قالت "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، إن الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي وآخرون في اليمن تستمر في قتل المدنيين وتتسبب لهم بإصابات خطيرة في المناطق التي توقفت فيها الأعمال العدائية النشطة وتمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم. القانون اليمني و"معاهدة حظر الألغام لعام 1997"، يحظران أي استخدام للألغام الأرضية المضادة للأفراد مهما كانت الظروف.

 

وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "استهزأت جماعة الحوثي لسنوات بحظر الألغام الأرضية، والمدنيون اليمنيون يدفعون الثمن بما أن هذه الأسلحة تقتل وتجرح دون تمييز. هناك حاجة ملحة إلى تسريع إزالة الألغام الأرضية لإنقاذ الأرواح وتفادي المعاناة غير الضرورية وضمان أن يتمكن الناس من الوصول بأمان إلى منازلهم وسبل عيشهم".

 

وأضافت "كان للألغام الأرضية غير المزالة أثر كارثي على سكان قرية الشقب التي تقع في مديرية صبر الموادم في الجبال المحيطة بمدينة تعز. يقول عاقل القرية إن من أصل بضعة آلاف من السكان -- لا يوجد إحصاء رسمي منذ 2004 -- قتلت الألغام ستة أشخاص وجرحت 28، خلال السنوات التي تلت مباشرة حصار تعز والمناطق المحيطة في 2015".

 

وبحسب تقرير المنظمة فإن باحثي هيومن رايتس ووتش زاروا الشقب في أبريل/نيسان 2024، وقابلوا سبعة من السكان، من ضمنهم أربعة ناجين من الألغام الأرضية، وشخصان فقدا أقارب لهما بسبب الألغام الأرضية، وعاقل قرية الشقب. الناجون الأربعة لديهم جميعا إعاقة دائمة بسبب إصاباتهم. جميع الذين قابلهم الباحثون نزحوا من منازلهم إلى قرية مجاورة.

 

وأكدت المنظمة مقابلتها مسؤولين في وكالتين وطنيتين تنسقان إزالة الألغام، "المركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام" و"المركز اليمني لتنسيق إزالة الألغام"، وعضوا في "اللجنة الوطنية اليمنية لحقوق الإنسان" وثّق استخدام الألغام الأرضية في المنطقة.

 

وبحسب التقرير تقع قرية الشقب في وادٍ بين قمتين جبليتين، تسيطر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على إحداهما (قمة مزعل)، بينما تسيطر قوات الحوثي المسلحة على الثانية (قمة الصالحين)، الخصمان في النزاع اليمني منذ 2014. رغم أن القرية تقع على خط جبهة، توقف معظم القتال الفعلي في الشقب منذ سنوات عدة إلا أن بعض القناصين لا يزالون في المنطقة ويطلقون النار بشكل متقطع على المدنيين، ويقتلونهم في بعض الأحيان. مؤخرا في 23 مارس/آذار، قال السكان إن قناصا من الحوثيين أطلق النار على طفل أثناء عودته من المدرسة وأصابه إصابة خطرة.

 

وذكرت أن معظم سكان الشقب، أغلبهم مزارعون أو رعيان، نزحوا من أرضهم في بدايات النزاع. بحسب عاقل قرية الشقب، نزحت أكثر من 527 عائلة. مع تراجع الأعمال القتالية النشطة في السنوات القليلة الماضية، قُتل العديد من السكان الذين حاولوا العودة إلى منازلهم للاهتمام بأرض زراعية، أو رعي ماشيتهم، أو أُصيبوا بجروح خطيرة بسبب الألغام المضادة للأفراد، وقُتلت ماشيتهم أيضا. العديد من المصابين لديهم إعاقة دائمة.

 

وقال العديد من السكان، إن قوات الحوثي بدأت منذ 2018 تتسلل إلى أراضيهم ليلا لزرع الألغام في منازلهم ومزارعهم وحولها. بحسب منظمات إزالة الألغام، تعتبر قرية الشقب ملوثة بعدد كبير من الألغام المضادة للأفراد.

 

وقال أحد الذين قابلناهم إنه نزح من منزله في 2016 بسبب القتال. في أغسطس/آب 2022، مع انخفاض حدة القتال، عاد إلى منزله لأخذ بعض القمح الذي كان قد خزّنه هناك. داس على ما وصفه بزجاجة صفراء أمام باب المنزل وانفجرت الزجاجة. خسر هيثم بعض أصابعه جراء الانفجار، وأُصيب بجروح بالغة في رِجله وأجزاء أخرى من جسده وعينيه، وصار لديه إعاقة دائمة وندبات.

 

صعّبت الألغام أيضا على سكان القرية تأمين الطعام والحفاظ على دخلهم. بحسب "برنامج الأغذية العالمي"، حتى فبراير/شباط 2024، كان 64% من سكان محافظة تعز دون طعام كاف، وتعز هي إحدى أربع محافظات في اليمن تواجه انعدام أمن غذائي "عالي الخطورة ومتدهور".

 

تتابع هيومن رايتس ووتش سياسات اليمن وممارساته بخصوص الألغام المضادة للأفراد منذ 1999، ووثقت بعمق العديد من حالات استخدام الحوثيين للألغام المضادة للأفراد في تعز ومحافظات أخرى، بما في ذلك في 2015، 2016، 2017، و2019. أبلغت السلطات الحوثية هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان 2017 بأنها تعتبر المعاهدة ملزِمة. بالإضافة إلى الحظر الذي تفرضه معاهدة حظر الألغام، قد يُلاحق الأفراد المسؤولون عن استخدام أسلحة محظورة أو تنفيذ هجمات عشوائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

 

أفادت مبادرة "مرصد الألغام البرية" التابعة لـ"الحملة الدولية لحظر الألغام البرية" بأن 582 شخصا على الأقل قُتلوا أو أُصيبوا بجروح بسبب ألغام أرضية أو المتفجرات من مخلفات الحرب في اليمن في 2022، بعد أن كان العدد 528 في 2021.

 

وطبقا للتقرير فإن موقع الشقب على الخطوط الأمامية يشكل تحديا أمنيا لمنظمات إزالة الألغام، بسبب نشاط القناصين المتقطع. غير أن هيومن رايتس ووتش تكلمت أيضا مع أشخاص من مناطق لم تعُد على الخطوط الأمامية لا يزالون نازحين بسبب وجود الألغام الأرضية.

 

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحاجة ملحة إلى دعم دولي أقوى لتجهيز موظفي إزالة الألغام ومساعدتهم على مسح المنطقة بشكل منهجي وإزالة الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب في اليمن. يتعين على الحكومة اليمنية والحوثيين، سلطة الأمر الواقع في أجزاء كبيرة من اليمن، والوكالات الدولية أن تقدم التعويض والمساعدة والدعم المناسبين، وفرص العمل إلى المصابين، وعائلات المصابين والقتلى، بالإضافة إلى غيرهم من ضحايا الألغام الأرضية في اليمن. ينبغي أن يشمل الدعم الرعاية الطبية، بما في ذلك الجراحة الترميمية والدعم النفسي، والأطراف الصناعية وغيرها من الأجهزة المساعِدة عند الاقتضاء، وإعادة التأهيل المستمر إذا لزم الأمر.

 

قالت جعفرنيا: "لن ينتهي الأثر الكارثي للألغام الأرضية في اليمن إن لم تحصل تعبئة كبيرة لإزالة هذه الأسلحة وتدميرها. يواجه الناس في اليمن مستويات كارثية من الجوع ويحتاجون بشدة إلى الوصول إلى أراضيهم الزراعية والمراعي الضرورية، لكن هذه الأراضي هي غالبا ملوثة بالألغام".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن هيومن رايتس ووتش الشقب الغام الحوثي هیومن رایتس ووتش المضادة للأفراد الألغام الأرضیة إزالة الألغام من السکان العدید من فی الیمن

إقرأ أيضاً:

بسبب قرار ترامب..تعليق نزع الألغام في 13 بلداً

أعلنت منظمة "نورسك فولكهيلب" غير الحكومية النرويجية تعليق إزالة الألغام في 13 دولة، بعد تجميد الولايات المتحدة المساعدات الأجنبية، حسب أحد مسؤوليها الإثنين.

وحصلت المنظمة العام الماضي على 41 مليون دولار من أمريكا لدعم نشاطاتها في مجال إزالة الألغام حول العالم.
وقال أكسيل ستين نيلسن رئيس قسم إزالة الألغام والتخلص من المتفجرات في المنظمة غير الحكومية: "أبلغنا الجمعة بأن علينا تعليق النشاطات كلها التي تلقت دعما أمريكياً، بينما تراجع السلطات الأمريكية مساعداتها".
وفي تعميم، أعلن وزير الخارجية الأمريكي الجديد ماركو روبيو الأسبوع الماضي تجميد المساعدات الخارجية الأمريكية باستثناء تلك المقدمة لمصر وإسرائيل، خلال مراجعة كاملة للبرامج كلها.
وسيؤثر هذا التجميد بعد أمر وقعه دونالد ترامب الإثنين الماضي لمدة 90 يوماً، على نشاطات المنظمة في 13 دولة، خاصةً  في جنوب شرق آسيا، والشرق الأوسط، وإفريقيا.
وأضاف "هذه أخبار سيئة بشكل خاص لدول مثل العراق ولاوس". غوتيريش: قلقون من تداعيات وقف المساعدات الأمريكية - موقع 24أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الإثنين، أن أنطونيو غوتيريش يشعر بالقلق من وقف المساعدات الخارجية الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمدة 90 يوماً، للمراجعة، ومعرفة إذا كانت تتماشى مع السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي.

وأضاف "نأمل أن تكمل الإدارة الأمريكية مراجعتها في أسرع وقت ممكن لنستأنف عملنا المنقذ للأرواح".
وفي الأثناء، تدرس المنظمة التي تنشط في حوالي عشرين بلداً، إعادة توزيع مواردها أو التماس مساعدة مانحين جدد، ولكن "الأمر يستغرق وقتاً" على حد قول ستين نيلسن.

مقالات مشابهة

  • “هيومن رايتس”: العدو الصهيوني تهدد حياة الحوامل والمواليد الجدد بغزة
  • ” منظمة هيومن رايتس”: سلطات العدو الصهيوني تهدد حياة الحوامل والمواليد الجدد بغزة
  • هيومن رايتس: إسرائيل تفرض ظروفا تهدد حياة الحوامل والمواليد الجدد بغزة
  • هيومن رايتس: إسرائيل تفرض ظروفا تهدد الحمل والولادة وحياة المواليد الجدد بغزة
  • مشروع "مسام" ينتزع 840 لغمًا في اليمن خلال أسبوع
  • هيومن رايتس ووتش: الهجوم الإسرائيلي يهدد النساء الحوامل في غزة
  • بسبب قرار ترامب .. تعليق نزع الألغام في 13 بلداً
  • بسبب قرار ترامب..تعليق نزع الألغام في 13 بلداً
  • رايتس ووتش تنتقد سحق الفضاء المدني في ليبيا
  • رايتس ووتش تنتقد مصر لتقويضها الحق في التعليم