في الثالث من مايو/أيار، عندما أكد كبار المسؤولين الأميركيين وجود قوات أمن روسية في نفس القاعدة الجوية التي توجد بها قوات أميركية في النيجر، نشرت قناة "تليغرام" الشهيرة، التي يقال إنه يديرها مسؤولون مقيمون في موسكو، رسالة تتضمن أغنية "وداعا يا أميركا" لفرقة الروك في الحقبة السوفياتية نوتيلوس بومبيليوس عام 1985.

وتقول صحيفة الغارديان إنه بعد أسبوعين، يوم الخميس الماضي، اتفق المسؤولون الأميركيون وزعماء النيجر على انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من النيجر، والذي سيتم في أقرب وقت ممكن خلال الأشهر المقبلة.

كانت رسالة تليغرام بمثابة تحديث لحالة التطورات الأخيرة: خروج الجيوش الغربية من منطقة الساحل مع تزايد النفوذ الروسي. وقال إيكيميسيت إيفيونغ، رئيس الأبحاث في شركة "إس بي إم إنتليجنس"، وهي شركة استشارية مقرها لاغوس تغطي الشؤون الجيوسياسية: "لقد اكتسبت روسيا اليد العليا فعليا في سباق التسلح الجيوسياسي في منطقة الساحل وفازت بحلفاء ملتزمين، وإن كانوا هشين، في المنطقة". وقال إن دول غرب أفريقيا مقسمة الآن إلى قسمين: دول ساحلية مؤيدة للغرب على نطاق واسع؛ ودول غير ساحلية بمنطقة شاسعة معرضة للانقلابات تمتد عبر القارة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر أكثر ميلاً إلى روسيا.

توسيع النفوذ

وتقول الصحيفة إن موسكو تحرص على توسيع نطاق نفوذها عالميا لإيجاد المزيد من أسواق التصدير والوصول إلى الموارد الطبيعية. ويقول بعض المراقبين إن أفريقيا تمثل الفرصة المثالية لتنفيذ هذه الأفكار. ويتم توجيه التأثير من خلال كيان شامل تديره وزارة الدفاع الروسية يسمى "فيلق أفريقيا"، ويعتقد أنه سمي على اسم جماعة ألمانية في شمال أفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية.

وقد قامت روسيا بتضمين مجموعة فاغنر، الشركة شبه العسكرية المثيرة للجدل التي كان يرأسها يفغيني بريغوجين قبل وفاته على متن طائرة شمال موسكو في أغسطس/آب الماضي.

في العقد الذي سبق وفاته، أقام بريغوجين علاقات مع قيادات دول مثل مالي وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وآخرون؛ حيث نشر المرتزقة لأجل التصدي لحركات التمرد أو توفير الحماية الشخصية للقادة، مقابل ذلك تمكنت فاغنر من الوصول إلى صفقات المناجم والبنية التحتية بالإضافة إلى النفوذ السياسي. كما اشتغل عملاء فاغنر أيضا في التعدين، والتدخل في الانتخابات، وفبركة ونشر المعلومات المضللة. ولقد جاء ذلك بتكلفة دموية حيث قُتل ما لا يقل عن 1800 مدني خلال عمليات فاغنر في جميع أنحاء أفريقيا منذ عام 2017، وفقا لمشروع بيانات "مواقع النزاع المسلح والأحداث" (Acled)، وهي منظمة غير حكومية.

بعد وفاة بريغوجين، تم استيعاب هيكل فاغنر وعملياته في الفيلق الأفريقي، جنبا إلى جنب مع ابنه بافيل، كما تم منح مقاتلي فاغنر خيارين: حل الفريق أو الانضمام إلى الطاقم الجديد.

ومن أجل تهدئة التكهنات حول استمرار وجود المجموعة، قام كبار المسؤولين الروس بزيارة عدد قليل من القادة الأفارقة لطمأنتهم بالاستمرارية والدعم. ويقول المحللون إن الترتيب الجديد هو إشارة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى نهج عدم التسامح مطلقا تجاه قوات المرتزقة المستقلة.

بعد مقتل بريغوجين

لفترة طويلة أنكرت الدولة الروسية أي علاقة لها بفاغنر، لكن ذلك تغير مع محاولة الانقلاب ومقتل بريغوجين لاحقا.

وقال الدكتور جوزيف سيغل، مدير الأبحاث في "المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية"، وهو مؤسسة أكاديمية تابعة لوزارة الخارجية الأميركية: "كان لدى فاغنر مساحة كبيرة للالتفاف على القواعد والانخراط في أنشطة مشكوك فيها يمكن للروس أن ينكروها. الآن أصبحت أنشطة هذه القوات المنتشرة جزءا لا يتجزأ من وزارة الدفاع الروسية لا يمكن التبرؤ منهم كما كان من قبل".

مراسم إنزال العلم وجلاء القوات الفرنسية من بوركينا فاسو (الجزيرة)

ويرى بعض المراقبين الذين تحدثت إليهم "غارديان"، ومن بينهم أولكسندر دانيليوك، الخبير في الحرب الروسية متعددة الأبعاد والزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث مقره لندن، أن التغيير هو مجرد عودة إلى المخطط الروسي الأصلي. وقال: "لا يوجد فرق.. لأن بريغوجين لم يفعل ذلك، لقد كانت دائما عملية تابعة لأجهزة المخابرات الروسية ولم يكن بريغوجين سوى مدير في سلسلة القيادة هذه".

وقال دانيليوك إن التغييرات تعني المزيد من السيطرة المباشرة من موسكو ومرونة أقل للمديرين المسؤولين عن "الغزو الروسي" لأفريقيا. وتابع أن فيلق أفريقيا كان مجرد جزء من مخطط كبير يسمى فيلق إكسبيديشن، والذي تم تصميمه وإنشاؤه في الأصل للعمليات ليس فقط في أفريقيا، ولكن في جميع بلدان الجنوب العالمي. هذه في الواقع مجرد البداية".

إحياء علاقات الحرب الباردة

وبينما تسببت الانقلابات والصراعات في المستعمرات الفرنسية السابقة في تدهور العلاقات بينها وبين باريس في العقد الماضي، أعادت روسيا إحياء علاقات حقبة الحرب الباردة في أجزاء من أفريقيا. وظهر مئات الأشخاص في المسيرات المؤيدة للانقلابات وهم يحملون العلم الروسي الأبيض والأزرق والأحمر، بينما أحرقوا العلم الفرنسي.

ويقول دبلوماسيون وخبراء في السياسة الخارجية لـ "غارديان" إن تواصل روسيا لا يزال يأتي مصحوبا بوعود باستقرار النظام وتثبيت الأمن، ولكن ليس كثيرا من حيث النتائج.

وقال لاد سيروات، المتخصص الإقليمي في أفريقيا في مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح والأحداث، إن أحداث العنف التي تشارك فيها الجماعات المتمردة تضاعفت 3 مرات تقريبا في مالي وحدها منذ عام 2021، عندما بدأت فاغنر عملياتها في البلاد.

ومع دخول الروس وطرد الدول المضيفة للجيوش الغربية الأخرى، وحتى في بعض الحالات، بعثات الأمم المتحدة، فإن القوة العددية للأفراد المتاحين لمكافحة التمرد كانت في انخفاض، بدلا من الارتفاع.

وبموجب الترتيب الجديد، تم تقليص عدد القوات الروسية المشاركة إلى بضع مئات فقط في كل عملية. وحتى مع وجود الجيوش المحلية التي تعاني من نقص في العدد، فإن هذه الأعداد قليلة للغاية بحيث لا يمكنها التعامل مع الجماعات المسلحة بشكل صحيح.

حماية الأنظمة

ويقول الخبراء لـ"غارديان" إن هذه ميزة تصميمية وليست عيبا. وقال سيغل "هذه القوات ليست موجودة من أجل أمن المواطنين، بل هي في الواقع لحماية الأنظمة. لقد اختارتها موسكو". وأضاف: "لقد رأت موسكو أنها لا تحتاج إلى نشر العديد من الجنود. هناك 100 فقط أو نحو ذلك في النيجر وبوركينا فاسو.. إنه ترتيب مُرضٍ ماليا للروس، ولكنه، أكثر من ذلك، ترتيب مُرضٍ سياسيا".

وحتى في حين يبدو أن روسيا تكتسب اليد العليا في منطقة الساحل، فإن الوضع لا يزال معقدا، حيث لا تزال جهات متعددة فاعلة وتتنافس على النفوذ في بلدان مختلفة.

وفي أبريل/نيسان، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيرَه من جمهورية أفريقيا الوسطى، فاوستين آركانج تواديرا، للمرة الثانية خلال 6 أشهر في باريس. وفي بيان مشترك، قال البلدان إنه يجري إعداد "خارطة طريق لإطار عمل للشراكة البناءة" التي تحترم "سيادة الدولة"، حيث ستساهم باريس "في الاستقرار… وتدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية" في جمهورية أفريقيا الوسطى.

آخر جنود فرنسيين يستقلون طائرة عسكرية فرنسية لمغادرة النيجر (الفرنسية)

وسارع البعض إلى تفسير ذلك على أنه إشارة إلى تحول محتمل في التحالفات الجيوسياسية لكن علاقات تواديرا تتعمق مع موسكو؛ حيث تتكون حراسته الخاصة من موظفين من روسيا، وأصبحت اللغة الروسية الآن لغة التدريس في مدارس البلاد.

وفي يناير/كانون الثاني، التقى الرئيس التشادي المؤقت محمد إدريس ديبي إتنو مع بوتين. وتقول مصادر إن موسكو، التي تدعم النظام الحالي، رفضت طلبا للحصول على الدعم من قسم من المعارضة التشادية لإزالة إتنو.

ويقول محللون لـ"غارديان" إن روسيا يمكن أن تغير مواقفها في جميع أنحاء المنطقة في أي وقت وتؤيد وكلاء مختلفين. وقال دانيليوك إن كل الأنشطة تندرج ضمن مخطط كبير "لتأسيس حكومات موالية لروسيا أو حتى حكومات تسيطر عليها روسيا". وقال إن روسيا "لم تكن مهتمة قط بأي نوع من الحكم الذاتي للدول العميلة. هذا ليس أي نوع من التحرر. هذه في الواقع مجرد طريقة استعمارية روسية وقد يكون من الصعب جدا العثور على أي شخص يحررك من ذلك. انظروا إلى ما يحدث في أوكرانيا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا.. مخاوف على القارة وتأثيرات على السودان

تنفيذا لسياساته الجديدة، يدرس الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا، ما يعد تنازلا عن مساحات دبلوماسية مهمة لصالح قوى أخرى تتمدد سريعا في القارة على حساب واشنطن.

تقليص الانخراط

تناقلت وسائل الإعلام الدولية في اليومين الماضيين أن الولايات المتحدة قد تكون بصدد تقليص انخراطها الدبلوماسي في أفريقيا وإغلاق مكاتب تابعة لوزارة الخارجية تعنى بتغيّر المناخ والديمقراطية وحقوق الإنسان، وفق أمر تنفيذي قيد المراجعة للبيت الأبيض، ووفق ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” عن مذكرة غير مؤرخة لوزارة الخارجية الأمريكية، تدرس إدارة ترامب خططا لإغلاق 10 سفارات و17 قنصلية، وتقليص أو دمج موظفي العديد من البعثات الأجنبية الأخرى، وذكرت الصحيفة أن 6 من السفارات التي اقترحت المذكرة إغلاقها تقع في أفريقيا، وهي أفريقيا الوسطى، وإريتريا، وغامبيا، وليسوتو، وجمهورية الكونغو، وجنوب السودان، كما يفترض إغلاق مكتب أفريقيا العامل حاليا، وسيحل محله مكتب المبعوث الخاص للشؤون الأفريقية والذي من المفترض أن يقدم تقاريره لمجلس الأمن الداخلي بالبيت الأبيض بدلا من وزارة الخارجية.

مخاوف وتساؤلات

التخفيضات الجديدة المقترحة أثارت مخاوف من أن الولايات المتحدة ستتنازل عن مساحة دبلوماسية حيوية لروسيا والصين، بما في ذلك في مناطق العالم التي تتمتع فيها واشنطن بحضور أكبر من موسكو وبكين، وهو ماقد يعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية، كما آثارت التخفيضات المقترحة تساؤلات حول ارتدادات الانسحاب الأمريكي على القارة السمراء، وهل يؤثر هذا الإنسحاب على التعاون الإستخباراتي والعسكري الأمريكي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، ومن يملأ الفراغ الأمريكي، وهل يفتح الانسحاب الباب أمام محاور نفوذ جديدة، إضافة إلى السؤال الأهم حول تأثير هذا الانسحاب الأمريكي على السودان؟

تأثير على المعارضة

من جانبه رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني محمد محمد خير أن كل المشاكل التي حدثت في السودان منذ 2019 بعد سقوط نظام البشير حتى الحرب كانت بتأثيرات مباشرة من الخارجية الأمريكية. وقال خير لـ “المحقق” إن الخارجية الأمريكية تأتي ضمن خمس دوائر في التأثير على القرار الخارجي، وإنها أضعف هذه الدوائر في التأثير، مضيفا أنه دائما ما تصدم مشاريع الخارجية بالبنتاجون والسي أي ايه، لافتا إلى أن غياب الخارجية الأمريكية بتركيبتها السابقة سيكون له تأثير مباشر على المعارضة السودانية بالخارج (تقدم- صمود- وغيرها)، وقال إن هذه المعارضة كانت المرجعية الرئيسية لكل العمل الذي تم في السودان، بداية من تعيين مبعوث خاص مرورا بالرباعية حتى الإتفاق الإطاري، مضيفا أن كل الترتيبات السياسية في السودان كانت بتدبير من الخارجية الأمريكية وخلفها مساعدة الوزير مولي في، وتابع أن الخارجية الأمريكية أيضا كانت توجه الوكالات المانحة في أمريكا وأوروبا والتي كانت تدفع تكاليف أنشطة “تقدم”، وأن ذلك توقف بحل ترمب للوكالة الدولية للمنح، مؤكدا أن أكبر جهة تضررت من ذلك هي المعارضة السودانية الخارجية، لافتا إلى أن أهم ماجاء في القرار الأمريكي هو غياب أي مشروع يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية في أفريقيا، وقال إن ذلك يعني أنه لم يعد هناك أي نوع من أنواع الإهتمام الأمريكي بتغيير النظم في أفريقيا، مضيفا أن تأثيره على الحكومة السودانية يعتمد على الحكومة نفسها وعلى المشروعات التي ستقدمها إلى أمريكا، ورأى أنه من المفروض تقديم رؤية استثمارية سودانية بها تصور لمشروعات استثمارية بالبلاد.

الإهمال أفضل

من جهته رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني مكي المغربي أن العالم في عهد الإنحسار الأمريكي لا محالة، وقال المغربي لـ “المحقق” تحدث عن ذلك عدد من المفكرين بأن مشاكل أمريكا الداخلية وانقسامها العميق سيشغلها عن التمدد في العالم، والجواب واضح من عنوانه، مضيفا ترمب في حملته الانتخابية كان واضحا حول هذا الأمر، مؤكدا أن الدول والجهات التي كانت تعتمد على أمريكا وضوئها الأخضر وغطائها في الإعتداء على السودان ستفشل، وقال إن هذه الدول ستكون مكشوفة وتتخلى أمريكا عنها لتواجه لعنات الشعب السوداني وحيدة، مبينا أن غلق مكتب أفريقيا يعني تقليص الإرتباط الدبلوماسي الطبيعي عبر الخارجية الأمريكية، واختزال الملف الأفريقي في الشئون الطارئة أو المهمة، وقال إن ذلك أقرب لحذف أفريقيا من الخارطة الدبلوماسية الأمريكية والإبقاء على عدد من الدول، والتعامل مع الطوارئ والمستجدات عبر البيت الأبيض، مضيفا باختصار تعودنا أن الإهمال الأمريكي أفضل من الإهتمام.

الانعزالية الجديدة

بدوره أكد الخبير المصري في الشؤون الأفريقية الدكتور حمدي عبد الرحمن أن انسحاب أمريكا من أفريقيا وخاصة منطقة الساحل سوف يؤثر بشكل كبير على الحرب ضد الإرهاب. وقال عبد الرحمن لـ “المحقق” إن الوجود الأمريكي والغربي عموما كان له دور كبير للغاية في مراقبة وملاحقة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش وبوكو حرام، اضافة إلى الحد من عمليات تهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية، لافتا إلى أن هذا الانسحاب في ظل الترامبية الجديدة وفكرة جعل أمريكا قوية وعظيمة مرة أخرى هي مايسمى بـ “الانعزالية الجديدة” على يد ترمب، لافتا إلى أن ذلك يثير مخاوف من تصاعد الجماعات الإرهابية وتدهور الوضع الأمني، وقال إن الجيوش الوطنية تفتقر في الغالب إلى القدرة المالية والتقنية لمواجهة هذه التحديات بشكل منفرد.

المستفيد الأول

ولفت الخبير المصري إلى أن هناك فراغ أمني واضح بأفريقيا، وقال إن دول تحالف الساحل حاولت أن تسد هذا الفراغ من خلال التحالف مع روسيا، مضيفا أن روسيا هي المستفيد الأول من ذلك ومن خلال فاغنر سابقا والفيلق الأفريقي حاليا، لتعويض الغياب من الدعم الغربي، مشيرا إلى أن الصين وتركيا عززتا حضورهما في المنطقة بالتركيز على الإقتصاد أكثر من الأمن، مؤكدا أن ذلك يخلق مناطق نفوذ جديدة، وقال إن ذلك يتمثل في إعادة رسم خريطة النفوذ الدولي في أفريقيا، مضيفا أن روسيا بدأت بالفعل في تعزيز وجودها العسكري والأمني وكذلك الصين وتركيا وحتى الهند في توسيع نفوذها الاقتصادي، لافتا إلى أن ذلك يجعل من أفريقيا ساحة تكالب جديدة من قبل قوى دولية متعددة، وقال إن هذا التحول قد يدفع أفريقيا إلى مزيد من الاستقطاب، وربما يجعلها إحدى جبهات الحرب الباردة الجديدة في ظل التنافس الدولي على الموارد والممرات الاستراتيجية بالقارة، مشيرا إلى أنه في ظل التراجع الأمريكي هناك حرب الممرات، مثل ممر “ليبيتو” الذي تدعمه أمريكا، ومبادرة “الحزام والطريق” وكلاهما متعارضان، محذرا من تصاعد التهديدات الإرهابية في ظل هذا الانسحاب وتفاقم الأزمة الأمنية.

الأكثر تضررا

كما رأى الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين أن إدارة ترمب الجديدة لديها قرارات تجاه أفريقيا قد تختلف تماما عن الإدارات السابقة. وقال تورشين لـ “المحقق” إن ذلك سيؤثر كثيرا على التعاون العسكري والاستخباراتي بين أمريكا والعديد من الدول التي تعاني من أنشطة للجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي ودول خليج غينيا، مضيفا أن دول خليج غينيا ستكون الأكثر تضررا بما يدفعها للتعاون مع الدول الإقليمية والدولية الأخرى مثل روسيا والصين وتركيا، لافتا إلى أن ذلك يعني بأن هنالك ستكون مسارات جديدة لتعزيز تنافس القوى في المنطقة.

القاهرة – المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • روسيا تتهم الاستخبارات الأوكرانية بقتل جنرال قرب موسكو
  • ترامب: القرم سوف تظل مع روسيا
  • ترامب: أوكرانيا هي المسؤولة عن بدء الحرب ضد روسيا والقرم ستبقي مع موسكو
  • لافروف : موسكو مستعدة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • بين عناد كييف واشتراط موسكو.. ما موقف روسيا من السلام والحرب؟
  • صعود الإمبراطورية الروسية في أفريقيا
  • موسكو تسمح لأفغانستان بتعيين سفير في روسيا
  • روسيا ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لأفغانستان لدى موسكو
  • خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا.. مخاوف على القارة وتأثيرات على السودان
  • موسكو تصعد هجماتها وزيلينسكي يتهم صينيين بإنتاج مسيرات في روسيا