على القادة الأوروبيين الانتباه من غفوتهم.. لقد تغير العالم
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
عندما جاء شي جينبينج إلى باريس قبل خمس سنوات مضت لزيارة ثنائية وجَّه ايمانويل ماكرون الدعوة لإنجيلا ميركل المستشارة الألمانية وجان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية وقتها للانضمام إلى المحادثات. اجتمعوا برجل الصين القوي كفريق أوروبي. وفي الأسبوع قبل الماضي استضاف ماكرون الرئيس الصيني شي مرة أخرى. لكن هذه المرة كانت أورسولا فون دير لاين، خليفة يونكر، هي الألمانية الوحيدة على طاولة المحادثات.
كان ذلك شيئا مؤسفا. فغياب شولتس عن قصر الإليزيه أضعف الرسالة حول إغراق الطاقة الإنتاجية المفرطة في الصين الأسواق الأوروبية، والتي تم نقلها إلى شي في عزم جديد بواسطة فون دير لاين ورئيس فرنسا. كما أظهر غيابه أيضا كيف يصعب لبعض القادة الأوروبيين استيعاب التغيرات الهائلة التي أحدثتها جائحة كوفيد 19 والحرب على أوكرانيا.
حتى عام 2022 اتبعت فرنسا وألمانيا سياسة الترضية نفسها تجاه روسيا. لكن الدروس التي استخلصها الآن قادة البلدين من تلك الأخطاء مختلفة.
لقد تم الترحيب عن حق برد الفعل الفوري لبرلين تجاه هجوم موسكو على أوكرانيا في فبراير 2022 الذي انعكس في خطاب نقطة التحول (زايتنفينده) الجريء الذي أدلى به المستشار وأشار فيه إلى مجيء «حقبة جديدة».
استثمرت ألمانيا الكثير في علاقتها بروسيا ولكن الآن من الممكن تصور قطعٍ تام للروابط معها رغم أن ذلك سيكون مؤلما.
خلال عام تخلصت ألمانيا من اعتمادها غير الصحي على الغاز الروسي. وثار سؤال هو: هل سيتبع أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي (اقتصاد ألمانيا) المنطق نفسه في علاقته مع الصين؟
سِجِلّ شولتس حتى الآن يقول بخلاف ذلك. ففي حين تشدَّد الاتحاد الأوروبي في موقفه تجاه الصين تبنى المستشار الألماني مقاربة العمل المنفرد والمستقل عن الآخرين رافضا اقتراح ماكرون بالقيام بزيارة مشتركة إلى بيجينج في عام 2022. وفي الشهر الماضي لم يقدم تنويرا لزملائه في المجلس الأوروبي حول زيارته الثانية إلى الصين عندما التقوا في بروكسل في اليوم الثاني من عودته. لقد اجتمع مع شي لأكثر من ثلاث ساعات لكنه أدلى بتصريحات قليلة اتسمت بنغمة تصالحية.
الغياب اللافت لوزيري الشؤون الخارجية والاقتصاد في وفد المستشار إلى الصين الذي ضم 12 ممثلا لكبرى الشركات الألمانية كان رسالة في حد ذاته. فالوزيران وكلاهما عضوان في حزب الخضر أكثر تشددا تجاه الصين وتجاه أوكرانيا. هذا يشير إلى الطبيعة السياسية للجدل حول السياسة الصينية في ألمانيا.
وكما هي الحال مع روسيا يبدو أن حزب الديمقراطيين الاجتماعيين (حزب شولتس) أو على الأقل جماعة مؤثرة فيه لم تبارح رؤية الارتباط عبر العلاقات الاقتصادية والتي تعود إلى القرن العشرين. هذه الرؤية موروثة عن رؤية المستشار الألماني ويلي براندت المعروفة باسم أوستبوليتيك (تعني السياسة الشرقية وتشير إلى مقاربة السياسة الخارجية التي انتهجتها ألمانيا الغربية بقيادة براندت تجاه بلدان أوروبا الشرقية وخصوصا الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة بهدف تطبيع العلاقات معها دبلوماسيا واقتصاديا وثقافيا وبسط الاستقرار في أوروبا- المترجم).
تقول ابيجيل فاسيلير المستشارة بمركز أبحاث الصين «ميريكس» ومقره في برلين: «الاعتماد الاقتصادي الهيكلي لألمانيا على الصين يتموضع في قلب هذه العلاقة. شولتس قاد هذه الزيارة وكأنما جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا لم يحدثا وكأن الاعتماد الاستراتيجي (على الصين) ليس قضية».
هذه الرؤية تغفل تغيرا هيكليا آخر يحدث في الاقتصاد العالمي. ففي تقرير نشر قبل أيام فقط من زيارة شولتس إلى الصين حذرت شركة التأمينات الألمانية «آليانز» من أن ألمانيا والصين تنتقلان من «التكامل إلى الإحلال» مع انتقال بعض الشركات الصينية إلى أعلى سلسلة القيمة وتفوقها على الشركات الألمانية.
هذا هو نوع التغيرات التي تدور في بال ماكرون عندما أعلن بطريقته المثيرة والمعتادة في خطاب الشهر الماضي أن الاتحاد الأوروبي في خطر «قاتل». فالزعيم الفرنسي مثله مثل شولتس وميركل كان يعتقد منذ فترة طويلة أن الارتباط بفلاديمير بوتين هو الوصفة الصحيحة إلى أن اضطرته الأحداث إلى مواجهة الواقع. واليوم يقول: هنالك حاجة لتحول أكثر جذرية، على كل الجبهات.
اتخاذ موقف يتسم بالمزيد من التشدد أكثر سهولة لفرنسا التي لدى شركاتها وجود أقل شأنا هناك من الشركات الألمانية. لكن موقف ماكرون تجاه الصين وروسيا كلتيهما الذي يتسق جدا مع وجهات النظر الحالية للمفوضية الأوروبية ينطلق من الفلسفة نفسها وهي أن العالم قد تغير وفي الغالب إلى الأسوأ وأوروبا بحاجة إلى أن تكون أكثر تشددا لمواجهة تلك الاتجاهات السلبية.
تندرج في مثل هذه الاتجاهات قوتان كبيرتان «ما عادتا تحترمان قواعد» التجارة الدولية وهما الولايات المتحدة والصين.
ينادي ماكرون باتباع «الغموض الاستراتيجي» تجاه روسيا، طارحا إمكانية إرسال قوات إلى أوكرانيا. ويروِّج لفكرة دفاع أوروبي أقوى يمكن تمويله بسندات اليورو.
يجب أن تحمي أوروبا نفسها وتفكر استراتيجيا.
معظم ذلك يعارضه بشدة شولتس وبعض القادة الأوروبيين الآخرين. هنالك مجال للنقاش حول أفكار ماكرون. وفي حين أن فرنسا قوة نووية إلا أنها لا تملك الرافعة الاقتصادية لألمانيا. لكن التشبث بنمط تفكير فات أوانه لن يثير انطباعا حسنا عند بوتين أو شي أو ترامب المتحرِّرِين من نير نظام عالمي قديم.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يوجه متابعة مرضى نقص الانتباه
قام باحثون من جامعة ستانفورد ببناء أداة ذكاء اصطناعي يمكنها قراءة آلاف الملاحظات الطبية في السجلات الطبية الإلكترونية، واكتشاف الاتجاهات، وتوفير المعلومات التي يأمل الأطباء والباحثون أن تعمل على تحسين الرعاية.
وتم تصميم أداة الذكاء الاصطناعي في طب الأطفال، لمعرفة ما إذا كان الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط قد تلقوا رعاية متابعة مناسبة بعد وصف أدوية جديدة لهم.
واستخدم فريق البحث رؤى الأداة لتحديد التكتيكات التي يمكن أن تحسن كيفية متابعة الأطباء للمرضى وأسرهم.
معلومات لا يكتشفها الأطباءووفق "مديكال إكسبريس"، من تحليل الذكاء الاصطناعي، التقط الباحثون معلومات لم يكن من الممكن أن يكتشفها الأطباء لولا ذلك.
مثلاً، رأى الذكاء الاصطناعي أن بعض الممارسات الطبية للأطفال كانت تسأل كثيراً عن الآثار الجانبية للأدوية أثناء المحادثات الهاتفية مع والدي المرضى، بينما لم تفعل الممارسات الأخرى ذلك.
وقال الباحثون: "هذا شيء لن تتمكن أبداً من اكتشافه من دون قراءة آلاف الصفحات، ولن يجلس أي إنسان ويفعل ذلك".
تحديد الثغراتوأضافوا: "هذا النموذج من الذكاء الاصطناعي يمكّننا من تحديد بعض الثغرات في إدارة اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط".
وأشار الباحثون إلى أن أداة الذكاء الاصطناعي ربما فاتتها بعض الاستفسارات حول الآثار الجانبية للأدوية في تحليلها، لأن بعض المحادثات حول هذه الالآثار ربما لم يتم تسجيلها في السجلات الطبية للمرضى، كما تلقى بعض المرضى رعاية متخصصة مع طبيب نفسي لم يتم تتبعها في السجلات الطبية المستخدمة في هذه الدراسة.
وتعتمد حوالي 80% من المعلومات في أي سجل طبي على الملاحظات التي يكتبها الأطباء حول رعاية المريض.
وعلى الرغم من أن هذه الملاحظات مفيدة للإنسان التالي الذي يقرأ مخطط المريض، إلا أن جملها الحرة يصعب تحليلها بشكل جماعي. ويجب تصنيف هذه المعلومات الأقل تنظيماً قبل استخدامها.
واستخدمت الدراسة السجلات الطبية لـ 1201 طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً، وكانوا مرضى في 11 عيادة رعاية أولية للأطفال في نفس شبكة الرعاية الصحية، ولديهم وصفة طبية لدواء واحد على الأقل لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وقد يكون لهذه الأدوية آثار جانبية مدمرة، مثل قمع شهية الطفل، لذلك من المهم للأطباء الاستفسار عن الآثار الجانبية عندما يستخدم المرضى الأدوية لأول مرة وتعديل الجرعات حسب الضرورة.