الحرب الدائرة في جنوب لبنان بين "حزب الله" وإسرائيل قد تفتحُ الباب أمام نقاشٍ جدّي يتعلق بترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا، وليس فقط مناقشة ملف الحدود مع إسرائيل.
المسألةُ هذه تعتبرُ مفصلية بالنسبة للبنان، فمن خلالها يُحسم الجدل بشأن ملف عديدة، أبرزها هوية مزارع شبعا والتأكيد على أنها لبنانية، بالإضافة إلى ضبط الحدود من الشمال إلى البقاع.


القضية هذه ليست سهلة، لكن تطبيق القرار 1701 يشملها، فترسيم الحدود الدولية للبنان هو شرطٌ أساسي من البند العاشر ضمن الإتفاق، ما يعني أنه لا ينحصر فقط بحسم وضع الحدود مع إسرائيل، بل مع سوريا أيضاً.   أين "حزب الله" من هذا الملف؟
أول المُطالَبين ببت رأيه بهذا الملف هو "حزب الله"، فيما يقولُ مرجع سياسيّ سابق إنَّ "مسألة الترسيم بين لبنان وسوريا تحتاجُ إلى حسمٍ سياسي وقرارٍ واضح يؤدي إلى النتيجة المرجوة، فيما البداية تكون عبر التعامل مع الدولة السورية".
يعتبر المصدر أن "حزب الله" بدعمه تطبيق القرار 1701، سيكونُ مؤيداً حُكماً لترسيم الحدود مع سوريا، ويضيف: "لا مشكلة في التأييد لكن الأمر يتعلق بالآليات التنفيذية، ومدخل الحل الذي ينادي به الحزب يرتبط بتعاطي لبنان الرسمي مع دمشق، ففي حال تحقق ذلك، فإن الحزب قد لا يمانع أي شروطٍ تتفق عليها الدولتان، شرطَ أن يحافظ الأمرُ على كل النواحي السيادية".
إذاً، ما يتبين هو أن الحزب يُطالب بشكلٍ أو بآخر بترسيم الحدود مع سوريا.. ولكن، لماذا لا يتحدث عن هذا الأمر في العلن باعتباره ضرورة لاحقة؟ مصدرٌ مقرّب من أجواء الحزب يقول لـ"لبنان24" إنَّ الأولوية الآن في مكانٍ آخر، مشيراً إلى أنَّ أمر البت بملف الحدود مع فلسطين المحتلة يُعدّ العنصر الضاغط بشكلٍ كبير في الوقت الراهن، ويضيف: "ما إن تتم معالجة الإشكالية المرتبطة بالحدود بين لبنان وفلسطين ضمن تسوية تكون لصالح لبنان، عندها لا مُشكلة لدى الحزب بمناقشة الترسيم إنطلاقاً من خرائط يمتلكها الجيش لتلك الحدود".   "السياج الحدودي".. هل هو وارد؟
إمكانية البحث في حلولٍ مطروحة لمسألة الحدود واردة حالياً، لكنه في الوقت ذاته لا يُمكن إغفال الحديث حول إمكانية إقامة سياج حدوديّ بين لبنان وسوريا، باعتباره الحل الذي يساعد على التالي: ضبط الحدود، منع تدفق النازحين باتجاه لبنان، وقف التهريب وتطويق الحدود.
على صعيد التكلفة، فإنّ إقامة مثل هذا السياج لن يكون بالأمر السهل، ويقولُ مرجع إقتصاديّ إن تكلفة تشييد جدارٍ أو "حاجز من الشريط الشائك"، سيكون ذا تكلفة عالية قد لا يتحملها لبنان خصوصاً في ظل الأزمة المالية التي يمرّ بها.
بحسب المعلومات، فإنّ هذه الفكرة طُرحت في كواليس بعد الأطراف السياسية حينما تركز الحديث حول ملف النازحين السوريين مؤخراً، لكن ما من جهة تبنت أي طرحٍ واضح لمعالجة الحدود وضبطها.
ضمنياً، فإنّ فكرة السياج لا تعني "عزل" لبنان عن سوريا، لكنها قد تؤدي إلى إبراز حدود واضحة على الأقل، في حين أن أي إقفال للحدود بالشكل المطلوب، سيساهم بالحد الأدنى في الإستغناء عن الكادر البشري من القوى الأمنية الشرعية اللبنانية، وبالتالي يمكن الإستعانة بوسائل رقابة يتم الإتفاق عليها بين اللبنانيين والسوريين كي لا تتكرر جدلية أبراج المراقبة التي تم الحديث عنها قبل نحو شهرين وأثارت بلبلة بين البلدين.
ضبط التهريب
فعلياً، فإن إقفال الحدود سيؤدي إلى أمرين أساسيين هما منع التهريب ولجم المُهربين في مختلف المجالات، الأمر الذي سيعني "حماية أمنية" للبنان، وبالتالي ضبط الواقع المرتبط بتهريب الممنوعات أو البشر.
المسألة هذه تعتبرُ ضاغطة، فالساحة بين لبنان وسوريا كانت مفتوحة لكل الاحتمالات والمهربين، كما أنها كانت مرتعاً لتجار السلاح والسيارات والمخدرات وغيرها.
هنا، يقولُ أحد سكان منطقة عنجر لـ"لبنان24" إنّ منافذ التهريب ليست كثيرة في المنطقة لأن الجيش يوسع انتشاره ضمنها، لكن في الوقت نفسه هناك طرقات خطيرة يسلكها المهربون ومن الواجب ضبطها لأن تُشكل قنبلة موقوتة، ويُضيف: "من جهة، تكون تلك الطريقة بوابة لدخول البضائع المزورة إلى لبنان، كما أنها من الممكن أن تُساهم في إدخال مسلحين إلى البلاد، وهذا الأمر الذي عانى لبنان الأمرين منه خلال السنوات الماضية وتحديداً وسط بروز ما يسمى بتنظيمي داعش وجبهة النصرة".
في خلاصة القول، ما يتبين هو أن ملف الحدود بين لبنان وسوريا لا يمكن حسمهُ بسرعة، فهناك الكثير من النقاط العالقة بشأنه. ولكن، وبأيّة حال، فإن مسألة الترسيم ستتحقق، ولكن.. هل سيكون ذلك قبل بداية ملف النازحين أم بعده؟ وهل سيكون الترسيم هو بداية لإعادة نسج العلاقات الرسمية الفعلية بين البلدين؟ الإجابة كفيلة بالظهور خلال الأيام المُقبلة.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: بین لبنان وسوریا الحدود مع مع سوریا حزب الله

إقرأ أيضاً:

لبنان: حصر السلاح بيد الدولة خيار لا عودة عنه

بيروت (الاتحاد)

أخبار ذات صلة محمد الشرقي يستقبل السفير الفرنسي والقنصل العام الإيطالي الهند توقع اتفاقا لشراء 26 طائرة مقاتلة متطورة من فرنسا

شدد الرئيس اللبناني جوزيف عون أمام وفد مجلس الشيوخ الفرنسي على أن الانسحاب الإسرائيلي من «التلال الخمس» يشكل ضرورة للإسراع في استكمال انتشار الجيش حتى الحدود، بحيث تتولى الدولة وحدها مسؤولية أمن الحدود. 
وأكد أن «الجيش اللبناني منتشر على الحدود الشمالية الشرقية، ويقوم بواجباته كاملة، ويتولى أيضاً مكافحة الإرهاب، ومنع عمليات التهريب، وحفظ الأمن الداخلي»، بحسب ما أوردته الوكالة الوطنية للإعلام، أمس.
وقال: إن «حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية قرار اتخذ، ومن غير المسموح العودة إلى لغة الحرب»، مضيفاً: «بدأنا في اتخاذ الإصلاحات الضرورية، وسيتم استكمالها لأنها حاجة لبنانية قبل أن تكون مطلباً خارجياً». 
ولفت إلى أن «التركيز على مكافحة الفساد جزء أساسي من الإصلاحات، بهدف خدمة المواطن، وتعزيز النظام العام». 
وأعلن أنه «سوف تشكل لجان مشتركة لبنانية - سورية لمعالجة المواضيع العالقة، بما في ذلك ترسيم الحدود البرية والبحرية، وأوضاع النازحين السوريين الموجودين في لبنان لأسباب اقتصادية».
وأكد أن «الانتخابات البلدية ستجرى في موعدها، ودور الدولة هو تأمين العملية الانتخابية أمنياً وإدارياً، فيما يبقى الخيار للبنانيين في اختيار من يمثلهم في المجالس البلدية والاختيارية». 
وقال: «ما نسعى إليه في كل ما نقوم به هو بناء الدولة وإعادة الثقة بها، في الداخل والخارج». 
في غصون ذلك، استهدفت غارة إسرائيلية، أمس، بلدة «عيترون» في جنوب لبنان دون تسجيل إصابات. 
ونفذت طائرة مسيرة إسرائيلية غارة جوية استهدفت أرضاً مفتوحة في بلدة عيترون دون تسجيل إصابات، كما تم تسجيل تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء مدينة الهرمل في البقاع شرق لبنان، وفي أجواء قرى قضاء صور في جنوب لبنان، بحسب ما أعلنت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية. 
وفي سياق آخر، وصل وفد قضائي من باريس إلى لبنان أمس، للقاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت وتسليمه تقريراً فنياً فرنسياً، بعد أشهر على استئناف طارق البيطار تحقيقاته، بحسب ما أفاد مصدر قضائي.
وأسفر انفجار الرابع من أغسطس 2020 عن مقتل أكثر من 200 شخص بينهم ثلاثة فرنسيين، وسبّب دماراً هائلاً في ميناء العاصمة والأحياء المحيطة به.

مقالات مشابهة

  • هذا ما كشفه وزير عن سلاح الحزب.. تصريح جديد
  • تقرير أمريكي: حزب الله أداة استراتيجية لطهران على حساب سيادة لبنان
  • الاحتلال يراقب مسار التطورات في سوريا ولبنان لترتيب تحركاته
  • حزب الله غير راض عن الحكومة: على المعنيين ردع إسرائيل
  • القوّات تفتح النار على عون… والسّجال يتخطّى حدود السياسة!
  • من التّحرير إلى الانتفاضة.. محطات مفصلية في رحلة صعود حزب الله
  • خطاب قاسم: برنامج سياسي عنوانه بناء الدولة
  • لبنان: حصر السلاح بيد الدولة خيار لا عودة عنه
  • الجيش الأردني يتصدى لمحاولة تسلل وتهريب مخدرات من سوريا
  • إتصالات لزيارة الشرع الى لبنان