لا شك في أن موت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بهذه الطريقة المأسوية والدراماتيكية قد أدخل إيران في حال من الضياع، ولو مؤقتًا. مع ما يحيط بهذا الحادث من علامات استفهام لا تزال في حاجة إلى المزيد من الوقت لبلورة معالم ظروفه. وعلى رغم هذه الخسارة الكبيرة بالنسبة إلى الإيرانيين وحلفائهم فإن الحياة السياسية والدستورية في الجمهورية الإيرانية لن تتوقف، وبالتالي فإن عمل المؤسسات لن يتعطّل، بل يُستكمل بما يؤمّن استمرارية المرافق العامة إلى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد في غضون خمسين يومًا.
وهذه المهمة مناطة في شكل أساسي بنائب الرئيس، الذي يتسّلم مهامه كاملة طيلة هذه الفترة التي تلي مراسيم التشييع حتى الانتخابات الجديدة، مع ما تتمتع به إيران من حركة ديمقراطية لافتة، إذ أن الجميع يحسبون ألف حساب للمعارضة، على رغم أن بصمات المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي الخامنئي هي الضامنة للمسار، الذي رسمه مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الامام الخميني. ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأن منصب الرئيس في إيران وفي غير إيران مهم إلى درجة الإسراع في انتخاب خلف للسلف في مدة لا تتجاوز الخمسين يومًا على رغم وجود نائب للرئيس مناطة به الصلاحيات الرئاسية كاملة، فإن التجربة اللبنانية مع الرئاسة الأولى لم تعد مجرد صدفة، بل أصبحت "موضة دارجة"، وهي المرّة الرابعة التي "يحتّل" فيها الفراغ الكرسي الرئاسي، بعد انتهاء ولاية كل من الرؤساء أمين الجميل وأميل لحود وميشال سليمان وميشال عون وكأن الاستثناء قد حلّ بقوة الأمر الواقع ونتيجة الاختلاف الجذري بين اللبنانيين محّل القاعدة الطبيعية للأمور الدستورية. وهذا ما لم تعرفه أي دولة في العالم حتى تلك التي لا تجربة عريقة لها في ممارسة الديمقراطية الحقيقية في دينامية "لعبة" تداول السلطة. وبما أن الفراغ قد أمسى "موضة رائجة" تتكرر مشهديتها مع انتهاء كل عهد فإن ثمة اتجاها لدى بعض الدستوريين في ضرورة إيجاد صيغة دستورية جديدة من شأنها أن تحول دون تعطيل عمل المؤسسات، وبما يضمن استمرارية الحياة السياسية وتسيير شؤون الناس وفق آليات تضمن ممارسة الديمقراطية في أبهى مظاهرها، من دون أن يعني ذلك أن تغييب دور الرئيس هو القاعدة فيما يُفترض بأن يكون استثناء.
فتكرار تعويد الناس على فكرة أن وجود رئيس على رأس الجمهورية هو كعدم وجوده فيه ما يخفي الكثير مما يتعدّى مشروعية أن يمارس أي نائب ما يعتبره حقّه في مقاطعة الجلسات الانتخابية فيما يُفترض أن يلزم الدستور جميع النواب بوجوب قيامهم بهذا الواجب الوطني من ضمن الأصول الدستورية ووفق اللعبة الديمقراطية، التي تضمن فوز من ينال أكثرية الأصوات داخل صندوقة الاقتراع كما هي الحال في كل الأنظمة الديمقراطية في العالم. وإذا لم يقم بهذا الواجب، الذي له الأولوية المطلقة تُنزع عنه تلقائيًا الوكالة المعطاة له من الشعب، لأنه يخالف بذلك إرادة من انتخبوه. صدق من قال في يوم من الأيام أن في الكثير من الحرية والقليل القليل من الديمقراطية. وفي هذا الكلام الكثير الكثير من الحقيقة، التي يحاول كثيرون طمسها بشعارات لا تثمن ولا تغني من جوع. فمن يتمحّص عميقًا في قانون الانتخاب المركّب على قياس بعض الأشخاص لضمان وصولهم إلى عتبات البرلمان يعرف معنى أن الممارسة الديمقراطية عندنا لا تزال تحتاج إلى الشيء الكثير من تعّلم أصولها، بدءًا من البيت من خلال طريقة التعامل اليومي بين الأهل وأولادهم، وبين الأولاد أنفسهم، وصولًا إلى مقاعد المدرسة والجامعة، وإلى مكان العمل، حيث يمارس رب العمل أقصى أنواع الديكتاتوريات في حق الموظف، أقّله بتهديده بقطع رزقه، الذي يرادف بمعناه المادي قطع الأعناق.
فلنتعلم من غيرنا المعنى الحقيقي للديمقراطية، خصوصًا أننا أقرب إلى الاغريق جغرافيًا وثقافيًا أكثر من أي شعب آخر.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رئيس عربية النواب: كلمة الرئيس السيسي أمام قمة الرياض تاريخية
وصف النائب أحمد فؤاد أباظة رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام القمة العربية الإسلامية بالرياض بالتاريخية مؤكداً أنها أكدت مجددا حرص مصر على تقديم جميع أنواع الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية ولجميع القضايا والملفات العربية والإسلامية.
وقال " أباظة " فى بيان له أصدره اليوم: إن هذه القمة تأتي في ظل ظرف إقليمي شديد التعقيد والخطورة ووسط تحديات مرتبطة بتواصل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ولبنان، واستمرار غرور وغطرسة رئيس وزراء الاحتلال ودعواه وادعاءاته بشأن إعادة تشكيل الشرق الأوسط مؤكداً أن الرئيس السيسى وضع المجتمع الدولى بجميع دوله ومنظماته أمام مسئولياته التاريخية حتى يتحرك وبسرعة لإجبار حكومة الاحتلال الإسرائيلى على الوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة ولبنان.
وأكد النائب أحمد فؤاد أباظة أن المجتمع الدولى عليه أن يعى جيداً أن القمة العربية الإسلامية الحالية تأتي تزامناً مع مرور عام على القمة السابقة التي انعقدت أيضاً في نوفمبر 2023 بالرياض ما يؤكد الإصرار على وحدة الصف العربي والإسلامي والحرص على تشكيل حائط صد موحد يجابه تلك التحديات موضحاً أن الوحدة العربية الإسلامية تبعث كذلك برسالة إلى كل الأطراف الإقليمية والدولية بأننا نحن الدول العربية والإسلامية لدينا مسئولية عن إقليمنا ومصيره وتحقيق السلام والاستقرار بداخله خاصة في ظل الأوضاع الدولية المضطربة، اتصالاً بأزمات وحروب المنطقة وكذا العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي دخلت عامها الثالث، وما تحمله من مخاطر استقطاب وتداعيات اقتصادية وسياسية مؤثرة.
وقال النائب أحمد فؤاد أباظة: الحمد لله فإن مصر بقيادتها الرشيدة والحكيمة تقف وسط كل تلك الضغوط تقف شامخة رغم كل التوترات التي تحيط بها من كافة الاتجاهات الاستراتيجية، أي مع استمرار الحرب على غزة ولبنان والتي تحتاج كل منهما لدعم وإسناد عربي وإسلامي سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً إضافة للأزمة في السودان وليبيا والاضطرابات بالمنطقة مطالباً من جميع الدول العربية والإسلامية تشكيل تحالف وجبهة عربية إسلامية لمواجهة ما تقوم به إسرائيل من أفعال إجرامية مخالفة للقانون الدولي الإنساني، وارتكاب جرائم حرب داخل غزة ولبنان.