بدلا من إطلاق الاتهامات بالتخوين وإشاعة الإحباط، يجب أن نعمل على الضغط لتحقيق أهداف محددة وفي استطاعة البرهان وقادة الجيش تنفيذها (مع الضغط اللازم لذلك).

أولا يجب تشكيل حكومة بصلاحيات حقيقية، برئيس وزراء له سلطة واستقلال يمكنه من الالتحام بالشعب وتوظيف طاقاته في الحرب عبر المقاومة الشعبية وكذلك توظيف طاقاته الأخرى والضرورية لأجل الاستمرار في الحرب والانتصار فيها.

فنحن لا نحارب مليشيات الجنجويد والمرتزقة إلا بوصفهم أدوات يجري استخدامها لتدمير الدولة وتركيع شعبها. وإذا كان العدو قد فشل عسكريا حتى الآن، إلا أنه نجح بالنسبة للأهداف الأخرى المتعلقة بتدمير الدولة وتعطيل قواها وضرب المجتمع السوداني. ولنكون واضحين، إذا استمر هذا الوضع، ونحن نواجه دول بكامل قواها الاقتصادية والسياسية فلن نصمد وستنهار الدولة. لا يمكن أن نستمر في حرب طويلة بنفس هذا الوضع السائل، حيث لا حكومة، لا دور للشعب إلا من خلال استجداء قادة الجيش، دولة معطلة، لا أحد يقيم أو يحاسب أداء الدولة ولا أداء الجيش نفسه. لذلك يجب انهاء احتكار الدولة والقرار الوطني بواسطة القيادة الحالية وتكوين حكومة حقيقية تتجلى خلالها إرادة الشعب كما يجب أن يدافع شعب عن نفسه في معركة شاملة ووجودية. من الواضح أن القيادة الحالية للدولة ممثلة في مجلس السيادة والحكومة دون مستوى التحدي.
تشكيل الحكومة قد يكون مخرج للبرهان نفسه ولقيادة الجيش، فهم من جهة سيشركون الشعب في الحرب بشكل حقيقي من خلال الحكومة التي ستتولى حشد طاقاته وتوظيفها بشكل صحيح، ومن جهة أخرى يتخلصون من الضغوط والاتهامات المستمرة وكذلك من الاحتقان داخل الجيش نفسه. الغضب الشعبي مع الاخفاقات التي تحدث هنا وهناك مع طول أمد الحرب كل هذه عوامل قد تقود لإنقلاب عنيف أو انشقاقات في الجيش أو لتمرد شعبي على الدولة نفسها. تشكيل الحكومة سيمنع كل ذلك.

يستمر الجيش في عمله العسكري، وسيكون من الأفضل للبرهان ولقادة الجيش لو تم تشكيل مجلس عسكري موسع ينهي حالة الاحتكار للقرار في الجيش نفسه ويضع حدا لكل الشكوك والمخاوف، ويعالج كذلك الخلل والتقصير والذي تورطت فيه القيادة الحالية للجيش؛ فهي في النهاية تتحمل جزء كبير من المسئولية فيما وصلنا إليه اليوم، من تمدد الدعم السريع إلى التفريط في الأمن القومي والسماح باختراق البلد وغير ذلك من الفشل والتقصير خلال الفترة الانتقالية وقبل الحرب، دعك عما حدث بعد ذلك. يجب أن تعلم قيادة الجيش أنها تتحمل الجزء الأكبر من المسئولية في كل الدمار والخراب والأورواح التي ذهبت والانتهاكات للعروض والتشريد والإفقار وكل مآسي الحرب التي حلت بالشعب السوداني، القيادة مسئولة لأنها فشلت في مهمتها الأساسية المتمثلة في حماية الدولة والمواطن وذلك بغض النظر عن حجم المؤامرة.

صحيح الجيش كمؤسسة صمد وقاتل وصحيح أن قيادة الجيش نفسها صمدت وقاتل وما زالت تقاتل ولكن يجب أن تعلم أن كل هذا لا يعفيها من المسئولية ناهيك عن أن يمنحها مكافأة باحتكار البلد وقرارها في لحظة هي أحوج ما تكون فيه لطاقات كل شعبها. لقد فشلت قيادة الجيش في حشد وتوظيف طاقات الشعب لأن هذه أساسا مهمة سياسية يجب أن يقوم بها السياسيون وقادة المجتمع وليس العساكر الذين ينحصر تخصصهم في المجال العسكري.
لن ننتصر في هذه الحرب اذا ظلت طاقات الشعب معطلة وقرار الحرب والسلام بيد مجموعة محدودة من العساكر الذين لم ينتخبهم أحد ولا يخضعون لمحاسبة أحد، وهم في النهاية عسكر وليسوا ساسة؛ عسكر جاءت بهم ملابسات ثورة ديسمبر الفوضوية ووثيقة كورنثيا والشراكة سيئة الذكر. كان يمكن لتاريخ السودان أن يكون مختلفا بعد أبريل 2019 لولا هؤلاء العساكر ومعهم بالطبع شركاءهم السابقين وحميدتي.

الخلاصة، يجب تشكيل حكومة بمهمة محددة هي بعث الروح من جديد في حطام الدولة وقيادة الشعب نحو الانتصار في الحرب، وذلك بالتوافق مع مؤسسة الجيش. و كذلك يجب تكوين مجلس عسكري موسع تمثل فيه كل وحدات الجيش ينهي حالة الاحتكار الحالية للجيش والدولة بواسطة عساكر مجلس السيادة ويعيد الثقة للشعب في جيشه والتي اهتزت كثيرا.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الجیش نفسه فی الحرب یجب أن

إقرأ أيضاً:

سفير مصر الأسبق بدمشق: سوريا تحتاج توحيد الفصائل لتحقيق الاستقرار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال السفير حازم خيرت، سفير مصر الأسبق بدمشق، خلال ندوة نظمتها لجنة الشؤون الخارجية بنقابة الصحفيين برئاسة الكاتب الصحفي حسين الزناتي، إن الشعب السوري العظيم مر بمحنة كبيرة خلال حكم حافظ الأسد ونجله بشار، معربًا عن أمله ألا تتكرر هذه المعاناة مرة أخرى، ومؤكدًا أن سوريا ستظل "قلب العروبة النابض".

وأضاف خيرت أن عمله الدبلوماسي في سوريا، الذي بدأ بعد استئناف العلاقات بين البلدين عام 1977 إثر زيارة الرئيس السادات للقدس، أتاح له فرصة التعرف على تركيبة المجتمع السوري بكل أطيافه وطبيعته الطائفية، مشيرًا إلى دوره في تعزيز العلاقات الثنائية خلال الفترة الأولى سنة 2003 من خدمته بالسفارة، ثم عودته مجددًا إلى دمشق عام من 2007.

وأشار إلى أن حكم الأسد الأب والابن كان ديكتاتوريًا واستبداديًا، حيث فرض النظام قبضة حديدية على الطائفة السنية، وقمع بشدة كل من خرج عن سياقه، سواء بالاعتقال أو القتل. ورغم هذه القبضة الأمنية، كانت هناك أجواء من المحبة بين مكونات الشعب السوري المختلفة.

وفي حديثه عن سقوط نظام بشار الأسد، قال خيرت إنه لم يكن يتوقع انهياره بتلك السهولة على يد الفصائل المسلحة بقيادة أحمد الشرع ، الذي قدم خطابًا جديدًا ونهجًا مختلفًا عن الفكر الجهادي التقليدي، مما مكّنه من التفاوض مع الأطياف العلوية وتقريب وجهات النظر بينها.

ورغم ذلك، أبدى قلقه من مرحلة ما بعد الأسد، متسائلًا عن قدرة الشرع على توحيد الفصائل المسلحة تحت مظلة واحدة وتطبيق نظام مدني دون التعرض لانقلاب داخلي. 

كما أعرب عن تخوفاته من صعود الإسلام السياسي المرتبط بتنظيمات مثل القاعدة وداعش، وهو ما يثير قلق الشارع المصري من تداعيات الوضع في سوريا.

وأوضح السفير أن هناك استياء لدى بعض السوريين من موقف مصر الذي لم يعكس حماسة كبيرة تجاه سقوط نظام بشار الأسد، رغم فرحة الشعب السوري العارمة بهذا الحدث. لكنه أشار إلى أن أبعاد المرحلة القادمة لا تزال غير واضحة، متسائلًا عن الدور التركي والروسي المتوقع، وما إذا كانت روسيا ستحتفظ بوجودها العسكري في سوريا أو ستفقد نفوذها، وكذلك مدى استمرار الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وأكد خيرت أن فرحة الشعب السوري بسقوط النظام مبررة، لكنها تفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول مستقبل البلاد واستقرارها السياسي.

مقالات مشابهة

  • قرار جمهوري!!
  • اللافي لوزير الخارجية السوري: حكومة الدبيبة تدعم الشعب السوري وحكومته الحالية
  • سفير مصر الأسبق بدمشق: سوريا تحتاج توحيد الفصائل لتحقيق الاستقرار
  • تونس: نشيد بجهود القيادة السياسية المصرية في دعم القضية الفلسطينية
  • الأخطار الأفدح تحت ركام الحرب..!
  • علاء عابد: العفو الرئاسي عن أبناء سيناء يعكس حرص القيادة على دعم الشعب
  • سعيًا لتحقيق أهداف مبادرة “السعودية الخضراء”.. نائب أمير تبوك يطلق حملة نثر البذور في مراعي المنطقة
  • موعد مباراة الزمالك وطلائع الجيش
  • الجيش يتسلم كل مواقع القيادة العامة الفلسطينية
  • رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام يلتقي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة