الاستعداد النفسي أولى الخطوات.. روحانية رحلة الحج تبعد هموم الحياة
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
جدة – ياسر خليل
أكد مختصون لـ”البلاد” أن رحلة الحج من أفضل الطرق للتخلص من أعباء الحياة والمشاكل النفسية، إذ إن المؤمن الذي يقوم بعبادة الحج فإنه يرجع نقياً من الناحية النفسية، ولذلك قال النبي الكريم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، فعبادة الحج تنقي الإنسان من الذنوب وتخلصه من الهموم والمشاكل اليومية.
بداية يقول المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري: الانعكاسات الإيجابية لفريضة الحج لا تتوقف على الجوانب الإيمانية والروحية فقط، بل هناك جوانب نفسية واجتماعية عديدة يلمسها الحاج في مشاعره ودواخله عند أداء الشعيرة.
وقال إن فريضة الحج تجعل الإنسان في قمة السعادة لأنه يعود للحياة كما ولدته أمه، فكأنما يعيش حياة جديدة، بعد أن أدى الفريضة وشعر بقربه إلى الخالق عز وجل، ورتاح كثيرا من هموم الدنيا.
وتابع: تؤثر فريضة الحج إيجابًا في الحالة النفسية للحاج وذلك من عدة نواحي، أهمها امتلاك الشعور بالطمأنينة والراحة والاسترخاء بسبب الروحانية المرافقة لممارسة الشعائر والابتعاد عن التفكير بمسببات التوتر، والتحلي بالصبر الذي يساعد على تحمل مصاعب الحياة والتعايش معها، لأن الحاج يصبر على مشاق وتعب الشعائر عند القيام بها ، والتخلي عن كل صفات التكبر والتعالي ما يجعل الشخص متواضع ومحبوب بين المحيطين به، ففي فريضة الحج يتساوى الجميع باختلاف ما يملك.
وأردف: الحج مدرسة تربوية إسلامية عامرة بشتى القيم النبيلة والدروس النافعة للفرد والمجتمع، فالحج يعتبر أحد ينابيع السعادة الروحية وطريق تصفية النفس وترقية أحوالها والسمو بها إلى مدارج الكمال.
من جانبها، تقول أخصائية التربية الخاصة والمهتمة بالشأن النفسي رباب أبو سيف: رحلة الحج على ما فيها من جهد وشدّة، تعتبر حلم كل مؤمن لما يجده من الراحة النفسية الكبيرة بعد الحج، ويعود سر هذه الراحة النفسية إلى العديد من العوامل، ومن أبرزها أنه يكتسب طاقة روحية ونفسية، إذ يتخلص من الطاقة السلبية والكثير من الهموم التي شغلته، ففي هذه الشعيرة يشعر الشخص بالأمن والطمأنينة والسعادة، ويكون أكثر قرباً من الخالق في مناجاته ودعائه، كما يشعر بالراحة النفسية والتخلص من جميع ضغوطات ومشاغل الحياة.
وأضافت أن رحلة الحج تعزز في الإنسان فضيلة الصبر، وضبط النفس و أكتساب وتعلم السلوكيات الجيدة والتحكم في انفعالاته، كما أن لقاء ضيوف الرحمن في مكان واحد ويرتدون البياض يجسد الوحدة الإسلامية، حيث تتجلى وحدة الشعائر ووحدة الهدف، فالحجاج على اختلاف أجناسهم وألسنتهم، يؤمنون برب واحد، ويطوفون ببيت واحد، ويؤدون أعمالاً موحدة، وكل هذه الأمور تعزز الجوانب الاجتماعية والثقافية والنفسية.
واختتمت رباب حديثها بقولها: إن الحج وشعائره تؤدي إلى حالة اتحاد المشاعر والأحاسيس الدينية بين المسلمين جميعًا من بقاع الأرض المختلفة، وبذلك تتحد القلوب وتتوافق الأقوال والأفعال، ويعيش الكل حالة الأمة الواحدة، ويحملون هما واحداً ويتضرعون إلى الله بالدعاء في ذات المكان والزمان.
وفي السياق ذاته، يقول عادل سليمان المهتم بالشأن الاجتماعي: حين يرتدي الفرد لباس الإحرام، ويتجنب ما يظهر الترف والتزين، فإن معاني الخشوع والخضوع، والتذلُّل لله -سبحانه- تظهر بذلك لِينال رحمته، ومغفرته ، فخلال أيام معدودات يفرِّغ الحاج عند أدائه الفريضة الشحنات السلبية، ويعيد شحن “الإيجابية”، فيكسبه ذلك طاقة روحية تزيل عنه مشاكل الحياة وهمومها، فتغمره الطمأنينة والسعادة ليشعر بعدها بالراحة النفسية.
وتابع: يساعد الحج ويدرب النفوس البشرية على كيفية ضبط النفس وتهذيبها والتحكم فى شهواتها ونزعاتها واندفاعاتها، وعلى السلوك الطيب الإيمانى وعلى معاملة الناس بالحسنى، وعلى فعل الخيرات والأعمال الصالحة، إذ يعد الحج فرصة مناسبة لجهاد النفس وتدريبها وتعويدها على تحمل المشاق والتعب والتواضع لله سبحانه وتعالى فى ذل وخشوع وخوف ورهبة ورجاء.
وأستدرك بأن سر ذلك يرجع إلى عدة عوامل أبرزها: أن الحج يدربه على ضبط نفسه وتهذيبها والتحكم في شهواتها ونزعاتها واندفاعاتها، وعلى السلوك الطيب الإيماني، وعلى معاملة الناس بالحسنى، وعلى فعل الخيرات والأعمال الصالحة ، كما أن لفريضة الحج فائدة صحية عالية؛ نظراً لقيام الحاج فيها بممارسة المشي الذي يعد أمراً أساسياً لأداء الفريضة، إذ من المعروف أن رياضة المشي من أهم أنواع الرياضات فائدة للصحة، مما يساعد بشكل كبير على الشفاء من المشاكل الصحية.
ولفت إلى أن الإسلام أعتبر رحلة الحج من أبواب الجهاد، ذلك أن نفرة سنوية تقوم به فئة من المسلمين، تأتي من كل بلاد المسلمين لتلتقي صفاً واحداً على أرض النبوة الطاهرة، وبذلك فإن الحج فقه عبادة وجهاد نفس وآيات بينات وشهادة منافع، وموسم ومؤتمر واجتماع وتعارف وتنسيق وتعاون.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: رحلة الحج
إقرأ أيضاً:
هل عرف المصري القديم فريضة الصيام قبل الإسلام؟.. وسيلته لتطهير النفس
مع اقتراب قدوم شهر رمضان المُبارك الذي يعتاد المسلمون فيه الصوم عن الطعام والشرب وبعض المحظورات كنوع من الشعور بالمحتاجين وتطهير النفوس من المعاصي والذنوب، تزداد التساؤلات حول حقيقة معرفة المصري القديم لفريضة الصوم قبل نزول الدين المسيحي والإسلامي والتعاليم الخاصة بالصوم لكل منهما.. فهل صام المصري القديم منذ آلاف السنوات؟
يُعتبر الصيام هو أحد طقوس العبادة التي مارسها المصري القديم بغرض الارتقاء عن شهوات الدنيا، وفق ما أكده الدكتور عماد مهدي، خبير الآثار وعضو جمعية الأثريين المصريين، إذ تشير نقوش المعابد والعديد من البرديات مثل بردية إيبرس ووستكار وهاريس إلى أن المصري القديم اعتاد صوم عدد من الأيام احتفالًا بالمناسبات الدينية والإقليمية.
وأضاف خبير الآثار، خلال حديثه لـ«الوطن»، أن الصيام كان ينقسم إلى قسمين عند القدماء المصريين، هما صوم الكهنة وصوم العامة أو الشعب، إذ كان يختلف صيام الكاهن فى المدة والشعائر عن صيام أفراد الشعب، موضحًا أن الشعب كان يصوم احتفالًا بأعياد الحصاد وبداية السنة الجديدة ووفاء النيل، كما عرفوا نوعا آخر من الصيام يُحرم فيه أكل جميع أنواع الطعام لمدة 70 يوما، ما عدا الماء والخضراوات، والذي عُرف بصوم الانقطاع.
وفيما يتعلق بصيام الكاهن، فقد كانت تمتد فترة صومه من طلوع الشمس إلى غروبها يمتنع فيها عن تناول الطعام والشراب لمدة تصل إلى 42 يومًا، وعندما يبدأ عمله في خدمة المعبد يوجب عليه صوم 7 أيام متتالية بهدف تجهيز نفسه للمهام السامية التي يتولاها، بخلاف صوم أيام أخرى خلال العام ترتبط بمعتقداتهم المقدسة.