. ولعل عزل رئيس البرلمان من قبل المحكمة الأتحادية بسبب أتهامه بالتزوير(تصوروا رئيس برلمان العراق مزوِّر) ثم عجز البرلمان عن أنتخاب بديل عنه بعد أكثر من سبعة أشهر،مع ما رافق ذلك من أحداث مؤسفة في جلسة أنتخاب البديل أدلّة مضافة على ضعف ووهن الدولة العراقية ومؤسساتها وقوة وعُلوية منافسيها السياسيين. لقد باتت الدولة العراقية ألعوبة الأحزاب والقوى المنافسة لها،وصار الحديث عن دولة موازية لدولة العراق،أو دولة عميقة ضمن دولة العراق حديث غير صحيح واقعاً. فهناك فعلاً دولة بديلة،ومعيقة هي التي تحكم العراق فعلاً. فدولة العراق كما تبدو عليه اليوم،غريقة، أما الدولة البديلة فهي قويّة وعميقة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: دولة العراق کثیر من

إقرأ أيضاً:

خالد عكاشة : الشعب المصري متحد مع القيادة السياسية لمواجهة مخطط تهجير الفلسطينيين

أكد مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتور خالد عكاشة، أن المصريين مُتحدون مع قيادتهم الوطنية الحكيمة في هذا التوقيت الحرج من عمر الوطن العربي؛ لمواجهة مخطط تهجير وترحيل الفلسطينيين من وطنهم وإنهاء حل الدولتين.


وأضاف الدكتور عكاشة، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم السبت، أن شعب مصر على قلب رجل واحد ويدرك ويعي جيداً حجم المخاطر التي تحيط بوطنه من كافة حدود الدولة الاستراتيجية ولاسيما من الجهة الشمالية الشرقية حيث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.


وأبرز أهمية الرأي العام في مصر و الإرادة الشعبية التي عبرت عنها الآلاف على معبر رفح يوم الجمعة رافضة تصفية القضية الفلسطينية التي حملت ولا يزال يحمل رايتها كافة الأجيال المصرية منذ نحو 77 عامًا، مذكراً بان أبناء شعب مصر من أطفال وشباب وشيوخ هم شركاء أهل فلسطين في حلم الدولة الفلسطينية المستقلة. 


وشدد الدكتور خالد عكاشة على أن شعب مصر سيقف سداً منيعاً صلباً وأكثر من أي وقت مضى ضد مخططات تفريغ أرض فلسطين من سكانها كما سيكون السند لأي قرار تتخذه القيادة السياسية لحماية حدود مصر وأمنها القومي.
وجدد التأكيد على أن ضمان أمن إسرائيل لن يتحقق بتصفية القضية الفلسطينية وإخراج وترحيل الفلسطينيين من أرضهم، إنما سيتحقق فقط بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، محذراً من أن أي محاولة لإجهاض حل الدولتين لن تجلب سوى المزيد من الأزمات و الصراعات في الشرق الأوسط وربما تمتد إلى الدول الغربية التي يناصر شعوبها أيضاً القضية الفلسطينية العادلة.


ونوه الدكتور عكاشة بأن شعب مصر قال كلمته في صوت واحد للعالم أجمع إنه لن يشارك في تهجير أشقائه الفلسطينيين من وطنهم و لن يفرط في حلم طال انتظاره وهو قيام الدولة الفلسطينية.


وسلط الضوء على الضرورة القصوى لتحرك عربي إسلامي يقف سداً منيعاً ضد أطروحات تهجير الفلسطينيين من وطنهم و يضع نقاطاً مهمة على خطاب ومسار العمل العربي المشترك في الفترة المقبلة للدفع باتجاه حل الدولتين و تثبيت الفلسطينيين على أرضهم و مواجهة تحديات مستقبل الأمن الإقليمي.
ونبه مدير المركز المصري إلى أن القضية الفلسطينية ليست قضية يصعب حلها بل إنها قضية صدر لها بالفعل قرارات دولية تتعلق بحل الدولتين إلا انه لم يتم تنفيذها، ولذلك فإن الحل يكمن في الالتزام بالشرعية الدولية وإعلاء قيم القانون الدولي ومقررات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتحقيق العدالة لشعب فلسطين المظلوم.


واختتم الدكتور عكاشة بأن العالم أجمع أدرك عقب مشاهد عودة أهل غزة إلى شمال القطاع المنكوب رغم أن بيوتهم لم تعد موجودة وأصبحت ركاماً، إلى أي مدى هذا الشعب متمسك بأرضه، مشدداً على أن أية محاولات لترحيل هذا الشعب الأبي من أرضه التاريخية هو مخالفة خطيرة للقانون الدولي والقانون الإنساني .

مقالات مشابهة

  • اقتصادية الشورى تناقش مع مختصين مشروع قانون تحصيل مستحقات الدولة
  • ندوة في ببروكسل: تشرذم القوى السياسية اليمنية يطيل الحرب ويعزز هيمنة الحوثيين
  • برلمانية: الشعب يصطف خلف القيادة السياسية لإفشال مخططات ترامب ونتنياهو بتهجير الفلسطينيين
  • أضرار سرقة التيار الكهربائي على المرافق العامة للدولة
  • خالد عكاشة : الشعب المصري متحد مع القيادة السياسية لمواجهة مخطط تهجير الفلسطينيين
  • «المفتي»: الأمن في الأوطان هو المظلة التي تحفظ المقاصد الشرعية
  • حزب الدعوة: نشيد بالجهود التي أسفرت عن اعتقال قاتل الشهيد محمد باقر الصدر
  • برلماني: الشعب المصري يقف خلف القيادة السياسية في مواجهة محاولات المساس بسيادة الدولة
  • الصحفيين والإعلاميين: خلال لقاء محافظ الدقهلية كلنا خلف الرئيس في جميع القرارات السياسية التي تحافظ على الأمن القومي
  • رئيس الوزراء: لدينا طفرة هائلة في البنية الأساسية للدولة