القدس المحتلة- حمّلت أوساط إسرائيلية حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية عن اعتراف النرويج وأيرلندا وإسبانيا بدولة فلسطين، واعتبرت ذلك انتصارا للرواية الفلسطينية و"صدمة سياسية" لم تشهدها تل أبيب من قبل.

وأرجع محللون إسرائيليون خطوات الدول الثلاث إلى الإخفاق المتواصل للدبلوماسية الإسرائيلية منذ معركة "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويُعتقد في الأوساط السياسية أن الخارجية الإسرائيلية تفتقد لأي خطة عملية من شأنها وقف اعتراف المزيد من دول العالم بدولة فلسطين.

المدن الغربية تشهد مظاهرات متواصلة تضامنا مع الفلسطينيين ومناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة (رويترز) خطوات انتقامية

وبدت حكومة نتنياهو عاجزة عن مواجهة هذه الخطوة التي ردت عليها بالانتقام من الفلسطينيين عبر الإعلان عن توسيع الاستيطان وإلغاء "قانون فك الارتباط" في عدد من المستوطنات المخلاة منذ عقدين بشمال الضفة الغربية، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على السلطة الفلسطينية.

وتعتزم الحكومة الإسرائيلية عقد جلسة فورية لـ"مجلس التخطيط والبناء" للتصديق على إقامة 10 آلاف وحدة سكنية في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، بما في ذلك المنطقة "إي 1"، وهي المنطقة المخططة لمشروع استيطاني يهدف إلى ربط القدس بعدد من المستوطنات الواقعة شرقها في الضفة.

وستمنح الحكومة الإسرائيلية مجلسها الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت) تفويضا لـ:

إقامة مستوطنة جديدة في الضفة مقابل كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية. إلغاء الاتفاق الذي يقضي بتحويل أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية عبر النرويج. إلغاء جميع تصاريح كبار الشخصيات من مسؤولي السلطة الفلسطينية بشكل دائم. فرض عقوبات اقتصادية على مسؤولي السلطة وعائلاتهم. عدم تحويل عائدات الضرائب من البضائع التي تصل الموانئ للفلسطينيين.

تل أبيب تستدعي سفراءها في #إسبانيا وأيرلندا والنرويج فورًا من أجل التشاور حول قرار الدول الثلاث بالاعتراف بالدولة الفلسطينية#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/nXpWHGaTHW

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) May 22, 2024

وفي خطوة تعكس عجز حكومة نتنياهو لمواجهة ما وُصف بـ"تسونامي" الاعتراف بدولة فلسطين سارع وزير الخارجية يسرائيل كاتس إلى استدعاء سفراء تل أبيب في مدريد ودبلن وأوسلو للمشاورات مع الإبقاء عليهم في إسرائيل.

وكذلك الأمر:

استدعاء سفراء الدول الثلاث لدى إسرائيل إلى جلسة "توبيخ". فرض المقاطعة عليهم بعدم استدعائهم لأي مراسم دبلوماسية احتفالية. الحد من تحركات وتنقل دبلوماسيي هذه الدول في الضفة الغربية أو الاتصال والتواصل مع السلطة الفلسطينية. ناشطتان في مظاهرة ضد العدوان الإسرائيلي على غزة وسط العاصمة الإسبانية مدريد (الفرنسية) فشل دبلوماسي

واتفق محللون سياسيون على أن اعتراف الدول الثلاث بالدولة الفلسطينية يعكس الفشل الدبلوماسي للمؤسسة الإسرائيلية الذي يضاف إلى الإخفاق الاستخباراتي والعسكري في المستويين السياسي والأمني، ولا سيما في منع الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة" وبلدات إسرائيلية في غرب النقب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعتقد مراسلة الشؤون السياسية في القناة الـ11 الإسرائيلية غيلي كوهين أن خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية ستكون لها تداعيات سلبية على العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وقد تكون انتكاسة للتعاون في مختلف المجالات التجارية والاقتصادية والصناعية والأكاديمية.

وقالت كوهين إن الفشل الدبلوماسي واضح للغاية، فبعد 8 أشهر من "أحداث 7 أكتوبر" تواجه إسرائيل فشلا آخر هذه المرة على الساحة السياسية الدولية، خاصة بعد صدور مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، و"تسونامي" الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل دول أوروبية، ورفع مكانة السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وإمكانية إصدار محكمة لاهاي قرارا بوقف إطلاق النار في غزة.

وتقول المراسلة "من ظن في الحكومة الإسرائيلية أن القضية الفلسطينية مجرد شوكة أو قضية سياسية هامشية يستطيع اليوم بعد اعتراف دول أوروبية بفلسطين أن ينظر في المرآة ويسأل نفسه: كيف تواجه إسرائيل كل هذه الأزمات، حتى بعد الحرب التي خاضتها ضد إرادتها دفاعا عن وجودها؟".

عزلة وضعف

وبدا المحلل السياسي بن كاسبيت أكثر صرامة وانتقادا لحكومة نتنياهو، حيث حمّلها خلال البرنامج الإخباري على راديو تل أبيب المسؤولية الكاملة عن الخطوات التي تقوم بها دول أوروبية، مخاطبا رئيس الوزراء الإسرائيلي بالقول إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "مجرد بداية في التوجهات العالمية".

وأشار بن كاسبيت إلى أن "3 دول اعترفت بالدولة الفلسطينية قبل إنشائها، وهذه مجرد بداية "التسونامي"، مضيفا "خلال الأشهر الثمانية التي قضاها هذا الضعيف نتنياهو في السلطة مع حكومته اليمينية أصبح حلم الشعب الفلسطيني حقيقة، فيما العزلة الدولية لإسرائيل هي الأكبر على الإطلاق، والرأي العام الدولي هو الأكثر تعاطفا مع حماس".

ووصف المحلل السياسي الاتجاه الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين بـ"إخفاق 7 أكتوبر سياسيا"، قائلا إن "فشل نتنياهو الساحق لا يعرف حدودا".

وبرأي المحلل، فإن ما نجح فيه نتنياهو لمدة 16 عاما بترحيل الصراع مع الفلسطينيين دون تسوية أو حسم فشل وانفجر في وجه شعب إسرائيل في العام الـ17.

وأقر بن كاسبيت بالقول "تمكنا من طرد حلفائنا وتحويل أنفسنا إلى دولة منبوذة في أطراف العالم الثالث، ويعود الفضل بذلك إلى نتنياهو الذي يُعرف ذاته بسيد الأمن".

عقوبات وتداعيات

من ناحية أخرى، تحدث مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" للشؤون السياسية إيتمار آيخنر عن توجه وزارة الخارجية الإسرائيلية لدراسة سلسلة من الإجراءات العقابية ضد الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية.

فبعد استدعاء سفراء النرويج وأيرلندا وإسبانيا لـ"توبيخهم" ردا على إعلان بلدانهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية يقول آيخنر "تتجه الخارجية الإسرائيلية إلى منع إصدار التأشيرات والوثائق الدبلوماسية للسفراء في المكاتب التمثيلية الأوروبية في السلطة الفلسطينية، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يعرقل أنشطة الدبلوماسيين الأوروبيين قبالة الفلسطينيين، لكنه لن يمنع ذلك بالضرورة".

وقدّر مراسل الشؤون السياسية أن خطوة اعتراف الدول الثلاث بالدولة الفلسطينية ستكون لها تداعيات سلبية على العلاقات الدبلوماسية بين هذه الدول وإسرائيل، حيث رجح أن ذلك لن يتوقف عند استدعاء سفراء تل أبيب للتشاور، بل الإبقاء عليهم في البلاد، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي في هذه الدول.

ولفت إلى أن الخارجية الإسرائيلية تتعامل بنوع من الحذر مع إسبانيا، ولكن في ما يتعلق بالنرويج وأيرلندا "تفحص تل أبيب إمكانية عدم إعادة السفراء الإسرائيليين إليهما، وخفض مستوى العلاقات بين البلدين، وإغلاق القنصلية الإسرائيلية في دبلن وأوسلو، ورفض طلب كبار المسؤولين من الدول التي أعلنت الاعتراف بالدولة الفلسطينية لزيارة إسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الاعتراف بالدولة الفلسطینیة الخارجیة الإسرائیلیة السلطة الفلسطینیة بدولة فلسطین الدول الثلاث تل أبیب

إقرأ أيضاً:

فلسطين تطالب مجلس الأمن بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية وحماية حل الدولتين

طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الاثنين، مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية تجاه معاناة شعبنا واتخاذ ما يلزم من الإجراءات والخطوات النافذة لحماية حل الدولتين، وبوقف حرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا.

وأدانت الوزارة، حرب الإبادة والتهجير التي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها ضد شعبنا لليوم الـ437 على التوالي، وكذلك التصعيد الحاصل في مجازر الاحتلال واستهدافه لمدارس الإيواء في قطاع غزة، ونسف المربعات السكنية وتدمير مقومات الحياة في القطاع، لدفع سكانه إلى الهجرة وتحويله إلى أرض غير صالحة للحياة البشرية.

كما أدانت جرائم الاحتلال المتواصلة في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، بما في ذلك جرائم هدم المنازل والمنشآت والتطهير العرقي لجميع مظاهر الحياة الفلسطينية في أغلبية مساحة الضفة، حيث تصاعدت في الأيام الأخيرة جريمة إبادة المنازل وهدمها كما يحصل في حي البستان في سلوان ودير شرف ودير الغصون وسلفيت وعناتا وغيرها من المواقع، بشكل يترافق مع شق المزيد من الطرق الاستعمرية الضخمة لربط المستعمرات ببعض، والتهام المزيد من أراضي المواطنين، وفي ظل حملة اعتقالات شرسة متواصلة تطال يومياً العشرات من أبناء شعبنا، في سباق إسرائيلي واضح مع الزمن لتقويض أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، عبر تقطيع أوصال الوطن الفلسطيني، وضرب وحدته الجغرافية والديموغرافية والسياسية.

وحمّلت الوزارة، المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن نتائج صمته عن انتهاكات الاحتلال وجرائمه، واعتبرته تواطؤا يشجع اليمين الإسرائيلي الحاكم على تنفيذ المزيد من مخططاته الاستعمارية، وفرض نظام فصل عنصري (أبرتهايد) على شعبنا في فلسطين المحتلة، وأنه يوفر له الغطاء للإمعان في تدمير ثقافة السلام وفرصة تطبيق مبدأ حل الدولتين، بما يؤدي إلى تعميق دوامة الحروب والعنف.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تنفي زيارة نتنياهو السرية لمصر
  • رسالة قوية من مصر وإندونيسيا للممارسات الإسرائيلية في فلسطين
  • «الجامعة»: الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية خطوة مهمة
  • أبو الغيط : الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية خطوة مهمة
  • الجامعة العربية تؤكد أهمية اعتراف الحكومة الفرنسية بالدولة الفلسطينية المستقلة
  • ناشطة يمنية: إذا أعلن الحوثيين وقف العمليات العسكرية ضد إسرائيل سيتم الاعتراف بهم دولياً وتسليمهم السلطة والثروة في اليمن
  • الاعتراف بالدولة الفلسطينية في صميم محادثات أبو الغيط مع الشيوخ الفرنسي
  • أبو الغيط لوفد "الشيوخ الفرنسي": الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة مهمة لحل الدولتين
  • أبو الغيط لوفد مجلس الشيوخ الفرنسي: العرب ينتظرون اعتراف بلدكم بدولة فلسطين
  • فلسطين تطالب مجلس الأمن بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية وحماية حل الدولتين