دور الاستجواب فى تحديد المسئولية السياسية
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
المسئولية السياسية هى التزام كل ما يمارس سلطة سياسية فردًا أو جماعة بأفعاله وأقواله أمام الجماعة التى تمثلها، ويتحمل النتائج المترتبة على هذه الأفعال والأقوال، كما تعنى كذلك الرقابة والمحاسبة للشخص المكلف على الإخلال بالتزاماته أيًا كان مصدرها دستوريًا أو قانونيًا والتى من شأنها تعريض مصالح البلاد للخطر ويترتب عليها عزله، على أن تكون الرقابة والمحاسبة من قبل صاحب السلطة الأصلى «الشعب» أو من ينوب عنه.
لا تتأسس المسئولية السياسية على جريمة جنائية أو مدنية، ولكن تستند على مخالفة سياسية يرتبط تقديرها بالبرلمان. وتعنى المسئولية السياسية للوزراء مساءلتهم أمام البرلمان عن أفعالهم فى إدارة شئون الحكومة، فقد تكون هذه المسئولية تضامنية عندما توجه إلى كل الحكومة، ويترتب عليها استقالة الحكومة الجماعية، وقد تكون فردية حينما توجه إلى وزير بمفرده. وعليه فالمسئولية السياسية للوزراء تنعقد بمناسبة ممارستهم للمهام الموكلة إليهم، وهى واسعة الناطق، لأنها تشمل كل تصرفاتهم العمدية وغير العمدية، المشروعة، وغير المشروعة، الايجابية، أو السلبية. والرقابة البرلمانية لتصرفات الوزراء لا تقف عند حد بحث ومطابقة هذه التصرفات لقواعد القانون والمشروعات فحسب، وإنما تمتد لتشمل فحص ملائمة هذه التصرفات ومدى اتفاقها والمصلحة العامة للدولة كما يراها ويقدرها البرلمان.
والجزاء الذى يترتب على المسئولية الوزارية هو جزاء سياسى يكمن فى اعتزال الوزير أو الوزارة لمنصبها، ذلك أن الحكومة يجب أن تكون حائزة على ثقة البرلمان، وتعزيز مسئولية الوزارة من قبل البرلمان يعنى حجب الثقة عنها.
ويعتبر الاستجواب إحدى أهم الوسائل الرقابية الأكثر خطورة التى أقرتها الدساتير لصالح السلطة التشريعية فى إطار ممارستها لوظيفتها الرقابية على أعمال السلطة التنفيذية. إذ تهدف هذه الوسيلة الرقابية إلى محاسبة الحكومة أو أحد أعضائها على تصرف مرتبط بشأن من الشئون العامة، فعند ممارسة هذا الحق يكون بمقدور أعضاء البرلمان المشاركة فيه بفتح باب المناقشة، الأمر الذى من شأنه أن يؤدى إلى إثارة المسئولية السياسية للحكومة التى ينتج عنها سحب الثقة من الحكومة أو من أحد أعضائها أو اجبارها على الاستقالة فى حالة ثبوت وجود تقصير منها.
وإذا كنا نفخر بأن البرلمان المصرى من أقدم البرلمانات فى المنطقة والأول فى افريقيا والشرق الأوسط، إلا أن الواقع يؤكد أن البرلمان المصرى لم يكن له باع طويل فى قيام نوابه باستخدام آليات الرقابة البرلمانية التى منحها له الدستور لمحاسبة الحكومة وفى مقدمتها الاستجواب، باستثناء فترات قصيرة نذكر منها صولات وجولات كل من ممتاز نصار وعلوى حافظ ومحمود القاضى عندما كانوا يتقدمون باستجوابات تهز الحكومات. طبعًا الاستجواب فقد عرشه منذ فترات طويلة لأسباب كثيرة منها نوعية النواب والمسئول عنها نظام الانتخابات الذى يتفق مع سوء اختيار الناخبين لممثليهم تحت القبة، وهواة الاستعراض بالاستجوابات الفشنك التى تعتمد على قصاصات الصحف دون البحث عن أصل المشكلة التى يتصدى لها ويدعمها بالمستندات، بالإضافة إلى انحياز النسبة الأكبر من النواب للحكومة فيما يطلق عليهم أصحاب المصالح!
قد يهتدى الحوار الوطنى إلى نظام انتخابى يقوى الحياة النيابية، ويخلق أغلبية برلمانية حقيقية تساعد الحكومة على تنفيذ مهامها دون تعطيل، كما يفرز معارضة وطنية لا تتصيد الأخطاء، وتمارس الرأى الآخر باعتدال دون تعطيل، وأن تنحاز للإيجابيات وتشارك فى وضع الحلول للسلبيات، ونواب يجتمعون لمحاسبة الحكومة إذا أخطاءت ويشكرونها عندما تصيب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب حكاية وطن المسئولية السياسية أمام الجماعة النتائج المترتبة الشعب
إقرأ أيضاً:
إمَّا أن تكون معادياً لـ”إسرائيل” أو مجنداً لخدمتها
محمد محسن الجوهري
مع وصول ضباط إسرائيليين وآخرين بجنسيات مختلفة موالية للصهيونية إلى مناطق سيطرة السعودية والإمارات في اليمن، لم يَعُد أمام كل يمني خيار آخر، فالحياد انتصار للكيان المؤقت، وقد شجّعته الخلافات الداخلية في اليمن على توظيفها لصالحه، ها هم فصائل المرتزقة يحشدون لفتح جبهة استنزاف لحماية السفن والمصالح الإسرائيلية.
ولا يقتصر الأمر على مرتزقة اليمن بل يمتد إلى سائر الأنظمة العربية غير المعادية للكيان الصهيوني التي بغبائها انجرّت تدريجياً إلى المعسكر اليهودي، وبات اليوم يُفرض عليها الدخول في مغامرات غير محسوبة العواقب لتشتيت محور المقاومة، تحت قاعدة “من ليس صهيونياً فهو مع إيران”، في هذا السياق ستسقط دول وأنظمة في سبيل الباطل، وكان بإمكانها أن تقدم بعض تلك التضحيات في سبيل الحق لتأمين حكمها وشعبها.
المخطط اليوم في اليمن تُشرف عليه “إسرائيل” بشكل مباشر، وقد وصل خبراؤها مؤخراً إلى مناطق يمنية محتلة مثل المخا ومأرب، بذريعة تدريب قوات محلية مرتزقة لاستعادة الدولة اليمنية حسب وصفهم، وقد استُقبلت تلك العناصر بترحيب كبير من قبل قيادات حزب الإصلاح ومرتزقة الإمارات في الساحل الغربي، وهذا بحد ذاته يُعتبر ردة علنية عن كل الثوابت الدينية والوطنية التي يتمتع بها اليمنيون، ويُعتبر علامة فارقة بينهم وبين سائر الشعوب في المنطقة.
ومن العار علينا أن نقبل بهيمنة الصهاينة على أرض يمنية، ولا خير نرتجيه أو ترتجيه تلك الفصائل العميلة بعد اليوم، فقد تنازلت عن كل مقدس في دينها وعقديتها، وباتت في خندق واحد مع اليهود، رغم علمهم بأن القبول بذلك عار وخزي في الدارين، فما كان اليمن عبر تاريخه مؤيداً لليهود، بل كان في خندق الإسلام المحمدي الأصيل، وحاضراً في كل المواطن الإسلامية المشرفة، بدءاً بغزوة بدر وما تلاها من فتوحات إسلامية، كفتح خيبر، وانتهاءً بعملية طوفان الأقصى المباركة، والتي لو لم يكن من حسناتها إلا أنها فرزت العرب اليمنيين بين مسلم صريح ويهودي صريح.
وإن كانت المعركة مع فصائل المرتزقة محسومة بعد ما أقدموا عليه من تطبيع وخيانة مع الكيان المؤقت، فإن الرد سيتجاوز تلك الجماعات إلى من يقفون وراءها ويمولونها بالمال والسلاح لتحقيق الأطماع الصهيونية في اليمن، ليس فقط عبر الصواريخ والطائرات المسيرة، بل أيضاً عبر الجبهات البرية مع حلفاء الكيان.
ومن يدري! ربما يكون المشهد السوري الذي يريدون استنساخه في اليمن أقرب إليهم من ذلك، وتكون عاقبة الأنظمة الخليجية مشابهة لعاقبة الأسد، سيما وأن تلك الدول لا تملك الجيوش الفعلية القادرة على حمايتها، وتراهن فقط على القواعد الأجنبية، والتي بدورها أثبتت فشلها الذريع في مواجهة المجاهد اليمني.
نحن اليوم أمام مرحلة حاسمة وفاصلة في تاريخ اليمن، وعلينا التوحد لمواجهة العدو التاريخي للعرب والمسلمين، وتقديم كل التضحيات في هذا المسار، ما لم، فإن فصائل المرتزقة موعودة بالهلاك المجاني في قضية معادية للإسلام والعروبة، وليس لها مبرر في افتعال أي أزمات داخلية، فالعالم كله يعرف أنها أدوات أجنبية لزعزعة الوحدة اليمنية، ومعاقبة المجاهدين وردعهم عن مهاجمة العدو الصهيوني وحلفائه الغربيين.