يكاد لا يمر يوم دون أن تصلنا مستجدات ملفتة حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات والأنشطة البشرية، وينطلق هذا الزحف التقني الثوري مدفوعا باستثمارات تكنولوجية ضخمة من جانب كبريات الشركات العالمية في دول مثل الولايات المتحدة والصين (وهناك سباق محتدم للاستحواذ على مكونات وممكنات وأشباه الموصلات في هذه التقنية بصورة شرسة مثل شركة انفيديا وإنتل وجوجل وميتا وأيه أم دي) وبحسب موقع ستاتيستا (Statista)، فإن سوق الذكاء الاصطناعي خلال هذا العام يتوقع أن يصل في الولايات المتحدة وحدها إلى نحو (50 مليار دولار) وفي الصين إلى (34 مليار دولار) تقريبا فيما يتوقع أن يصل في المملكة العربية السعودية إلى (ملياري دولار) ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى (950 مليون دولار) تقريبا.

وبعيدا عن الجانب الفني وتعقيداته، فإنه من الملائم التعريج على رأي الخبراء وإلقاء نظرة على واقع هذا الحراك الذي لم تشهد البشرية له مثيلا في تسارعه ومآلاته وغموضه. يشير تريستان هاريس وهو الشريك المؤسس لمؤسسة (The Center for Humane Technology) إلى القدرة الملفتة للذكاء الاصطناعي على تطوير نفسه وبمقاربة ذلك مع بقية الاكتشافات البشرية الكبرى مثل التطورات في القدرات والأسلحة النووية والتقدم اللافت في علوم الأحياء فإن هذه التطورات لا يمكنها مثلا أن تطور نفسها دون تدخل بشري لتصبح أسلحة أفضل أو علما متقدما بصورة أكبر بمعنى أنها لا تطور نفسها تلقائيا، في حين أن الذكاء الاصطناعي يطور نفسه أحيانا وبدون تدخل بشري بل إن العلماء أنفسهم لا يفهمون في بعض الأحيان كيف فعلها؟!.

من جانبه ينبه الخبير البريطاني من أصل سوري مصطفى سليمان الذي يشغل منصب رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي في شركة مايكروسوفت أن الذكاء الاصطناعي لن يستحوذ على الوظائف البشرية بالكامل في المستقبل القريب، ولكنه ينوه أيضا، أن الأمر غير ثابت وليس مسلما به على إطلاقه، فعلى سبيل المثال، كان يعتقد قبل سنتين أن الذكاء الاصطناعي ليس بمقدوره فهم التعاطف واللطف الإنساني، وقبل أربع سنوات لم يتقبل العلماء آنذاك أن هذه التقنية بوسعها أن تكون مبدعة وخلاقة للأفكار الإبداعية وهو ما ثبت عدم دقته أمام التطورات الجديدة التي نسفت هذا التصور. نشر الرجل كتابا مهما حول أهمية احتواء وتنظيم وتقنين مسار وحدود الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته قبل أن تواجه البشرية تداعيات خطرة جراء ذلك.

وفي مثال آخر حول مفاجآت الذكاء الاصطناعي، فقد كان من الملفت أن يشارك الدبلوماسي والعالم السياسي الشهير المخضرم الراحل ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر (كان عمره 98 سنة وقتها) في تأليف كتاب «عصر الذكاء الاصطناعي ومستقبلنا البشري» إلى جانب أريك شميت الرئيس التنفيذي لشركة جوجل في الفترة من 2001 إلى 2011 ودان هاتنلوتشر عميد كلية شوارزمان للكمبيوتر بجامعة (MIT) وهو الكتاب الذي تناول جوانب خطيرة في مسألة الذكاء الاصطناعي ببعدها المعرفي والفلسفي والإنساني والأخلاقي، ولا يتسع المقام لاستعراض الإضاءات المهمة والمحذرة للكتاب في هذا الجانب، ولكنه يشير إلى أمثلة تعتبر الآن ربما بسيطة قياسا بالتطبيقات الخطيرة للذكاء الاصطناعي مؤخرا، مثل ابتكار شركة جوجل لبرنامج (AlphaZero ) للشطرنج والذي نجح بعد «تدريبه» لمدة أربع ساعات فقط! من هزيمة أشهر لاعبي الشطرنج في العالم بكل سهولة والمثال الآخر نجاح فريق من باحثي جامعة (MIT ) عبر الاستعانة بالذكاء الاصطناعي من استخراج مضاد حيوي للبكتيريا المؤذية أسموه ( Halicin ) ونجح في الكشف عنه من إجمالي 61 ألف خيار كيميائي في فترة وجيزة بعد أن أعطي تعليمات بأن يكون المضاد المستخرج يتناسب مع معايير هيئة الدواء الأمريكية وغير سام وفعال! (يشير الباحثون أنه لولا مساعدة الذكاء الاصطناعي فإنه من المحتمل ألا يتم اكتشاف هذا المضاد مطلقا!. نظرا لتعقيد المسألة وكلفتها وطول أمدها المعتاد في حقل البحوث الدوائية و الصيدلانية المعقد).

على صعيد تهديد الذكاء الاصطناعي للوظائف بوضعها التقليدي الراهن، فإن تقريرا لصندوق النقد الدولي ظهرت مقتطفات منه في «البي بي سي» بتاريخ 14 يناير 2024، أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على وظائف أربعة موظفين من أصل عشرة على مستوى العالم وسيقفر الرقم إلى ستة موظفين من كل عشرة في الاقتصادات المتقدمة. وفي استطلاع استهدف أوساط الاقتصاديين نشره المنتدى الاقتصادي الدولي ( WEF) أشار نصفهم بأنهم يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي ستكون له «تداعيات تجارية مؤثرة» (commercially disruptive) بمعنى أنها ستطال في تأثيراتها الحادة وستغير جوانب تشمل الممارسات التجارية الراهنة والنماذج التجارية والأسواق بنسبة تصل إلى 43% قياسا بعام 2023. في ذات السياق، حذر آراتي برابهكار (Arati Prabhakar ) وهو رئيس سياسات قطاع العلوم والتقنية بالبيت الأبيض في منتدى دافوس بتاريخ 17 يناير الماضي، أن الذكاء الاصطناعي هو «التقنية الأخطر على الإطلاق في عصرنا هذا وينبغي أن تضبط وكذلك إدارة المخاطر المترتبة على استخداماتها».

وهنا لا بد من طرح أسئلة حول ما الذي يمكن عمله على المستوى الوطني العماني في تعزيز جاهزية البلاد ومرونتها للتكيف مع استحقاقات مرحلة إنسانية جديدة تمثل فيها الآلة والأنظمة والذكاء الاصطناعي «ممكنات» وربما «بدائل» وربما «حتميات» يصعب الاستغناء عنها في ظل وجود تهديدات جدية حول مستقبل الوظائف البشرية بشكلها التقليدي الراهن؟!، والأهم من ذلك إذا كنا نواجه تحديات في توسعة الاقتصاد وسوق العمل لخلق فرص عمل مجدية لشباب وشابات عمان في الوقت الراهن، فكيف سنواجه حتميات التكيف مع تطورات ثورية يدشنها الذكاء الاصطناعي دون توقف على كافة الأصعدة؟ علما أن المساعد الشخصي « GPT-4o» الذي أطلق منذ أسابيع قليلة مجرد مثال بسيط لما ينتظرنا من تطبيقات شخصية أو تجارية أو صحية أو قانونية أو عسكرية (قدرة الذكاء الاصطناعي على إطلاق الأسلحة واتخاذ قرارات العنف والقتل دون الرجوع للبشر مثلا) وهو أمر يستهدف معظم ما كان يعتقد البشر أنه نشاط بشري صرف. ولا يفوتني التنويه، أن معظم أعمال صناعة المحتوى الإعلامي والرقمي والأكاديمي أصبحت تحت تأثير برامج الذكاء الاصطناعي إلى درجة ملفتة وتتجاوز البشر سرعة وجهدا ومنتجا!.

من المبهج في هذا السياق، أننا نرى حراكا وطنيا باعثا على التفاؤل، منذ أن أطلق جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - توجيهاته السامية بإعداد «برنامج وطني للذكاء الاصطناعي» في نوفمبر 2023 ولقي إشادة واسعة من المختصين الذي وجدوا في تلك التوجيهات منطلقا وإطارا وطنيا ساميا يليق بعُمان في سبيل تطوير «تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين حياة المواطنين» و«إحداث تطورات كبيرة في مجال التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات» وفق تصريحات بعض الخبراء العمانيين المنشورة في جريدة الرؤية بتاريخ 14 نوفمبر 2023.

إن الفيصل في الأمر هو ضرورة الانطلاق إلى مرحلة التنفيذ والمشاركة الفعالة للاستفادة من معطيات هذه التقنيات الثورية وتفادي أن تتحول هذه الاستحقاقات إلى «فعاليات» أو «هبة جديدة» في تلك الوحدة أو المؤسسة دون أن تنتج واقعا ملموسا على مستوى الوطن وحراكه وتطلعه نحو المستقبل، وكذلك أهمية دراسة طبيعة ومتطلبات التأهيل والتدريب المناسب للتكيف مع استحقاقات سوق العمل الوطني والإقليمي والدولي وحاجته لمهارات جديدة تدور في معظمها حول فلك التمكن من أدوات الذكاء الاصطناعي (إعلانات الوظائف على منصة «لينكد إن» التي تشترط مهارة التعامل مع برامج الذكاء الصناعي أو الذكاء الاصطناعي التوليدي ارتفعت أكثر من الضعف خلال الفترة من يوليو 2021 إلى يوليو 2023 بحسب المنشور في موقع «سي أن بي سي» بتاريخ 4 أكتوبر 2023) وبالتالي تمكين القوى العاملة الوطنية بهذه المهارات والسعي لخلق فرص عمل جديدة مبتكرة لأبناء وبنات عمان واستغلال تلك التقنيات لإيجاد حلول مبتكرة على الصعيد الوطني لكثير من الإشكاليات الحالية في خضم تنافس محموم وزحف لا يتوقف لهجمة هذه التقنيات الثورية على طبيعة الأنشطة البشرية الراهنة ونقل الحياة الإنسانية لحقبة جديدة لا نملك لغاية الآن إجابات واضحة حول ماهيتها وجوهرها ومآلاتها، وتحت وطأة التباس المسافة والأسئلة والحدود بين الإنسان والآلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

من سيفوز بالانتخابات الأميركية؟.. هذا جواب الذكاء الاصطناعي

في خضم الترقب العالمي لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، أصبح دور الذكاء الاصطناعي مثيرًا للاهتمام كأداة يمكنها تحليل البيانات وتقديم رؤى قد تكون دقيقة حول الفائز المحتمل. ومع تزايد الاعتماد على الأنظمة الذكية في مجالات متعددة، يتساءل كثيرون عما إذا كانت هذه الأدوات قادرة على تقديم توقعات دقيقة فيما يتعلق بالانتخابات، خاصة في ظل التعقيدات والتقلبات التي تميز المشهد السياسي الأميركي.

من خلال تحليل بيانات استطلاعات الرأي، وتحليل التوجهات التاريخية للولايات المتأرجحة، ومحاولة التنبؤ بسلوك الناخبين، يُطرح سؤال أساسي: هل الذكاء الاصطناعي قادر حقًا على التنبؤ بنتائج هذه الانتخابات الحاسمة؟ وهل هناك قيود تحد من دقة التوقعات الصادرة عنه؟ في هذا الموضوع، نستعرض كيف يتعامل الذكاء الاصطناعي مع هذه المسألة، ونتأمل في حدود قدرته على التنبؤ في سياق ديناميكي وغير ثابت كالانتخابات الأميركية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نتائج انتخابات الولايات المتحدة الرئاسية 2024 مباشرExternal Linkسيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدةlist 2 of 2موعد إعلان نتائج الانتخابات الأميركيةend of list

قامت الجزيرة نت بتجربة تطبيقات متنوعة للذكاء الاصطناعي لاستكشاف رأيهم بمن سيفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس أم دونالد ترامب، وتم الحديث مع نماذج عديدة منها الشهيرة وغير الشهيرة، مثل: تشات جي بي، جيميناي، بو، كوبيلوت، وغيرها.

بحسب خبرة سابقة، فإن نماذج الذكاء الاصطناعي في عمومها مدربة على حساسيات ثقافية وسياسية معينة، ومع الممارسة يمكن للخبير أن يقدر كيف ينبغي أن تدخل في حوار معها دون أن ترفض هذه النماذج الحوار منذ البداية، ولهذا فقد بدأنا الحديث معها كي يبدو الحديث وكأنه دردشة عام، فبدأنا بسؤال عام هو "العالم ينظر اليوم إلى الولايات المتحدة. كل العيون على صناديق الاقتراع".

جيميناي من غوغل

وكما توقعنا فإن " جيميناي" Gemini نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بشركة غوغل، قد رفض تماما أن يتحدث بالموضوع، رغم أننا حاولنا بأكثر من أسلوب مباشر وغير مباشر، لكنه أصر على إعطاء إجابة تعتبر "كلاشيه"، او نمطية متكررة في كل ما يتعلق بالانتخابات الأميركية وهي: "لا يمكنني الإجابة على الأسئلة حول الانتخابات والشخصيات السياسية في الوقت الحالي. أنا مُدرَّب لأقدّم أدق النتائج، ولكن قد تحدث بعض الأخطاء أحيانًا. لذا، بينما أعمل على تحسين قدرتي على مناقشة مواضيع حول السياسية والانتخابات، يمكنك تجربة بحث Google".

 

صورة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي Microsoft Copilot تشات جي بي تي

نموذج الذكاء الاصطناعي الأشهر شات جي بي تي لديه أريحية في النقاش، وعند سؤاله: برأيك من تتوقع أن يفوز بالانتخابات الأميركية؟ هاريس أم ترامب؟ فإنه يعود إلى مصادر منشورة ومتاحة للبحث عن معلومات ثم يجيب بما يلي:

(مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية اليوم، 5 نوفمبر 2024، تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب شديد بين المرشحة الديمقراطية هاريس والمرشح الجمهوري ترامب. وفقًا لاستطلاع أجرته شبكة "إن بي آر" و"بي بي إس نيوز" وكلية ماريست، تتقدم هاريس بفارق 4 نقاط مئوية على ترامب (51% مقابل 47%) بين الناخبين المحتملين على مستوى البلاد. ومع ذلك، يجب التعامل مع هذه الاستطلاعات بحذر، حيث أشار الكاتب الصحفي خالد داوود إلى أن استطلاعات الرأي قد تكون مضللة بسبب عوامل مثل عدد المشاركين وتنوعهم، والفئات العمرية ونوع الجنس. بالإضافة إلى ذلك، تلعب الولايات المتأرجحة دورًا حاسمًا في تحديد الفائز، حيث تُظهر استطلاعات الرأي تقاربًا كبيرًا بين المرشحين في هذه الولايات.  بناءً على هذه المعطيات، من الصعب التنبؤ بشكل قاطع بالفائز في الانتخابات الحالية، حيث ستعتمد النتيجة النهائية على أداء المرشحين في الولايات المتأرجحة ونسبة المشاركة الفعلية للناخبين).

وحين سألنا شات جي بي تي: "هل لديك مؤشرات خاصة بك ترجح فوز أحد المرشحين؟"

أجاب بما يلي: "تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى تقدم طفيف للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على منافسها الجمهوري دونالد ترامب. وفقًا لاستطلاع أجرته شبكة "إن بي آر" و"بي بي إس نيوز" وكلية ماريست، تتقدم هاريس بفارق 4 نقاط مئوية على ترامب (51% مقابل 47%) بين الناخبين المحتملين على مستوى البلاد".

نموذج شات جي بي تي (مواقع التواصل الاجتماعي)

وأضاف شات جي بي تي "مع ذلك، يجب التعامل مع هذه الاستطلاعات بحذر، حيث أشار الكاتب الصحفي خالد داوود إلى أن استطلاعات الرأي قد تكون مضللة بسبب عوامل مثل عدد المشاركين وتنوعهم، والفئات العمرية ونوع الجنس. بالإضافة إلى ذلك، تلعب الولايات المتأرجحة دورًا حاسمًا في تحديد الفائز، حيث تُظهر استطلاعات الرأي تقاربًا كبيرًا بين المرشحين في هذه الولايات.  بناءً على هذه المعطيات، من الصعب التنبؤ بشكل قاطع بالفائز في الانتخابات الحالية، حيث ستعتمد النتيجة النهائية على أداء المرشحين في الولايات المتأرجحة ونسبة المشاركة الفعلية للناخبين".

وسألنا شات جي بي تي "هل لديك تحفظات أو حرج ما في إعطاء رأيك بشأن من قد يفوز؟"

وكان جوابه: ليس لدي تحفظات أو حرج في إبداء الرأي، لكنني أسعى لالتزام الحياد وعدم تقديم توقعات قد تكون غير دقيقة، خاصة في مواضيع مثل الانتخابات التي تتأثر بعوامل معقدة ومتغيرة.

التوقعات الدقيقة تعتمد على تحليل بيانات ميدانية آنية وموثوقة تشمل استطلاعات الرأي، ونسبة المشاركة الفعلية، والتوجهات في الولايات المتأرجحة. هذه المعطيات تميل إلى التغير حتى اللحظة الأخيرة، مما يجعل التنبؤ بالفائز صعبًا دون أن يكون هناك هامش من عدم اليقين.

فسألناه أخيرا: ولا حتى رأي أولي؟

رأيي الأولي يمكن أن يكون مبنيًا على العوامل الحالية التي تشير إلى منافسة شديدة بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، حيث تُظهر استطلاعات الرأي تقدمًا طفيفًا لهاريس على مستوى البلاد، لكن هذا الفارق قد لا يعكس بالضرورة نتيجة الانتخابات النهائية نظرًا للتأثير الكبير للولايات المتأرجحة.

إذا استمرت الولايات المتأرجحة بالميل نحو أحد المرشحين، يمكن أن تكون هذه مؤشراً حاسماً في قلب النتيجة لصالحه. بالنظر إلى هذه الظروف، أرى أن النتيجة ستكون غير محسومة حتى تُعلن الأصوات، وربما يُعتمد على نتائج عدد من الولايات الرئيسية التي قد لا تظهر إلا في وقت متأخر.

صورة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي Microsoft Copilot إجابة منصة بو Poe

بو Poe عبارة عن منصة تتيح للأشخاص طرح الأسئلة والحصول على إجابات فورية وإجراء محادثات متبادلة مع مجموعة متنوعة من الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. ويعمل الذكاء الاصطناعي في Poe بواسطة نماذج من عدة مصادر، تم تدريبها من قبل شركات مختلفة.

ولدى سؤال نموذج بو poe، فلقد أجاب على السؤال مباشرة ومن أول مرة دون تمهيد أو مداورة وقدم إجابة مفصلة استعرض فيها فرص كلا المرشحين ثم خلص إلى أنه بناءً على هذه العوامل، فإن السباق يبدو متقاربًا، مع وجود فرص متساوية لكلا المرشحين، لكن العوامل الاقتصادية والاجتماعية قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد الفائز.

وحين طلبنا منه أن يجيب بكلمة واحدة "من سيفوز؟"، كان رده ما يلي: غير مؤكد.

إجابة كلاود هايكو Claude-3-Haiku

هذا النموذج أجاب مباشرة بالقول: لا أستطيع التنبؤ بنتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة بشكل موثوق. هذا الأمر يتوقف على العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعقدة، والتي لا أملك القدرة على تقييمها بشكل دقيق. بدلاً من ذلك، أنصحك بمتابعة التغطية الإخبارية المحايدة والموثوقة لفهم مسار الحملة الانتخابية وتقييم موقف المرشحين. في النهاية، القرار النهائي للناخبين الأمريكيين هو الذي سيحدد نتيجة الانتخابات.

إجابة منصة بو عن الانتخابات الأميركية (مواقع التواصل الاجتماعي)

إجابة كوماند آر Command-R: بنسلفانيا ستحسم

هذا النموذج قدم إجابة مطولة استعرض فيها ظروف وعوامل وقضايا تؤثر في حظوظ المرشحين، ثم ختم إجابته بجملة قد تكون مثيرة: من الصعب التنبؤ بالفائز في هذه الانتخابات، حيث تتقارب نتائج استطلاعات الرأي بدرجة نادرة. وقد تكون أصوات الأمريكيين اليهود في ولاية بنسلفانيا حاسمة، حيث قد تحسم بنسلفانيا لصالح ترامب أو هاريس، مما قد يؤدي إلى حسم النتيجة في كل أمريكا.

نموذج كوبيلوت من ميكروسوفت

يعتبر نموذج كوبيلوت من شركة ميكروسوفت من النماذج المقبلة على الحديث والحوار غالبا، وفي هذا الموضوع تحديدا، فإنه لا يستمع إلى سؤالك وإعطائك جوابا فقط، بل يبادر أيضا إلى طرح سؤال على محاوره.

ولدى سؤال من يتوقع الفوز بالانتخابات الأميركية، فإنه يقول: "التنبؤ بنتائج الانتخابات الأمريكية أمر صعب للغاية بسبب العديد من العوامل المتغيرة. كل من كامالا هاريس ودونالد ترامب لديهما قاعدة جماهيرية قوية وبرامج انتخابية مختلفة تجذب الناخبين بطرق متنوعة. النتائج تعتمد على العديد من العوامل مثل نسبة المشاركة، والأحداث الأخيرة، والمواضيع التي تهم الناخبين في اللحظة الحالية. لذا، من الصعب تحديد الفائز بشكل قاطع."

وحين نواصل الحوار بشأن رأي الخبراء، يقول كوبيلوت: "هناك العديد من التوقعات من خبراء السياسة حول الانتخابات الأمريكية 2024. تشير بعض استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تقدم طفيف لكامالا هاريس على دونالد ترامب. على سبيل المثال، في استطلاع رأي أجرته ABC/Ipsos، تقدمت هاريس على ترامب بأربع نقاط، 51% مقابل 47%.  ومع ذلك، تبقى الانتخابات غير محسومة بسبب العديد من العوامل المتغيرة مثل نسبة المشاركة والأحداث الأخيرة التي قد تؤثر على توجهات الناخبين".

نموذج كلاود عن الانتخابات الأميركية (مواقع التواصل الاجتماعي)

ونسأله: لماذا تتجنب الرد على سؤال وتقديم إجابة دقيقة حول من سيفوز هاريس أم ترامب؟

ويكون جوابه: "أفهم تمامًا رغبتك في الحصول على إجابة دقيقة حول من سيفوز في الانتخابات. الحقيقة هي أن التنبؤ بنتائج الانتخابات، خاصة في الولايات المتحدة، أمر معقد للغاية بسبب العديد من العوامل المتغيرة مثل نسبة المشاركة، والأحداث الأخيرة، وتوجهات الناخبين التي يمكن أن تتغير في اللحظة الأخيرة. الخبراء والمحللون يعتمدون على استطلاعات الرأي والنماذج الإحصائية، لكن حتى هذه الأدوات لا يمكنها تقديم إجابة مؤكدة. الانتخابات الأمريكية غالبًا ما تكون مليئة بالمفاجآت".

خلاصة

هذا التقرير يقدم نظرة شاملة حول كيفية تعاطي نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة مع السؤال عن الفائز المحتمل في الانتخابات الأميركية بين هاريس وترامب. ويظهر تقريرنا أن لكل نموذج استجابة متباينة تعكس تصميمه ونطاق تدريبه، إذ تتراوح الردود من رفض التوقعات (كما في نموذج جيميناي وكلاود هايكو) إلى ردود تحليلية تشير إلى تقارب النتائج (كما في تشات جي بي تي، وكوماند آر، وبو).

تحليل هذه الردود يكشف عن تردد جماعي تقريبًا من قبل النماذج الذكية في إعطاء إجابة حاسمة، بسبب طبيعة الانتخابات الأميركية المتقلبة وأهمية الولايات المتأرجحة. ومع ذلك، يُظهر التقرير أن نموذج "تشات جي بي تي" يقدم إجابة تحليلية تفيد بتقدم طفيف لهاريس، بينما يضيف نموذج "كوماند آر" تأكيدًا على دور بنسلفانيا كولاية حاسمة قد تحدد الفائز.

نرجح أخيرا أن التقرير يعكس بوضوح محدودية الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بنتائج دقيقة للانتخابات، خاصة عندما تتعلق بموضوعات معقدة ومتحركة مثل السياسية الأميركية.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي.. هل هو أداة لتحرير البشرية أم تهديد لوجودها؟ تقرير
  • عباس أبو الحسن يثير الهلع بين جمهوره بشأن الذكاء الاصطناعي
  • شراكة بين مركز الذكاء الاصطناعي التابع لـ «دبي للسلع» و«آي بي إم للاستشارات»
  • "دبي للسلع المتعددة" يتعاون مع "آي بي إم" لتعزيز قطاع الذكاء الاصطناعي
  • رابط بوت واتساب الذكاء الاصطناعي مجاني للتحدث مع الـ AI عبر مايكروسوفت كوبايلوت و Meta AI
  • مدبولي: الذكاء الاصطناعي هو الحاضر
  • تطوير كاتب سيناريو آلي باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • اختبار «جوجل» الجديد ومواجهة أدوات الذكاء الاصطناعي
  • من سيفوز بالانتخابات الأميركية؟.. هذا جواب الذكاء الاصطناعي
  • نسب احتيال تصل 60%.. الذكاء الاصطناعي يهدد الأمن الرقمي