فضاء الإعــلام المتحّول والسياسة العامة
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
مايو 23, 2024آخر تحديث: مايو 23, 2024
د. محمد وليد صالح
باحث وكاتب عراقي
أسهمت إشكالية الهيمنة والتطورات التكنولوجية والمعلوماتية في ظهور المشكلة الاتصالية، نتيجة لسيطرة أغلب الحكومات على معظم وسائل الاتصال الجماهيري وتأطيرها لتعكس الصورة المشرقة لفعالياتها تجاه الجمهور بغية المحافظة على الاستقرار العام، في حين أن وسائل الاتصال الجماهيري في الدول المتقدمة تعامل على أساس كونها مشاريع استثمارية تمول ذاتياً وتحقق أرباحاً، نظراً لما تتمتع به مجتمعاتها من نزوع نحو الاستقلالية في ظل إيقاع الحياة المتسارع فيها.
وكرس تطور التقانات التي شهدها مجال الاتصالات اختلاف السياسة العامة فدول العالم المتقدم تؤمن بالرأسمالية فلسفة سياسية واقتصادية، أما دول العالم المتأخر فتسعى إلى تنمية مواردها البشرية والاقتصادية والسياسية، وهذا ما ينعكس على طبيعة المعايير المعتمدة في عمل الإعلام.
فنرى العديد منها في تلك الدول توفر الدعم المالي للمؤسسات الإعلامية فيها ولا تنتظر منها تحقيق أرباحاً أو تمول ذاتياً، وبالتالي فأن هذه الوسائل تستحضر فيها هذه الاعتبارات عند قيامها بأجراء التغطيات الإخبارية، لقد أدى ازدياد حدة التنافس بين وكالات الأنباء والمحطات الإذاعية والتلفزيونية في العالم والتطور التكنولوجي بوسائل الاتصال، فضلاً عن توافر بعض التشريعات إلى توافر الحرية النسبية لعمل تلك الوسائل في الحصول على المعلومة ومتابعتها أو بثها ونشرها.
وفي الوقت الذي تركز وسائل الإعلام الرقمية، على الفورية والأهمية والمفاجأة والقرب المكاني والإثارة والاهتمام الإنساني والشهرة والضخامة والصراع والجنس والسلبية والإمتاع والترفيه والاستمرارية والإلهام والتأثير الشخصي، ففي دول العالم تركز على ما يحمله الخبر من محتوى تنموي في مقدمة معايير اختياره وأهمية نشره، فضلاً عن المسؤولية الاجتماعية واستحضار الواقع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المجتمع لدى القائم بالاتصال عند إعداد رسالته الاتصالية، لتعميق التكامل والشعور الوطني لأبناء المجتمع، وتثقيف الجمهور بالأمور المتعلقة بالرعاية الصحية والاجتماعية والثقافية التي تهم حياتهم اليومية، والفائدة أي مدى ما تحمله في محتواها من منافع شخصية تعود على الجمهور، والإمكانية التقنية لمواجهة النقص الحاصل في التقانات الاتصالية المتطورة الذي يسهم في اعتماد الدول النامية على المنتجات الإعلامية في الدول المتقدمة.
بهدف فرض الموضوعية ومعالجة الهيمنة من جانب واحد، وحرية الحصول على المعلومات ونشرها وصولاً إلى إرساء تقاليد إعلامية مواكبة لتلك التحولات ونابعة من تراثها الثقافي والاجتماعي والسياسية ومتطورة بتطور تقنيات وسائل الاتصال، التي تسهم في بلورة وترسيخ نظرة جديدة لحركة المجتمع الدولي، وما ستشهده معظم دول العالم من تحولات مهمة في مجال التكنولوجيا المعاصرة.
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: وسائل الاتصال
إقرأ أيضاً:
القانون وتنظيم المجتمع
تطرقت سابقاً إلى مقال بعنوان القانون والاطار الاجتماعي وكان يتناول دور القانون في ضبط سلوك المجتمع والحفاظ على النظام العام وفي المقابل يتطرق إلى دور الاطار الاجتماعي في دعم ورعاية المتجاوزين للقانون عندما ينتقلون من بيئتهم الطبيعية إلى المؤسسات الاصلاحية ، ولذلك ينظر القانون في تطبيق لوائحه نظرة إجبارية للحفاظ على النظام العام والحد من الفوضوية التي يتصف بها البشر فمنذ القدم اخترع الإنسان القانون للحفاظ على المجتمع من أي خلل يصيبه ولكن السؤال المهم لو كان الإنسان منظم في حياته بطريقة ذاتية هل يحتاج إلى قوانين؟
لذلك من هذا المنطلق يأتي تنظيم المجتمع ودوره المهم في كيفية تربية الأجيال الحالية والقادمة على تنظيم أنفسهم وتطويعها بشكل يتوافق مع الدين الإسلامي الحنيف أولاً و يتطابق مع القوانين ثانياً وهذا جزء مهم في زرع هذه التربية وغرسها في الأجيال للحفاظ على النظام وكذلك حتى نستطيع بناء جيل يحترم القانون ويلتزم به فهو يعرف في قرارة نفسه أن القوانين وضعت لمصلحة المجتمع بشكل كامل وأنه من المهم بمكان التقيد بها حتى لو كانت هذه القوانين في بعض الأحيان صارمة ، لأن الشدة فيها هي لردع كل من تسول له نفسه لارتكاب الجريمة أو الاعتداء على الاخرين.
أن الدور المنوط في تنظيم المجتمع في هذا المجال يندرج في ثلاث مؤسسات رئيسية وهي :
١- الأسرة : وهي المؤسسة الأولى والمهمة في حياة الأفراد ومنها تُزرع بذور التربية الأولى في حياة الإنسان وهي الملاذ الآمن للفرد فهي تُكون شخصية الفرد منذ بداية حياته الأولى لذلك يرتكز دور الأسرة على زرع نموذج متميز في أفرادها نحو تنظيم أنفسهم، ومن ثم الاهتمام بالمساهمة في تنظيم المجتمع من خلال احترام القوانين والالتزام بها .
٢- المدرسة : وهي المؤسسة الثانية ولا تنقص أهمية عن الأسرة، فالمدرسة دورها كبير في تربية النشء على احترام القوانين ولربما يكون دورها أكثر فعالية عندما تسعى إلى تطبيق نماذج تعليمية لتدريب النشء وتعويدهم على احترام القوانين وذلك من خلال دورها والذي يبدأ بالتربية قبل التعليم .
٣- الإعلام: قد قيل أن الإعلام هو سلاح ذو حدين ، وهنا نقصد الإعلام المفيد وهو جزء مهم في صياغة فكر الأفراد وهو يعطي الكثير من المعلومات التي تُنمي حس المسؤولية لدى الجميع وتجعل مسارهم يتوافق مع القوانين لذلك يلعب الإعلام دوراً مهماً في تنظيم المجتمع وجعل أفراده أكثر تنظيماً في هذا المجال .
ومن هذا المنطلق تقاس المجتمعات البشرية بحضارتها وتقدمها إذا كان أفرادها منظمين ذاتياً من خلال الالتزام بالقوانين والأنظمة عن طريق الرقابة الذاتية للفرد وأنا أعتقد أن هذا المجال أجدر بتطبيقه في المجتمعات الإسلامية لأنهم لديهم قانون إِلهيّ منظم تنظيماً فيه إبداع ودقة متناهية وهو ما جاء به الدين الإسلامي الحنيف التي من الأجدر بنا الالتزام بتعاليمه لنصنع مجتمعاً منظماً قانونياً واجتماعياً.