محمد محمود عثمان

mmhmeedsman@yahoo.com

 

 

ملف أزمة قطاع غزة انتقل كاملا بدون مساس من القمة الطارئة بالسعودية إلى القمة العادية بالبحرين وكأن شيئا لم يكن مع مرور أكثر من سبعة أشهر على استمرار عمليات القتل والتدمير الغاشم للبشر والحجر، وتحول قطاع غزة إلى مدينة للأشباح تحت سمع وبصر الشعوب العربية والإسلامية والمجتمع الدولي.

لذلك إذا كانت هي قمة عادية إلا أنها في ظروف استثنائية وبالغة الخطورة؛ حيث انتقلت إليها حرفيا وبنجاح بالغ كل الأسلحة العربية الفتاكة التي يملكها العرب والتي تتنوع من بين عبارات الشجب إلى الإدانة والمناشدة التي تبنتها كل الدول العربية بدون استثناء في القمة الطارئة في شهر نوفمبر الماضي، كما انتقل إليها أيضا القادة والزعماء العرب والدول التي شاركت في القمة الطارئة إلى قمة المنامة.

وانتقلت معهم أيضا الملفات الساخنة للقضية الفلسطينية التي تمت مناقشتها على صفيح هادئ أو بارد فيما يبدو، على الرغم من تفاقم الأوضاع وتكثيف عمليات القصف الغاشم والتدمير الكامل للمنشئات المدنية والمؤسسات الطبية والبنية الأساسية وارتفاع عدد الشهداء إلى أكثر من 35 ألف شهيد خاصة من النساء والأطفال، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين وعمليات التهجير القسري. وإحكام عمليات الحصار ومنع دخول المواد الغذائية والدوائية والوقود وإغلاق المنافذ الحدودية من الجانب الفلسطيني الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتكدس أكثر من 1.4 مليون شخص فرُّوا من أماكن القتال بسبب القصف المتواصل.

والغريب هو إصرار العرب على تكرار المطالبات بالوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في غزة ووقف كافة محاولات التهجير القسري وإنهاء كافة صور الحصار والسماح بالنفاذ الكامل والمستدام للمساعدات الإنسانية وانسحاب إسرائيل الفوري من رفح، على الرغم أن العائد منها هو رجع الصدى فقط، ثم الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين والدعوة إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين على الرغم أن ذلك مرهون بموافقة الأمم المتحدة ثم موافقة كل الأطراف وقبل كل شيء عدم اعتراض أمريكا بالفيتو

وصارت قرارات القمة في حقيقتها شعارات جوفا لا تغني ولا تثمن من جوع لأن الإدارة الأمريكية لا تلتفت إليها ، وتغازل الأصوات اليهودية وتقدم الدعم العسكري والمادي والمعنوي والإعلامي وفي مقدمة ذلك حق النقض الفيتو الداعم والمؤيد لإسرائيل على طول الخط والذي يتجاهل العرب كقوة وكيان سياسي واقتصادي متحالف مع أمريكا.

للأسف.. الدول العربية تعلم أن هذه المطالبات أو المناشدات لا تلتفت إليها إسرائيل، بل إنها تشعر بالأمان من هذه المعالجات اللفظية أو الشفوية التي لا يساندها ظهير عربي قوي وقادر على التنفيذ وفرض هذه الشعارات على أرض الواقع حتى يتم إعلان حل الدولتين وفرض وقف إطلاق النار الفوري وإرغام إسرائيل عليه. وأن هذا لا يمكن أن يتحقق بدون وجود ضغط عربي قوي يهدد المصالح الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، باعتبارها اللاعب الأساسي والمحوري وحامل مفتاح الحل في هذه الأزمة، إلى جانب ورقة التطبيع التي يمكن المناورة بها لتحقيق مكاسب فلسطينية على أرض الواقع.

لأنه بدون ذلك فإن التطورات الراهنة تشير إلى ضياع فلسطين، بعد أن تُفرغ إسرائيل مناطق غزة ورفح من كل الفلسطينيين وتحويل ساحل غزة إلى ميناء لتصدير الغاز إلى جانب إنشاء قاعدة عسكرية ومركز للقوات الأمريكية في البحر المتوسط، وبعدها تتخلص إسرائيل بسهولة من باقي الفلسطينيين بالضفة الغربية بالتهجير أو الانضمام مع الأردن في دولة كونفدرالية.

وبذلك تتم التصفية النهائية للفلسطينيين من خلال الخيارات التي فرضتها عليهم إسرائيل ولا مفر منها وهي: "الهجرة- الموت- الدمار الشامل- استخدام الأسلحة النووية لإبادتهم" وهي الخيارات المتاحة أمام الفلسطينيين.

وإذا سلمنا بذلك، فإننا لا نملك إلا أن نقول وبأعلى صوت: وداعًا دولة فلسطين.. ولا عزاء للعرب أو للفلسطينيين.

ولكن إذا كان العرب جادين في المحافظة على دولة فلسطين وفي الدفاع عن الكرامة والنخوة العربية فإن الموقف الجاد والمطالب العربية الحقيقية للقمة يجب ألا تخلو من إجراءات حاسمة من الجانب الأمريكي ودول الغرب، وأن تنحصر مطالب العرب حول وضع الخيارات التالية أمام إسرائيل؛ بل وأمام المجتمع الدولي وهي: الوقف الفوري للاعتداءات على الفلسطينيين والإعلان الفوري عن إقامة الدولتين، وتعويض أهل غزة وإعادة إعمار القطاع، أو جلاء إسرائيل عن أرض فلسطين والتهجير إلى دولة اليهود القديمة والقائمة للآن "بيروبيجان" وهي مقاطعة يهودية في شرق روسيا، وأول أرض تجمّع فيها اليهود من جميع أنحاء العالم في عـام 1928.

وأن يتعهد العرب بمساعدتهم للهجرة الآمنة ليستقروا فيها، وحتى يتركوا الأرض لأصحابها الأصليين، وهو الحل الأمثل لإنهاء مشكلة الشرق الأوسط حتى تتفرغ دول المنطقة للتعمير والتنمية والعيش في أمان وسلام، بعد أن تأثرت اقتصاداتها وأُنهكت.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خبير استراتيجي: مصر والسعودية والأردن ترفض التطبيع وتؤكد دعمها الثابت للقضية الفلسطينية|فيديو

قال الخبير الاستراتيجي بشير عبدالفتاح إن الضفة الغربية في فلسطين تحمل أهمية دينية وروحية كبيرة، حيث يعتبرها الصهاينة منطقة دينية وجيوسياسية، ويسكنها آلاف الإسرائيليين. 

وأضاف “عبدالفتاح”، خلال لقائه مع الإعلامية فاتن عبدالمعبود ببرنامج "صالة التحرير" المذاع على قناة "صدى البلد"، أن إسرائيل لا تعتزم التنازل عن الضفة الغربية، في وقت لا يزال فيه المستوطنون يعتدون ويقتلون الفلسطينيين بشكل يومي.

وأشار “عبدالفتاح” إلى أن موقف مصر والسعودية والأردن قوي في دعم القضية الفلسطينية، حيث ترفض الدول العربية بشكل قاطع التطبيع مع إسرائيل. 

كما أوضح أن مواطني شمال سوريا يعتمدون على الليرة التركية ويستخدمون خدمات شركات الاتصالات التركية، مما يجعل المنطقة أقرب إلى السيطرة التركية.

مقالات مشابهة

  • الكنيسة الكاثوليكية: نساند قرارات الدولة للوصول لحل سلمي للقضية الفلسطينية
  • «الكنيسة الكاثوليكية»: نساند كافة قرارات الدولة المصرية للوصول لحل سلمي للقضية الفلسطينية
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من إقدام إسرائيل على تنفيذ مشروعات تهجير الشعب
  • محمد شردي: دعم سعودي مستمر للقضية الفلسطينية حتى إعلان الدولة المستقلة
  • خبير استراتيجي: مصر والسعودية والأردن ترفض التطبيع وتؤكد دعمها الثابت للقضية الفلسطينية|فيديو
  • موافقة مبدئية من العراق للمشاركة في القمة العربية الروسية
  • السوداني يبدي موافقته المبدئية على المشاركة في القمة العربية الروسية
  • خبراء أردنيون: اتصال الرئيس السيسي والملك عبدالله يؤكد قوة التنسيق الداعم للقضية الفلسطينية
  • جنين.. واللحظة المصيرية للقضية الفلسطينية
  • استطلاع رأي: الغالبية العظمى من اليهود في إسرائيل يؤيدون تهجير سكان غزة