شبكة انباء العراق:
2024-07-08@04:12:48 GMT

مطارات يديرها النشّالون

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

 

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

النَّشَّالُ : صيغة مبالغة من نشَلَ: أي كثير النَّشْل· فالنَّشَّالُ: لصّ مُخْتَلِس خَفيف اليَد يَسرِق الجُيوب أَو يَنشُل بِخِفَّة، كثير النَّشْل، سارق يَمْتهِن النَّشل. وهو بلا ادنى شك عديمُ الشَّرف، قليلُ المروءة. .
يعتاش النشّالون من السرِقة. ويتخذون من الأسواق والمناطق المزدحمة مسرحا لممارسة نشاطاتهم.

لكنهم تحولوا الآن إلى صالات القادمين والمغادرين في محطات المترو ومواقف الحافلات والمطارات. وربما اشتهر مطار تبليسي في جورجيا بتنوع خطط النشالين والنشالات. .
المؤسف له ان بعض المطارات العربية صارت هي الأخرى ملعبا لخبراء السرقات. يشاركهم فيها رجال الأمن والبوليس. يراقبون المسافرين الذين يسحبون نقودا من أجهزة الصراف الآلي، ويحاولون معرفة الرقم السري للبطاقة المصرفية. أو يستغلون المسافرين بأساليب قانونية عن طريق فحص الحقائب وتفتيشها. أو عن طريق التعليمات المالية التي تبنتها تلك البلدان في تسجيل الأموال التي يحملها المسافر في جيبه أو في محفظته. .
فالمطارات واجهة الأمم وبواباتها الحضارية. والنافذة السياحية التي تطل من خلالها الدولة على العالم. ومن غير المعقول ان تصبح بعض مطاراتنا العربية مرتعا للنشالين الرسميين، وكأنها تدار بإشراف عصابات متفننة في الاستحواذ على نقودك حتى آخر قرش. وما اكثر الحوادث التي وقعت بمشاركة رجال الامن. فتركت انطباعات سيئة جداً لدى الزائر والمغادر. .
بعض المطارات العربية كانت تديرها شركات أمنية دولية تمتلك احدث الأجهزة والمنظومات الرقابية والتدقيقية، لكنها فسخت عقودها مع تلك الشركات واستعانت بشركات رخيصة كاذبة غير معروفة لم يسبق لها العمل في اي مطار حول العالم. .
قبل قليل شاهدت مقطعا لمواطن عربي عاد من سويسرا لزيارة بلده، وكانت معه عشرة آلاف يورو. فاعترضته شرطة المطار بحجة ان المبلغ المذكور يتجاوز الرقم المقرر. فطلب منه السيد النقيب (الحرامي) التوجه إلى ماكنة العد للتأكد من المبلغ. شعر الرجل بالأمان والاطمئنان لأنه يتعامل مع رجال الدولة التي لا اريد ذكر اسمها. وتوجه برجليه إلى ماكنة العد. وسلم الرزمة المالية إلى الموظف، فحسبها ثم أعادها اليه بعد ثوان قليلات، وطلب منه التوقيع على وصل الاستلام. وهكذا غادر صاحبنا المطار من دون ان يفقد ثقته بالحكومة. لكنه اكتشف فيما بعد ان الرزمة اعيدت له بصيغة مختلفة، وأصبحت عبارة عن رزمة محشوة بعملتهم المحلية ومؤطرة من الخارج بالعملة الأوربية. بمعنى انهم نشلوا منه اكثر من تسعة آلاف يورو في ضربة رسمية واحدة سقط فيها بالضربة الفنية القاضية. فأقسم بأغلظ الأيمان ان لا يعود ثانية إلى بلده. .
هذه حكاية واقعية لمواطن من نفس البلد فما بالك بالوافدين من كل حدب وصوب. .

د. كمال فتاح حيدر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

السيد عبد الله البوسعيدي.. لقد أوجعت قلوب محبيك

إنّ فَقدَ الرجال يفوق كثيرا أي فقد آخر، حينما يكون الفقد بوزن وقيمة السيد عبدالله البوسعيدي، الذي وافته المنية في الرابع والعشرين من يونيو ٢٠٢٤، أتيح لي أن أقترب من هذه الشخصية شديدة الاحترام، تعرفت عليه منذ بداية عملي بجامعة السلطان قابوس ١٩٨٦، وكان اللقاء في جامعة السلطان قابوس في مناسبة لا أتذكرها، وقد عرفني بنفسه (عبد الله بن حمد وزير الإسكان)، كان شابا ربما في العشرينيات من عمره، وقد سألته: حضرتك أصغر سنا من كل الوزراء في عُمان، وقد ابتسم ابتسامة رقيقة ولم يعلق، كنت سعيدا جدا بأن أجد وزيرا شابا يتولى مهمة وزير الإسكان في بلدٍ كان يواصل الإعمار والتنمية، وقد تملكني شعور بالفخار ودار بيننا حديث لا أتذكر تفاصيله، ربما كله كان عن الثقافة والتعليم، وقد شعرت منذ التقيته بقدر كبير من المحبة، ولفتت نظري تلك الابتسامة الرقيقة الصافية التي لم تفارقه طوال حديثي معه، ومنذ هذه البدايات الأولى لم تنقطع صلتي بهذا الرجل الجميل خلقا وتواضعا وثقافة.

دعاني إلى زيارته في منزله منذ هذه الفترة المبكرة، ووجدته قارئا للأدب، متابعا لكثير من الأعمال الفكرية والأدبية، حافظا أشعار الآباء العمانيين، الذين خلَّفوا تراثا شعريا بديعا، قارئا لتاريخ عمان في كل العصور، من بداية العصر الإسلامي الأول مرورا بعصر النباهنة فخورا بدور اليعاربة ودورهم في ملاحقة البرتغاليين، ليس على الساحل العربي للخليج فقط وإنما في الساحل الفارسي أيضا وملاحقتهم حتى غرب الهند وشرق إفريقيا، وكان رحمه الله عالما بتاريخ البوسعيد خصوصا وقد كان يتحدث كثيرا عن السيد سعيد بن سلطان، الذي أحال عمان إلى إمبراطورية كبيرة امتدت إلى شرق إفريقيا، وعندما سألته عن مصادر معارفه المتنوعة، أجابني بأنه قرأ الكثير من هذه الكتب في مكتبة والده، التي كانت تضم الكثير من صنوف المعارف الأدبية والفقهية والتاريخية، وظل اللقاء متواصلا بيننا حتى انتهت مهمتي في جامعة السلطان قابوس ١٩٩١، وكنت فخورا جدا بعد أن ارتبطت بصداقات مع كثير من أبناء هذا البلد العربي العريق.

ظل السيد عبدالله نموذجا للشخصية العمانية بتواضعه وثقافته ورقته ومحبته، وكان اختيار السلطان الراحل قابوس ـ طيب الله ثراه ـ له سفيرا لعمان في القاهرة (٢٣ يوليو ١٩٩٠) اختيارا مثاليا، فضلا عن توليه مندوب عمان في جامعة الدول العربية، وقد استقبل المجتمع الدبلوماسي والثقافي في القاهرة السيد عبد الله استقبالا يليق بعمان وبممثلها في القاهرة، فعلى الرغم من عمله الدبلوماسي إلا أنه ارتبط بعلاقات متنوعة مع كل فئات المجتمع المصري، وخصوصا الجماعة الثقافية، حاضرا في كل الأنشطة الثقافية، في الأوبرا، في الجامعة، في الصالونات الثقافية، وقد حظي باحترام ومحبة الجميع، فقد جمع بين الثقافة والدبلوماسية بمهارة فائقة، لذا توثقت علاقاته بكثير من الشعراء والروائيين والمثقفين والصحفيين.

دعوته لزيارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية في مقرها القديم في شارع البستان في قلب القاهرة، تلك الجمعية التي تأسست عام ١٩٤٤، وقد احتوت على مكتبة نادرة في كل فروع التاريخ العربي والعالمي، وقد راح يتطلع إلى قوائم المكتبة ويسجل بعض عناوين الكتب وخصوصا ذات العلاقة بتاريخ عمان وشرق إفريقيا، وأتذكر أني أهديت إليه بعض مطبوعات الجمعية، وكان سعيدا جدا بهذه الزيارة، وفي القاهرة توثقت علاقتي بهذا الإنسان الكبير في خلقه ومعارفه وإنسانيته، وقد شرفني بزيارته في منزلي بالقاهرة، كان رحمه الله عروبيا خالصا، مؤمنا بأهمية الثقافة بمعناها الشامل أدبا وفكرا وفنا، وكان مؤمنا بأن الثقافة يمكن أن تصلح ما أفسدته السياسة، بل هي قادرة على حل كثير من المشاكل، وخصوصا فيما يتعلق بالعلاقات العربية العربية.

كانت الثقافة هي الموضوع الأهم في فكر الدبلوماسي الذي يمثل بلاده سفيرا ومندوبا لبلده في جامعة الدول العربية، من هنا جاءت فكرة إقامة صالون ثقافي يحمل اسم (الخليل بن أحمد الفراهيدي) ١٩٩٦، وهي الشخصية التي اعتبرها كل العرب إرثا لغويا يفتخر الجميع بالانتساب إليه، قد عاصرت إنشاء هذا الصالون منذ بداياته، وقد شاركته في اختيار الأسماء التي تحاضر في الصالون، والموضوعات المقترحة والتي كانت جميعها بمثابة العودة إلى العناية بجذور الثقافة العربية، وكانت جلسات الحوار تقام مساء الثلاثاء الأخير من كل شهر، ولما كان المرحوم السيد عبد الله مؤمنا بفكرة العروبة وتراثها المشترك فقد وضع الصالون تحت رعاية الأمين العام للجامعة العربية وقتئذ (الدكتور عصمت عبد المجيد)، وكان الموضوع الأول عن الخليل بن أحمد الفراهيدي، وتنوعت الموضوعات ما بين مشروع السلطان قابوس للأسماء العربية والمدائح النبوية في الشعر العربي، ولم يغفل قضية التواصل الحضاري ما بين مصر وعمان، ثم خصص جلسة عن الشعر في الحب الإلهي، بعدها كانت الجلسة السادسة عن الوجود العربي في شرق إفريقيا، ثم الجلسة الأخيرة عن عمان في عيون الرحالة.

كان لي شرف المشاركة في هذا الصالون في الجلسة المخصصة للتواصل الحضاري بين مصر وعمان، ولعل المهم فيها ما أشرت إليه عن مشروع اتفاق عسكري مشترك بين عمان ومصر في عهد السلطان برغش والخديوي إسماعيل، وقد ألقيت الضوء على بنود هذه الاتفاقية التي لم توقع بين الطرفين بسبب تدخل السلطات البريطانية التي مارست ضغوطا وهو ما حال دون توقيع الاتفاقية.

كنت سعيدا جدا بهذا الصالون الذي شارك فيه كبار الأساتذة اللغويين ومؤرخي الأدب والتاريخ، وحينما طلب مني السيد عبدالله أن أكتب مقالا عن ذكرياتي في عمان، وقد شارك في هذا الإصدار مجموعة من الأساتذة المصريين الذين عملوا في سلطنة عمان منذ بداية عصر النهضة الجديدة، وقد طبع هذا الكتاب من بين المطبوعات التي نشرها المرحوم السيد عبدالله.

اللافت للنظر في شخصية هذا الرجل الجميل أنه لم يأت من خلفية دبلوماسية، فقد عمل في مجالات كثيرة ولم يسبق له العمل في المجال الدبلوماسي إلا لسنوات قصيرة في تونس بعدها نقل إلى مصر، ورغم ذلك كان دبلوماسيا كبيرا منفتحا على المجتمع المصري، صديقا للمثقفين، محبوبا ومقدرا من الجميع، وكانت رؤيته للعمل الدبلوماسي مختلفة عن غيره، فقد اختار الثقافة مجالا متسعا لخدمة الدبلوماسية، فضلا عما كان يتميز به من علاقات مع الكثيرين من فئات المجتمع، وقد نظر إليه المجتمع الثقافي في مصر باعتباره مثقفا قبل أن يكون دبلوماسيا. رحم الله السيد عبدالله بن حمد البوسعيدي وتقبله بقدر ما قدم لوطنه وأمته، وعزائي لكل الأصدقاء في سلطنة عمّان ولأسرته الكريمة وكل محبيه.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

مقالات مشابهة

  • رئيس جمعية رجال الأعمال: عشرات الصناعات تحتاج "إدارجي" وليس مهندسين
  • ما هي قصة القائد عبد القادر الحسيني التي استشهد بها أبوعبيدة؟
  • الاعلام الحربي ينشر صور واحداثيات مواقع مهمة في السعودية
  • أمريكا نمر من ورق!!
  • السيد عبد الله البوسعيدي.. لقد أوجعت قلوب محبيك
  • كيف تستعيد أموالك لو ماكينة ATM عطلت أثناء السحب؟
  • الاستماع لأقوال المصابين في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر
  • الإسلام لا يُهزم، وإن هُزِم المسلمون
  • حبس بؤرة إجرامية يديرها 5 عاطلين لترويج المخدرات بشبرا الخيمة 
  • بعد جرب الطوفان: ماذا بقي من النظام الرسمي العربي؟