لماذا الحاجة لمعرفة الغرب بعد الحراك الشعبي؟
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
لا شك أن معرفة الغرب معرفة كاملة وشاملة من داخله فكرا وفلسفة وثقافة، أصبحت من المطالب المهمة للعرب والمسلمين، خاصة بعد الحراك الشعبي الكبير من الجيل الجديد في الغرب، دعما للحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، كما سنذكر تاليا: فلماذا نريد معرفة الغرب راهنا ومستقبلا؟ هذا ما نريده من أصحاب الرؤى الفكرية والمتخصصين في معرفة أوسع بصفة عامة، خاصة من داخله والقوى الفاعلة في ثقافته، ممن لهم اهتمام بالغرب في المجالات الفكرية والسياسية والثقافية والنفسية وغيرها من المجالات، وليس الأفكار الظاهرة على السطح، وأن تكون دراسة صادقة وواعية، بعيدا عن الأحكام المسبقة، أو ما يتطلبه الفكر العلمي المحايد، لينظر في هذا الجانب، بمقاييس حياته وتفكيره ورؤيته للآخر المختلف.
ونحن في مقالنا نناقش قضية ما سمي بـ(الاستغراب) معرفة الغرب، أو يسميه البعض بـ «غربولوجيا»، فلا نقصد منه اتباع ما قام به الغرب من إنشاء الاستشراق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، في معرفة الشرق، فالغرب كانت له غايات وأهداف ـ تختلف عما نحن نهدف إليه ـ في هذه المعرفة، فقد كان هدفه الغزو والسيطرة على الشرق، لمعرفة بلاد العرب والمسلمين، ومعرفة المسالك والمداخل، والعادات والتقاليد وسبل العيش، إلى آخر المعارف، التي يريدها من المستشرقين الذين سبقوا الحملة الاستعمارية، ووضعوا الخرائط والأماكن والطرق له، فالهدف منه لم يكن علميا خالصا، بل له مراميه وأهدافه تحققت بالفعل كما أشرنا آنفا، بعد وصول جحافل المستعمرين، وتم هذا في ظل ظروف المنطقة آنذاك والتراجع الكبير في مجالات كثيرة: التأخر والتخلف والتراجع، وأسبابها كثيرة، ليست مجال حديثنا في هذا المقال.
ما نريده في معرفة الغرب الآن ومستقبلا، هو نظرة جديدة للغرب بعد أحداث السابع من أكتوبر العام الماضي، وليس هنا، مقابلة الاستشراق بالاستغراب كما طرح البعض سابقا، فلا تقارب بين هذين الهدفين، فليست المعرفة كما نراها في الغرب هدفا للغزو، ولا كراهية في تقدمه ونهضته، بل الأمر مختلف تماما، فمعرفتنا للغرب بالنسبة للعرب والمسلمين، الاقتراب من داخله، ولماذا هذا التغير في نظرة الغرب للعرب والمسلمين، خاصة شباب الجامعات العريقة في الغرب والولايات المتحدة وهذا الحراك الضخم الذي لم يكن أحد ليتوقعه، خاصة أن أحكامه السابقة لنا كانت عكس هذا التوقع؟ فالغرب عندما تلقف فكر الاستشراق والباحثين المسيّسين، وتأثير المؤسسات الصهيونية في الغرب، جعلت الكثير من الغربيين، ينظرون نظرة توجس وارتياب، أو ما يسميه البعض بـ(إسلاموفوبيا)، وهذه بلا شك أسهمت في زيادة الارتياب من العربي خاصة والمسلمين.. فكيف حصل هذا التغيّر في الجيل الجديد في الغرب تجاه ما حصل في غزة؟ فالبعض عزا هذا الحراك والتعاطف من الأجيال الجديدة في الغرب، مع ما يجري ضد الشعب الفلسطيني في غزة، حيث إن تلك الأفكار السلبية تجاه العرب والمسلمين، لم تعد لها أثر في هذا الجيل من الشباب الغربي الجامعي، وتراجع تأثير كتابات الغربيين من المستشرقين، لم تعد حاضرة في عقول هذه الأجيال، وهو جيل التقنيات الجديدة، وأصبحت المعرفة حاضرة بالصوت والصورة من خلال هذه الوسائل، وأنها ـ هذه الأجيال ـ تحررت من تلك النظرة السلبية التي غُرست في الأجيال السابقة بصورة أكبر من هذا الجيل.
والبعض الآخر من المهتمين يعزو بما جرى في الغرب من الحراك الشعبي من شباب الجامعات، والاعتصام ضد الإبادة الجماعية، ورفض ما تقوم به بعض الدول الغربية من تأييد لإسرائيل، دون النظرة الموضوعية المنصفة لما يجري من قتل وتدمير وتهجير، وما تبعها من ضرب البنية الأساسية في مدينة غزة لـ80% من المساكن والمؤسسات الصحية والتعليمية والمدارس ومؤسسات المجتمع المدني، وهذا ما جعل هؤلاء الشباب الجامعيين ينتفضون ويرفضون هذه الممارسات اللاإنسانية للأبرياء، ويعزو البعض الآخر سبب هذا الحراك الشعبي، كما قالوا: إن هذا الجيل الجديد اقترب من الشباب العربي المقيم في الغرب، أو الطالب الآتي من الشرق، فوجد أنهم يمتازون بالمعاملة الطيبة والخلق الرفيع وليس كما يبثه اللوبي الصهيوني في الغرب عنهم، كما ليس هناك ما يشين رؤيتهم وفكرهم، سواء في قضية التعامل مع الآخرين، أو في عقلانيتهم تجاه قضايا عامة يتفق عليها الجميع، والبعض الآخر يرى أن بعض الفلسطينيين والعرب المقيمين في الغرب ومن المسلمين في الغرب، وبعضهم أساتذة جامعيين، لعبوا دورا مهما في توعية هذه الأجيال من خلال طرح قضية فلسطين بالأخص، من خلال بسط تاريخ القضية التي حدثت في فلسطين عام 1948، ووعد بلفور وزير خارجية بريطانيا في إقامة وطن قومي لليهود، وأدى إلى طرد أصحاب الحق الأصلي من أرضهم، وحل محلهم اليهود، سواء من كان بعضهم في البلاد العربية ـ وهم أقلية ـ أو البعض الآخر الذين تم استجلابهم من أوروبا الغربية، ومن أوروبا الشرقية، هذه الحقائق تم تعزيزها بما حصل في غزة بعد السابع من أكتوبر، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والمعرفة من وسائل التقنيات الأخرى التي كشفت حقائق ما يجري في غزة، وهو ما كشف المستور من هذه الحقائق في هذا الجيل الجديد التي كانت غائبة عنه أو تم تغييبها.
فقضية معرفة الآخر، سواء الغرب الأوروبي، أو الشرق الآسيوي، أو غيرهم من الشعوب الأخرى، حاجة ماسة للمعرفة أكثر، والمعارف الهامشية أو السطحية، لا تعطي معرفة دقيقة وفاحصة عن الآخر، لكن المعرفة الجيدة والضرورية، تحتاج للغوص العميق في القاع، أو الحفر في مداخل هذه الشعوب، وهذه يمكن تحققها بمعرفة كاملة من خلال الاستقصاء المعرفي المتكامل، لأي شعب من الشعوب، لذلك هناك الجديد من الرؤية غير المتوقعة في الغرب، وقد ظهرت غير المتوقع حصولها، خاصة كما قلنا في الجيل الجديد، وهذه الأجيال هي عدة العدة التي سيكون لهم التأثير في الغرب كونهم من طلبة الجامعات في أغلبهم، ولهذا نحتاج بحق إلى معرفة ومتابعة واستقصاء جديد، ونحن بأمس الحاجة إلى الإنصاف في قضايانا المصيرية، وإعطاء صورة صادقة عن حقيقة الواقع الذي تم تحريفه في الغرب، من خلال مؤسسات فاعلة وقوية ومؤثرة. نعم هناك كتب صدرت قبل عقود من أكاديميين وباحثين عرب، تحمل قضية معرفة الغرب (الاستغراب)، لكنها كانت ناقدة له ولم تركز على معرفة الشعوب وركزت على الفلسفات والنظريات والعلوم المختلفة.. وللحديث بقية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحراک الشعبی الجیل الجدید هذه الأجیال البعض الآخر هذا الجیل فی الغرب من خلال فی غزة فی هذا
إقرأ أيضاً:
هل يجوز للفتاة صلاة قضاء الحاجة للزواج من شخص معين؟.. الإفتاء توضح
نشرت دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، مقطع فيديو أجابت فيه عن سؤال ورد إليها نصه: "هل يجوز صلاة الحاجة والدعاء بالزواج من شخص معين؟".
وجاءت الإجابة على لسان الدكتور عمرو الوردانى، أمين الفتوى بدار الإفتاء، الذى أوضح أنه لا مانع شرعًا من أن تصلى الفتاة ركعتين ثم تدعو الله بما تتمناه، بما فى ذلك الزواج من شخص بعينه، مؤكدًا أن هذا من الأمور الجائزة.
وأضاف الوردانى: "لكن الأولى والأفضل، وما تعلمناه من أهل العلم، أن تقول: اللهم إن كان هذا خيرا لى فوفقنى إليه، وإن كان غير ذلك فاصرفنى عنه"، فى إشارة إلى أهمية التفويض والتسليم لمشيئة الله.
كيفية أداء صلاة الحاجة
وفى السياق ذاته، كانت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف قد أوضحت الكيفية الصحيحة لأداء صلاة الحاجة، مشيرة إلى أنها من الصلوات المشروعة عند كثير من أهل العلم.
وأشارت اللجنة إلى ما رواه الإمام أحمد بسند صحيح عن أبى الدرداء، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلا أو مؤخرا".
كما أوردت اللجنة حديثًا رواه الترمذى عن عبد الله بن أبى أوفى، قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بنى آدم، فليتوضأ وليُحسن الوضوء، وليصلّ ركعتين، ثم ليُثن على الله، وليُصلِّ على النبى، ثم يدعو بهذا الدعاء المعروف الذى يجمع بين الثناء والاستغفار وطلب الخير من الله سبحانه وتعالى".
وعلى هذا ، يتضح أن صلاة الحاجة، والدعاء خلالها بما يتمناه القلب، ومنها الزواج من شخص معين، أمر مشروع، مع استحباب ترك الأمر لله واختيار ما فيه الخير.