شبكة اخبار العراق:
2024-10-02@02:56:47 GMT

الدولة البديلة هي من تحكم العراق

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

الدولة البديلة هي من تحكم العراق

آخر تحديث: 23 ماي 2024 - 11:44 صبقلم:د.منقذ داغر

ذكرت في المقال السابق أن من وضع دستور العراق ،وأتساقاً مع تجربته التاريخية المريرة مع الدولة،كان على ما يبدو مقتنعاً بأن المستقبل السياسي لمكوّنه الطائفي أو العرقي يجب أن لا تضمنه الدولة يعد اليوم (بسبب ما يعتقدونه من ظلمهم التاريخي لها) بل تضمنه لهم تنظيماتهم المكوناتية الذاتية التي لا تسيطر عليها الدولة.

وقد تجسد ذلك عملياً في الممارسات السياسية في العراق،وليس فقط في المدونّة الدستورية التي أوضحت سابقاً كيف أنها أنحازت لقوة المكونات بدلاً من قوة الدولة. وبدلاًمن أن تكون المصدر الأساس لسلطة الدولة باتت أحد مصادر أضعاف الدولة في مقابل اللاعبين السياسيين المنافسين لها.
لقد عكست كثير من الممارسات السياسية(وبعضها خالف حتى الدستور) الفلسفة المكوناتية لسياسة عراق ما بعد 2003. فمثلاً باتت ممارسة المحاصصة “المكوناتية” تتفوق في أهميتها على النصوص القانونية والدستورية للدولة. فقد جرى مثلاً طوي كثير من ملفات الفساد التي تورطت فيها كتل سياسية وأشخاص ذوي نفوذ مقابل غض النظر عن فضائح فساد أخرى لممثلي المكوّن الآخر. وصار العرف للتصويت في البرلمان وأتخاذ القرار في الوزارات والمديريات التابعة لها على أساس مصلحة المكوّن(كما يراها ممثلوه السياسيين) حتى ولو أدى ذلك للإضرار بالدولة. لا بل أنه جرى أبتلاع الماكنة البيروقراطية للدولة بمختلف أذرعها،من قبل المحاصصة العمودية(الطائفية) والأفقية(ضمن الطوائف). وضاع الفصل تماماً بين السياسة والإدارة حتى باتت الإدارة أنعكاس أو صدى للمكونات وليس أنعكاس أو صدى لسياسة الدولة. ووصل الحال أن يتم تعيين مديري المديريات والشعب والأقسام الأدارية حتى البسيطة منها على أساس الولائَين الطائفي أولاً والحزبي ثانياً. بذلك حلّ نظام الغنائم Spoil System  محل نظام الجدارة Merit System  في البيروقراطية العراقية. بمعنى أنه جرى هدم البنية التحتية للدولة العراقية،والتي تتمثل بالجهاز البيروقراطي حتى باتت النظرة السائدة عن الإدارة العراقية أنها إدارة فاسدة وغير كفوءة.
وفي مقابل هذه الدولة منخورة الأسس،تم تأسيس وتطوير كثير من التنظيمات والقوى السياسية الموازية للدولة والتي باتت فيما بعد أقوى منها،بل وسيّدّة لها. خذ مثلاً ما يسمى بالمكاتب الأقتصادية لأحزاب السلطة. وخذ مثلاً مدراء مكاتب الوزراء ووكلاء الوزراء والمديرين العامين في الدولة العراقية. لقد تحوّل هذين المكتبَين (الأقتصادي ومدير مكتب المسؤول الإداري) الى ما يشبه المطبخ السياسي والأداري لتلك الوزارة أو المديرية. فكل العقود والقرارات الأساسية التي تخص عمل الوزارات وتوابعها يجب أن تمر من خلال هذا المطبخ الذي يقوم بسلقها أو شيّها أو طبخها بحسب رغبة المكوّن و\ أو الحزب وليس بحسب حاجة الدولة. 
ولم تقتصر الممارسات المحاصصية المضعِفة للدولة على الجهاز البيروقراطي لها،بل تعدته في كثير من الأحيان الى المؤسسات الكبرى للدولة فضلاً عن جهازها التنفيذي. خذ مثلاً أحد قادة الأحزاب السياسية(المسلحة) الذي يصرّح علناً أن رئيس الوزراء هو مدير عام بيد أحزاب السلطة يحركونه كيف يشائون وينفذ لهم ما يقرروه هم وليس ما تقرره الدولة أو رئيسها!! وهذا فصيل مسلح يدخل للمنطقة الخضراء ويحتلها، لا بل ويقتحم معسكر أهم جهاز أمني(مكافحة الأرهاب) ويعتقل ضباط منه لأنهم تحدوا سلطة ذلك الفصيل. ثم لا يكتفي ذلك الفصيل بهذا ولا حتى بالدوس بأقدام مسلحيه على صورة رئيس الوزراء،بل يهدد علناً بقطع(أذن) رئيس الوزراء. وقبل ذلك فأن رئيس أحدى أهم الكتل السياسية التي شاركت في (بناء الدولة) في العراق بعد 2003 يعترف عبر الإعلام أنهم (أي الأحزاب السياسية) ساهموا في إضعاف السلطة القضائية من خلال تدخلهم المستمر في قراراتها!! أما المؤسسة الأخرى بالغة الأهمية للدولة(البرلمان) فقد فَقَدً ثقة من يمثلهم من جمهور منذ مدة طويلة حتى أن أعلى درجة ثقة حاز عليها من قبل الشعب خلال العقدين الماضيَين  كانت بحدود 25% ‘في حين أنها كانت بين 10-20% في معظم أستطلاعات الرأي العام التي أجريت منذ 2005 ولغاية اليوم. ولعل عزل رئيس البرلمان من قبل المحكمة الأتحادية بسبب أتهامه بالتزوير(تصوروا رئيس برلمان العراق مزوِّر) ثم عجز البرلمان عن أنتخاب بديل عنه بعد أكثر من سبعة أشهر،مع ما رافق ذلك من أحداث مؤسفة في جلسة أنتخاب البديل أدلّة مضافة على ضعف ووهن الدولة العراقية ومؤسساتها وقوة وعُلوية منافسيها السياسيين. لقد باتت الدولة العراقية ألعوبة الأحزاب والقوى المنافسة لها،وصار الحديث عن دولة موازية لدولة العراق،أو دولة عميقة ضمن دولة العراق حديث غير صحيح واقعاً. فهناك فعلاً دولة بديلة،ومعيقة هي التي تحكم العراق فعلاً. فدولة العراق كما تبدو عليه اليوم،غريقة، أما الدولة البديلة فهي قويّة وعميقة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: دولة العراق کثیر من

إقرأ أيضاً:

أبوغسان والفرق بين ان تحكم ثلاثة ايام وثلاثين عام(3/1)

بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: رائد مهندس محمد احمد ادريس جبارة
ganaboo@gmail.com
أبوغسان هو العميد ركن عصام الدين ميرغنى طه هو كاتب عسكرى مميز . تقول سيرته الذاتية . انه من مواليد منطقة شندي .. تخرج فى مدرسة الخرطوم الثانوية الحكومية والتحق بالكلية الحربية السودانية وتخرج فيها ضابطاً برتبة الملازم في العام ١٩٦٩م. (الدفعة 21).
تلقى دراسات عسكرية فى جمهورية مصر العربية، الهند والولايات المتحدة الامريكية تحصل علي درجة الماجستير في العلوم العسكرية من كلية الأركان البريطانية (كامبرلي) في العام ۱۹۸۰م. . عمل فى القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، وقيادات عسكرية مختلفة في انحاء السودان وتدرج في الرتب القيادية حتى رتبة العميد الركن.
احيل للمعاش عقب ٣٠ يونيو ۱۹۸۹. عمل فى منطقة الخليج العربي (دولة الامارات)خبيراً عسكرياً في الفترة من ۱۹۹۰ وحتى ١٩٩٦.
. أحد مؤسسى المعارضة السياسية العسكرية لنظام حكم الانقاذ فى السودان، وعضو قيادي في التحالف الوطنى السوداني.
عضو البرلمان بعد اتفاق نيفاشا2005الى 2010.
أبوغسان هو شقيق العقيد ركن عصمت ميرغنى الذى اعدم فى ابريل 1990. وابن اخ الكاتب المعروف محمد طه الريفى . وقد درس هو وشقيقه عصمت جزء من المرحلة الابتدائيه بمدرسة ود السيد الابتدائية بالقضارف حيث كان عمهم مديرا لها.
أبوغسان فى كتابه (الجيش السودانى والسياسة) يتعرض للكثير . لكن اخترت منه:-
1- اسباب فشل انقلاب 19يوليو1971 ( الحكم للثلاثة ايام)
2- تمهيد تنظيم ضمه والقائد العام الفريق الاول فتحى احمد على للانقاذ (لم يحكم يوم لكن عبد الطريق لثلاثين عام)
3- كيف نجحت الانقاذ فى اول امرها (البقاء ثلاثين عام).
فى صفحة 82 وما بعدها يشرح ابوغسان اسباب اسباب فشل انقلاب 19يوليو1971 ( الحكم للثلاثة ايام)....(١٩ يوليو: أسباب الهزيمة
كان انقلاب ۱۹ يوليو ۱۹۷۱ من أكثر الانقلابات العسكرية في تاريخ السودان دقة في التخطيط، وسرعة في التنفيذ والسيطرة على مقاليد السلطة، وقد تم والنظام المايوي في أوج عنفوانه بعد انتصاره على التمرد الطائفي في الجزيرة أبا ، وإقصاء الشيوعيين عن المشاركة في السلطة. كان التنظيم العسكري الشيوعي تحت المراقبة والرصد المستمرين من أجهزة الأمن المايوية، وقد أحكم النظام المايوي قبضته على القوات المسلحة، ودانت له بمطلق الولاء الأسلحة الضاربة كالمدرعات والمظلات. رغم ذلك سقطت مايو خلال ساعات. وهزمت ۱۹ يوليو في أقل من ثلاثة أيام في السلطة.
بدا واضحا تأثير عامل التدخل الخارجي في هزيمة حركة ۱۹ يوليو .. فقد رفضت مصر وليبيا دولتي ميثاق طرابلس هيمنة نظام شيوعي على السودان، وانسجم ذلك تماما مع تخوف كثير من الدول الأخرى في العالمين العربي والغربي. لقد أرسل ذلك الرفض الواضح، والذي تأكد باختطاف الطائرة التي تقل رئيس مجلس قيادة الثورة الجديد في الجو واحتجازه في ليبيا إشارات واضحة للعناصر الرافضة للانقلاب في الداخل، وكان دفعة معنوية كبيرة لها في المبادرة والتحرك المضاد. لا اتفق مع ما أوردته وثائق الحزب الشيوعي السوداني عن التدخل المصري المباشر وثيقة اللجنة المركزية في دورتها سبتمبر ۱۹۷۱»، وقد سبق أن أشرنا لها من قبل في أن الكلية الحربية المصرية في جبل أولياء وقاعدة الطيران المصري في وادي سيدنا قد شاركتا في التحرك المضاد، فقد كنا شهود عيان من داخل القوات المسلحة لما حدث عصر يوم يوليو ١٩٧١. ما يمكنني تأكيده أن نشاط مخابرات مكثف قد تم خلال الأيام الثلاث التي عاشتها سلطة ۱۹ يوليو، وأن احتجاز قادة الانقلاب في طرابلس وتحركات اللواء خالد حسن عباس بيــن مصر وليبيا لم تكن منفصلة عما تم من تشجيع لعناصر الضباط وضباط الصف الموالين للنظام المايوي لسرعة التحرك المضاد. ما ورد من بعض المصادر عن تسرب الأجزاء الميكانيكية لدبابات اللواء الثاني (دبابات ثقيلة من طراز «تي ٥٥ ذات مدفع ثقيل عيار ۱۰۰ مليمتر فقد كان بعيدا عن الحقيقة. لقد قام ضباط المدرعات المشاركين في انقلاب ۱۹ يوليو بتعطيل بعض دبابات اللواء الثاني مدرع، الذي لا يضمن ولاءه، بعد نزعهم لجزء هام من مدافعها وهــو مــا يسمى بـ «إبرة ضربنار». وكان سبب هزيمتنا اللواء الثاني الذي انطلقت دباباته لمهاجمة مواقعنا، ولم يجد ضباط المدرعات وسيلة لدرء ذلك الاتهام فألصقوا التهمة بالملازم أول حسين خرطوش الذي كان مكلفا بنزع إبر أي دبابات تخص اللواء الثاني، وقد اعترف خرطوش بأنه نزع إير بعض الدبابات وترك بعضها حسب تقديراته الذاتية»1. لذا استطاع ضباط صف اللواء الثاني الذين تحركوا عصر يوم ۲۲ يوليو إعادة دباباتهم إلى قدرة القتال، وتموينها بالذخائر اللازمة نتيجة للإهمال في تأمين منطقة معسكر اللواء الثاني بسلاح المدرعات. رغم عامل التدخل الخارجي غير المباشر، هنالك أسباب عسكرية واضحة قادت إلى هزيمة حركة ١٩ يوليو، وهي أسباب خاصة بتأمين السلطة والموقف داخل القوات المسلحة، وكانت ستقود إلى الهزيمة حتى ولو استمرت ۱۹ يوليو لأسابيع أخرى، وهي كما يلي:
أ. وقعت سلطة ۱۹ يوليو العسكرية في خطأ مميت منذ البداية باستعداء قوات كبيرة تم تصنيفها بأنها موالية لنظام مايو، وهي وحدات المظلات ووحدات اللواء المدرع الثاني دبابات. تم قفل مخازن أسلحة تلك الوحدات، ووضع مراقبة عليها، ونزعت أجزاء من مدافع دبابات اللواء الثاني، فتحول ضباط وضباط صف الدبابات والمظلات إلى رهائن وأعداء داخل جيش قومي واحد كان يمكن معالجة المشاعر المعادية للسلطة الجديدة باحتراف وانضباط عسكري، وتنوير مكثف، ومشاركة في المسئوليات، فلم يكن الجيش السوداني في ذلك الوقت أكثر من جيش محترف، ولم تلوثه السياسة والتوجهات العقائدية بصورة كبيرة، وما تعاطفه مع النظام المايوي إلا لما لمسه الضباط وضباط الصف والجنود من بعض استقرار في البلاد، وتحسن حال الجيش، وحالهم المعيشي.
ب. اعتبرت سلطة ١٩ يوليو أجهزة الاستخبارات العسكرية والأمن بأصنافها المختلفة أجهزة معادية لها، ولم تكن تملك البدائل لتحل مكانها. كان الجزء الأكبر من ضباط استخبارات القوات المسلحة والأمن القومي عناصر أقرب إلى نظام مايو ونميري، لما نالوه من امتيازات وترفيع، ولذا فقد جاء تصنيفهم كعناصر معادية كارثة. قام الرائد هاشم العطا قائد الانقلاب بتعيين المقدم صلاح محمد فرج مديرا للاستخبارات العسكرية، وهو ليس من التنظيم العسكري الشيوعي، وليست لديه الخبرة الكافية، وقد دلت الوقائع فيما بعد أنه لم يبذل أي جهد لتعويض القصور الاستخباري، وانصرف إلى أشياء ثانوية. لذا ظلت سلطة ١٩ يوليو عمياء استخباراتيا، ولم ترصد ذلك النشاط المكثف الذي جرى في العاصمة القومية داخل مناطق سكن ضباط صف الدبابات والمظلات بمنطقة الشجرة، وخاصة العديد من الاجتماعات التي عقدت ليلا لإعداد خطط التحرك المضاد. في ليلة
الحادي والعشرين من يوليو كانت العديد من الدوائر اللصيقة بالقوات المسلحة تتحدث عن تحرك مضاد قادم، ولم تكن قيادة ۱۹ يوليو تدري عنه شيئاً. هنالك أيضاً جهاز الأمن القومي الذي تم تعيين المقدم إسحاق محمد إبراهيم رئيساً له، وقد كان ذلك الجهاز دون أي فعالية تذكر نتيجةً لتعاطف معظم ضباطه مع النظام المايوي.
المحددة
جــ. نفذت حركة ۱۹ يوليو انقلابها الناجح بمجموعة قليلة نسبياً من الضباط «ما يقارب العشرين ضابطاً من أعضاء الحزب » 1، ( ومثلهم من الديمقراطيين والوطنيين، ومعظمهم من الحرس الجمهوري واللواء الأول مدرع. كانت تلك مجموعة ضعيفة لتقوم بفرض إجراءات تأمين الانقلاب والسيطرة على كل المناطق العسكرية. في تلك القوة البسيطة من الضباط، أظهر البعض تسيباً كبيراً في تنفيذ واجبات التأمين، فبعض المسئولين عن تأمين معسكر المدرعات، وخاصة اللواء الثاني مدرع دبابات، كانوا خارج مناطقـ عندما بدأ ضباط الصف في تجهيز دباباتهم والاستعداد للتحرك . وكان الاتهام الثاني لضباط المدرعات تراخيهم وانشغالهم بالمسائل الاستعراضية مثل متابعة الهاموش وهاشم في زياراتهم التفقدية للوحدات وحضور الاجتماعات وترك مواقع مسؤولياتهم لضباط من رتب أعلى غير معروفين بانتمائهم لنا ولا علاقة لهم بالتنظيم أو حركة ١٩ يوليو : وقد خص الاتهام الأخير النقيب عبده مصطفى خليل والملازم عمر وقيع الله الذي ترك موقعه في الشجرة وأخذ يتجول بعربته الفارهة في أنحاء العاصمة».1 () لتعويض القصور في القادة تم تعيين بعض الضباط الذين لا علاقة لهم بالتنظيم القائم بالانقلاب، ولا يحسب ولاؤهم للنظام المايوي في مناصب عسكرية حساسة كفرع العمليات الحربية وبعض الأفرع الأخرى، وبالتالي كان أداؤهم يتسم بالروتين والمظهرية ولا يتناسب مع متطلبات تأمين الموقف. مثال لذلك لم يقم فرع العمليات الحربية بوضع خطة تأمين شاملة، وكان يمكن توظيف القدرات المتاحة في وضع خطة تأمين متكاملة واستقدام قوات إضافية من الأقاليم لضبط تأمين القوات المسلحة والعاصمة القومية. «هنالك ديمقراطيون ووطنيون انضموا إلى يوليو بعد التنفيذ وقفوا مواقف شجاعة في الدفاع عن يوليو وأعلنوا تشرفهم بالانضمام إليها وما زالوا يفخرون بذلك حتى اليوم.. قصدت (1) أن أبين أيضاً أن بعض المنضمين إلى الحركة في أيامها الثلاثة كانوا من الانتهازيين والمتسلقين والمندسين الذين لا يتشرف أحد بانتمائهم إليه)1
هـ. وأخيرا إن النجاح الصاعق الذي أحرزته حركة ۱۹ يوليو في إسقاط نظام مايو وهو في أقوى حالاته أصاب القائمين بالانقلاب بالغرور وتبسيط الأمور وعدم تقييم الأخطار المتوقعة بصورة سليمة، وهذا ما ذكرته وثائق التقييم التي أصدرها الحزب الشيوعي السوداني عن تلك الهزيمة: «إن الخطة العسكرية للانقلاب، بكل ما فيها من ذكاء وقدرات تنظيمية وتنفيذية عالية، وجسارة فائقة، ومبادرة وابتكار، اعتمدت على
الانتصار السريع، لكن ذلك كله كان مصدر ضعفها القاتل». (2) ظاهرة أدخلت حركة ۱۹ يوليو ۱۹۷۱ القوات المسلحة السودانية في ساحة سياسية جديدة من العنف الدموي الذي عرفته بعض البلدان العربية الأخرى، وسلم منه السودان حتى ذلك الوقت بطبائع وتقاليد أهله في السماحة والعفو والقبول بالآخر عند الاختلاف. دخلت القوات المسلحة السودانية مرحلة عنف سياسي داخلي وتصفيات دموية في غاية التطرف والقسوة، وهي ستكون واضحة في كل الحركات الانقلابية التي أعقبت انقلاب ۱۹ يوليو ۱۹۷۱. أما على صعيد وحدة وتماسك واحتراف القوات المسلحة فقد كان الثمن باهظاً، إذ هيمن النظام المايوي على القوات المسلحة السودانية تماماً ، وبدأ الطرد والتصنيف والإقصاء والتهميش، وهو السلاح الأمثل لتأمين الأنظمة العسكرية الدكتاتورية. )انتهى استعراض العميد الركن أبوغسان ..ونواصل
.المراجع:-
1- عبد العظيم عوض ،سرور،حركة 19يوليو1971م التخطيط-التنفيذ-الهزيمة. .
2- محمد سعيد القدال، من تقرير السكرتارية المركزية للحزب الشبوعي السوداني الذي صدر في العام ١٩٩٦ .  

مقالات مشابهة

  • الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر: للإسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية
  • "المالية" تحث مؤسسات الدولة على إعداد "الحسابات الختامية" لعام 2024
  • ما هي معضلات التشكُّل المتأخِّر للدولة العربية؟ قراءة في كتاب
  • الإرث الاستعماري للدولة السودانية وطبيعة تكوين النخب السياسية: دراسة تاريخية تحليلية
  • السامرائي يشارك باجتماع إدارة الدولة لمناقشة الأوضاع الإقليمية والتطورات السياسية
  • المشاط: الحكومة تعمل على تعظيم الاستفادة من الأصول المملوكة للدولة وجذب الاستثمارات لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري
  • المشاط: الحكومة تعمل على تعظيم الاستفادة من الأصول المملوكة للدولة وجذب الاستثمارات
  • محافظ القاهرة: العاصمة حظيت باهتمام بالغ من القيادة السياسية
  • أبوغسان والفرق بين ان تحكم ثلاثة ايام وثلاثين عام(3/1)
  • دعاء زهران: القيادة السياسية قادرة على اتخاذ القرارات التي تحمي وتحافظ على أمن مصر القومي