انتقادات إسرائيلية لمصادرة معدات وكالة AP.. مهزلة وتسبب ضررا
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
ما زالت تبعات الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة المتعلقة بتقييد عمل وسائل الإعلام الدولية تترك تبعاتها، وكان آخرها قانون منع عمل قناة الجزيرة، ومصادرة معدات وكالة أنباء أسوشيتد برس، وهي إجراءات ضررها يفوق نفعها، وإن محاولة وزراء اليمين المتطرف في حكومة الاحتلال الحصول على مزيد من التسويق السياسي والحزبي لهم من خلال هذه القوانين تنتهي بالعادة بانهيار محرج، وإلحاق الضرر بصورة الاحتلال في العالم.
وقال الكاتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوفال كارني، أن "القرارات الإسرائيلية الأخيرة ضد عدد من وسائل الإعلام تعود بأضرارها على الاحتلال أكثر من نفعها له، ولعل ما حصل مع قناة الجزيرة خير مثال على ذلك، صحيح أنها قناة منحازة وأحادية الجانب، لكنها مقبولة في جميع أنحاء العالم، وتبث برامجها لمئات الملايين من المشاهدين، وأغلبهم من العرب، لكن المشكلة في قانون الجزيرة الذي أقره الكنيست أن الضرر في النهاية يفوق الفائدة، وتصوّر دولة الاحتلال بأنها تضرّ بحرية التعبير والصحافة".
وأضاف كارني في مقال ترجمته "عربي21" أنه "على المستوى العملي أيضا، فنحن أمام قانون إشكالي، فالقانون أغلق القناة لمدة 45 يوما، لكن من يريد مشاهدتها يمكنه عبر أطباق الأقمار الصناعية أو عبر الإنترنت، وبالتالي فإن القدرة على تطبيقه محدودة، مما يؤكد أن من وعدوا الإسرائيليين بانتصار كامل في قطاع غزة يكتفون بانتصار محدود في الوقت الحالي على قناة إعلامية قطرية، وقد اعتبر وزير الاتصالات شلومو كرعي أن إغلاق قناة الجزيرة هو مشروع حياته".
وأوضح أن "إسرائيل لم تكتفِ بذلك، ففي الوقت الذي تحتاج فيه إلى مزيد من الدعم والاهتمام الممكنين حول العالم، فقد شهدت الساعات الأخيرة اشتداد المواجهة الإسرائيلية مع وسائل الإعلام الأجنبية، بعد أن قرر كرعي مصادرة معدات وكالة الأنباء الأمريكية AP، التي تقدم خدمات الاتصال للقنوات التلفزيونية في جميع أنحاء العالم، وقد تم ذلك دون علم أو موافقة مكتب رئيس الوزراء، وكما كان متوقعا، أثارت غضبا ومزيدا من الانتقادات لإسرائيل في العالم. وفي المساء جاءت الإدانة الأميركية القاسية".
وأكد أن "هذه الإدانات العالمية للقرار الإسرائيلي أعقبتها على الفور، تدخل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من وراء الكواليس، واضطر كرعي إلى التراجع، والإعلان عن إعادة المعدات للوكالة العالمية للأنباء منذ البداية، رغم مزاعمه بأن الكاميرا التي تمت مصادرتها تبث بشكل غير قانوني على قناة الجزيرة مباشرة شمال قطاع غزة، بما في ذلك أنشطة قوات الجيش الإسرائيلي، وتعرض جنوده للخطر".
وفنّد الكاتب مزاعم الوزير الاسرائيلي قائلا إن "اعتبار مواصلة البث على قناة تلفزيونية يسبب ضررا لأمن الدولة أمر غريب فعلا، لأن وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم تضع كاميرات في المنازل على أسطح المباني، وتبث من نقاط الحرب المشتعلة، ويمكن لأي شخص أن يضع كاميرا في الشارع، ويبث منها، وإذا كان هناك سبب لإغلاق أو تقييد البث من العالم، فإن إسرائيل تحتاج لأسباب أكثر إقناعا لتبرير تصرفاتها".
وأشار إلى أنه "لم يكن هناك أي مبرر حقيقي لإجراء الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة معدات وكالة الأنباء الأمريكية الليلة الماضية، لأنه لو كان هناك خطر حقيقي على أمن الدولة، ولو بشكل بسيط، لما تمت إعادة المعدات، وهكذا تحول التدخل الظاهر من الأعلى تحت الضغط الأميركي إلى هدف ذاتي سجله كرعي في مرماه من حيث الضرر الذي لحق بصورة إسرائيل في العالم، من خلال قوانين شعبوية، عديمة الفائدة".
وتكشف هذه الانتقادات لسلوك الاحتلال تجاه وسائل الإعلام أن هناك عددا من الوزراء والمسئولين الإسرائيليين ممن يستغلون ما تعيشه الدولة من صدمة بعد هجوم السابع من أكتوبر لتحقيق المزيد من نفوذه الحزبي في الساحة الداخلية الإسرائيلية، ولو على حساب علاقات الاحتلال الخارجية، مما يعني أن ينجرّ الأخير إلى حرب عالمية ضد وسائل الإعلام، مع أنه لم يتبق لديه سوى القليل من الذخيرة لاستخدامها، والنتيجة أن زمرة الساسة المراهقين لديه يهدرون ما تبقى من رصيد متبقي لديه، خاصة بين الدول الداعمة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيلية الجزيرة أسوشيتد برس قانون الجزيرة إسرائيل الجزيرة قمع أسوشيتد برس قانون الجزيرة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وسائل الإعلام قناة الجزیرة معدات وکالة
إقرأ أيضاً:
إعلانات الجزيرة الممولة.. نموذج للتأثير القسري على “يوتيوب”
محمد محسن الجوهري
أصبحت مشاهدة مقاطع “يوتيوب” تجربة مزعجة للكثيرين بسبب كثافة الإعلانات الممولة، لكن يبقى للمستخدم خيار حظر بعض الإعلانات أو الإبلاغ عنها إن لم يرغب في رؤيتها مجددًا. غير أن بعض الإعلانات، وعلى رأسها تلك الخاصة بمنصة الجزيرة 360، تبدو عصية على الحظر. فمهما حاولت تجاوزها، تبقى ماثلة أمامك بإصرار، لتطرح تساؤلات مشروعة حول آليات الانتشار والظهور التي تتحكم بها شركات التكنولوجيا العالمية.
هذا النموذج من الحضور الإعلامي القسري يكشف كثيرًا من الخفايا حول طبيعة التمويل الضخم لبعض المؤسسات الإعلامية، والدور الذي يلعبه المال في فرض خطاب معين على الجمهور، بغض النظر عن طبيعة هذا الخطاب أو صدقيته. فحين تتمكن مؤسسة إعلامية من احتلال صدارة التوصيات على المنصات العالمية، أو من فرض نفسها على شاشات المستخدمين دون خيار للرفض، فنحن أمام نموذج من الاستحواذ الإعلامي لا يقل خطرًا عن أشكال الاستبداد التقليدية.
وبالرجوع إلى قناة “الجزيرة” القطرية، نجد أن ما تملكه من أدوات ليس المحتوى بقدر ما هو المال السياسي الضخم الذي يُستخدم لتوجيه الرأي العام العربي والإقليمي. إذ لطالما اتُّهِمت القناة بلعب أدوار تتجاوز الإعلام إلى صناعة التأزيم، وتعزيز الانقسامات الداخلية بين مكونات المجتمعات العربية. ويكفي أن نراجع أرشيف تغطيتها للأحداث في سورية، أو العراق، أو ليبيا، لندرك كيف يمكن للإعلام الممول أن يُسهم في إذكاء النعرات الطائفية والعرقية، بل وحتى في تبرير الاقتتال الداخلي.
فعلى سبيل المثال، خلال السنوات الأولى للأزمة السورية، ركّزت تغطيات الجزيرة على تأجيج السرديات الطائفية، وسعت لتصوير الصراع وكأنه حرب بين مذهبين، بدلًا من عرضه كأزمة سياسية واجتماعية مركبة. وقد أشار كثير من الباحثين في الإعلام إلى خطورة هذا النوع من الخطاب، الذي يسهم في ترسيخ الكراهية بدلًا من فتح باب الفهم والحوار.
ولا يقتصر التأثير على الإعلانات وحدها، بل يمتد ليشمل نتائج البحث على محركات مثل “غوغل”، حيث تلعب الأموال دورًا جوهريًا في تحسين ترتيب الصفحات، وتمكين مؤسسات معينة من الظهور أولًا، حتى لو لم تكن الأكثر موضوعية أو مهنية. هذا التلاعب بخوارزميات الانتشار يُعد نوعًا من “الرقابة الناعمة”، حيث لا يُمنع المحتوى المنافس بشكل مباشر، بل يُدفن تحت سيل من المحتوى الممول والمهيمن.
إن خطورة هذا الوضع تكمن في أن التمويل الضخم لا يستخدم فقط لأغراض تجارية، بل بات يُستخدم كسلاح سياسي ناعم، يُعيد تشكيل وعي الجماهير، ويوجه النقاشات العامة نحو ما يخدم مصالح مموليه. وهذه الظاهرة باتت تستحق دراسة متعمقة من قبل خبراء الإعلام، وصانعي السياسات، للحفاظ على الحد الأدنى من التوازن والعدالة في الفضاء الرقمي.
إن التمويل الضخم لا يصنع فقط إعلامًا مهيمنًا، بل يصنع واقعًا إعلاميًا جديدًا تتحكم فيه القنوات الكبرى بالرأي العام، وتُحاصر الأصوات البديلة والمستقلة، في ظل تواطؤ خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وسياسات المنصات التجارية.
وحين يغيب التوازن، وتُفرض قناة ما على الجمهور رغمًا عنه، فإننا نكون أمام أزمة حرية إعلام حقيقية. فالمشكلة لا تكمن في وجود إعلام ممول، بل في غياب الحياد الرقمي، وضعف آليات حماية المستخدم من الإعلام القسري.