شبكة اخبار العراق:
2025-03-16@07:58:59 GMT

الدولة البديلة هي من تحكم العراق

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

الدولة البديلة هي من تحكم العراق

آخر تحديث: 23 ماي 2024 - 11:44 صبقلم:د.منقذ داغر

ذكرت في المقال السابق أن من وضع دستور العراق ،وأتساقاً مع تجربته التاريخية المريرة مع الدولة،كان على ما يبدو مقتنعاً بأن المستقبل السياسي لمكوّنه الطائفي أو العرقي يجب أن لا تضمنه الدولة يعد اليوم (بسبب ما يعتقدونه من ظلمهم التاريخي لها) بل تضمنه لهم تنظيماتهم المكوناتية الذاتية التي لا تسيطر عليها الدولة.

وقد تجسد ذلك عملياً في الممارسات السياسية في العراق،وليس فقط في المدونّة الدستورية التي أوضحت سابقاً كيف أنها أنحازت لقوة المكونات بدلاً من قوة الدولة. وبدلاًمن أن تكون المصدر الأساس لسلطة الدولة باتت أحد مصادر أضعاف الدولة في مقابل اللاعبين السياسيين المنافسين لها.
لقد عكست كثير من الممارسات السياسية(وبعضها خالف حتى الدستور) الفلسفة المكوناتية لسياسة عراق ما بعد 2003. فمثلاً باتت ممارسة المحاصصة “المكوناتية” تتفوق في أهميتها على النصوص القانونية والدستورية للدولة. فقد جرى مثلاً طوي كثير من ملفات الفساد التي تورطت فيها كتل سياسية وأشخاص ذوي نفوذ مقابل غض النظر عن فضائح فساد أخرى لممثلي المكوّن الآخر. وصار العرف للتصويت في البرلمان وأتخاذ القرار في الوزارات والمديريات التابعة لها على أساس مصلحة المكوّن(كما يراها ممثلوه السياسيين) حتى ولو أدى ذلك للإضرار بالدولة. لا بل أنه جرى أبتلاع الماكنة البيروقراطية للدولة بمختلف أذرعها،من قبل المحاصصة العمودية(الطائفية) والأفقية(ضمن الطوائف). وضاع الفصل تماماً بين السياسة والإدارة حتى باتت الإدارة أنعكاس أو صدى للمكونات وليس أنعكاس أو صدى لسياسة الدولة. ووصل الحال أن يتم تعيين مديري المديريات والشعب والأقسام الأدارية حتى البسيطة منها على أساس الولائَين الطائفي أولاً والحزبي ثانياً. بذلك حلّ نظام الغنائم Spoil System  محل نظام الجدارة Merit System  في البيروقراطية العراقية. بمعنى أنه جرى هدم البنية التحتية للدولة العراقية،والتي تتمثل بالجهاز البيروقراطي حتى باتت النظرة السائدة عن الإدارة العراقية أنها إدارة فاسدة وغير كفوءة.
وفي مقابل هذه الدولة منخورة الأسس،تم تأسيس وتطوير كثير من التنظيمات والقوى السياسية الموازية للدولة والتي باتت فيما بعد أقوى منها،بل وسيّدّة لها. خذ مثلاً ما يسمى بالمكاتب الأقتصادية لأحزاب السلطة. وخذ مثلاً مدراء مكاتب الوزراء ووكلاء الوزراء والمديرين العامين في الدولة العراقية. لقد تحوّل هذين المكتبَين (الأقتصادي ومدير مكتب المسؤول الإداري) الى ما يشبه المطبخ السياسي والأداري لتلك الوزارة أو المديرية. فكل العقود والقرارات الأساسية التي تخص عمل الوزارات وتوابعها يجب أن تمر من خلال هذا المطبخ الذي يقوم بسلقها أو شيّها أو طبخها بحسب رغبة المكوّن و\ أو الحزب وليس بحسب حاجة الدولة. 
ولم تقتصر الممارسات المحاصصية المضعِفة للدولة على الجهاز البيروقراطي لها،بل تعدته في كثير من الأحيان الى المؤسسات الكبرى للدولة فضلاً عن جهازها التنفيذي. خذ مثلاً أحد قادة الأحزاب السياسية(المسلحة) الذي يصرّح علناً أن رئيس الوزراء هو مدير عام بيد أحزاب السلطة يحركونه كيف يشائون وينفذ لهم ما يقرروه هم وليس ما تقرره الدولة أو رئيسها!! وهذا فصيل مسلح يدخل للمنطقة الخضراء ويحتلها، لا بل ويقتحم معسكر أهم جهاز أمني(مكافحة الأرهاب) ويعتقل ضباط منه لأنهم تحدوا سلطة ذلك الفصيل. ثم لا يكتفي ذلك الفصيل بهذا ولا حتى بالدوس بأقدام مسلحيه على صورة رئيس الوزراء،بل يهدد علناً بقطع(أذن) رئيس الوزراء. وقبل ذلك فأن رئيس أحدى أهم الكتل السياسية التي شاركت في (بناء الدولة) في العراق بعد 2003 يعترف عبر الإعلام أنهم (أي الأحزاب السياسية) ساهموا في إضعاف السلطة القضائية من خلال تدخلهم المستمر في قراراتها!! أما المؤسسة الأخرى بالغة الأهمية للدولة(البرلمان) فقد فَقَدً ثقة من يمثلهم من جمهور منذ مدة طويلة حتى أن أعلى درجة ثقة حاز عليها من قبل الشعب خلال العقدين الماضيَين  كانت بحدود 25% ‘في حين أنها كانت بين 10-20% في معظم أستطلاعات الرأي العام التي أجريت منذ 2005 ولغاية اليوم. ولعل عزل رئيس البرلمان من قبل المحكمة الأتحادية بسبب أتهامه بالتزوير(تصوروا رئيس برلمان العراق مزوِّر) ثم عجز البرلمان عن أنتخاب بديل عنه بعد أكثر من سبعة أشهر،مع ما رافق ذلك من أحداث مؤسفة في جلسة أنتخاب البديل أدلّة مضافة على ضعف ووهن الدولة العراقية ومؤسساتها وقوة وعُلوية منافسيها السياسيين. لقد باتت الدولة العراقية ألعوبة الأحزاب والقوى المنافسة لها،وصار الحديث عن دولة موازية لدولة العراق،أو دولة عميقة ضمن دولة العراق حديث غير صحيح واقعاً. فهناك فعلاً دولة بديلة،ومعيقة هي التي تحكم العراق فعلاً. فدولة العراق كما تبدو عليه اليوم،غريقة، أما الدولة البديلة فهي قويّة وعميقة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: دولة العراق کثیر من

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف: ظاهرة الإسلاموفوبيا باتت تشكل تهديدًا واضحًا للسلم الاجتماعي والتعايش الإنساني

أكد الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف أن ظاهرة الإسلاموفوبيا باتت تشكل تهديدا واضحا للسلم الاجتماعي والتعايش الإنساني على المستويات المحلية والقارية والدولية، مشيرًا إلى أنها ليست مجرد مخاوف فردية، بل اتجاه متنامٍ يرسخ الانقسام وينال من أسس الاحترام المتبادل بين الشعوب.

وأضاف الأزهري -في كلمته بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإسلام اليوم /السبت/- أن تخصيص يوم عالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة هذه الظاهرة المتصاعدة، مستحسنًا تفاعل المؤسسات الدولية مع هذا اليوم باعتباره يومًا لمكافحة العداء للمسلمين والتمييز ضدهم.

وثمّن الوزير نشاط مجموعة الدول الإسلامية والعربية في الأمم المتحدة حتى إقرار يوم عالمي لمكافحة تلك الظاهرة، مؤكدًا أن حقيقتها ليست رهابًا مَرَضيًا، بل هي عداء مستتر وتمييز ظاهر يقترفهما أصحاب المصالح وينساق وراءهما من تنطلي عليهم خطابات الكراهية والإقصاء والتمييز.

وأوضح وزير الأوقاف أن تلك الظاهرة العدائية هي نتاج مباشر لغياب الوعي بحقيقة الإسلام وقيمه النبيلة، فضلًا عن الحملات الممنهجة التي تعمل على تشويه صورته من خلال ربطه بالإرهاب والتطرف، وهو ما يخالف الحقيقة التاريخية التي تثبت أن الإسلام كان على الدوام دين سلام وتعارف وتعاون بين الشعوب، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13]، ومؤكدًا أن التنوع الديني والثقافي إرادة إلهية وسنة كونية يتعلمها المسلم من أول آية في القرآن الكريم بعد البسملة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفاتحة: ٢]، فيترسخ في يقين المسلم -الحق- أن الله أراد كونه عوالم متعددة الجهات والتوجهات، مختلفة المشارب والأديان، متنوعة الأعراق والحضارات، فيشب بذلك على احترام إرادة الله في خلقه.

وأشار الوزير إلى أن تصاعد خطابات الكراهية ضد المسلمين يأتي نتيجة لاستغلال بعض الجهات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر صور نمطية مغلوطة عن الإسلام، مؤكدًا أن هذه الممارسات تعزز الانقسامات المجتمعية وتؤدي إلى مزيد من التوتر والصراعات، ودعا إلى ضرورة تفعيل مبادرات إعلامية وثقافية تهدف إلى تقديم الصورة الحقيقية للإسلام وتصحيح المفاهيم الخاطئة عنه، من خلال التعاون بين المؤسسات الدينية والمجتمعية على المستوى الدولي، مشيرًا إلى أن الإنصاف من أسمى القيم الإنسانية التي هي أوجب ما تكون بين الإنسان والمختلف عنه في أي شيء.

كما شدد الوزير على أهمية إقرار القوانين وإنفاذها لمكافحة التمييز الديني والعنصري، مطالبًا بضرورة وضع تشريعات دولية تحظر أي شكل من أشكال التحريض على الكراهية ضد الأديان، وتجريم الخطابات التي تثير العداء ضد المسلمين، وأكد أن الوقت قد حان لتطوير سياسات أكثر فاعلية لتعزيز ثقافة الحوار والتسامح، بدلًا من السماح باستمرار الخطابات المتطرفة التي تضر بالاستقرار العالمي.

وأكد وزير الأوقاف أن وحدة الصف بين أركان المؤسسة الدينية في مصر، وعلى رأسها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، تعد ركيزة أساسية في مواجهة تلك الظاهرة العدائية وفي التصدي لحملات التشويه التي تستهدف صورة الإسلام والمسلمين، وأوضح أن التنسيق المستمر بين هذه المؤسسات أسهم في إطلاق مبادرات فكرية وإعلامية تعكس جوهر الإسلام القائم على الرحمة والتسامح، فضلًا عن تنظيم المؤتمرات الدولية واللقاءات الحوارية لتعزيز التفاهم بين الشعوب.

كما شدد على اهتمام الوزارة بإعداد دعاة وأئمة وواعظات على مستوى عالٍ من الوعي والثقافة، ليكونوا سفراء لقيم الاعتدال، في مواجهة التطرف من جهة، وخطابات الكراهية من جهة أخرى، ما يعزز مكانة الإسلام بوصفه دينًا يدعو إلى التعارف والتعايش السلمي بين البشر.

وفي ختام كلمته، أبدى وزير الأوقاف تأييده لدعوة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، إلى إنشاء قواعد بيانات توثق جميع أشكال الاعتداءات العنصرية والتمييز ضد المسلمين، لتكون مرجعًا للمنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية في رصد الظاهرة ومعالجتها بآليات أكثر فاعلية.

كما أكد أن التصدي للعداء للمسلمين والتمييز ضدهم ليس مسئولية المسلمين وحدهم، بل هو واجب إنساني عالمي يتطلب تضافر الجهود لبناء عالم أكثر تسامحًا وعدالةً وانفتاحًا على الجميع لخير بني الإنسان.

مقالات مشابهة

  • العيساوي يسلط الضوء على قانون العفو العام وتحديات العراق السياسية
  • كبيرة ومتنوعة.. عون يكشف عن التحديات التي يواجهها لبنان
  • وزير الأوقاف: ظاهرة الإسلاموفوبيا باتت تشكل تهديدًا واضحًا للسلم الاجتماعي والتعايش الإنساني
  • الشيباني في بغداد البراغماتية السياسية تنتصر
  • يحيى زار مركز صندوق الزكاة في عكار: هذه المؤسسة باتت ملجأً للناس
  • مي عمر تحت الانتقاد.. وفنانة شهيرة تكشف حقيقة الراقصة البديلة!
  • منصور بن زايد يحضر مأدبة الإفطار التي أقامها محمد بن بطي آل حامد
  • الشيباني: مصائرنا مشتركة والبلدان يجب أن يقفا ضد التهديدات وضد التدخلات الخارجية التي يتعرضان لها كما أننا مستعدون للتعاون مع العراق في محاربة داعش فأمن سوريا من أمن العراق
  • المحجوب : تكالة يستعد لترأس جلسة الأعلى للدولة
  • مصدر أمني: سيطرة الشرع على سجون قسد التي تضم الدواعش “قنبلة موقوته”