تحدثت قى مقالى السابق عن وضع اللاجئين والمهاجرين قسريًا فى مصر، وكيف رفعت الحروب والصراعات عددهم لأكثر من عشرة الآف لاجئ، ينتشرون فى محافظات أم الدنيا ويكلفون خزينة الدولة ما يزيد على عشرة مليارات ريال فى شكل خدمات وسلع مدعومة، ويتمتعون بكافة حقوق المواطن المصرى فى شتى مناحى الحياة.
وما أعرضه ليس منة أو تباهيًا، فمصر منذ بدء الخليقة والتاريخ وهى تحتضن كل الأجناس، وهذا جزء من دورها القدرى والإنسانى تجاه كل شعوب الدول الشقيقة والصديقة، ولكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة الغلاء العالمى والظروف السياسية والاقتصادية الصعبة وغير المسبوقة، وازدياد معدل الهجرة غير الشرعية، كان لا بد من وقفة، نصل من خلالها إلى نقطة التوازن بين الدور الإنسانى وفاتورة تحمل (ضيوف مصر) سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
لغة الأرقام تؤكد أن بين ظهرانينا نحو 46 ألف لاجئ سورى ويمنى وسودانى، وغيرهم يتعلمون فى مدارس ومعاهد وجامعات مصرية بنفس حقوق ورسوم الطالب المصرى، ولا تقدم المفوضية أى دعم للتعليم الجامعى الخاص والعام، ومن لا يقبل بالجامعة عليه انتظار دوره فى منحة من مبادرة «ألبرت إينشتاين» المعروفة باسم (دافى) أوبرنامج «كورسيرا» الخاص ببرامج إدارة الأعمال والتسويق والترجمة والبرمجة.
والسؤال هنا: هل لدعم للمصريين فقط أم لكل من يقيم على أرض المحروسة وفقًا للاتفاقات الدولية؟ وهل يستطيع اللاجئ المعيشة بـ300 أو 400 جنيه تحصل عليها أسرة مكونة من فردين يرتفع إلى 1200 جنيه للأسرة الكبيرة؟ وكم سينفق منها على التعليم؟!
هذه المعادلة الصعبة تدفع ثمنها مصر دائمًا، رغم كل شروطها التى وضعتها على الاتفاقية الدولية للاجئين الموقعة عليها عام 1981، حيث تحفظت على المواد المتعلقة بالتعليم والعمل والأحوال الشخصية والإعاشة، وكأنها كانت تتوقع ما يحدث الآن من زيادة غير طبيعية للاجئين؛ أجبرت الحكومة على اتخاذ عدة خطوات لإحصاء وتقنين أوضاعهم، كخطوة أولى تستهدف تجنيب المواطن المصرى عبء فاتورة معيشة وتعليم المقيم بل استثناءه وإعفاءه فى كثير من الحالات وخاصة فى مجال التعليم من أى مصاريف..
حل هذه المعضلة يبدأ بوضع بنود جديدة لقبول أى لاجىء يريد الالتحاق بمدارس مصر وجامعاتها، وهذا إجراء متاح للدولة المضيفة طالما إنها اشترطت من البداية فى الاتفاقية الدولية رهن الدعم والإعانات والمنح والاستثناءات بالظروف الاقتصادية، وذلك بفرض رسوم رمزية بالدولار، تتدرج وفقًا لنوع التعليم ومراحله، ابتدائى، إعدادى، ثانوى، جامعى، بدل من ترك الحبل على الغارب هكذا للجميع.
وأقترح هنا عمل صندوق لكل جالية يتم تمويله من رجال الأعمال والمنظمات غير الحكومية والأهلية بدول اللاجئين، ولا سيما وأن هناك أعدادًا كبيرة من التجار ورجال الأعمال الميسورين من اليمنيين والسوريين والسودانيين، وغيرهم داخل مصر يملكون من المال الكثير.... فلماذا لا يشاركون بجدية فى تعليم بنى جلدتهم؟
كما أقترح السماح ببناء مؤسسات تعليمية غير ربحية لأبناء اللاجئين تحت إشراف وزارة التعليم بشرط أن تكون رسومها معقولة مقابل الحصول على الأرض بالمجان وبنظام حق الانتفاع، ودوليًا، يجب أن تخاطب الحكومة المصرية، الاتحاد الأوربى والمجتمع الدولى بكل منظماته المجتمعية والتعليمية والثقافية والانسانية، لأن يقوم بدوره تجاه تعليم اللاجئين فى مصر، بضخ الأموال والمساعدات اللازمة لإخراجهم من أزمتهم، وتخفيف العبء الذى ظلت مصر وما زالت تتحمله من أجل توفير التعليم المناسب لكل لاجئ طرق بابها ليطبق الآية الإلهية «نون والقلم وما يسطرون»
وللحديث بقية إن شاء الله.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اللاجئين والمهاجرين مصر خزينة الدولة الشقيقة والصديقة
إقرأ أيضاً:
الحكومة: 311 ألف فدان المساحة المنزرعة بـ«الذهب الأبيض»
على مدار تسعة أعوام، نفذت الحكومة خطة للنهوض بمحصول القطن وزيادة مساحته -بعد تراجعها بشكل كبير- ليعود من جديد متربعاً على عرشه باعتباره المحصول الأهم فى قطاع الزراعة، وشهدت السنوات الماضية ارتفاعاً ملحوظاً فى المساحة بعدما نفذت الدولة خطتها فى تذليل عقبات تسويقه عبر منظومة التسويق الجديدة، فضلاً عن النهوض بالأصناف المصرية لتتواكب مع احتياجات الصناعة فى مصر والعالم.
وقال علاء فاروق، وزير الزراعة، إن كل جهات الدولة المعنية سعت خلال السنوات الماضية جاهدة إلى النهوض بالقطن المصرى واستعادة مكانته لإيمانها بأن مقومات استعادة القطن إلى وضعه العالمى موجودة، وإن القطن المصرى يستحق منا الكثير، وإن التسويق هو حجر الزاوية فى أى استراتيجية لتحسين القدرة التنافسية لقطاعى القطن والصناعات النسيجية.
وأكد «فاروق»، فى بيان، أن وزارة الزراعة عملت جاهدة على التنسيق والتكامل بين جميع الوزارات المعنية لتحديد احتياجات السوق المحلى والخارجى ما انعكس على الاقتصاد الوطنى، وخاصة إذا ما زاد استهلاك وتصنيع القطن المصرى محلياً لزيادة القيمة المضافة بدلاً من تصديره «خام».
وأضاف أن وزارة الزراعة تبنت استراتيجية جديدة عملت على إصلاح منظومة إنتاج وتسويق القطن المصرى وارتكزت على عدة محاور أساسية وهى استنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية مبكرة النضج، حيث تم استنباط 3 أصناف هى: (جيزة 94، وجيزة 95، وجيزة 96) والمحافظة على النقاوة الوراثية للأصناف الحالية باستصدار القانون رقم 4 لسنة 2015 والخاص باستثناء «أقطان الإكثار» من قانون تحرير تجارة القطن 210 لسنة 1994، وتنفيذ حملة قومية إرشادية سنوية على مستوى الجمهورية للعمل على زيادة المحصول من خلال التعريف بالأصناف الجديدة وشرح أهم الاحتياجات البيئية والعمل على إنتاج قطن خال من الملوثات.
أشار الوزير إلى أنه من بين المحاور أيضاً تم مراجعة التشريعات والقوانين الخاصة بإنتاج وتسويق القطن، وإيجاد طريقة جديدة ومناسبة لتسويق الأقطان تقوم على التنافس، وذلك من أجل تحقيق أعلى دخل للمزارع وبالتالى تحسين جودة القطن، حيث يتم تنفيذ منظومة التسويق الجديدة فى محافظات الوجه القبلى والبحرى، فضلاً عن التعاون مع المنظمات والمؤسسات المحلية والدولية المعنية بإنتاج وتصنيع القطن، بهدف فتح أسواق جديدة.
من جانبه قال د. عبدالناصر رضوان، مدير معهد القطن، إن القطن من المحاصيل الاستراتيجية، والدولة أولت اهتماماً كبيراً بزراعته وعودته لتربعه على عرش الأقطان العالمية وذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، لافتاً إلى أن المساحة المنزرعة ارتفعت العام الماضى حوالى 40 ألف فدان، ومن المتوقع زيادتها فى الأعوام المقبلة بعد الإعلان مسبقاً عن أسعاره لتشجيع الفلاحين على زراعته، وهو سعر تضمنه الدولة فى حال انخفضت الأسعار العالمية.
وأضاف أن معهد بحوث القطن بمركز البحوث الزراعية حافظ على القطن المصرى خلال الفترة التى تراجعت فيها مساحة زراعته، كما أنه تم استنباط أصناف جديدة عالية الجودة والإنتاجية، مشيراً إلى أن هناك زيادات فى زراعة محصول القطن فى جميع المحافظات بنسبة 23% عن العام السابق، حيث بلغت المساحة المنزرعة 311.700 ألف فدان على مستوى الجمهورية، وقال إن المساحة المنزرعة كانت موزعة بين زراعة 40.840 ألف فدان فى محافظات الوجه القبلى والباقى فى محافظات الوجه البحرى.
وقال د. مصطفى عمارة، رئيس بحوث معاملات القطن بمركز البحوث الزراعية، إن القطن يعمل على نسج الحياة الاجتماعية والاقتصادية، فهو ثقافة وأسلوب حياة وتقليد من التقاليد الضاربة جذورها فى صميم الحضارة الإنسانية، وهو مصدر عيش بالنسبة للملايين من أصحاب الحيازات الصغيرة والعمال البسطاء، بمن فيهم النساء وأسرهن، إنه باختصار محصول يخفف من حدة الفقر فى البلدان الأقل نمواً فى العالم، ويوفر فرص عمل مستدامة ولائقة، وعلاوة على ذلك، فإنه يلعب دوراً مهماً فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتجارة الدولية، ويساهم فى خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وقال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن سعر القنطار بمحافظات الوجه البحرى سجّل 12 ألف جنيه، فيما يختلف السعر قليلاً عن محافظات الوجه القبلى التى التزمت بسعر الضمان الذى حددته الحكومة بواقع 10 آلاف كحد أدنى لسعر بيع قنطار القطن، بسبب اختلاف الأصناف المزروعة فى كل منهما من القطن، وتزرع الأقطان فى محافظات الوجه القبلى قصيرة ومتوسطة التيلة، لكن تقوم محافظات الوجه البحرى بزراعة القطن المصرى طويل التيلة.
وأضاف أن الحكومة نجحت العام الجارى فى رفع سعر الضمان الخاص بقنطار القطن لدى مختلف المحافظات، والتزمت بألا يهبط السعر عن السعر المحدد له وهو 10 آلاف لسعر قنطار القطن لدى محافظات الوجه القبلى و12 ألف جنيه لسعر قنطار القطن للوجه البحرى، وهو أقل سعر موجود الآن لسعر القطن.