روسيا تحذر الاتحاد الأوروبي من العواقب الوخيمة لأي مساس في أصولها
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
بروكسل – أكدت بعثة روسيا الدائمة لدى الاتحاد الأوروبي أن دول الاتحاد ستواجه عواقب غير متوقعة بسبب التلاعب بعائدات الأصول المجمدة الروسية مؤكدة أنه سيتعين عليها عاجلا أو آجلا إعادة ما تسرقه.
وجاء في تصريح البعثة الدبلوماسية الروسية لوكالة “ريا نوفوستي”: “من المؤكد أن عواقب هذه السابقة لن تكون متوقعة، بما في ذلك بالنسبة لمنطقة اليورو واقتصادات الدول الأعضاء في الاتحاد ومناخ الاستثمار.
وأعلن وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي في وقت سابق من اليوم أن دول الاتحاد الأوروبي وافقت على خطة لاستخدام 90% من عائدات الأصول الروسية لتزويد أوكرانيا بالأسلحة.
وبعد بدء العملية الخاصة في أوكرانيا، جمد الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع ما يقرب من نصف احتياطيات النقد الأجنبي الروسية البالغة نحو 300 مليار يورو.
ومن هذه الاصول يوجد حوالي 200 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي، معظمها في حسابات يوروكلير البلجيكية وهي واحدة من أكبر أنظمة التسوية والمقاصة في العالم.
من جهته حذر البنك المركزي الأوروبي من أن مصادرة الأصول الروسية سيضر بسمعة اليورو على المدى الطويل، ودعا إلى “النظر إلى ما هو أبعد من نطاق هذا الصراع المعزول، والبحث عن طرق أخرى لتمويل كييف”.
وذكر الكرملين أن اتخاذ قرار كهذا سيكون خطوة إضافية على طريق انتهاك قواعد وأعراف القانون الدولي.
ووصفت وزارة الخارجية تجميد الأصول الروسية في أوروبا بالسرقة، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يستهدف أموال الأفراد فحسب، وإنما يتعداها لأصول الدولة الروسية.
المصدر: نوفوستي
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
على الاتحاد الأوروبي البناء على نجاحاته السابقة
ترجمة ـ قاسم مكي -
يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات هائلة. تشمل هذه التحديات تسريع الابتكار وتعميق التكامل المالي وحماية أمنه والحفاظ على قيم الحرية والديمقراطية والرفاه الاجتماعي التي بُنِي عليها مجتمعه منذ الحرب العالمية الثانية.
لن يكون أي من هذه التحديات يسيرا بالنظر إلى التحولات غير المواتية التي تواجهها الكتلة الأوروبية الآن وليس أقلها الفوضى السياسية في فرنسا وألمانيا. مع ذلك يمكن للاتحاد الأوروبي وهو يواجه مستقبله البناء على نجاحات تاريخية عظيمة. فالاتحاد بعد كل شيء تمكَّن من التوسع والتمدد خلال ما يقرب من سبعة عقود (بل أطول من ذلك إذا عدنا به إلى فترة الجماعة الأوروبية للفحم والصلب والتي تأسست في عام 1951) .
هذا التوسع انتقل بالاتحاد من عضوية 6 دول فقط في البداية هي بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا إلى 27 دولة الآن (تراجعا من جملة 28 دولة للأسف بعد خروج بريطانيا منه).
توسع الاتحاد ليس هو اللافت فقط ولكن مدى التقارب الاقتصادي بين بلدانه الأعضاء. في عام 2013 ذكرت آنيت بونجاردت ومعها آخرون أن بالإمكان عموما «التمييز بين ثلاث مراحل للتقارب في الاتحاد الأوروبي على مستوى بلدانه. شهدت المرحلة الأولى من 1950 وحتى 1973 تقارب غرب أوروبا مع مستويات المعيشة في الولايات المتحدة، والمرحلة الثانية من 1974 إلى 1993 هي مرحلة تقارب شمال وجنوب أوروبا مع أوروبا القارية. أما الثالثة بين 1994 و2010 فهي مرحلة تقارب أوروبا الشرقية مع أوروبا الغربية.
عملية التقارب هذه كانت عريضة القاعدة ومتينة. إيطاليا فقط هي التي بدأت تتباعد في المرحلة الثالثة. ويعود ذلك إلى ناتجها المحلي الإجمالي الأقل نموا. ثم بعد عام 2013 حدثت صدمة الأزمة المالية في منطقة اليورو والتي أوجدت تباعدا كبيرا لفترة من الوقت، كما كان هنالك أيضا النمو الأسرع في إنتاجية الولايات المتحدة مؤخرا.
كل البلدان التسعة التي انضمت للاتحاد الأوروبي في الفترة بين 1973 و2000 باستثناء اليونان رفعت الناتج المحلي الإجمالي للفرد (على أساس تعادل القوة الشرائية) مقارنة بمتوسط البلدان الست المؤسسة للاتحاد بحلول عام 2023، وكانت إيرلندا هي الفائزة بهامش ضخم. لكن بالنظر إلى دور الاستثمار الأجنبي المباشر كان الناتج المحلي الإجمالي أعلى بنسبة 30% من الدخل القومي الإجمالي في عام 2023.
أيضا كل البلدان الـ 13 التي انضمت للاتحاد في الفترة بين 2004 و2013 ومعظمها من وسط وشرق أوروبا رفعت ناتجها المحلي الإجمالي للفرد مقارنة بالبلدان الأعضاء الستة المؤسسة وبعضها بنِسَبٍ ضخمة، فالناتج المحلي الإجمالي للفرد في بولندا على سبيل المثال ارتفع من 40% من مستواه في بلدان الاتحاد الأوروبي الست في عام 2004 إلى 73% في عام 2023.
عند المقارنة مع بلد بحجم شبيه لكن خارج الاتحاد الأوروبي سنجد أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد في أوكرانيا ارتفع من 28% من متوسط هذا الناتج في البلدان الست المؤسسة للاتحاد في عام 2003 إلى 31% فقط في عام 2021. ثم تراجع إلى 28% في عام 2023 بعد الحرب مع روسي، وتركيا رغم أنها خارج الاتحاد إلا أن أداءها كان جيدا وثمة سبب لذلك. إنه الأمل (المتلاشي) في عضوية الاتحاد والذي كان محركا لسياساتها حتى منتصف العشرية الثانية.
ما حدث لجيران الولايات المتحدة لا يماثل ما حدث داخل الاتحاد الأوروبي الموسَّع؟ فالمكسيك وهي الأهم إلى حد بعيد تراجعت إلى الخلف. لقد هبط ناتجها المحلي الحقيقي للفرد من 35% الى29% من مستويات الولايات المتحدة في الفترة بين 2004 و2023 على الرغم من الفرص التي أتيحت لها بواسطة اتفاقيات التجارة الحرة.
الاختلاف الجذري بين توسيع الاتحاد الأوروبي واتفاقيات المكسيك مع الولايات المتحدة أن توسيع الاتحاد مؤسسي ومعياري أيضا (بمعنى إنه يقوم على مؤسسات مثل المفوضية والبرلمان الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية. كما يرتكز أيضا على قيم معيارية مثل تداول السلطة وحقوق الإنسان وسيادة القانون واقتصاد السوق - المترجم). فالاتحاد يتيح مسارا لأن تكون الدولة العضو أوروبية. أما الولايات المتحدة فلا يمكنها إتاحة شيء من هذا القبيل. بل بالعكس الأمراض الاجتماعية في الولايات المتحدة والتي تناولتها في مقال لي مؤخرا تتدفق عبر حدودها حيث تصدر الأسلحة وتستورد المخدرات، وهذا يغذي جرائم العصابات وينسف حكم القانون.
بالنظر إلى الانزعاج من قدوم المهاجرين عبر الحدود لماذا لا يحاول الأمريكيون بذل مزيد من الجهد لجعل البلدان الهشة في تلك المنطقة أكثر ازدهارا؟ وعلى نحو مماثل لذلك لم يفعل الأوروبيون شيئا يذكر للشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟
نجاح الاتحاد الأوروبي كان في أغلبه محليا. حتى أزمة منطقة اليورو في سنوات العشرية الثانية تم التغلب عليها بنجاح على الرغم من الأخطاء التي ارتكبت في إيجاد اتحاد العملة وإدارته اللاحقة، ومنذ عام 2020 كان أداء كل البلدان التي تضررت من الأزمة أفضل من أداء ألمانيا بما في ذلك اليونان وإسبانيا.
لم يكن التكامل الاقتصادي لأوروبا أو التقارب بين الدول الأعضاء في الاتحاد حتميا. لقد كان نتاج مقاربة سياسية حصيفة. وللمفارقة، يعود ذلك في جزء منه إلى ترويج رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر لفكرة السوق الموحدة في ثمانينات القرن الماضي.
لكن الآن هنالك تحديات جديدة بل أكبر. فالأمن الذي تقدمه الولايات المتحدة يصبح في أفضل الأحوال باهظ التكلفة وفي أسوأ الأحوال يختفي كليا. وروسيا بدعمٍ من الصين تشكل تهديدا لأوروبا في الشرق. وأوكرانيا التي تتطلع بشدة إلى التمتع ببركات عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو تتعرض لخطر التخلي عنها من جانب أولئك الذين ينبغي أن يكونوا أفضل إدراكا للتحدي الأمني.
إلى ذلك، مجتمعات بلدان الاتحاد الأوروبي التي تشيخ تزيد الأعباء المالية لحكوماتها. والعداء للهجرة يشتد فيما تتعاظم الحاجة إليها. إلى ذلك، ضرورة زيادة الإنتاجية ببناء اقتصاد رقمي وتحرير وتعميق التكامل ليست أقل أهمية، كما يوضح تقرير ماريو دراغي.
أيضا يجب إيجاد طريقة ما لتشكيل وتطبيق سياسة خارجية وأمنية مشتركة. وهنالك أيضا حاجة للاتفاق على زيادة كبيرة للموارد المالية الخاصة بالاتحاد الأوروبي عبر قدراته في التحصيل الضريبي والاقتراض. ذلك بدوره سيعيد الاتحاد الأوروبي إلى المجادلات التي دارت في أوائل التسعينات حول الاتحاد السياسي.
كما سيكون من الضروري أيضا إضعاف قدرة الدول الأعضاء المتعنتة مثل المجر تحت قيادة فيكتور أوربان في الحيلولة دون سريان السياسات المشتركة الضرورية. سيقول عديدون أن كل ذلك مستحيل. لكن لا بد أن تتحقق بعض الفوائد من إزالة التعنت البريطاني.
على أوروبا ألا تتبنى نموذجا اجتماعيا يخاطر بإنتاج الأمراض الأمريكية من موتٍ مبكر وحوادثِ قتل جماعي ومعدلات فلكية للحبس في السجون. لكن التحولات الجذرية ضرورية. وبقاء أوروبا الموحَّدة والحرة والهشة يعتمد على ما إذا كانت لدى الأوروبيين الشجاعة والحكمة لمواجهة تحديات حقبتنا الحالية.
مارتن وولف كبير معلقي الاقتصاد بصحيفة الفاينانشال تايمز
الترجمة خاصة لـ عمان